رواية نبضات بين الوجدان شعيب ولتين كاملة جميع الفصول

رواية نبضات بين الوجدان شعيب ولتين هي رواية رومانسية بقلم الكاتبة شيماء عصمت، تجمع بين هدوء "شعيب" وعمق وجدانه، ورقة "لِتين" التي تلامس روحه قبل قلبه، ليكتشفا أن بعض النبضات لا تُسمَع… بل تُشعَر، وتخلق رابطًا لا يفهمه إلا من عاشه.

رواية نبضات بين الوجدان شعيب ولتين كاملة جميع الفصول

رواية نبضات بين الوجدان شعيب ولتين كاملة جميع الفصول

تحاملت على نفسها .. وبصعوبة بالغة زحفت على الأرضية الرخاميـة كي تصل الي غرفتها ، تحتمي بها منه .. تجد بها بعض الأمان الذي حُرِمَت منه .. من قبل مَن اعتبرته نصفها الآخر "عمـاد" زوجها!!...
كانت تبكى بكاء هستيري دون صوت فقط آنين خافت يصدر عنها .. جسدها يرتجف بطريقة موحشة .. جسدها المشبع باللون الازرق القاني .. وجهها به بعض الخدوش ..
لقد أنتهكها بمنتهى الوحشيه .. وعندما أنتهى منها .. ألقاها كالخرقة البالية!! 
لا تعلم كم مر عليها من المرات التي عاشت فيها تلك التجربة القاسية .. تشعر وكـأنها في حلقة مغلقة لا تستطيع الخروج منها ..
أحشائها تحترق كلما اقترب منها .. ألم يكتفي بـ معاملته بالغة السوء معها؟.. ألم يكتفي بـضربها وأهانتها؟ .. ألم يكتفي بسحق أنوثتها و ثقتها بنفسها؟
ألا متي ستعيش تلك الحياة؟!!
ذالك السؤال الذي صرخا به عقلها وقلبها في آن واحد .. قبل أن ينقطع شرودها عندما أستمعت لصوت الباب يفتح وخطواطه الغليطة تقترب منها .. 
أغمضت "لتين" جفونها بـ أرهاق وأرغمت نفسها على كتم شهقاتها .. ثواني مرت كـ الساعات عليها قبل أن تشعر بثقل جسده على الفراش بجانبها
دقائق مرت وجسدها متخشب رعباً وأشمئزاز منه .. لا تعلم كم مر عليها من وقت وهي هكذا أو حتى متى غفت!!
___________
في صباح اليوم التالي .. 
أستيقظت "لتيـن" كـكل صباح تنهض من فراشها دون رغبة للحياة فقط جسد بلا روح .. فقد بُهتت روحها بكسرة قلبها وأنتهاك كرامتها مراراً وتكراراً وكأن العذاب وجد لها دون غيرها 
بخطوات متهالكة أتجهت إلى "المطبخ" تحضر وجبة الأفطار
كانت شاردة فقد سئمت ذالك الجحيم الذي تحياه ولا تعلم ما الذي يجبرها على التحمل؟!
هل لأن زوجها يكون أبن خالتها؟ أم لأن عائلتها ترفض "الطلاق" عمتاً؟!!
أم لأنها خائفة إلا يرضى بها غير "عماد"؟! فمن سيتزوج أمرأة لن تصبح أم مطلقاً!!
أنسابت دمعة وحيدة من جفونها تشفق على حالها ، فلم تكن يوماً ضعيفة مستسلمة كالأن
كما لم تكن تصرفات "عماد" كالأن .. فقد كان حنونا عطوفاً مراعي لمشاعرها .. مهتم بها وبتفاصيل يومها .. يحبها ويرعاها ولكن كل هذا أنتهى بعد زواجهم بـ أسابيع قليلة!!
فـ أصبح شخص أخر لا تعلمه .. يهينها بالقول والفعل .. والأدهى يتطاول عليها بـالضرب!!
في البداية أعتقدت أن سبب تحوله المفاجئ هو معرفته بـأنها لم ولن تستطيع الأنجاب 
ولكن بعد ذالك أستبعدت هذا الأحتمال وأيقنت أنه لم يحبها يوماً!! فـ ما الذي يجعل رجلاً أن يعامل زوجتة بتلك المهانة إلا أذا كان ينفر منها ومن وجودها!!
قاطع شرودها صوت "عماد" الساخر قائلا: البرنسس نقصلها وقت قد أيه على ما تجهز الطفح؟!! لو مش هـأزعجك يعني عندي شغل
أخذت نفس عميق كـ محاولة لتهدئة قلبها المحترق آلما وقهراً ولكن فشلت أثر كلماته المسمومة المتعمد آلقائها على مسامعها
عماد بقسوة: مش كفاية لحد دلوقتي مش قادر أبقى أب بسبب واحدة "أرض بور" زيك ، كمان هـتأخريني عن شغلي .. شكلك محتاجة علقة سخنة زي بتاعت أمبارح عشان تنشطك
أحتل النفور ملامحها الرقيقة ولم تستطيع ردع نفسها عن قول ما لا يحمد عقابه: سادي
الجحيم هو ما رأته بعد تلك الكلمة المكونة من أربع أحرف. أربع أحرف فقط
فقد أقترب منها كالثور الهائج يصفعها بقسوة على وجهها فـ أختل توازنها و وقعت على الأرض ، أقترب منها يقبض على خصلاتها يريد أن يقتلعها من جزورها
قائلا بفحيح: سادي!! تؤتؤتؤ شكلي معرفتش أربيكي كويس ، بس متقلقيش حالاً هـ تشوفي السادي ده هـ يعمل أيه
ومن هنا تبدأ رحلة العذاب 
صفعات ولكمات وركلات ، وسب بـ أفظع الألفاظ 
فمن ذا الذي يتصرف بـ هذة القسوة والهمجية إلا شخص سادي مريض!!..
.....................
في حي من أحياء القاهرة .. 
في ذالك البرج السكني الذي يتميز بـ مظهره الفاخر .. وفي غرفة أقل ما يقال عنها رائعة
أقتربت تلك الفتاة التي تبلغ من العمر ثمانية وعشرون عام ذات بشرة خمرية متوسطة القامة ذات قوام ممشوق. .. قائلة بنبرة مشبعة بالحب والهيـام
_شعـيب .. حبيبي يلا الساعة 7 هتتأخر على الشغل
تمطع (شعـيب) ثم فتح عيناه قليلا قائلا بنعاس ونبرة متحشرجة: صباح الخير يازهرتي
زهرة بـ أبتسامة عاشقة: صباح الورد ياقلـب زهـرتك ، أنا حضرتلك الفطار قوم يلا أغسل وشك وأجهز علشان الشغل
أشار برأسه كـ علامة للموافقة ومن ثم توجهه الى المرحاض الملحق بنفس الغرفة تحت نظرات "زهرة" المتيمه به
فـ شعـيب ليس فقط "زوجها" و "أبن خالها" لكنه فارس أحلامها الأوحد، فـ منذ نعومة أظافرها وهي تعلم علم اليقين أنه سيصبح زوجها ، كما أخبرتها والدتها وزوجة خالها مراراً وتكراراً .. فـ أصبحت تنتظر بـ فارغ الصبر اليوم التي ستصبح به زوجته ويكون زوجها وقد كان
تحبه بل تهيم به عشقاً .. عشق تغلغل إلى أعماقها فـ دمغ روحها وقلبها بـه فقط دون غيرة "شعـيب"
_
أنتهت "زهرة" من أعداد وجبة الأفطار وقامت برصه على الطاولة
رفعت عينيها وفوجئت بـ "شعـيب" يقف ينظر لها بهدوء ونظرة أخره جهلت عن تفسيرها لتقول بـ أبتسامة: مالك ياحبيبي واقف تبصلي كده ليه تعال أفطر يلا 
أقترب "شعـيب" بوقار يليق به ثم أحاطها بين زراعية القويين قائلا بحنان خاص بها وحدها
شعيب: ببص على زهرتي اللي كل يوم تفتح أكتر من اليوم اللي قبله لحد ما سرقت عقلي وعيوني من جمالها
أتسعت أبتسامتها وأحمرت وجنتيها من الخجل
شعـيب بحنان: أيه رأيك منزلش الشغل أنهاردة وأفضل طول اليوم معاكي
أحاطت عنقه قائلة بدلال فطري: بصراحة عرض مغري ، لا هو مغري جدا جدا بس للأسف مضطرة أرفضه
أرتفع حاجبه الأيسر بتعجب: ودا ليه أن شاء الله؟!!
فكانت تلك المرة الأولى التي ترفض بها "زهرة" جلوس "شعـيب" في المنزل فكانت تتلهف لبقائه ولو لعدة دقائق
زهرة بلفهة: أنت عارف طبعا أنه أحب على قلبي من العسل أنك تقعد معايا بس بصراحة في مشوار ضروري أووي لازم أروحه ومش هـ ينفع أأجله 
شعـيب بتفكير: تمام مش هـسألك راحة فين غير لما تحبي تقوليلي بس متنسيش تاخدي السواق معاكِ ، صحيح البنات هتسبيهم فين؟!
زهرة بتوضيح: عند ماما "حنـان" أنا أستأذنتها وهي كانت مرحبة جدا ، أنت عارف هي بتحب "عائشة" و "ملك" قد أيه
شعـيب بتأكيد: طبعاً مش أحفادها
ملك وعائشة أبناء "زهرة و شعيب" ..
"عائشة الكبرى ذات الستة أعوام" و "ملك الصغرى ذات الثلاث أعوام"
تطلع شعيب إلى ساعته ثم قال بهدوء: أنا مضطر أمشي دلوقتي يا زهرة أنتِ عارفة مبحبش أتأخر على شغلي
زهرة بحب: عارفة يا حبيبي لا إله إلا الله
طبع قبلة هادئة على جبينها قائلاً: محمد رسول الله
____________
أمـا في الطابق السابـق لـ طابق "شعـيب" 
كانت والدته السيدة "حنان" تعد طعام الأفطار لـ زوجها (سالم) وأبنتها (تقى) 
شهقت (حنان) بفزع عندما شعرت بـمن يحيط خصرها .. 
أنتفضت بـخوف قائله: أخس عليك ياسالـم خضتني
سالم بعشـق لم يمحيه سنوات طوال من الزواج: سلامتك من الخضة ياقلـب سـالم .. مش عارف أزاي لسه بتتخضي من حاجة بعملها بقالي أكتر من 40سنة؟!!!
ردت بنعومة: ما أنت مش بتعمل أي صوت وأنت داخل عليا .. بمعنى أصح بتتسحب
قاطعهم صوت "تقى" المرح قائلة: الله الله فقرة العشق الممنوع شغاله كـالعادة .. وفي المطبخ!! بجد بجد أنا مبهوره بيكوا و بـ الرومانسية دي كلها 
أبتعدت "حنان" عن سـالم بخجل وأرتباك أما هو فـ تطلع لأبنته قائلا بنفس المرح: أنا شامم ريحة شياط هنا
تخصرت "تقى"بغضب مصطنع قائله: تقصد أيه يعني أني غيرانـه؟!!!!! لا طبعـــا أنا همـوت من الغيرة مش أكتر
كركر سـالم ضاحكا من مرح أبنته الذي لا ينتهي 
قالت حنان بحده مصطنعة: طب يلا يا دكتورة تعالي طلعي الفطار على السفره .. 
وأكملت بنبره رقيقة موجهة حديثها إلى سـالم: وأنت يا سـالم شوف بابا "مهران" و ماما "صباح" صحيوا ولا لسه عشان يومي أنهارده في تحضير الفطار ليهم 
فـ قد كانت كل "كنة" من كنائن عائلة "مهران" مسؤله عن تحضير الطعام لـ كبار العائلة "مهران وصباح" وذالك بنفس راضية دون أجبار من أحد
أشار لها سالم موافقا واتجة الى الخارج ليرى والدته و والده .. أما "تقى" فـعاونت والدتها في أنهاء وجبه الافطار 
"تقى سـالم مهران" تبلغ من العمر واحد وعشرين عام ذات بشرة خمرية ، في عامها الثالث بكلية الطب ، تتميز بشخصيتها المتمردة العنيدة الصريحة
_____________
وفي طابق أخر في ذات البرج .. كان صوت آيات القرآن الكريم تصدح في المكان ورائحة البخور تملئ الاجواء .. فـ هي شقة الحاج "مهران" كبير العائلة وزوجتة الحاجة "صباح"
كان الجد "مهران" ذو جسد قوي لم يمحيه سنوات عمره .. يهابه ويحترمه الجميع من أصغر حفيد إلى أكبر أبن .. لم يجرأ أحد يوماً على عصيان أوامره فقد كان وما زال رجلا حازماً . صارماً رغم كبر عمره
أصوله من الصعيد ولكن بعد زواجه أنتقل إلى القاهرة ليبدأ حياته الخاصة .. لم يكن يمتلك المال كـالآن بـل بدأ من الصفر حتى أصبح أسمه علامة تجارية مميزة في المشغولات الذهبية فـهو يمتلك العديد من محلات "مهران للمجوهرات" 
صحيح أنه لم يعد يباشر العمل بنفسه كـ السابق بعد تولى "شعيب" الأدارة كونه الحفيد الأكبر وأكثر من يثق به "مهران"
ولكنه ما زال يشرف على كل صغيرة وكبيرة خاصة بـالعمل
.....................
سـالم وهو يقبل يد والده: صباح الخير ياحج 
الحاج مهران: صباح النور يا سـالم أقعد يابني واقف ليه!
اتجه سالم الي المقعد المجاور لـ والده ثم جلس عليه قائلا بنبرة هادئة 
سـالم: أومال فين الحاجة؟
أنتبة إلى صوت والدتة آتي من الخلف
صباح: الحاجة أهي ياروح الحاجة
قام "سـالم" يقبل جبين والدته قائلا بحنان: صباح الخير يا أمي صحتك أخبارها أيه
ردت "صباح" وهي تجلس بجانب زوجها: الحمدلله في نعمة ياحبيبي الدواء اللي "شعـيب" جابهولي ضيع الوجع خالص ، حبيبي ربنا يرضى عنه ويراضيه
سـالم و مهران معاً: أمين
..................
وفي طابق أخر من نفس البرج .. طابق الأبن الثاني لـ "مهران" "توفيق مهران" وزوجتة "وفاء" يقطن معهم أبناءهم "نورا " و "مازن"
وقفت "نورا" تتمايل بـ ليونة أمام المرآة على ألحان الموسيقى الشعبية المنبعثة من هاتفها ، متجاهلة تماماً بكاء وصراخ صغيرها الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات لا أكثر
أنتبهت أخيرا على باب حجرتها الذي أنفتح بعنف أثر دخول والدتها "وفاء" التي أقتربت من حفيدها "مالك" تحمله بلهفه بين ذراعيها تحاول جاهدة تهدئة وصلة بكاءه التي نحرت قلبه
هتفت "وفاء" في أبنتها تعنفها: أطفي الزفت على دماغك اللي أنتِ بتسمعيه ده .. واقفة تترقصيلي ولا الرقصات وسايبه أبنك مفلوق من العياط أنتِ أيه معندكيش دم
بملل واضح أغلقت "نورا" هاتفها قائلة بـ تأفئف: في أيه يا ماما هي محاضرة كل يوم دي مش هـتخلص أنا زهقت! مش معقول حتى الحاجة اللي بفرغ فيها الطاقة السلبية اللي جوايا مستخسرينها عليا
وفاء بغيظ: يا شيخة منك لله أنتِ مش شايفة حالة أبنك أنتِ خسارة فيكِ ضفر مالك
نورا بغضب: يووووه مالك مالك مالك زهقت بقى من الواد الزنان ده ياريته كان مات مع أبوه عشان أرتاح منه ومن قرفه
شهقت "وفاء" بفزع من كلمات أبنتها ، لا تصدق هذا الكره المنبعث من شفتيها تجاه حفيدها "مالك"
قاطعهم دخول "مازن" الغاضب يجذب نورا من رسغها يضغط عليه بعنف: أنتِ قليلة الأدب ومعندكيش قلب .. في واحدة كبيرة زيك ترد على أمها كده وتتمنى لـ أبنها الموت أنتِ أكيد مجنونة
حاولت نـورا جاهدة التخلص من قبضة أخيها القاسية قائلة بغضب: سبتلك العقل يادكتور وسيب أيدي حالاً لأما والله العظيم أنزل أقول لجدي أنك بتمد أيدك عليا
تركها بعنف فـ أرتدت للخلف وكادت أن تقع إلا أنها أستطاعت الوقوف لتسمع كلمات "مـازن" الحادة التى لا تخلو من السخرية: لو فاكرة أن كلامك الخايب ده هـيخوفني تبقي عبيطة وأن كان في حد هنا لازم يخاف فـهو أنتِ .. أنتِ عارفة كويس لو جدي شم خبر بجحودك وقسوتك على "مالك" هـيعمل فيكِ أيه .. فـ أعقلي يابنت الناس لأن دي أخر مره هـ أحذرك فيها وبعدها هـ يبقالي تصرف تاني متأكد أنه مش هـيعجبك 
أنهى حديثة ثم ترك الغرفة بل البيت كاملاً تاركاً ورائه "نـورا" تغلى على صفيح الكره والحقد!!!
"مازن توفيق مهران" الأبن الثاني لتوفيق بعد عماد .. يبلغ من العمر 29عام يعمل طبيب في أحد المستشفيات الحكومية بجانب عيادته الخاصة .. شخصية هادئة سالمة مع من يستحق "
..................
بعد وقت ليس بطويل كان "شعـيب" جالس بمكتبه في المعرض الأساسي لـ "مجوهرات مهران" يتابع بـ أهتمام وتركيز شديد التصميم الجديد لقطعة مجوهرات جديدة يبدع في تصميمها 
يحب مهنته ومهنه عائلته بل يعشقها .. عمله في الذهب ومع المجوهرات يمنحه راحه ونشوه داخليه ، يتمتع بميزه لم يمتلكها أحد في عائلته إلا هو .. وهي التصميم 
بأمكانه تحويل قطعه من الصفيح إلا قطعه فنية تتسارع عليها السيدات لأقتنائها 
وكانت لموهبته فضل كبير في أزدهار أعمالهم حيث يعرض كل فترة مجموعة جديدة من تصميماته .. قطع محدوده العدد شديدة التميز تبهر من يراها بل تخطف الأنفاس
نظر بتركيز لـذالك "الطوق" الذي يعمل به ، يشعر بوجود شيء ناقص لا يستطيع أيجاده ، ثواني وقد وصل إلى النتيجة التي يرضاها
قاطعه دخول "عماد" المرح كعادته: شعشع قلبي صباح الجمال على أحسن ناس 
شعـيب بهدوء: نفسي مره تخبط على الباب قبل ما تدخل دي أخلاق مدير محترم
عماد بمرح: مدير مين ياعم شعيب صلي على النبي في قلبك أنا حيالله بياع أش نيجي جانبك يافنان
شعـيب: لا أله إلا الله وأنا أقول نفسي مكتوم كده ليه أتاري من قرك
عماد: لا لا أوعى تفكرني بـ أقُر انا بحسد بس
أبتسم شعـيب بهدوء على مرح أبن عمه قائلا : طب يابطل أطلع أشرف على العمال وشوف شغل الكولكشن الجديد وأنا دقايق وأحصلك
..................
تنظر لسقف غرفتها بجمود مميت .. أكتفت
لن تصمت بعد الأن حياتها مع "عماد" أصبحت مستحيلة ، يكفي إلى هذا الحد .. فكرت في قتله .. صدقا!! 
للحظات تخيلت نفسها تحمل سكينًا وتنحر عقنه مراراً وتكرارًا ولكنها لم تستطيع فقط لم تستطيع!!
قامت بتثاقل تضم فراش السرير تغطي به جسدها العاري .. تتزاحم الأفكار والذكريات داخلها
الأن أدركت لما أصر عماد أن يتزوجوا بعيداً عن العائلة ليس كما قال حينها أنه يريد حياة خاصة لكليهما .. بعيد عن تدخلات أسرتهم .. ولكنها أدركت الحقيقة المُرة ، كان يريدها وحيدة حتى يتمكن من القضاء عليها والفتك بها 
أتجهت إلى المرحاض تقف تحت الماء المنهمر تمحى لمساته التي باتت تشمئز منها
بعد مرور ساعة أو أكثر لا تدري ، خرجت من المرحاض ترتدي ملابسها المكونة من بنطال من الجينز وقميص أسود فضفاض .. مجمعه خصلاتها بعشوائية .. ولأول مره تتخلى عن وضع مساحيق التجميل لأخفاء ندوب جسدها التي تسبب بها زوجها!!
ثم توجهت إلى منزل أسرتها!!
وبعد مرور الوقت وصلت إلى البرج الخاص بـ عائلتها .. عائلة مهران
وعلى غير العادة لم تصعد إلى طابق والدها بل أتجهت نحو طابق "جدها مهران"
دقت على الباب دقة خافته وكأنها لا تريد أن يسمعها أحد فتفر هاربة قبل أن تفقد السيطرة على نفسها ولسانها!!
ولكن تفاجئت بفتح الباب وخروج خالها الأكبر "سـالم" الذي نطق مبهوتاً من مظهرها المؤسف: لتيـن!! مين عمل فيكي كده؟!
وكأن بسؤاله أعط الأشارة لـدموعها فـأنزلقت بـأنهيار على وجنتيها فـ أسرع "سـالم" لضمها بين أحضانه يهدئها بكلمات مطمئنة يربت عليها بحنان .. 
شعـيب (نبضات بين الوجدان)
🦋بقلمي شيماء عصمت🦋
تعالى بكاء لتيـن بصورة مرعبة ومؤلمة .. وعلى أثر بكاءها العالي توجهه "مهران" و "صباح" بفزع تجاه لتيـن المنهارة
قال جدها بغصب يشوبة الصدمة وهو يرى علامات الضرب الوحشية على مناطق مختلفه من جسد حفيدته كـمرفقيها و وجهها: مين عمل فيكي كده؟!!
لم تستطيع الكلمات لعدة دقائق حتى أخيرا تمكنت من قول كلمتين لا أكثر: خليه يطلقني
وكانت أجابة أكثر من كافية ليعلموا من الجاني ومن تطاول عليها بتلك الوحشية!!
أمر "مهران" زوجته بأدخال "لتيـن" إلى غرفة الضيوف بعد أن غاب صوتها لكثرة بكاءها
ما أن أختفت حفيدتة حتى أمر سـالم بصرامة: أتصل بـ الحيوان اللي أسمه "عمـاد" يحضر هنا حالاً هو وأبوه وكمان "شعيب" وأطلع لـ أختك "فوزية" خليها تنزل من شقتها هي وجوزها يطمنوا على "لتيـن" مهما كان هتحتاج أمها وأبوها أكتر من أي حد في وقت زي ده 
أومأ سـالم موافقاً مخرجاً هاتفه يتصل بـ أبن أخيه "عمـاد" كي يحضر في الحال
...............
ما أن سمع بوجود "لتيـن" في منزل جده حتى سرى الرعب في جسده .. أن يأمر جده بحضوره على وجهه السرعة دون سبب في وجود زوجته لهو أمر لم يحسب حسابه على الأطلاق .. فقد عاهدها صامتة لا تبوح بما يحدث بينهم مهما بلغ سوء أفعاله .. ترى هل حكت لهم ما يحدث بينهم!!
فاق على صوت شعـيب: يلا جدك عايزنا ومش من عادتي أنِ أتأخر عليه هتيجي معايا ولا هتحصلني
عماد بثبات زائف: هاجي معاك
..................
تجمعت أفراد عائلة مهران في شقة كبير العائلة وللأن لا يدرون لما هما هنا في وقت كهذا
تنحنحت الأبنة الوحيدة لـ "مهران" فوزيـة قائلة بقلق: خير ياحج مجمعنا ليه بدري كده؟ أنت كويس؟ ولتين هنا بتعمل أيه؟
مهران بصرامة: لتيـن في بيت جدها تيجي وقت ما تحب أما أنتوا هنا ليه فـ هتعرفوا لما المحروس أبن توفيق يوصل 
توفيق بقلق: هو عماد عمل حاجة ياحج
مهران بغضب: عمله أسود ومنيل
قاطع حديثهم دخول عمـاد التي توجهت الأنظار إليه فور دخوله
تفاجئ "عمـاد" بوجود جميع أسرته تقريباً .. فـ والديه جالسان يظهر عليهم القلق بوضوع .. وعمته وزوجها "حسان" كما تجلس "لتيـن" تتطلع للأرض بشرود وكأنها لا تشعر بمن حولها!
كما توجد جدته تنظر له بوجوم وعتاب
شعـيب: السلام عليكم 
رد الجميع السلام بينما أقترب "مهران" من "عماد" وفي ثواني كان كفه يحط فوق وجه وسط شهقات الجميع 
هدر الجد مهران غاضبًا: معاش ولا كان اللي يمد أيده على حفيدة "مهران" .. لكن غبائك يصورلك أنِ هسمحلك تكرر نفس الغلط مرتين تبقى عبيط.. أول مره ضربتها فيها سامحتك وخليت "لتيـن" تسامحك لكن أنك تهينها وتضربها بالطريقة الهمجية دي مش هسمحلك وحالًا هتطلقها
أنتفضت "فوزية" مصعوقة من طلب والدها بطلاق أبنتها "لتيـن" قائلة بصدمة: حضرتك بتقول أيه يا بابا طلاق أيه كفانا الشر أستهدى بالله ياحاج دا شيطان ودخل بينهم أكيد "لتيـن" غلطت غلط كبير مقدرش يسيطر على أعصابه وضربها!!
تلك البساطة التي تتحدث بها والدتها قتلتها بهتت ملامحها وأزدادت خفقاتها بسرعة موجعة .. أنتفضت على صراخ جدها الحاد: فوزيـــة مش عايز أسمع صوتك أنتِ فاهمة؟! وحتى لو اللي بتقوليه صح .. ميدهوش الحق يعمل اللي عمله شوفي بنتك عاملة أزاي فوقــي
أخفضت فوزيـة رأسها بـ ألم ولكن ما عساها أن تفعل! هل تترك أبنتها تنفصل؟ هل توجد أم تسمح بخراب بيت أبنتها وخصوصًا أبنه في ظروف لتيـن!!
قال عماد بثبات باهت: لازم تسمعني قبل ماتحكم عليا ومن غير ما تعرف اللي حفيدك عملت
أنتفضت لتيـن صارخة وقد أوشكت على الجنون: أنا عملت أيه؟ أذيتك فـ أيه؟ أنت اللي مريض ومعدوم الضمير وأنا لا يمكن أعيش معاك لحظة بعد الأرف اللي شوفته معاك
أقترب "عمـاد" منها وكان على وشك ضربها من جديد لولا تصدي شعيب له قائلًا بصلف: أيدك لقطعهالك 
في نفس الوقت أختبئت لتيـن بـأرتجاف خلف جدها تحتمي فيه من عمـاد
قال الجد بسخرية موجه حديثة إلى أبنته "فوزيـة": شايفة اللي كنتي بتدافعي عنه؟ أهو كان هيضرب بنتك قصادك وقصاد أبوها والأدهى من كده قصادي أنا ، الله أعلم بيعمل فيها أيه وهما لوحدهم
توجه بـ أنظارة إلى أبنه "توفيق" قائلاً بسخرية لاذغة: لا والله وعرفت تربي!
أخفض توفيق رأسه بحرج ولم يستطيع الدفاع عن أبنه ونفسه 
طوال الوقت كان شعـيب صامت لا يتكلم وأمر واحد شاغل عقله أين زوجته؟! لما لم تأتي للأن؟ وأذا أتت فلما لا تكون بجوار أختها في هذه المعضلة ، بداخله قلق مبهم على زهرة .. يريد أن ينسحب ويبحث عن زوجته ولكن لا يستطيع فـ الجد يحتاجه!!
أنتبه لصوت الجد الصارم: شعيب من دلوقتي ممنوع منعاً بتاً وجود "عماد توفيق" في أي فرع من فروع "مجوهرات مهران" أي ورق ليها علاقة بالشغل ، أي صفقات تحت أيده تتسحب منه حتى لو معاه مفتاح لأي فرع تأخدة منه
عماد بصدمة وصوت هارب: بس ياجدي أنا
قاطعة الجد بصرامة: خلص الكلام واللي عندي قولته
صرخ عماد بهياج: بس أنت مش فاهم أي حاجة أنت مش عارف هي عملت أيه؟! مش بالسهولة دي تطردني من شغلي اللي تعبت فيه سنين كتير من قبل حتى ما أتجوز البرنسس "لتين" وأقولك على حاجة أنا مش ندمان أني ضربتها ولو الزمن رجع لورا هضربها تاني وتالت ولحد ما تموت
شعرت لتين في تلك اللحظة بقيضة حديدية تعتصر قلبها .. كانت تتمنى أن تشعر بندمه على ما أقترفه بحقها كانت تريد أن تسمع أعتذار صادقًا منه أن يترجها إلا تتركه ، أن يتوعد بعدم مساسها بأي سوء ولكن تلك الأماني لم تتحق وبقى واقع أليم يقتلها حية
عماد: سنين عايش معاها بـ قرافها ومستحمل وأقول معلش ياعماد بنت عمتك أصبر عليها أستحملت اللي مفيش راجل يستحمله وسكت ، مبتخلفش "أرض بور" وسكت ، لكن تيجي تشتكي أنهارده وتبقى السبب أني أسيب شغلي مش هسكت حفيدتك دي (×××××)
بعد اللفظ القذر الذي القاه على مسامع الجميع لم يسيطر شعـيب على غضبه وفي ثواني كانت قبضته تهشم فك عمـاد الذي صرخ بألم 
صرخت لتيـن بشكل هستيري قائلة بجنون: انا اللي (×××××) ياساادي يا مريض أنا خلاص قرفت منك ومن حياتي معاك قرفت من جنونك وعصبيتك اللي من غير سبب قرفت من لمساتك القذرة قرفت أني ألمح ملامحك اللي بقيت بكرها يا أخي بقيت بقرف أني بتنفس نفس الهوى اللي بتتنفسه ، بتقول عليا أرض بور!! أنت اللي أرض بور مش أنا!! أنت اللي أرض فاسدة وقاسية أرض ملعونة وأتلعنت من يوم مادخلتها صبرت عليك كتير صبرت وأستحملت وسترتك قدامهم كلهم ماهو للأسف أنت جوزي و أبن خالي! يا أخي ملعون دي قرابة خلتني أخسر نفسي وكرامتي .. سترت حاجات كتييير أبسطها ضربك ليا وكشفت نقطة ضعفي ليك وكنت واهمة أنك هتسندني ، هتحميني .. لكن للأسف كانت الطريق أنك تكسرني ودلوقتي بتعايرني أني "أرض بور!!!" .. ضحيت عشانك كتير .. دراستي وبعدي عن بيت العيلة ومسكت أيدك و وافقتك على كل شيء طلبته مني وكانت أيه النتيجة؟ خسرت نفسي وبقيت سجينة عايشة جوه جدران سجنك!! أنا مش "أرض بور" أنا أنسانة ربي مكتبليش أني أبقى أم بس على الأقل عندي قلب بيحس ويقدر مش زيك قلبك معطوب ، مريض ، بتستلذ بضربك وأهنتك ليا ، بتتشفى في وجعي .. أنت بجد سادي وعديم الرحمة .. (‏" وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ ") وأنا بحمد ربنا ألف مره عشان مجبتش ولد أو بنت منك .. أني "أرض بور" أشرف ليا من أبقى أم ولاد واحد زيك
فقد عمـاد صبرة والسيطرة علي شياطينة التي تتلاعب بعقله .. وعلي غفله من الجميع أقترب من لتيـن يسدد لها ضربات مؤلمة بسرعة فائقة وسط صراخ فوزية على أبنتها وجزع حسان على فلزه كبدة التي تضرب أمامه يحاول هو والأخرين أنتزاعها من أصابع عمـاد التي تتشبث بها بقوة كمـا يتشبث الضبع بفريستة 
فقد شعيب أخر ذرة من هدوء فـأقترب يلف زراعة العضلي على عنق عماد الذي أحمر وجهه بصورة ملحوظة بسبب أختناقه بينما صرخت وفاء بهلع وهي ترى أبنها الأكبر يختنق هاتفه بترجي ودموعها تسيل دون توقف
وفاء: سيبه ياشعيب بالله عليك سيبه هو أكيد مش واعي للجنان اللي هو بيعمله سيبه وحيات عيالك متحرقش قلبي على أبني
أفلت شعـيب عماد الذي أخد يسعل بشدة يحاول أستنشاق أكبر قدر من الهواء
شعـيب بتهديد: لو سمعت منك كلمة تانية دلوقتي هطلع روحك بأيدي أنا من أول ماجيت وأنا ماسك نفسي عنك .. أحتراماً لوجود جدي فـ نصيحة مني خد بعضك وأمشي .. حالًا
تطلع عمـاد بحقد دفين إلى شعـيب 
فقال الجد بصلابة: طلقها
لم تهتز شعرة لدى عمـاد أنما تطلع بسخرية جارحة إلى لتيـن قائلا بقسوة: أنتٍ طالق .. وريني مين هيقبل واحدة أرض بور زيك
أنهى كلامة ثم أندفع كالصاروخ خارج البيت بأكملة
شهقت فوزية بهلع وهي تولول بينما شحبت ملامح حسان 
أقتربت الجدة بهدوء من لتيـن المتخشبة وكأنها تمثال قائلة بحنان وهي تحتضنها: هو الخسران يا حبيبة جدتك اللي ميجعلكيش كحله في عينه متجعلهوش حذاء في رجلك
أرتفع فجأة رنين هاتف شعـيب بشكل لحوح ليجد أتصال من زهرة لينسحب إلى أحد الأركان هادراً بقوة:زهرة أتأخرتي ليه قلقتيني عليكي
أنتظر ردها بلهفة وقلق ولكن ما وصله كان أبعد مما تخيله 
أرتفع رنين هاتف شعـيب بشكل لحوح ليجد أتصال من زهرة لينسحب إلى أحد الأركان هادراً بقوة:زهرة أتأخرتي ليه قلقتيني عليكِ
أنتظر ردها بلهفة وقلق ولكن ما وصله كان أبعد مما تخيله 
شحبت ملامحه شاعرًا بقبضة تعتصر قلبه غير قادرًا على التنفس
أنتبه سـالم لحالة شعيب فأقترب منه قائلا بقلق: شعـيب أنت كويس؟ شعـيب!!
شعـيب بذهول: زهرة .. زهرة عملت حادثة
فوزية بصراخ: بنتي 
..................
بعد قليل كانت عائلة مهران في المستشفى ماعدا "حنان" التي جلست مع أحفادها
كان شعـيب في وضع لا يحسد عليه ، يتحرك في ممر المستشفى وقد بدأ يفقد صبره ، يشعر بـ القلق ، اولخوف ، وشعور موجع بالفراق! يتمتم بكافة الأدعية التي يحفظها ، يرجوا الله أن يرأف بحاله وحال أسرته وبناته!
الوقت يمر ببطيء مهلك للأعصاب 
وأخيرا خرج الطبيب من غرفة العمليات فأقترب الجميع منه وعلى رأسهم شعـيب متوتر الملامح 
صاح شعيب منفعلاً: زهرة يادكتور أخبارها أيه
الطبيب بـأسف: البقاء لله
تعالت الشهقات المصدومة مع صراخ فوزية الذي شق سكون المستشفى ثم سقطت فاقدة الوعي
أنقض شعيب على الطبيب قائلا بصوت مرعب وملامح قاتمة: أنت بتقول أيه؟ مراتي فين؟ مرااااتي فين أنطق؟
شحب وجه الطبيب برعب قائلا بخوف: وحد الله ياأستاذ أمر ربنا وأحنا حاولنا على قد مانقدر ننقذها هي و "الجنين" ، لكن للأسف كانت جاية في حالة حرجة جداً .. الشاحنة اللي ضربتها .. ضربتها ضربة شديدة 
أقترب سـالم من شعـيب يحاول تخليص الطبيب المذعور
سـالم بحزن: إن لله وأن إليه راجعون .. سيب الدكتور ياشعيب سيبه وسيطر على أعصابك بناتك محتاجينك
كان شعيب في حاله من الذهول والأستنكار لا يعي ما يحدث؟ هل حقاً ماتت زهرة!! هي والجنين!!
أتسعت عيناه بشكل مرعب وكأنه أدرك أنها بالفعل قد ماتت والأقسى أنها كانت تحمل في أحشائها قطعه منه .. ماتت ومات طفله قبل أن يعرف بوجودة!!
صرخ بصوت مزق نياط قلبة: زهــــرة
××××××××××
بعد مرور الوقت في منزل آل مهران 
كانت لتين تلتحف بالسواد .. تسمع كلمات التعازي والمواساة .. دموعها لاتجف .. قلبها يحترق .. اليوم خسرت أختها وتؤام روحها .. تلك الأخت الحنونة ، العطوفة .. صاحبة أنقى وأطهر قلب .. ماتت فجأة دون مقدمات ماتت في حادث سير وتركت طفلتين في عمر الزهور .. فقط ماتت زهرة .. أنهمرت دموعها وهي ترى والدتها تصرخ ولكن دون صوت ، والدها يقف بـ ظهر منحني وكأنه بموت ابنته قد أنكسر .. 
نظرت لـ شعيب وأرتجفت داخليًا من مظهره المرعب والمؤلم في آن واحد .. تأملت بروز عروق رقبته و وجهه الخالي من أي تعبير عدا عيناه التي تشتعل بعذاب الفراق والخسارة .. لطالما أعتادت جموده مع الجميع ، كانت ولازالت تخشى الحديث معه بل حتى النظر إليه .. كان صامت أغلب الوقت إلا مع زهرة وبناته .. 
أبتسمت بمرارة وهي تقارن معامله شعـيب مع زهرة ومعامله عماد معها!! 
شتان بين التعاملين .. لطالما أخبرتها زهرة عن مدى روعة و روقي شعيب ، وأحتوائه لها وكم كان واضح عليها السعادة والراحة
لا تنكر أنها كانت تعشق عماد ، فقد تنازلت عن تعليمها فقط لتتفرغ له وتهتم به وكم ندمت على تلك الجريمة التي فعلتها بحق نفسها
تنازل تلاه أخر حتى أصبحت تضحياتها بلا معنى وكأنها حق مكتسب!!!
××××××××××
أنتهت مراسم العزاء وتفرق الجميع .. الصمت المميت يعم المكان و وجع القلوب يشق السكون 
في هذا الوقت كان شعيب في الغرفة الخاصة به و بـ زهرة يتطلع لصورة زفافهم المعلقة على أحد الحوائط
يتفحص ملامحها بـتمهل دون كلل ، كم كانت سعيدة ، وكم كانت مبهرة في ذلك الفستان الأبيض كـ كقلبها .. نظراتها كانت مليئة بالحب الجارف والسعادة المطلقة 
أقترب يتلمس صورتها بـألم قائلاً بتأثر وصوت متحشرج: فرقتيني بدري أووي يا زهرتي ، في حاجات كتيرة معشنهاش مع بعض ، أنا محتاجك وبناتنا محتاجينك
صمت يبتلع غضه بكاء تخنقه: تخيلي مش قادر أواجه بناتنا! مش عارف هجاوب على أسألتهم أزاي؟ لما يقولولي مامي فين هرد بأيه وهعوض وجودك اللي مستحيل يتعوض أزاي؟
صمت قليلا ينظر لهاتفه يتابع مشهد الحادث المروع ، فقد كانت زهرة خارجة من أحدى العيادات النسائية تبدو سعيدة متألقة تخطوا أولى خطواتها لعبور الطريق للوصول إلى سيارتها وقبل أن تنتهى من العبور ظهر من العدم شاحنة نقل كبيرة أصتدمت بها بقسوة فسقطت زهرة وتناثرت أوراقها وغرقت في دمائها .. وأختفت الشاحنة!!
أكمل بوعيد وعيون لامعه: بس وحياتك عندي اللي كان السبب في أننا نتحرم منك ، هجيبه ولو كان أخر حاجة هعملها في حياتي هجيبه وهندمه على اليوم اللي أتولد فيه 
انتبه لصوت بكاء مكتوم في الخارج فتوقفت عضله قلبه قلقاً وهرع يطمئن على بناته .. فقد تركهم نائمين ولكنه صدم حين رأى أبنته الكبرى "عائشة" تبكي بكاء مكتوم وجهها الملاكئي غارق في الدموع تضع يدها الصغيرة على فمها تحاول بألم كتم شهقاتها .. أبتلع عضة مسننه وعيناه تلسعها دموع مُلحة تفرض وجودها
أقترب ببطئ يتلمس شعرها الذهبي قائلا بحنان: قلب بابي بتعيط ليه
رفعت عيناها البريئتان وهمست ببكاء: مامي ماتت يا بابي ماتت ومش هشوفها تاني!!
ثم أنهارت في البكاء 
أقترب بسرعة يغمرها بين أحضانه يشعرها بالأمان وبعض الدفئ قائلا بتحشرج: مامي دلوقتي في مكان أجمل وأحسن كتير من هنا ، صحيح مش هنقدر نشوفها بس هي بتشوفنا وتسمعنا وأكيد هي زعلانة وهي شايفة حبات اللؤلؤ اللي نازله من عيونك .. أنتِ عايزة مامي تبقى سعيدة ولا تزعل عشان أنتِ حزينة
أومأت برأسها نافيه هاتفه بحزن: عايزاها سعيدة بس مش قادرة أتخيل أنِ مش هشوفها تاني ، مامي طيبة أوي يا بابي ليه تموت وتسبنا أحنا هنا بنحبها ، أنا وأنت وملك وتيتا وجدو كلنا بنحبها ، كلناا .. ليه تموت يا بابي لييه!!
أعتصر عيناه بعنف شاعرا برغبة مُلحة في البكاء ولكنه قال بتأثر: قضاء الله ياقلب بابي كلنا هيجي يوم ونروح عند ربنا وبأذن الله نكون في الجنة ، مش أنتِ عارفة قد أيه الجنة حلوه؟ وفيها كل حاجة بنحبها؟ 
عائشة: أيوه مامي قالتلي قد أيه الجنة حلوة وأن اللي بيعمل خير ويصلي بيدخلها
شعـيب وهو يقبلها بحنان: أهي مامي سبقتنا على هناك وهي أكيد حابه تشوفك مبسوطة ف أمسحي عيونك الحلوين دول وتعالي نصلي وندعي لمامي
×××××××
بعد مرور ثلاث أشهر 
ها هي الأيام تمضي والجروح تندمل ، فالوقت كفيل بكل شيء 
كعادتها مأخرًا ولمده ثلاث أشهر وقفت في الصباح الباكر لأعداد وجبة الأفطار لـ شعـيب وبناته
تريد الفوز به فقد زالت عقبتها وأصبحت الساحة لها وحدها!!
زوجها وقد توفى وها هي زوجتة قد لحقت به فحانت اللحظة التي تظفر به!!
أغمضت عينيها تتخيل بأنها أصبحت زوجته ينظر إليها ، يضمها داخل صدره العضلي ، تشتم رائحته التي تدمنها يلمسها وتلمسه 
همست أسمه وكأنها تتذوقه: شعـيب
_بتتلولي زي الحية كده ليه يامقصوفة الرقبه؟!
شهقت "نورا" بفزع من صوت والدتها ونظرت لها بغضب :في حد يدخل كده خضتيني يا ماما
وفـاء بسخرية: سلامتك من الخضة يا قلب ماما
وأكملت بأستنكار: مقولتليش كنتي بتتلوي كده ليه
نورا بأرتباك: أصل .. أصل أتلسعت وأنا بحضر الفطار لشعيب
وفـاء بوجوم: شعـيب! وفطار!! مش ملاحظة أن اللي بتعمليه ده مش طبيعي شعـيب وعنده أمه وأخته ربنا يباركله فيهم ويقدروا يساعدوه في كل حاجة أنتِ أيه دخلك بيه؟ تحضريلوا كل يوم الفطار بتاع أيه؟ خلي بالك من وضعك ووضعة
نورا بحنق: مالوا وضعنا أن شاء الله
وفـاء بغضب: أنتوا الأتنين أرامل ياهانم ومينفعش كل يوم تطلعيله فطاره الساعة 7الصبح والكل نايم!! وأن كان عرق الحنية ناقح عليكي أوي أكلي مالك .. أبنك اللي من وقت ما أتولد عمرك ما أكلتيه ، صحيح باب النجار مخلع
نظرت لـ والدتها ببرود متعمدة عدم الرد عليها وحملت الطعام متجهه إلى طابق شعيب 
××××××
في ذات الوقت في طابق شعيب
وقف شعيب في حيرة من أمره ينظر لشعر أبنته بتركيز شديد قائلا بجدية: عيوش شعرك دا فيه حاجة مش طبيعية 
ردت عائشة بحيرة طفولية: مالو يابابي ماهو حلو أهو
شعـيب بتركيز: حلو أه بس بيطول كل يوم؟ هو ده معقول!!!
شهقت بطفولية ضاحكة: بجد!! يعني شعري زي شعر روبانزل 
شعـيب بأستنكار: روبانزل مين؟ حد نعرفة؟!!
ضحكت عائشة ببراءة قائلة بتوضيح: لا يا بابي روبانزل دي في الكرتون اللي بتفرج عليه شعرها طويـــل وبيلمع زي الدهب عندها شعر سحري بص لما أرجع من المدرسة هخليك تتفرج على فيلم روبانزل موافق
شعيب بحنان: موافق طبعا فين بقى بوسه بابي
أقتربت تحيط عنقه تمطره بقبلات سريعة على صدغة
أنتبه لوجود ملك تقلب شفتيها بتذمر تنظر له بغضب
شعيب: لوكا تعالي ياحبيبتي واقفة بعيد ليه
ملك بـ أتهام: أنت بتحب عائسة (عائشة) أكتر مني 
أومأ بالنفي وهو يجلسها على قدمة: لا طبعا أنا بحبك أنتِ وهي قد بعض
ملك بفرح: بجد
شعـيب بتأكيد: بجد طبعا وأكمل بهمس مسموع لـ عائشة: بس بحبك أنتِ زيادة شوية أوعي تقولي لعائشة دا سر بينا أتفقنا
أتسعت عيناها ببرأة هاتفة بحماس: أتفقنا
نظر شعيب لـ أبنته الكبرى يغمز بأحد عينيه فضحكت عائشة بمرح
أنتبه لجرس الباب فقام يفتحه بهدوء
نورا بـ أبتسامة مشرقة: صباح الخير يا شعـيب حضرتلك فطارك أنت والبنات
شعـيب بهدوء: صباح الخير يانورا تسلم أيدك تعبناكِ الفترة اللي فاتت بس من أنهاردة هناكل مع والدتي فـ مفيش داعي تتعبي نفسك أكيد بتكوني مشغولة مع مالك
شحبت أبتسامتها وودت لو ترى زوجة عمها "حنان" فتفرغ بها غضبها وأحباطها فقد خسرت فرصة ذهبية للتقرب من شعيب!
ولكنها قالت بـ أبتسامة زائفة: أه طبعًا مالك واخد كل وقتي أنت عارف باباه مات والحمل كله عليا
شعـيب: ربنا معاكي هستأذن أنا لازم أوصل البنات للمدرسة
×××××××
جلد الذات!
هذا ما تفعله لمده ثلاث أشهر تجلد ذاتها تعنفها ، تحاسبها على ما أرتكبته في حق ذاتها! 
منذ وفاة زهرة وهي حبيسة غرفتها ولكن تلك المرة حبس أختياري ، أنعزلت عن الجميع لا ترغب برأيه أحد
حتى الطعام رفضته تأكل ما يجعلها حية لليوم بضع لقيمات لا أكثر
كانت تظن أن بطلاقها سينمحي عماد من حياتها ولكن كام كانت مخطئة
فأن كانت لا تراه وجهه لوجه ولا تسمع صوته المقزز ولكن تقرأ كلماته ورسائلة التي يرسلها لها
ليست رسائل عشق وغرام ، ولا رسائل ندم وأشتياق ، ولكن رسائل سب وتهديد وترهيب ، يتوعد لها بالكثير ويقسم بأنه سيسقيها العذاب كأس وراء كأس حتى يفنى جسدها وتصعد روحها لبَارِئها 
أنتبهت للصوت المنبعث من هاتفها بوصول رسالة على أحد مواقع التواصل الأجتماعي 
أخذت تنظر للهاتف بعيون باهتة متورمة من كثرة البكاء ، متحيرة بين قرأءة الرسالة أو تجاهلها
ولكن شعورها بالغضب من نفسها بأنها أحبت شخص كـ عمـاد جعلها تقبض على الهاتف تكتب كلمة السر .. تفتح الرسالة وليتها لم تفعل!! 
في أقصى توقعاتها لم تتخيل أن يصل إلى هذا الحد من الوضاعة والقزارة!!
فكانت الرسالة عبارة عن مقطع فيديو له مع فتاه في مشهد جعل معدتها تتلوى من الأشمئزاز!!
صرخت بنفور ترمي الهاتف بعنف فـ أصبح أشلاء صغيرة مثل قلبها!!
على أثر تلك الصرخة أنتفضت فوزية تهرع لغرفة لتيـن تطمئن عليها فتخشبت من منظر لتيـن المزري!!
بداية من شعرها المبعثر في كل أتجاه وجهها شديد الأصفرار ، عينيها حمراء كالدم
أقترب تقول بفزع: بسم الله الرحمن الرحيم مالك يا بنتي حصلك أيه
لتيـن بصراخ هستيري: محدش ليه دعوة بيـــا سبوني لوحدي
فوزيـة ببكاء: أهدي يا لتين أهدي ياحبيبتي متحرقيش قلبي عليكِ كفاية وجعي على أختك
لتيـن بغضب: قولت برة سبيني لوحدي مش عايزة حد أنا بكرهكوا سامعة بكرهكوا
أستيقظ حسان نورالدين على أصوات عالية بشكل مستفز يحاول التغلب على تلك الأصوات والعودة إلى النوم ولكن مع تزايد الأصوات حدة وأرتفاع أستطاع تميز صوت أبنته لتيـن!!
أنتفض بعنف يهرع إلى غرقتها يصيح منفعلاً: أيه اللي بيحصل هنا بالظبط
نظرت لتيـن بكره شديد لوالدها صائحة بغضب: خد مراتك وأطلع بره
حسان صارخاً بغضب: لتيـن أحترمي نفسك أنتِ بتتكلمي مع أبوكِ ، أنتِ أزاي تتكلمي بالطريقة دي؟ ليه حق عمـاد يضربك ويكسر عضمك طالما بتقلي أدبك بالشكل ده
شهقت فوزيـة برعب وهي ترى تشنج جسد لتيـن بصورة غير طبيعية
تكلمت لتيـن بصوت غريب: ليه حق!! 
تطلعت في والدها بصدمة: أنت شايف أن ليه حق يا بابا!!!
توتر حسان للحظات وزاغت عيناه ولكن بالأخير قال بثبات زائف: أيوه ليه حق أذا كان بتتكلمي معايا أنا أبوكِ بالشكل ده؟ فـ بتتعاملي معاه أزاي؟ مش تحمدي ربنا أنه أستحملك كل السنين اللي فاتت من غير ما تخلفي؟ راجل غيرة كان رماكي ولا سأل عنك أو على الأقل يتجوز عليكِ
شهقت لتيـن وكأنها تختنق لا تستطيع التنفس وأرتعش فمها بقهر وقد طعنتها كلمات والدها بخنجر مسموم 
همست بصوت مخنوق ينبثق منه القهر والآلم: مش عدل اللي حصل فيا واللي لسه بيحصل معايا مش عدل أبدًا ، هو معندوش حق يعمل فيا كده مفيش مخلوق ليه الحق يعمل فيا كده حتى أنت يا بابا!!
صحيح أنت عمرك ما ضربتني ولا قولتلي كلمة تزعلني بس عملت حاجة عمري ما هسامحك عليها ، رجعتني ليه مره بعد مره بعد مره لحد ما بقى مش عامل ليك ولا ليا حساب ولا خاطر .. جدي مفكر أن عمـاد ضربني مره واحده زمان والمرادي التانية لأن محدش قاله اللي بيتعمل فيا
صمتت تنظر لعين والدها مباشرة قائلة بعذاب: بس أنت كنت عارف ، عارف وساكت ، ومش بس كده كنت بتتحايل عليه أنه يجي ياخدني من عندك!!! ليه يا بابا ليييه؟ دا أنا كل مره كنت بجيلك مضروبة والضرب باين على وشي و جسمي بجيلك أتحامى فيك بس كل مره كنت بتخذلني!!! كل مره أدعي ربنا من كل قلبي أنك متكسرش بخاطري وتجبلي حقي منه!! تصدق شعوري وأنت بتتخلى عني كان أقسى وأوجع من ضربة وأهانته ليا!! 
توجهت بأنظارها لـ فوزيـة المنهارة في البكاء على حاله أبنتها
وأكملت بـ أتهام وخيبة أمل: حتى أنتِ تخليتي عني! دايما واقفة في صف عماد! مش مهم يعمل أيه فيا المهم أنه ميطلقنيش ، المهم أفضل على ذمته ، يضربني بقى يخوني أو حتى يموتني كل ده مش مهم ، المهم أفضل معاه ماهو صحيح مين هيرضى بواحدة "معيوبة" زيي؟!! "أرض بور" على رأيه!!
عارفة المشكلة الأكبر أيه؟ أن لما زهرة الله يرحمها تزعل من شعـيب لأي سبب مع أن نادر لما تزعل منه كنتِ بتقومي بدور الحماة مظبوط وعلى أكمل وجة كنتِ دايما تدافعي عنها حتى لو هي غلطانة!! 
ياريت كنت أنا اللي مت وزهرة عاشت على الأقل كانت بقت مع بناتها!!
أخفضت عينيها تخفي دموع مُلحة للنزول هاتفة بصوت ميت: لو سمحت عايزة أنام
لم تنتظر ردهم بل أتجهت إلى فراشها تنام عليه وتغطي كامل جسدها الذي يرتعش من كم البروده التي تشعر بها لا تعلم أتلك بروده الجو؟ أم بروده قلبها المجمد ألمًا وقهرًا!!
×××××××××
_يعني أيه مش لاقين طقم الألماس أنتوا بتستهبلوا!!!!
زمجر شعـيب بغضب ضاربًا المكتب بحدة قائلًا بوعيد: قسمًا بالله طقم الألماس لو مظهرش لـ أوديكم في ستين داهية
أقترب حارس الأمن قائلا بتوتر: شعـيب باشا حقيقي أحنا مش فاهمين أيه اللي حصل؟ وأزاي الطقم أختفى!! حضرتك كل يوم بتأمن على المشغولات اللي في المحل وبتكون أخر حد طالع من الفرع
شعـيب بصوت خطير: تقصد أيه؟ أن أنا اللي سرقته؟ 
أنتفض الحارس قائلا بنفي: لا يا باشا لا سمح الله بس أحنا راجعنا الكاميرات ومفيش أي حاجة غريبة حصلت؟ كل حاجة طبيعية! حتى باب المحل مفيهوش أي أثار أن حد حاول يسرق المحل معنى كده أن اللي سرق المحل حد معاه
قاطعه شعيب: حد معاه مفاتيح الفرع!! وكمان عارف بوجود الكاميرات
أومأ الحارس: بالظبط ياباشا 
شعـيب بصرامة وصوت أرعب الجميع موجه حديثة لجميع العمال: اللي حصل أنهاردة مش عايز مخلوق يسمع بيه واللي أتجرأ وسرق شعـيب سالم مهران نهايته على أيدي كل يشوف شغله ياااالاه
هرول الجميع برعب وبقى شعـيب يراوده الشك في شخصاً واحد ، يتمنى إلا تكون ظنونه صحيحة!!
××××××××
_مااااااازن
أغمض جفونه بأرهاق وهو يستمع لصوتها الرنان أثناء صعوده الدرج فقد قضى ليلته في المستشفى يريد أن ينام وبشدة
وقفت تقى أمامه مباشرًا قائلة بحنق: ممكن أفهم مش بترد على تليفونك ليه؟ من أمبارح وأنا بتصل بيك بس حضرتك منفضلي!! 
مازن بهدوء: أولًا وطي صوتك عندي صداع من قلة النوم
تخصرت قائلة: وثانيًا؟
قال وهو يكمل صعوده: طول ما أنا في الشغل مبردش عليكِ عشان بترغي كتييير
هتفت بأستنكار: أنا رغاية!!
أومأ موافقًا: عيب يا تقى دا أنتِ اللي مخترعة الرغي أساسًا
تقى بغضب: مااااازن
مازن بتحذير: نعااااام
تقى بهدوء: وثالثا
مازن بنفاذ صبر: عايزة أيه يا تقى على الصبح
تقوست شفتاها وكأنها على وشك البكاء: مش عايزة منك حاجة
وأسرعت في النزول ولكن منعها قائلا: شغل العيال ده مبحبوش هتتكلمي زي العاقلين ولا هتكملي في شغل الأطفال ده؟!!! 
تقى بعيون تلمع بالدموع: علفكره أنا مش طفلة
مازن بسخرية: فعلًا بأمارة الدموع اللي في عنيكي دي
تقى بنفي: دي حاجة دخلت في عيني على فكره
مازن بتأكيد: طبعااا أومااال
تقى بغضب: يوووه أنا غلطانة أني كلمتك من الأول
مازن: عندك حق أنتِ اللي غلطانة فعلا ، المهم كنتِ بتتصلي بيا ليه؟!
تقى بحرج: كنت هقولك تجبلي حاجة حلوة وأنت جاي
مازن: أممممم! حاجة حلوة!!! متصله عليا 47مرة عشان أجبلك حاجة حلوة!! تصدقي وتؤمني بالله
تقى: لا أله إلا الله
مازن بغضب: أنا غلطان أنِ واقف أكلم عيلة زيك أمشي يا شاطرة من هنا أمشــي
أزاحها بقرف يتمتم بالأستغفار صاعدًا إلى شقته حيث سريرة المريح 
أما تقى فوقفت تتطلع في ظهره بتعجب هاتفه بحنق: هو زعل ولا أيه؟ فيها أيه يعني لما يجبلي حاجة حلوة!!!
××××××××××
في غرفة لتيـن كانت غارقة في النوم .. لا تدري بما يحدث حولها ، لا ترى ذلك الشخص الذي تسلسل إلى غرفتها ويقف بجوار فراشها يتطلع بها بنظرات مشتعلة ولكن أشتعال من نوع أخر ، أشتعال بالكرة والحقد ، أشتعال بالأنتقام والقتل!!
في غرفة لتيـن كانت غارقة في النوم .. لا تدري بما يحدث حولها ، لا ترى ذلك الشخص الذي تسلسل إلى غرفتها ويقف بجوار فراشها يتطلع بها بنظرات مشتعلة ولكن أشتعال من نوع أخر ، أشتعال بالكرة والحقد ، أشتعال بالأنتقام والقتل!!
أقترب بخطوات بطيئة كالفهد حين ينقض على فريسته
جلس بجوارها على الفراش .. بداخلة حجيم يحترق ، نار لا تخمد أبدًا مهما حاول أطفائها. يريد أن يؤذيها وبشدة! وخصوصًا بعد موقفها الأخير!! فضحته أمام عائلته وأجبرته أن يطلقها!!
بالطبع لم يكن يريد بقائها على ذمته لهيامه بها ولكن يريد أن يذيقها المرار ، أن يقتص لذاته منها ، وأيضا لم يستطيع أن يردها لعصمته وها قد أنتهت فترة العدة وفرصته في رجوعها إليه قد أنتهت ولكن هل سيتركها لحالها؟
لا والله فلن يكون "عمـاد توفيق مهران" أن لم يجعلها تتمنى الموت ولن تناله!! 
بخشونة ولمسات جريئة أمتدت يداه ترسم منحنيتها
أما لتيـن فكانت ترى أحد كوابيسها .. تجري في نفق لا ترى بدايته من نهايته و كلاب متوحشة تجري خلفها تريد أن تمسك بها ولكنها تسرع وتسرع حتى أنكفت على وجهها تأن بوجع وتصرخ بخوف وهي ترى الكلاب تقرب منها أكثر وأكثر حتى كادت أن تنال منها فتفاجئت بمن يتصدى لهم ، يضمها إلى صدره بـ حمائية فـ فرت الكلاب خوفًا منه ، كانت على وشك أن ترى وجه منقذها ولكن تلك اللمسات المزعجة منعتها ، حاولت تجاهلها ولكن كانت تزداد جراءة و وقاحة
أصدرت لتيـن همهمات معترضة لتلك اللمسات ومازالت تجاهد لفتح أعينها تشعر بصداع رهيب يكاد أن يفتت رأسها
أنتبهت حواسها لتلك الرائحة! رائحة تثير نفورها تعلمها جيدًا!!
أنتفضت في غفلة تجلس على الفراش فصدمت بـ وجهه "عمـاد" القريب منها بشدة حتى كادت أن تلمسه 
قالت بـ ذهول: عمـاد!!! أنت أيه اللي جابك هنا؟
عمـاد بلهجة عابثة: وحشتيني فجيت أشوفك وأطمن عليكِ بنفسي
أقترب يتلمس وجهها فـ قفزت من الفراش تنظر له بنفور وكره
قائلة بلهجة ترتعش من البكاء: أطلع بره بدل ما أصوت وأفضحك ، بابا لو شافك هنا مش هيحصلك كويس
أرتفعت ضحكاته الساخرة: وتفتكري أنا دخلت من باب الشقة أزاي؟ وكمان قاعد في أوضة نومك!!
وأكمل بتشفي: أنتِ متعرفيش أن عمي حسان أبوكِ ، أتصل يترجاني ويطلب مني أنِ أسامحك وطلب مني أجي أشوفك بنفسي حتى أخدت منه مفتاح بابالشقة ، وقالي قد أيه أنتِ ندمانه عشان غلطي في حقي وأنك بتتمنى أردك لعصمتي من تاني
صرخت بقهر: كـــدب ، أنا لايمكن أرجعلك لا يمكن لو خيروني بين الموت وبينك هختار الموت بكل صدر رحب
عمـاد بسخرية: آآآه كسرتي قلبي يا لولو
لتيـن بصوت يرتعش من الغضب: أطلع بره دا أخر تحذير ليك وألا هـ أصر
قاطعها بملل: شششش عرفت هتصرخي وتفضحيني بس حتى لو صرختي مين هيسمعك؟ تؤتؤتؤ هو أنتِ متعرفيش أن مفيش في الشقة غيرنا؟ أصل بصراحة عمي حسان أخد عمتي فوزية وراحوا يزوروا زهرة الله يرحمها عقبال متحصليها كده ، ولقتها فرصة أشوفك وأنتِ لوحدك والجو خلي علينا 
أنتفضت نبضات قلبها بزعر عند أدراكها بأنها معه بمفردها!! ترى ما سيفعل بها؟!! ، أتصرخ تطلب النجدة ليساعدها أحد!
وكأنه قرأ أفكارها فقال بفحيح: لو صرختي هتبرري وجودي هنا أزاي؟ في شقتك وأوضة نومك وقاعد على سريرك وأنتِ لوحدك
وأضاف بمكر: وعدتك خلصت!! تفتكري هيفتكرونا بنعمل أيه؟ عندي فضول أعرف ، فممكن تصرخي حابب أشوف خيالهم لما يشتغل هيوصلهم لأيه خلينا نتسلى
التقزز!! شعور باتت تخصه به ، يالله كيف كانت تهيم عشقًا لكائن كهذا!!! لن تخشاه فـ زمن الخوف منه قد أنتهى 
قالت بعيون تلتمع بها الجنون: لأخر مره هقولك أطلع بره صدقني أنا مستعدة أقتلك من غير ذرة ندم ، بحق كل أذى أتعرضت له بسببك وبحق الـ4سنين اللي عشتهم معاك في جحيم ، مستعدة أقتلك وأخلص البشرية من واحد زيك سادي ومريض وجبان خسيس ، أنت مش را
لطمها بقسوة لطمه أطاحت بها فسقطت بعنف وارتطم رأسها بـ الأرض بقوة مما جعلها تتأوه بصوت مختنق 
وجسدها يكاد يتفتت من الألم و الغضب ، لن تتحمل ضربه لها بعد الأن لن تسمح له أبدًا!!
وقفت بشراسه مقاومة شعورها بالدوار وقفت تقاوم وتدافع عن ذاتها
هيئتها بتلك القوة زادت من عضبة ورغبتة المُلحة على أذيتها
رفع كفة يطلمها من جديد ولكنها كانت الأسرع فـ ضربتة بقوة أسفل معدته فسقط على ركبتيه صارخًا بألم
أنتهزت الفرصة وكادت أن تفر هاربة ولكنه كان الأسرع فـقبض على ساقها فسقطت بقسوة وفي ثواني كان يخيم بجسدة فوقها
أخدت لتيـن تدفعه بقوة في محاولة بائسة لأبعادة عنها ولكن كان كالحائط لا يتحرك
أقترب يدفن رأسه في عنقها قائلا بـ أنتشاء رغم وجعه الناتج عن ضربتها: وحشتني لعبتنا مع بعض .. لعبة الفريسة والصياد ، الفريسة اللي كل مره تحاول تهرب من الصياد بس في كل مره بترجع لمكانها الطبيعي .. تحت رجله
صرخت لتيـن بـ أعلى صوتها صرخات تصم الأذان ، صرخات من أعماق روحها ، الذكريات المؤلمة تتدفق بقسوة داخل عقلها لمواقف مشابهه حدثت معها وقت زواجهم!!
أنتبهت لـ يده التي أخذ يمررها على جسدها بجرأة فصرخت مره أخره تطلب النجدة ليأتي أحد من أهلها ينقذها من يديه ولكنه أسرع يكمم فمها يكتم صوتها قائلا بفحيح أرعبها: أستسلمي يا لتيـن مش أول مره بينا ومش هتكون الأخيرة
………………
في ذات الوقت دلف شعـيب بخطوات واثقة قاصدًا شقة جدة مهران يريد التحدث معه وبشكل عاجل ، أرهف لسماع صوت بدأ له صوت صراخ مكتوم!! توقف لحظات ينتظر تردد الصوت مره أخره حتى يتأكد من ظنونه ولكن ما قابله كان الصمت فـ أكمل طريقة لشقة جدة ولكن أنتبهت حواسه لتكرار نفس الصوت ولكن بشكل أعنف أسرع يدق باب جدة وقلبه ينبض بقلق وخوف
فتحت صباح قائلة بـأبتسامة طيبة: شعـيب! تعالى ياحبيبي أدخل
شعـيب بتوتر: أنتوا كويسين!! أيه صوت الصريخ ده؟!
صباح بأستنكار: صريخ أيه؟ أحنا زي الفل الحمدلله ، تلاقي صوت التليفزيون من شقة عم من عمامك ولا حاجة ، أنت عارف البت نورا بتخلي الصوت عالي ولا كأننا في فرح
شعيب بقلق: لا في حاجة غلط 
أسرع يتخطى درجات الدرج بسرعة ، ينوي الأطمئنان على الجميع ولكن مع وصولة لطابق عمته "فوزية" أستمع بوضوع صوت صراخ موجع .. صراخ يعرف صاحبته جيدًا ، صراخ لتيـن!!!!
أخد شعـيب يطرق الباب بضربات متتالية عنيفة وهو على وشك أن يكسره،  بينما الجدة تصرخ وتولول قلقًا ورعبًا على حفيدتها فهي على علم بخروج أبنتها فوزيـة وزوجها لزيارة قبر زهرة 
شعيب بتوتر: لتيـن .. لتيـن أفتحي الباب؟ عمتــي أنت جوة
إلا أنها لم تجبه فـ أعاد الطرق على الباب بضربات أشد قسوة حتى أنكسر فـ دلف بخطوات سريعة يبحث عن لتيـن ولكنه وقف مبهوتًا وهو يرى عماد يخيم بجسدة فوق لتيـن بملابسها الممزقة وجروحها الظاهرة وهي على وشك الأختناق من كف عمـاد الذي يحاول كتم صراخها
أسرع ينتشل عمـاد من فوقها صارخًا بغضب أعمى : أنت بتعمل أيه يا كلـ ـب يا و×××××
أخد شعـيب يسدد له اللكمات والركلات بقسوة شديدة  بينما عمـاد لم يستطيع مجاره شعـيب فسقط على الأرض يهتف برعب: شعـيب أنت فاهم غلط هي هي اللي فتحتلي الباب و وموافقة على اللي بيحصل 
ضرب شعـيب جسد عمـاد بقدمه بعنف عدة ضربات فصرخ الأخير بشدة متألمًا 
شعـيب بـ أحتقار وهو مازال يضربه: قوم يا كلـ ـب قـــوم وريني قوتك ، لو راجل بصحيح قــوم دافع عن نفسك ولا أنت ×××× مبتعملش راجل غير على الستات 
أجتمعت جميع أفراد العائلة في شقة "فوزية" عند سماعهم لصراخ شعـيب وعماد حتى (فوزيـة وحسان) ، الجميع يحدق بذهول وعدم تصديق لما يحدث 
أقتربت فوزيـة وهي تبكي بـ أنهيار تحتضن لتيـن الصامتة بشكل موجع
أما مازن فـ أسرع ينقذ أخاه من مخالب شعيب رغم بغضه بما فعله ولكن للأسف لا يزال أخاه
مازن برجاء: كفاية ياشعيب هيموت في أيدك كفاااية
ولكن شعيب لم يكن واعي لأي شيء وصورة لتيـن ممزقة الملابس تتردد في ذهنه فيشتعل غضبه أكثر فـ أكثر فينهال بالضرب على عمـاد
الجد بصرامة وصوت جهوري: شعـيب 
توقف شعيب يتنفس بعنف يرغب وبشدة معاوده ضرب عمـاد
أنتبه لصوت الجد مهران يخاطب عمه: أبنك زودها أوووي ياتوفيق أخس عليك وعلى تربيتك ، معرفتش تربيه ومعلمتهوش الأصول بدل ما يحمي بنت عمته اللي هي شرفه وعرضه جاي يتهجم عليها جاي يغتصبها في بيتها اللي هو بيتي وسط أهلها وناسها ومش عامل أعتبار لحد
أخفض توفيق رأسه بخزى من أفعال أبنه المشينة ورد: حقك عليا ياحج أنا مش عارف الواد ده جراله أيه من ساعت ماطلقها وهو حاله لا يسر عدو أو حبيب 
عمـاد بصوت ضعيف مجهد: أنا معملتش حاجة غصب عنها كله كان برضاها
جحطت عين شعيب بصدمة من دنائه أبن عمه يعلم بأنه كاذب فـ منظر لتيـن يأكد للأعمى بأن عمـاد كاذب لا محال
أقترب حسان من لتيـن ينهال عليها بالضربات القاسية في أنحاء جسدها ، كانت لتيـن تتأوه وتصرخ ، تصرخ كرامتها المهدورة وكبريائها المبتور
ألتمعت عين عمـاد ونورا بالتشفي كم يسعدوا لرؤيتها مُهانه هكذا أتسعت أبتسامه عماد وهو يستمع لكلام حسان: فضحتيني يابنت الكلـ ـب جيباه البيت وأنتِ لوحدك يا××××× فضحتيني يا×××××
بصعوبة بالغه أستطاعوا تخليص لتيـن من بين يداه 
الجد بغضب: حســاااان أنت نسيت نفسك ولا أيه متمديش أيدك عليها أنت فاهم
حسان بغضب مماثل: يعني ياحج مش شايف بنت الكلـ ـب وعمايلها الـ×××××
الجد: أخرس قطع لسانك ولسان أي حد يمس حفيدتي بكلمة
حسان بحدة: دي بنتِ ومن حقي أ
قاطعه الجد بصرامه: لما تعرف تبقى أب الأول أبقى تعالى كلمني عن حقوقك تك كسر حُقك
عمـاد بصوت نادم مزيف: أنا أسف يا جدي أنا مستعد أرجع لتيـن على ذمتي من تاني ونصلح الغلط اللي أنا وهي عملناه
ألتمعت عين حسان بالسعادة فهو من البداية يريد أن تعود لتيـن لـ عمـاد بأي شكل من الأشكل
أما الجد فـ أقترب من عمـاد بهدوء مريب ثم لطمه على وجهه بقسوة 
بينما لتيـن كانت في عالم موازي وعقلها يردد جملة واحدة (مستعد أرجع لتيـن على ذمتي) يرددها عقلها مرارًا وتكرارًا ، هل ستعود لهلاكها من جديد!!!! 
صرخت بهستيريا أفزعت الجميع ، لم تكن طبيعية على الأطلاق
ووسط نظراتهم الذاهلة أسرعت تجاه شرفتها تقف على حفاتها تنوي القفز وأنهاء حياتها 
كانت لتيـن في عالم موازي وعقلها يردد جملة واحدة (مستعد أرجع لتيـن على ذمتي) يرددها مرارًا وتكرارًا ، هل ستعود لهلاكها من جديد!!!! 
صرخت بهستيريا أفزعت الجميع ، لم تكن طبيعية على الأطلاق
ووسط نظراتهم الذاهلة أسرعت تجاه شرفتها تقف على حفاتها تنوي القفز وأنهاء حياتها 
صرخت فوزيـة بقهر وهي تبكي بحرقة: لتيـن أنزلي يا بنتي أنزلي يا لتيـن متحرقيش قلبي عليكِ
هزت رأسها بأعتراض تصيح بجنون: مش هرجعله سامعيـــن مش هرجعله أنتوا مش فاهمين حاجة مش عارفين أنا شوفت معاه أيه والله الموت عندي أهون من العيشه معاه
حسان بغضب: أنزلي حالًا يا لتيـن الشويتين اللي بتعمليهم دول ملهومش لزمه
جحظت عينا لتيـن بـ ذهول و فغرت فمها غير مصدقة قسوة والدها
بينما هدر شعـيب بصوت أرعب الجميع موجهًا حديثة لـ حسان: أسكت أنت خاااالص وألا والله العظيم هنسى أسمك وسنك وأرد عليك الرد اللي تستحقه
صمت حسان شاعرًا بالأهانة بينما أقترب شعـيب بهدوء يقول لـ لتيـن بثقة: فوقي يا لتيـن فوقي وبلاش تعملي اللي بتفكري فيه
صرخت بجنون: متقربش متقربش
شعيب: حاضر مش هقرب بس أهدي صدقيني مفيش حد هيجبرك على حاجة أنا هـأحميكي
ردت ببكاء عنيف: كداب كلكم كدابين
شعـيب بثقة وصدق وهو يقترب منها بخطوات صغيرة متمهلة: ورحمة زهرة محدش هيجبرك على حاجة ثقي فيا هأحميكي منهم هاتي أيدك
رفع زراعه تجاهها قائلا بتشجيع: أمسكي أيدك يا لتيـن أمسكيها ولو هو خسرك دنيتك متسمحيش ليه يكون السبب في خسارة أخرتك أنتِ متستحقيش الموته دي يا لتيـن توكلي على الله وأمسكي أيدي صدقني مش هخذلك أوعدك
تطلعت نورا بحقد تجاه لتيـن تهمس بغل: أمتى المسرحية الخايبة دي تخلص والبومة دي تقع وتموت وتخلصنا منها و تحصل أختها خلينا نخلص من قرفهم بقى
كانت لتيـن متردده أتتمسك بالحياة وتثق بوعده أم تنهي حياتها وتتخلص من مشاكلها
جاء صوت شعيب الواثق: ربك يمهل ولا يهمل يا لتيـن أمسكي أيدي وتوكلي على الحي الذي لا يغفل ولا ينام
كلاماته مطمئن تبعث السكينة في النفس بتردد واضح مدت يديها تمسك زراعه ولكن خانتها قدمها فـ أنزلقت خارج الشرفة وسط نظراتهم الذاهلة
شعـيب بصراخ: لتيــــن
أسرع يتمسك بها يمنعها من السقوط نظرت له ذاهلة لترى أصابعه تعانق أصابعها بقوة وحزم , ثم جذبها إليه برفق وحذر حتى وقفت فوق أرض الغرفة 
أول من أقترب منها كان الجد مهران يغمرها بين أحضانه يتمتم بالحمد والشكر لله فأنفجرت لتيـن باكية بكاء يمزق نياط القلب 
الجد بحنان وصوت متحشرج: كفاية بكى كفاية ، يابت خليكِ ناشفة زي جدك
نورا بـ حقد: هو الدلع المرق ده هيخلص أمتى؟ بصراحة مكنش ليه لزمه العرض ده كله وبعدين مش تحمدي ربنا أن أخويا عايز يستر عليكِ ولا هو الحرام حلو!! مش كفاية صابر عليكِ وأنتِ زي الأرض البور كده
أنسابت دموع لتيـن بآلم ولم يكن لديها طاقة لترد عليها بينما صرخت صباح: بت يانورااا لمي نفسك ولا عايزة علقه زي بتوع زمان
أردفت نورا بتوتر وهي ترى الجميع ينظر لها بغضب: أنا مقصدش أنا بس خايفة عليها أصل مين هيرضى بيها وهي لمؤاخدة يعني مبتخلفش
الجد مهران بثقة: ومين قالك أن محدش هيرضى بـ ست البنات كلهم ، السؤال الصح هي هترضى بمين؟!! يمكن اللي متعرفهوش أن أتقدم لـ لتيـن يجي أربع عرسان من بعد ما عدتها أنتهت ومن بين العرسان دول "شعـيب" حفيدي ودراعي اليمين طلب أيد لتيـن مني وأنا بصراحة وافقت ومنتظرين رأي العروسة مش أكتر ، ولو وافقت يبقى على بركة الله
جحطت عين شعـيب بصدمة وذهول هل ما سمعته أذناه صحيح أم هي مجرد أوهام!!!! 
ولكن علامات الذهول المترسمة بوضوح على ملامح الجميع أكدت له أن ما سمعه صحيح بالفعل!!
هدر عمـاد صارخًا بغضب وحقد: دا على جثتي سامع على جثتي لتيـن ليا ، سواء طلقتها أو حتى مت وأكمل بسخرية: ألا لو حفيدك حابب يلم البواقي بتاعتي
تجاهل "شعـيب" عمـاد تمامًا وأردف بهدوء خطير: جدي لو سمحت عايز أكلم حضرتك في كلمتين ولوحدنا
هدر عمـاد بجنون من تجاهل الجميع له وخاصة شعـيب: حد يرد عليا رد يا شعـيب باشا! حابب تلم البواقي بتاعتي؟ وأكمل بوقاحة:بس صدقني هي مش هتعجبك ، دي فاشلة في كل حاجة وعمرها ما هتبسطك
أنتفضت فوزيـة من جلستها تقترب من عمـاد وهي تحمل حذائها بين يديها وتنهال به بالضرب على عماد تهتف بقلب أم يحترق على أبنتها : أخرس يا كلـ ب يا××××× نسيت نفسك ياوقح دا أنت بوست أيدينا علشان نوافق نجوزهالك نسيت ولا أيه يا قليل الرباية أنت ، عماله أصبر نفسي وأصبر بنتي وأقول يابت أبن أخوكي معلش أستحملي بس خلاص الكيل طفح منك ومن قرفك أتفووو عليك وعلى معدنك الواطي فاكر بالضرب والأهانة هتبقى راجل دا أنت كلـ ـب ولا تسوى
أبتسم مـازن بتشفي ولم يقترب للدفاع عن شقيقة، سعيد بما يحدث له فهذا أقل مما يستحقه 
أما توفيق أقترب يخلص أبنه من فوزيـة يهدر بغضب: غور من هنا عرتني منك لله يلا غور من هنا في ستين داهية
نظر لهم عمـاد بغل وحقد ثم ترك الغرفة وذهب وهو يلعنهم جميعًا ويلعن الساعة التي ولد فيها
أنفجرت فوزيـة في نوبة بكاء عنيفة فـ ضمها توفيق يتمتم بـالأعتذار عن أفعال أبنه
كرر شعـيب بنفاذ صبر: بعد أذنك يا جدي عايز أتكلم معاك حالًا
×××××××××××××
في مكان أخر في مكتب فاخر قال رجلًا ما بصوت غليظ للشخص الجالس أمامه: شعـيب أكل السوق وقفل الطريق علينا خالص ، كل تجار الآلماس بتتعامل معاه لوحده تقريبًا ، حتى العملاء اللي بيشروا مننا من قديم الأزل سابوا محلتنا وكل فروعنا وبقوا زباين دائمين عنده لازم نشوفه صرفه عشان نخلص منه
رد الأخر بتفكير: نخلص منه أزاي بس هو من وقت ما فتح الفرع الجديد اللي في الحي اللي أحنا فاتحين فيه خطف عيون الزباين وخصوصًا أن كل الصاغة اللي عنده كلها شغل أيده تصميمه يعني ومفيش منها في السوق إلا عنده ماهو عقبال عندك المصنع بتاعه شغال على ودنه مش ملاحق دهب وآلماس حتى يا أخي الفضة مش عتقها
أردف الأول بغضب: وديني لأقطع رجله من سوق الصاغة خالص لازم أمخمخله في مهموز يجيبه الأرض
××××××××××××
"في غرفة الصالون"
هدر شعـيب بهدوء مصطنع: ممكن أفهم معنى الكلام اللي حضرتك قولته بره ده؟
الجد بتريث: اللي أنت فهمته ياشعيب أنا عايزك تتجوز لتيـن 
أنتفض "شعيب" كـمن لدغته أفعى صارخاً بغضب حارق
_الكلام ده مستحيل يحصل ولو هي أخر واحدة في الدنيا أنا لا يمكن أتجوزها سامع ياجدي ، لا يمكن أتجوزها
قال الجد بهدوء يحاول أن يمتص غضب حفيده: بس يا شعيب دي بنت عمتك تهون عليك تسيبها في الظروف اللي هي فيها دي؟! عمـاد مش هيرحمها وأنت شايف بيعاملها أزاي وهي وسطينا تخيل وهي معاه لوحدهم بيعمل فيها أيه 
قاطعة "شعـيب" بلهجة حاسمة بها لمحه من السخرية: والله محدش ضرب حفيدتك على أيديها ، كل اللي حصلها كان برضاها وبموافقتها ، عمـاد هي اللي أختارته وهي اللي أصرت تتجوزه ودي كانت رغبة حضرتك ، أنا وحفيدتك بينا ميت سد لا يمكن طريق يجمعنا وخصوصاً بعد اللي حصل زمان 
وأكمل بآلم:دا غير أنها أخت مراتي ، زهرة ياجدي ، فاكر زهرة؟ اللي فات على موتها كام شهر مش أكتر وحتى لو نسينا أنها أخت مراتي هقول لـ عائشة وملك أيه؟ هفهمهم أزاي كفاية عليهم صدمة موت أمهم اللي بيعانوا منها ، أنا هعيش لـ بناتي وبس ياجدي،  لا هتجوز لتيـن ولا غيرها 
شعر مهران بـ ألم حاد يعتصر قلبه والأرض تميد به وكأنه على وشك فقدان الوعي!
أقترب "شعـيب" بخوف يساعده على الأتزان ولكن كانت تلك الغيمة السوداء قد أبتلعت الجد "مهـران" في بحور ألا وعي 
صرخ شعـيب بجزع يتطلب الأسعاف وسط صرخات عائلة "مهران" التي أجتمعت أثر صرخة "شعيب"
مازن بهمس خائف: تقريبًا دي جلطة!!
وفي تلك الزاوية كانت ترى ما يحدث لجدها ولكن شعور بداجلها منعها من التأثر وكأن أحساسها قد تبلد!! وكأن ذالك الشخص لا يعنيها!!
أقتربت منها تلك التى تسمى أبنه خالها "نورا"
قائلة بحقد: كل اللي بيحصل ده بسببك أنتِ ، جدي لو حصله حاجة أنا هـقتلك يا لتيـن فاهمة يعني أيه هـقتلك 
نظرت لها "لتيـن" بلا مبالاه حقا لا تهتم!! حسناً الموت ليس بذلك السوء الذي تعتقده نورا بل هو أمنية تحلم بها .. أن تتخلص من تلك العائلة وتلك الندوب التي شوهت روحها! الموت راحة وراحتها بعيدة المنال .. ليت نورا تقتلها حقا ياليت!!
××××××××××××
"في المستشفى"
هتف سـالم بقلق: طمنى يادكتور والدي عامل أيه
الدكتور بعملية: للأسف أتعرض لذبحة صدرية وكان على وشك الأصابة بجلطة في القلب
صباح بصراخ: مهران
أقترب تقى تهتف ببكاء: أهدي ياتيتا الحمدلله ربنا ستر
الدكتور: أنصحكم متعرضوش المريض لأي ضغط عصبي حالته الصحية ماتسمحلوش بأي أجهاد سواء نفسي أو جسدي 
أقترب مـازن من شعـيب الواجم الملامح يهتف بهدوء: أطمن هو كويس متقلقش
شعـيب: متأكد!
مـازن بمزاح: أنت بتشكك في قدراتي؟ دا حتى عيب في حق السبع سنين اللي أتنفخت فيهم في الكلية
لم يبتسم شعـيب وأيضًا لم يرد ، كان عقله مشوشًا مضطرب .. يخاف على جده ورافض لقراره ، يحتاج لـ زهرة الآن وبشدة!! 
لم ولن ينساها ، مازال عطرها يداعب أنفه للأن ، يشتاق إليها ويشتاق لحنانها ، ياالله أحيانًا ينسى أو يتناسى موتها!! ينادي بأسمها! فبعد ماكان يستيقظ على صوتها الخلاب بقى المنبه بصوته المزعج!! بعد أن كان ينعم بدفئ أحضانها أصبح وحيد في فراشهم البارد!! 
أنتبه لصوت الممرضة تستدعاه لرؤية الجد بناءًا على طلبه
بوجه خالي من المشاعر أقترب من فراش الجد يقبله يده بـ أحترام: ألف سلامة عليك يا جدي
الجد مهران بصوت خافت مجهد: حققلي أمنيتي الأخيرة يابن سـالم
شعـيب بتأثر: ربنا يديك طوله العمر ياجدي 
مهران بآلم: أنا عارف أنك منستش اللي حصل زمان بس صدقني يابني أنا كنت عايز راحتكم كلكم أنتوا ثروتي الحقيقة ياشعيب سيبك من المال والمناصب ، ضفر بنت من بناتك أغلى عندي من كنوز الدنيا
شعيب: ربنا يخليك لينا ياجدي بس عشان خاطري بلاش اللي أنت عايزه ده ، أنا عمري مارفضت لحضرتك كلمة مش خوف منك لا حب وأحترام وتقدير لمكانتك عندي فـ متجيش عليا ياجدي ، وبعدين أفرض لتيـن رفضت أكيد مش هنجبرها على الجواز
الجد بصوت لاهث: وافق أنت بس عشان لو مت أبقى راضي عنك أما لتيـن فهي زي الغريق اللي هيتعلق في أشايه ، حاسس أني هموت ومش هلحق أحميها ولا هطمن عليها غير معاك وزي ما أنت شايف أبوها وجودة زي عدمه وهيسبها لـ عمـاد يعمل فيها مابداله وافق ياشعيب وافق خليني أموت وأنا مرتاح 
شعيب بخفوت: لله الامر من قبل ومن بعد
الجد بـراحه: بدام قولت كده يبقى وافقت ومخذلتنيش روح هات المأذون وأبعتلي لتيـن
شعـيب بصدمة: مأذون!!! دلوقتي!! وهنا في المستشفى!!!
الجد: خير البر عاجله يلا بسرعه محدش ضامن عمره
تطلع شعـيب لسعاده جده الواضحة وأرتخاء عضلات وجهه بأسترخاء ياالله ماهذا الأختبار!! 
وقف بثقل في روحه لا بجسده يخرج من الغرفة تحاصرة نظرات الجميع الفضولية والمتسائلة فـ تطلع لـ لتيـن يهتف بخشونه: جدي طالبك ثم وجهه حدثيه لواقفين: أنا هروح أجيب المأذون وجاي
شهقه مصدومة صدرت من "حنان" ونورا
أما توفيق وزوجته أرتسمت ملامح الحزن الشديد فاليوم خسر أبنهم جوهرة لم يستطيع الحفاظ عليها ، أما مـازن وتقى فـ أبتسموا براحة فمن ناحية تقى فهي تحب لتيـن وتعلم كم هي طيبه القلب وبالتأكيد ستسعد أخاها ، أما مـازن فهو على يقين أن أخاه لا يستحق لتيـن وزواجهم من البداية كان خطئ فادح!!
تخطى شعـيب الجميع يهرول خارج المستشفى بخطوات غاضبة بداخله حُمَم بُركانيَّة من الغضب لو أنفجرت لـ أحرقت الأخضر بـ اليابس 
أنتبه لصياح والدته التي تهرول من خلفه فوقف يتنفس بعمق يحاول السيطرة على أعصابه التي توشك على الأنفلات فيفعل ويقول ما لا يحمد عقابه: نعم يا أمي بتنادي عليا ليه
حنـان بذهول: أنت فعلًا رايح تجيب المأذون؟ هتتجوز لتيـن يا شعـيب؟ هتتجوز لتيـن؟!!!!!
هتف بهدوء: أيوه يا أمي هتجوزها
أردفت حنـان بغضب: أنت أكيد أتجننت ملقتش إلا دي وتتجوزها ، يابني ياحبيبي صحيح لتيـن كويسة وبنت حلال وأنا بحبها والله بس متنفعكش ياشعيب دي مش بتخلف يابني لو على الجواز أتجوز نورا أهي حتى تقدر تجبلك الولد اللي يشيلك أسمك
ألتمعت أعين نورا التي تراقب من أحدى الزوايا الحديث الدائر بين الأم وأبنها تلهفت لسماع رد شعيب ربما يوافق؟ وتصبح زوجته!!
ولكن أحلامها تلاشت وتبخرت لدى سماعها رده الغاضب
شعـيب بغضب مكتوم: بالله عليكِ يا أمي أيه اللي أنتِ بتقوليه ده؟!!! أنا في أيه وحضرتك في أيه؟ حضرتك مش شايفة الوضع اللي أنا فيه مش شيفاني خااالص!!! واقف مش عارف أرضي مين ولا مين؟ أرضي جدي المريض اللي أي ضغط عليه ياعالم هيحصله أيه؟ ولا أتخلى عن بنت عمتي اللي كانت هتموت نفسها وطليقها كان هيغتصبها!!! اللي هو بالصدفة أبن عمتي! أفكر في بناتي اللي في اللحظة دي بفكر هـمهدلهم الموضوع أزاي؟ ولا أرضي حضرتك وأتجوز نورا!!!! نورا مين وزفت أيه دلوقتي
صمت يتنفس بعمق عده مرات ثم هدر بهدوء: أسف لو كنت أنفعلت عليكِ بس أنا مضطر أمشي عشان ألحق ألاقي مأذون في الوقت ده بعد أذنك 
×××××××××××××
في غرفة الجد 
أقتربت لتيـن بخطوات متعثرة نبضات قلبها تنبض بجنون 
تكلم مهران بخفوت: تعالي أقعدي جانبي يا غالية يا بنت الغالية
جلست جوارة بصمت فتلمس بحنان خصلاتها ثم أردف: تعرفي أنك أكتر واحدة في أحفادي بحبها وغالية عندي؟
تطلعت بعيون يغشاها الدموع تتمتم بتحشرج: بجد
الجد بتأكيد: طبعًا بجد رغم أن جالي أحفاد قبلك وبعدك بس فضلتي في حته لوحدك جوه قلبي محدش قرب منها. أنا يمكن مش عارف عمـاد عمل فيكِ أيه طول السنين اللي فاتت بس اللي شوفته منه في الكام شهر اللي فاتوا كشف لينا كلنا شخص تاني أحنا منعرفوش وافقي على جوازك من شعـيب يا لتيـن هو الوحيد اللي قادر يداوي جرحك ويرمم روحك من جديد
أردفت ببكاء: بس هو جوز زهرة ياجدي. أختي
أبتلع غصة مسننه قائلًا بتأثر: بس زهرة ماتت و وبناتها محتاجينك وشعيب مهما يعمل ليهم عمروا ماهيقدر لوحده يعوضهم غياب أمهم زي ماهو محتاجينك أنتِ كمان محتجاهم
أردفت بخفوت: بس. بس أنا بخاف منه و مش عايزة أكرر تجربة الجواز من تاني أفرض طلع زي عمـاد
هتف الجد بثقة: مستحيل. شعـيب مفيش زيه ولا يمكن يشبه عمـاد بأي شكل من الأشكال ، هو الوحيد اللي هيقدر يحميكِ ، ثقي في جدك وحكمه يا لتيـن وأنا دائما هفضل جانبك وفي ظهرك 
××××××××××
بارك الله لكم وبارك عليكما وجمع بينكم في خير
أفاقت من شرودها على هذهِ الجمله ، أصبحت زوجة لـ رجلًا لم تتمناه يومًا، رجلًا كان زوج شقيقتها ، رجلًا تخشاه ولكنه طوق النجاة!!!
أنتهى المأذون من عقد قران شعـيب سـالم مهران من أبنه عمته لتيـن حسـان نور الدين
أقتربت فوزيـة تحتضن لتيـن وهي تبكِ بسعادة هاتفه بهمس أستمعته لتيـن جيدًا: ربنا عوضك خير يابنتي شعـيب راجل من ضهر راجل هو اللي هـ يسندك في الدنيا دي ، ألف مبروك ياضنايا ألف مبروك
طبعت بحنان عده قُبلات على وجنتيها ثم أبتعدت تقف بجانب حسـان واجم الملامح تتمتم بالحمد والشكر لله
كان شعـيب مشتت تائهًا في دوامة مشاعره ، حرب طاحنة تدور بـ داخله يريد أن يبتعد عن الجميع يريد أن يختلي بـذاته ، أن يعيد ترتيب حسابته ومخططاته التي أنهارت جزاء ماحدث يريد وبشدة الذهاب للصاله الرياضية يمارس أحد الرياضات العنيفة لربما خرجت تلك المشاعر السلبية التي تسيطر عليه في هذه اللحظة 
أنتبه لوالده الذي يربت على صدره قائلا بـ مؤازرة: عملت الصح يابني عارف أن اللي حصل زمان لسه واجعك بس دا الأحسن للكل
أومأ برأسه موافقًا ولم يرد ، الجميع يفكر بنفسه ، الجميع غافل عنه!!
×××××××××××××
أما خارج الغرفة كانت نورا تسير بغضب حارق تهاتف عماد مرارًا و تكرارًا ولكنه لا يجيب
هتفت بهمس حاقد وهي على وشك الجنون: أتجوزته!! بعد كل اللي عملته فيها أتجوزته!! لييييه؟ لييييه ديما الحظ واقف معاها!!! ليه تتجوز بدل المرة اتنين وكل جوازة احسن من التانية!! ليه هي تتجوز الراجل الوحيد اللي أتمنيته وقبلها أختها ليه مصممين يسرقوه مني ليييييه
صمتت قليلًا ثم أردفت بوعيد: بس والله العظيم يا لتيـن لـ أعيشك في جحيم ، أنك تحرميني من الأنسان الوحيد اللي أتمنيته ليه عقاب عظيم ، عقاب هتدفعيه في كل يوم من أيام حياتك
أنتبهت لرنين هاتفها فـ أجابت بغضب: توك لما أفتكرت ترد عليا يا بيه
أتاها رد عمـاد الحانق: عايزة أيه يانورا نزله زن عليا كده ليه
ردت بسخرية: لا أبدًا كنت عايزة أبلغك أن شعيب و لتيـن أتجوزوا ألف مبروك ياباشا
عماد بذهول: نعــــــم!!!!
نورا بغضب: زي ما سمعت يابيه جدك تعب ونقلناه للمستشفى وهناك أصر أنهم يتجوزوا وحصل ، كتبوا الكتاب ومقدرتش أعمل حاجة ولأنك غبي مردتش عليا راحت فرصة أننا نبوظ الجوازة من قبل ماتحصل
هدر عمـاد صارخًا: ياولاد الـ×××× وديني لقتلهم هما الأتنين
هتفت نورا بقسوة: أخرس ياغبي الحمقة الكدابة بتاعتك دي مش هتاكل معايا ، أنا لازم أقابلك فورًا و أوعدك طلاقهم هيتم أسرع مما تتخيل
×××××××××××××××
"في المساء"
أصر الجد على عودته للمنزل ولم يتقبل بقائه في المستشفى ورغم أعتراض الجميع إلا أنهم لم يستطيعوا منعه
بمرور الوقت وصلت عائلة مهران إلى البرج الخاص بهم وبعد أن أطمئنوا على الجد أنسحبوا جميعًا ، ولم يبقى مع الجد سوى زوجتة صباح وشعيب وزوجته .. لتيـن!!
مهران بتعب: يلا يا شعـيب خد مراتك وأطلعوا شقتك أكيد قلقان على بناتك
أردف شعـيب بثبات وصوت صارم: لتيـن مش هتدخل شقة زهرة ياجدي والأول لازم أفهم بناتي على وضع لتيـن الجديد
مهران بـ أستنكار: أفهم أيه من كلامك؟ مراتك هتسبها تبات فين ياشعيب
تدخلت لتيـن تقول بهدوء: مفيش مشكلة ياجدي أنا هبات في شقة بابا وأكيد حضرتك عارف أن جوازي أنا و شعـيب مش طبيعي و
صرخ الجد بأنفعال: الكلام الماسخ ده مش عايز اسمعه وانت يابيه خد مراتك وأطلع شقتك بلا وجع دماغ جبتولي المرض
لهث الجد بتعب فـ أبتلع شعـيب غضبه بصمت وأشار لـ لتيـن كي تتبعه
بعد أنسحاب شعـيب و لتيـن ، أنفجرت صباح ضاحكة لينظر لها الجد بغضب فهتفت بمرح: لا يامهران صدقتك!! ياراجل دا أحنا دفنينوا سوا
مهران بـذهو: بس أيه رأيك؟ ولا أجدعها ممثل فيكِ يامصر
صباح: بالك لو مكنتش متفق معايا على الخطة دي من قبل عمله عمـاد السوده كنت صدقتك وقلبي وقف وراك دماغك دي ألماظ ياحج ألماظ
مهران: دي كانت الطريقة الوحيدة اللي أخلي شعـيب يوافق بيها على جوازة من لتيـن أنا عارف لو كانت السما أطربقت على الأرض مكنش هيوافق وجيه عمـاد بغباءه سهل عليا موافقة لتيـن ومن حسن حظي أن الواد مـازن دكتور وساعدني أننا نقنع الدكتور و وافق يقول أن جالي جلطة 
وأكمل بحزن: كانت غلطة كبيرة لما وافقت أن لتيـن تتجوز من عمـاد وهي بنت 19سنة وأنهم يعيشوا بعيد عن عنيا ، كان لازم أمنعها يمكن مكنتش أتبهدلت البهدله دي كلها
صباح: المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين ياحج والنصيب غلاب ، كله بأمر الله وكان مكتوبلها تعيش اللي عاشته 
تنهد قائلًا: ونعمة بالله
صباح بحزن: بس أنا خايفه على شعـيب جينا عليه أوي يامهران وهو فيه اللي مكفيه من ناحية موت ضي عيوني زهرة هي واللي في باطنها ومن ناحيه بناته وغير الشغل اللي فوق كتافه أحنا غصبناه غصب كده عشان يتجوزها ولولا حبه ليك كان عمره ما عملها
همس مهران بخفوت: ومين عارف مش يمكن ده المقدر والمكتوب!!! 
×××××××××
دلف شعـيب إلى شقته وخلفه لتيـن بقلب ينبض بجنون
شعـيب بهدوء: هدخل أطمن على البنات ممكن تستريحي في أي مكان على ما أرجعلك
أومأت موافقة فـأسرع شعـيب يبحث عن بناته بلهفه فلم يراهم منذ الصباح أبتسم بحنان يتدفق داخل أوردته كلما رأهم كانوا نائمين يحتضنان بعضهم البعض أقترب يدثرهم بالغطاء جيدًا قائلًا بهمس: كويس أنكم نايمين معنديش طاقة أوجهكم بيها
أبتسم بسخرية يتمتم: حاسس وكأني طفل صغير غلطت غلطة كبيرة ومنتظر العقاب من أهلي 
تنهد بعمق قائلًا: ربنا يلهمني الصبر عشان هو قرب ينفذ من عندي ويا خوفي لو نفذ!! هيبقى طوفان وهيغرق الكل!!
أنسحب من غرفة البنات يخرج منها ليقابل لتيـن التي تجلس في الصالون مطرقة الرأس
أقترب يجلس على المقعد المجاور لها قائلًا بصرامة: في كام نقطة عايز أوضحهملك وكام نقطة لازم نتفق عليها ، أنتِ أكيد فهمتي أني مطلبتش أيدك زي ما جدي قال أنتِ بالنسبالي أخت زهرة وبنت عمتي وبس غير كده لا ، والأكيد أنِ عمري ما هتخلى عنك وأسيبك لوحدك بس جدي شاف أن بجوازنا هعرف أحميكي بشكل أفضل 
ثم تابع بتأكيد: جوازنا هيفضل على الورق وبس ولفترة معينة وفي الوقت اللي تشوفيه مناسب ليكِ هننفصل ولا كأننا أرتبطنا من الأساس وأن كان على اللي حصل زمان فـ أنسيه زي ما أنا نسيته (وأكمل بغضب) أما عمـاد فمش عايزك تخافي منه أو تعمليلوا أعتبار من الأساس أنا هعرف أتصرف معاه بالطريقة اللي تليق بيه .. في حاجة تانية حابه تضفيها؟
أومأت موافقه بأختناق دون أن تصدر صوت تحاول ألا تنفجر باكية
فأنتفض شعـيب من جلسته وهو يقول بغضب: ممكن أعرف أنتِ مبترديش ليه؟ أعتقد أن ليكِ لسان وممكن تردي عليا بيه ولا هنقضيها في نظام الخرس دا كتير أن كنتِ مجبورة قراط فـأنا مجبور 24قراط
تكورت لتيـن في جلستها برعب تنساب دموعها على وجنتيها بأنهيار
شعر شعـيب بتوقف نبضات قلبه وهو يراها بهذا الشكل!!! كيف وصلت مشاغبة العائلة إلى تلك الفتاه التي يراها الأن!!! 
تمتم بأعتذار: لتيـن أنا أسف مش قصدي أتعصب عليكِ اليوم كان طويل ومجهد وأعصابي فلتت أعذريني
أجابت بتحشرج: أنا اللي أسفه أنِ حطيتك في موقف زي ده بس صدقني غصب عني
أومأ متفهمًا ثم توجه إلى باب الشقة ينوي الخروج
فقالت لتيـن بـ أستغراب: أنت رايح فين؟
أجاب دون أن يستدير لها: رايح أشوف زهرة .. وحشتني!!
ثم أندفع خارج الشقة بخطوات واسعة شبه راكضة وكأن شياطين تلاحقة أما لتيـن فبسطت جسدها فوق الأريكة التي تجلس عليها تفكر بما يقصد شعـيب حين قال أن تنسى ماحدث بالماضي؟!! 
ثم راحت في ثبات عميق تهرب من واقعها الآليم
××××××××××××××
_شوفتي بنتك وعميلها السودة لتاني مره بتتجوز من غير ما ترجعلي ولا كأن عندها أب وكل دا بسسب أبوكِ هو اللي مفرعن بنت الكلـ ـب دي عليا
هدر حسان بتلك الكلمات وهو في نوبه غضب حادة
فوزيـة بهدوء: ملهوش داعي اللي بتعمله ده يا حسـان وأبويا اللي مش عاجبك ستر البت بعد ما الكلب عمـاد رماها (وأكملت بقهر) أنت يا راجل ما شوفتش بنتك كانت عاملة أزاي؟ وأبن الـ×××× عمـاد عامل فيها أيه؟ بنتك كانت هتموت نفسها قصادنا كلنا ولولا شعـيب الله يباركله في بناته كانت راحت مننا
هدر حسـان صارخًا: تغور في 60داهية ، من هنا ورايح مش عايز البت دي تعتب باب شقتي ولا عايز أسمع حتى أسمها معنديش بنت أسمها لتيـن بناتي ماتوا الأتنين ماتوا خلاص
بكت فوزيـة بحسرة على حالها ألا يكفي ما تعانيه بسبب فراق زهرة؟ ويعلم الله ما أصعب فراقها أتتخلى عن لتيـن؟ والله لن تفعل ستكون بجوارها دائمًا وأبدًا حتى لو أنفصلت عن حسـان!!!
××××××××××××××
سـالم بهدوء: ممكن أعرف أنتِ معترضة على أيه يا حنان
طالعته حنان بذهول ثم هتفت بجنون: سـالم متجننيش! أبننا أتجوز لتيـن عارف يعني أيه أتجوز لتيـن؟
سـالم بنفس الهدوء الذي يثير جنونها: طبعًا فاهم ، أتجوزها على سُنة الله ورسوله زي ما أنا أتجوزتك ياحبيبتي
ضحكت تقى بخفوت وهي ترى أحمرار وجهه والدتها من الغضب
حنـان بغيظ: تقى!!!! والله العظيم لو ما دخلتي أوضتك حالًا لـ هطلع اللي فيا على جتتك
أرتفعت ضحكات تقى تبعها سـالم فخلعت حنان خُفها وبمهارة الأم المصرية قذفته بوجهه تقى التي تأوهت بوجع
تقى بألم: نشلت يا نصه!!!
هدرت الأخرى بصراخ: على أوضتك يا تقى
هرولت تقى إلى غرفتها ثم أمسكت هاتفها تراسل شخص ما!!! 
أما سـالم فأقترب من زوجته يضمها داخل صدره قائلًا بتفهم: عارف أنتِ خايفة من أيه وعارف أنتِ ليه معترضة بس قدر الله وما شاء فعل ومفيش حاجة نعملها إلا أننا ندعلهم ربنا يولف قلوبهم على بعض ، مش عايزك تقسي على لتيـن ياحنان أنتِ شوفتي بعينك هي واصلة لحاله نفسية عامله أزاي
حنـان بحزن: شعـيب مش هيستحمل يا سـالم
سـالم بتأكيد: أبنِ راجل وهيستحمل بس أنتٍ قولي يارب
هتفت بتضرع: يارب
××××××××××××
~ في المدافن ~
وقف شعيب بجوار مدفن زهرة شاعرًا بغصة تحرق قلبه يتنفس بعمق يحاول ألا يخر باكيًا يشعر بالذنب!! بعدم وفـاءه لها!! وكأنه خانها!!
تمتم شعـيب بصوت معذب: وحشتيني يازهرة وحشتيني أكتر مما تتخيلي!! وجودك في حياتي كان منعني من ذكريات نستها بوجودك بس مع غيابك غرقت في الذكريات دي بس مش بأرادتي!! والله العظيم مش بأرادتي وطلعت طول العمر اللي فات بتناسى مش ناسي!! 
صمت يبتلع غصة مسننه ثم أردف بوجع لم يمحيه الزمن: منستش حبها! لما شوفتها وهي هترمي نفسها من الشباك قلبِ أتخلع من جوه صدري ، منستش لتيـن يا زهرة وطلعت طول العمر اللي فات بخدع نفسي! أنا أسف يازهرة أسف عشان أتجوزتها بس يشهد ربنا أني ما سعيت عشان أرتبط بيها يشهد ربنا أنِ كنت عايز أعيش لبناتنا وبس والله العظيم يازهرة كنت هعيش لهم وبس 
صمت يتنهد بصوت عالي متحشرج ثم تابع بخزى: أسف عشان في جزء صغير وبعيد جوة قلبِي فرحان أن أسمها أرتبط بأسمي أنا أسف ، أسف يا أعظم زوجة وأحن أم ، أسف
أنسحب يعود إلى سيارته ولكنه أنتبه لوقوف سيارة ما ، يقف أمامها أربع أشخاص 
ضخام البنيان يرتسم بوضوع على وجوههم الشر والأجرام 
فتجاهلهم وأكمل طريقه ولكن وقف أحدهم قائلا بصوت غليظ خشن: أنت شعـيب سـالم مهران؟ 
أومأ شعـيب بالأيجاب فأقترب منه هذا الشخص يهتف بصوت جهوري يخدش هدوء المكان: معانا أمانه من واحد حبيبك ولازم نوصلهالك و بيقولك مبروك عليك الجواز ياعريس
ثم أندفع هذا الشخص بشكل مفاجئ يرفع قبضته تجاه شعـيب الذي أنحنى بمهارة جانبًا مبتعداً عن قبضة هذا الشخص
صاح شعـيب بنبره تهديديه: اللي خايف على نفسه يمشي لأنِ مش هرحم حد فيكم
أبتسموا بسخرية يطالعونه بـ أستهانه
فتمتم شعـيب بأجرام: هترجعوني للشقاوة لييييه!!
ثم هجم عليهم يلقي ويتلقي اللكمات وركلات كان شعـيب في حالة شديدة من الغضب غاضب من نفسه ومن الجميع وقد أتته الفرصة ليُنفس عن هذا الغضب
دارت بينه وبينهم معركة طاحنه فلم يكن شعـيب ضعيف كما أعتقدوا ولكن مهما كُنت قويًا فـ الكثره تفوز دائمًا!!
أسرع الأول والثاني بـ تطويقه من الجانبين بينما الثالث أندفع يلكمه عده لكمات عنيفه في معدته فـ زمجر شعـيب بصوت عالي متألمًا ولكنه تحامل على نفسه ثم رفع قدميه في الهواء متحاملًا على الشخصين المطوقين له يدفعهم بعنف في صدر الرجل الثالث فسقط متألمًا  
عالجله الرجل الأخير الذي أخرج سلاحه الأبيض ثم أندفع بسرعة تجاه شعـيب يضربه به في معدته ضربه عنيفه قاسية فتأوه شعـيب بألم فأسرع الأخير يركله في قدميه فسقط شعـيب مرتطمًا بالأرض بعنف يصرخ بألم وجرحه يتدفق منه الدماء بغزارة
هتف الأول بهلع وهو يرى شعـيب الغارق بدمائه: الله ياخربيتك أحنا متفقناش على كده متفقناش على نزول نقطة دم واحدة
رد الأخير بأرتباك: أنت مشوفتش كان عمال ينَطحنا أزاي ولا التور الهايج 
أنتبهوا لصوت الغفير الأتي أتجاههم يصرخ بصوت جهوري: ميـــــــن هناك!!!
أسرع الأربعة بالفرار تاركين شعـيب غارق في دمائه تكاد روحه أن تزهق
×××××××××××
أستيقظت لتيـن بعد عده ساعـات تشعر بالعطش الشديد وشعور أخر بـثقل يجثم فوق صدرها!!!
عقدت حاجبيها بأستفهام تحاول تجميع أفكارها ثم فتحت عيناها لتفزع بمفاجئة عند رأيتها للصغيرة ملك التي تجلس فوقها
أبتلعت ريقها الخاف تهتف بأنفعال: ملك!! أنتِ قاعدة عليا كده ليه ياحبيبتي
هتفت مـلك بسعادة طفولية: تيــــن!! أنتِ هنا بجد مش حلم؟!
أبتسمت لتيـن بحنان ثم أستقامت تحملها بين ذراعيها تربت على ظهر الصغيرة تهتف بخفوت: ششششش أيوه أنا هنا بس وطي صوتك عشان عائشة نايمة ويلا نامي
أومأت الصغيرة بسعادة تتشبث بها بـقوة ثم غاصت في ثبات عميق
حملتها لتيـن ثم أتجهت لغرفة الطفلتين تدثر ملك في فراشها وخرجت بهدوء
تطلعت في أرجاء الشقة بحزن عميق وشعور ثقيل بالذنب تجاه زهرة!!
لقد أستولت على شقة شقيقتها بل وزوجها أيضاً!!
ولكنها مُجبرة تقسم بأنها مُجبرة
لا تعلم لما دلفت لغرفة زهرة وشعيب!! تتطلع في الغرفة بشوق وكأنها تتطلع إلى زهرة!! أنسكبت دموعها بـأنهيار وهي ستتنشق عطر زهرة ، كم تتمنى وجود زهرة الأن أن تنعم بحنانها وأمومتها الجياشة لطالما كانت زهرة لـ لتيـن أكثر من شقيقة أو صديقه كانت لها الأم الثانية رفيقة الدرب كانت الركن المريح!!
_أنتِ بتعملي أيه هنا؟!!
شهقت لتيـن بجزع وهي تستمع لصوت شعـيب الغاضب
ألتفتت تنظر له وليتها لم تفعل!!
أقترب حارس المقابر من شعـيب الغارق في دمائه هاتفه بـ فزع: ياسنه سوخه ياولاد شعـيب باشا مين عمل فيك كده يابيه
لهث شعـيب بتعب قائلًا ببطء: شوف .. تليفوني .. وقع مني .. وسط الخناقة
وقف الحارس بلهفه يبحث عن الهاتف حتى وجده بين الأتربه فأقترب يعطيه لشعيب الذي أخده بصعوبة يهاتف مـازن!!
×××××××××××
بمرور الوقت كان مـازن يخطو داخل المدافن بقلق وخوف على أبن عمه ، للأن لا يعلم ما حدث لـ شعـيب ولكن صوته المجهد زرع الخوف بقلبه وما زاد قلقه هو طلب شعـيب بأن يحضر له ملابس بجانب بعض الأدوات الطبية!!!
أنتبه لحارس المدافن الذي يهرول بـأتجاهه يهتف بجزع: أنت الدكتور مـازن؟!
مـازن بقلق: أيوه أنا؟ شعـيب فين؟ وأيه اللي بيحصل هنا بالظبط؟!
أشار الحارس لغرفة بسيطة و التي ينام بها فأسرع مـازن بأتجاهها يدلف إليها بلهفه ولكنه بُهت من منظهر شعـيب الغارق في دمائه
أسرع مـازن تجاهه وببراعة عملية أكتسابها خلال سنوات عمله ابتدأ بتقطيب جرح شعـيب السطحي!!
بعد أنتهاء مـازن من تقطيب جرح شعـيب قال بأطمئنان: الحمدلله الجرح كان سطحي وبعيد عن الكلية وجدار المعدة كلها عشرة أتناشر غرزه بسيطه يعني
أبتسم شعـيب ساخرًا: الله يطمنك ياشيخ
ثم أتكئ على مرفقيه وأستقام واقفًا
مـازن بذهول: أنت بتعمل أيه يامجنون؟ جرحك ممكن يتفتح تاني وبسهولة جدًا
شعـيب بلا مبالاه: لازم أروح حالًا لتين والبنات لوحدهم
مـازن بأعتراض: ولو .. أنت المفروض ترتاح أنت نزفت كتير و
قاطعه الأخير بحده: خلص الكلام يا مـازن هات الهدوم عشان أغير
طالعه مـازن بعدم رضا ثم أعطاه حقيبه ملابسه
نظر شعـيب للملابس بتركيز ثم هدر بتحذير: أوعى تكون هدوم عمـاد الـ××××××
أنفجر مـازن ضاحكًا: لا متقلقش دا طقم جديد من عندي لسه بشوكه (وأكمل بأستفزاز) وعلفكره هـأخد منك حقه
شعـيب بقرف: على الجزمه القديمه يا دكتور نص كم أنت
××××××××××××××
وصلت سيارة مـازن لـ برج آل مهران وبرفقته شعـيب مغلق الجفنين يتنفس بهدوء و الأرهاق ظاهر بوضوح على ملامحه
هتف مـازن بهدوء: شعـيب وصلنا ، قادر تنزل ولا هتفضحنا ياعريس
أجابه شعـيب وهو على نفس وضعه: لوك كتير يا مـازن لوك .. ربنا اللي عالم أنا لا طايقك ولا طايق أخوك فـ خاف على نفسك مني
أنفجر مـازن ضاحكًا ، فـ رمقه شعـيب بحنق: أفضحنا بقى!! مشفونيش وأنا بتغز (يُطعن) هيشفوني بسبب ضحكتك
كتم مـازن ضحكاته قائلًا: مش ناوي تقولي مين عامل فيك كده وأيه السبب
زفر شعـيب بغضب وهو يخرج من السيارة: عمـاد .. أخوك
ثم دلف داخل البرج تاركًا مـازن جاحط العينين بـصدمة!!!
×××××××××××
فتح باب الشقة بهدوء دون أصدار أي صوت لا يرغب بـأن يستيقظ أحد سواء بناته أو زوجتة!!!!
أرتجفت نبضات قلبه بجنون وتعثرت داخل صدره
لتيـن أصبحت زوجته!!!
تسكن معه داخل بيته!!!
سيتطلع لها دون قيود!!! 
دون خوف بأن يفتضح أمره!!!
هل سيأتي اليوم التي تكون فيه زوجته قولًا وفعلًا؟!!
هل ستزول العقبات بينهم!!! 
هل سينسى الماضي!!!
أفاق من شروده على حركه آتيه من الجناح الخاص به وبـ زهرة
عقد حاجبيه بـأستغراب ثم أقترب من الجناح ذو الباب المفتوح!!!
ورآها تقف بالداخل!!! لتيـن تقف بغرفة زهرة!!!
لمعت عيناه بالغضب وآلم حاد بـالندم يحرق أحشائه
هدر شعـيب غاضبًا: أنتِ بتعملي أيه هنا؟!
_أنتِ بتعملي أيه هنا؟!!
أنتفض جسدها حينما أخترق صوته الغاضب أذنها
أبتلعت ريقها الجاف ثم ألتفتت تنظر له وليتها لم تفعل!!
شهقت بذهول وهي ترى وجهه المليئ بالكدمات وبعض الجروح يبدو مرهقًا وبشدة
هتفت لتيـن بتعثلم: أنا .. أنا بس .. أصلِ كنت لوحدي .. أنت أيه اللي عمل فيك كده؟
ندمت على سؤالها الأخير وهي ترى تشنج عضلات وجهه
أقترب شعـيب منها بدرجة مُهلكة له ومُربكة لها ثم قبض على رسغها بقوة يسحبها خارج الغرفة ثم أغلق بابها بحرص شديد ، يتوجهه بها داخل أحد الغرف البعيدة عن الصغار
أغلق باب الغرفة عليهم ومازال يحتفظ برسغها بين أصابعه الغليطة
هتفت لتيـن بحدة: سيب أيدي 
رمقها شعـيب بسخرية ثم ترك رسغها بلا مبالاه عكس ما بداخله قائلًا بخشونة: لو شفتك جوة أوضة زهرة من تاني هتصرف تصرف مش هيعجبك
صرخت بجنون: أيه هتضربني؟ عادي متعودة على كده عمـاد كان
كمم فمها بـ كفه قائلا بشراسة وبداخله براكين تحرقه بنيران الغيرة: أخرسي لو سمعتك بتجيبي سيره الحيوان ده ، هـ أقطعلك لسانك يا لتيـن فاهمه هـ أقطعهولك أما أنك تتجرأي وصوتك يعلى عليا فده شيء مش هسمحلك بيه وأديني حذرتك أهو ، المره الجايه هيكون ليا تصرف صدقيني مش هيعجبك ومش أنا الراجل اللي يمد أيده على ست لا كنت كده ولا هكون
بكت لتيـن بآلم وخوف مجنون ينهش دواخلها تشعر بالذعر والأشمئزاز وهو قريب منها بتلك الدرجة ، وهو يلمسها!! وتعنيف عمـاد لها يطرق بمطرقه من فولاذ في عقلها! تتذكر أنتهاكه لها. تخشى أن يفعل شعـيب كما فعل عمـاد معها ، هي مرتعبه الآن وبشدة!!! 
كان شعـيب في عالم أخر وهو يشعر بملمس شفتيها أسفل كفه!!! أبتلع ريقه بصعوبه ، هل سيحدث شيء أذا مرر أبهامه عليهما؟! أو لو تذوقهما!!!
أنتفض برعب من أفكاره المجنونه!! مالذي يحدث معه؟ أي جنون يتلبسه؟
تطلع بها وسقط قلبه أسفل قدميه وتحطم لأشلاء وهو يرى النفور والأشمئزاز واضح على ملامحها
لتيـن تكره لمسته!! بل تشمئز منه!!
أبتعد عنها يرى بكائها الغير طبيعي! يستمع لـشهقاتها العالية! ماذا فعل لتكون رده فعلها هكذا؟!!
أقترب يرفع يديه يربت عليها ولكنها أنتفضت من مكانها تحتضن نفسها بحمايه تهتف بصوت مزق نياط قلبه: أنا .. أنا أسفه بس متضربنيش .. متأذنيش ياشعيب أرجوك .. أرجوك متأذنيش
أبتلع غصة مسننه ثم أردف بصرامة: لتيـن أهدي ، لتيـن بطلي عياط زي الأطفال ، دي ملك مبتعملش كده!! أيه الأوڤر اللي أنتِ فيه ده!!!
نظرت له بغضب فأكمل بتأكيد: أيوه أوڤر وأوڤر أوي كمان صدقيني ملك أنضج منك
هتفت بتحذير: شعـيب
شعيب بلا مبالاه مصطنعه وهو يتمدد على الفراش بتعب: بلا شعـيب بلا بطيخ وأنا اللي أفتكرتك كبرتِ!! طلعتي طفلة ومش أي طفلة. طفلة أوڤر
ضربت قدمها بالأرض كالأطفال من شده الغيظ والغضب ثم أردفت بحنق قائله: قولتلك أنا مش طفلة
شعـيب بـأبتسامة مستفزة: طبعًاااا أومااااال
صمتت لتيـن ولم تعرف بما تجيبه تريد أن تضرب رأسه بالحائط وتمحي تلك الأبتسامة المستفزة والـ الفاتنه المرسومة على وجهه!!!
شهقت بصوت مسموح من أفكارها الغير منطقية ، ما الذي تقوله بحق الله!!!
أخذت توبخ نفسها بهمس ، تنعقد ملامحها بتوبيخ وأستياء
كان يراقب همسها رغم عدم سماعه لما تقول ولكنه أبتسم بـ عذوبة ، يراها تتصرف كما كانت قبل زواجها من عمـاد
تشنجت ملامحه وأزداد أنعقاد حاجبيه بعبوس وهو يتذكر زواجها من عماد .. يجب أن يسيطر على مشاعرة فأن أنفلت تحكمه بها فـ سيقتلع رأس عمـاد ثم يقتص لنفسه من لتيـن!!
أنتبه لمحاولتها للخروج من الغرفة فقال: متحاوليش الباب مقفول بالمفتاح. والمفتاح في جيب بنطالونِ (وأكمل بعبث) لو عايزاه تعالي خديه
أحمرت وجنتيها بخجل وغضب معًا قائلة: شعـيب لو سمحت هات المفتاح عايزة أطلع أنا عايزة أنام
أشار بيده على الفراش: السرير واسع ويكفينا أحنا الأتنين
لتيـن بغضب: أنت بتقول أيه مستحيل طبعًا
شعـيب بصرامة رغم أرهاقة: كلمة كمان وصوت عالي و هـ أقوم أسكتك بطريقتي وطريقتي مش هتعجبك صدقيني
ثم نظر لها بنظره ذات مغزى أحمر وجهها لها
أستمرت نظرات شعـيب لها ولكن دون أرادته سحبه سلطان النوم ليغرق في بحوره
أنتظرت لتيـن عدة دقائق تنظر له بريبة فرأت أنتظام أنفاسه وأسترخاء ملامحه فعلمت بأنه ذهب في ثبات عميق
أقتربت ببطء تشرف بجسدها عليه وبأطراف أناملها لمست جيب بنطاله تنوى أخذ المفاتيح ولكنها شهقت بصدمة عندما فتح شعـيب عيناه على غفله ثم سحبها إليه فوقعت بجسدها فوقه!!!
أنتفض قلبها بجنون داخل صدرها تتطلع إليه بذهول وعدم تصديق قائلة: شعـيب!!! أنت صاحي!!!
أجاب ساخرًا بصوت مثقل بالمشاعر: لا لسه نايم دا أنا حتى بحلم دلوقتي .. قال أيه أنا نمت وفاجئة لقيت طفلة حارمية مشاغبة بتمد أيديها تسرقني هووب صحيت قفشتها ووقعت عليا زي الـ ولا بلاش لحسن تزعلي
أستقامت بسرعة كمن لدغها عقرب تهتف بشر: قصدك أيه؟ أني تقيله؟!!
تنفس شعـيب بألم وهو يشعر بـ بنذيف جرحه من جديد 
هتفت لتيـن بتعجب من ملامحه المتألمه: شعـيب أنت كويس؟
أنتبهت لقميصه الملطخ بالدماء فـ صرخت بخوف وهي تقترب منه تتفحصه: شعـيب فيك أيه ومين اللي عمل فيك كده؟
وبدون وعي منها أخدت تحل أزرار قميصه واحد تلو الأخر حتى شهقت بأختناق وهي ترى أصابته التي تنبثق منها الدماء
لتيـن بصدمة ممزوجه بـ الخوف: مين عمل فيك كده؟ أنت .. أنت كنت فين بالظبط؟ أنت لازم نروح المستشفى حالًا أنا .. أنا هتصل بـ مـازن و
قاطعه بهدوء رغم آلمه: أهدي متقلقيش دا جرح بسيط مش أكتر وأنا مش عايز أي حد يعرف باللي حصل .. سامعه أي حد يالتين
هدرت بـأنفعال: أنت بتقول أيه أنت لازم تتعالج وفورا دمك كله هيتصفى
شعـيب: ماهو لو تشغلي مخك شوية كنتِ جبتي علبة الأسعافات الأولية من الحمام وتيجي تغيريلي على الجرح بدل الرغي الكتير ده
أستقامت بسرعة أجفلته تقول: صح أنت صح هات المفتاح هجيب الأسعافات الأولية وأرجعلك
أعطاها المفتاح بصمت فخرجت تأتي بما تريد
وهكذا مرت الليله ، داوت لتيـن جرح معدته ولكن حرج قلبه وكبريائه كان ينزف ولم يجد من ينجده وكالعادة كان النوم يرحب به ينتشله من أفكاره التي تجلده
أما لتيـن فلم يغمض لها جفن تفكر بوضع شعـيب ومن المسؤول عن وصوله لتلك الحاله؟!
تفكر في علاقتهم وتفكر في القادم المبهم!!
تفكر وتفكر وتفكر وتراقبه بعينان أنطفئ بهما شغف الحياة!!
×××××××××××××
في صباح يوم جديد أشرقت الشمس بنورها الدافئ 
ومع أشراقها أستيقظت عائشة وملك بضوضاء كالعادة تهتفان بأسم والدهم بلهفة
أقتربت لتيـن تهتف بخفوت: شعـيب! شعـيب!! 
بأرهاق شديد فتح عيناه قليلا قائلا بنعاس ونبرة متحشرجة: نعم يا زهرة
أرتسمت أبتسامة هادئة على وجهه لتيـن تطالعه بـ أنبهار ثم قالت: أنا لتيـن يا شعـيب أصحى بعد أذنك ملك وعائشة بيندهوا عليك بره وانا مش عارفة أعمل أيه
أفاق شعـيب بالكامل عندما ذكرت أسم بناته ثم أستقام ببطء قائلًا: لتيـن
لتيـن: نعم؟
شعـيب بتوتر وحرج طفيف: تعرفي تخفي الجروح اللي في وشي؟ مش عايز البنات يشوفوني كده
نظرت له بـأبتسامة ميته ، فمن أمهر منها في أخفاء الجروح؟!!
أجابته بجمود: أكيد بعرف دا أنا عندي خبرة في الموضوع ده بس لازم أدخل أوضة زهرة عشان أجيب (الميك أب) اللي هستخدمه تسمح لي؟
أومأ موافقا فأنسحبت بهدوء لغرفة زهرة تحت نظرات شعـيب المشبعة بالآلم وغضبه تجاهه عمـاد يشتعل أكثر فـأكثر ولو رآه الآن لدفنه حيًا
خارج الغرفة شهقت عائشة بسعادة قائلة: خالتو لتيــــــن
ثم أتجهت نحوها وتبعتها ملك ، فـ أحتضنتهم لتيـن بحنان
عائشة بـأستغراب: حضرتك هنا من أمتى ياخالتو؟ أنا مشفتكيش لما جيتي
أجابت ملك ببراءة: من بليل 
عائشة بدهشة: بجد!!
توترت لتيـن ولكنها أجابت بثبات زائف: أيوه يا إيشـو أنا هنا من أمبارح ممكن بقي تغيروا هدومكم على ما بابا يصحى عشان هيتكلم معاكم في موضوع مهم (وكملت بمرح مصطنع) اللي هتخلص الأول هعملها كاب كيك بالشكولاته
صرخت الفتاتان بحماس يتسابقان إلى غرفتهم يسرعوا في تبديل ملابسهم ليحصلوا على تلك الجائزة الشهية
بينما لتيـن أسرعت تأخذ أدوات التجميل ثم أتجهت إلى شعـيب
نظرت له تقول: جاهز
شعـيب بحرج: جاهز بس الله يسترك خفي أيدك فـي المُونة شوية كفاية وش واحد
لم تستطيع التحكم في ضحكاتها فخرجت مجلجله تداعب نبضات قلبه
أقتربت منه بخجل ثم بدأت مهمتها في أخفاء جروحه
كانت لمساتها تحرقه تفجر ينابيع شوقه التي تحرقه حيًا!! رائحتها الخلابه تداعب مشاعره
قبض على يداه بقسوه مانعًا إياها من أجتذابها داخل صدره يشبع شوقه ولوعته منها
أما لتيـن فـ ألتهبت وجنتيها بشعله الخجل ، دائما كانت تخشى شعـيب ولا زالت تخشاه ولكنها الأن تقف أمامه مباشرا المسافة بينهم تكاد تكون معدومة تشعر بالأرتباك الممزوج بالخجل والخوف
أنتهت أخيرًا من مهمتها فقالت بفخر: رممت كل (الجروح) ولا كأن حصلك حاجة حتى بص
أشارت للمرآة فـ تطلع بها ينظر لوجهه بتركيز ثم قال بأستفزاز: مش بطال
نفخت بغيظ ولم ترد فـ أستمعوا لهتاف الصغيرتين 
شعـيب: جاهزة
تنهدت بخوف: أن شاء الله
×××××××××××××
_مـازن يا مـازن أستنى
هدرت تقى بأنفعال وهي تحاول اللحاق بـ مازن قبل خروجه من مدخل البيت
صرخ مـازن بغضب: عايزة أيه ياتقى؟
تدفقت الدموع داخل عينيها ولكن كرامتها آبت أن تذرفها فأجابته بـ خفوت: بتهرب مني ليه؟ وليه أمبارح مردتش على رسايلي؟ كنت فين؟ ورجعت في نص الليل ليه
مـازن بعنف: وأنتِ مالك هو أنتِ كنتِ الواصي عليا؟
هتفت بقهر: أنا بنت عمك
مـازن ببرود: بردوا وأنتِ مالك؟
تقى: مـازن أنا جايلي عريس
أجاب بلا مبالاه: ألف مبروك
أقتربت تهتف بشراسه: لحد أمتى هتفضل كده؟ أنا عارفة أنك بتحبني ومتحاولش تنكر
مـازن بهدوء: طبعًا بحبك
ألتمعت عيناها بالسعادة كنجوم متألقه ولكن تلك اللمعه ماتت عندما قال
مـازن: زي أختِ
تقى بغضب: أنت جبان
مـازن بخشونه: وأنتِ غبية وشيلي التفاهات اللي في دماغك دي صدقيني هترجعك لوراء
تقى بتحدي: ماشي يا مـازن براحتك بس ياريت مترجعش تندم بعد فوات الآوان
ثم فرت هاربة تحت نظراته الغاضبة
×××××××××××××
عودة لطابق شعـيب
صرخت الصغيرتان معًا ولكن شتان بين الصرختان
فـ صرخة ملك كانت سعيدة مبهجه
أما صرخة عائشة فكانت حزينة متألمة
تطلعت عائشة تجاه لتيـن تهتف ببكاء: بقيتي مرات بابا!! طب أزاي وأنتِ خالتو؟!!!
تدفقت الدموع في عيون لتيـن وهربت الكلمات من شفتيها
تدخل شعـيب قائلًا بهدوء: إيشـو يا حبيبتي تعالي في حضني خليني أفهمك
أبتعدت عائشة تصرخ ببكاء: أنا مخصماك وبكرها هي بتاخد مكان مش بتاعها هي مش هتبقى ماما هي حراميه هتسرقك مننا
هدر شعـيب بصوت جهوري: عائشـــــــــــة!!!
أنتفض جسدها الصغير برعب فكانت المرة الأولى التي يعنفها شعـيب بتلك الطريقة
صرخت لتيـن بجزع: متزعقلهاش
عائشة بكره: ملكيش دعوة أنتِ السبب أنا بكرهك
ثم تركتهم واتجهت إلى غرفتها تبكِ بأنهيار طفلة تشعر بخسارة والدها!!
×××××××××××××
في مكان بعيدًا عن آل مهران 
تردد صوت الصفعة التي تلقاها على وجهه فـ أغمض عيناه بغضب جحيمي
هتفت نورا بصراخ: أنت مجنووون؟ أزاي تتجرأ وتعمل حاجة زي دي؟ من غير ما تقولي!! يا غبي ياغبي هتودينا في داهية وكله بسبب غبائك وتسرعك قولي أستفدت أيه لما بعَت شوية ×××× بلطجية يضربوا شعـيب؟ هديت؟ نارك بردت؟ شعـيب لو كان سايبك لحد دلوقتي فـ عشان القرابة اللي بينا عشان أحنا ولاد عمه مش أكتر!! بس بعد اللي أنت عملته شوف هيعمل فيك أيه ، قابل الطوفان اللي هيغرقنا كلنا وكل حاجة أحنا عايزنها هتروح مننا!!
هدر عمـاد صارخًا: قولتلك البهايم اللي بعتهم هما اللي أتصرفوا من دماغهم أنا كنت عايز أقرص ودنه وبس
أجابته بسخرية: تقرص ودن مين ياعماد؟ انت مستوعب أحنا بنتكلم عن مين؟ دا شعـيب سـالم مهران يا نطع
زمجر بغضب: نــــورا
قبضت على تلابيبه تهتف بشراسه: بلا نورا بلا زفت ، شعـيب ملك الصاغه بعتله شويه جرابيع يقرصوا ودنه؟ لا وكمان وصلتلوا رساله بـ تقولك مبروك ياعريس؟ يا أخي ××××× وفي غبائك بتعلنها حرب؟ ماهو كده هو اللي هيكسب ، هو أقوى وأذكى منك وأنت عارف ده كويس (وأكملت بتحذير) من هنا ورايح مش هتعمل حاجة بدون علمي لأما هقلب عليك ياعماد وساعتها قول على نفسك يارحمن يارحيم
دفعته بعيد عنها بـأحتقار تطالعه بنظرات مشتعله
عمـاد بحقد: كل كلامك ده خوف عليه مش أكتر طبعًا مش حبيب القلب بتهددي أخوكي علشانه
أجابت بتأكيد: بـ الظبط حبيب القلب واللي يجي ناحيته هاكله بسناني
عمـاد بـشماته: بس هو عمره ما هـ يكون ليكِ يا نـورا هو مش شايفك من الأساس ، زمان خلتيني أتجوز لتيـن عشان تبعد عنه ووعديني أكون مسؤول عن كل أملاك جدي، ، بس شعيب عملها وأتجوز زهرة وسابك زي الكلـ ـبة وحتى بعد موت زهرة معبركيش 
و أتجوز لتيـن اللي بيموت في تراب رجليها فـ بذكائك كده هيبصلك ليه؟
جلست نـورا على المقعد المقابل له تهتف بشر أرتجف عمـاد له: زي ما قدرت أتخلص من زهرة أقدر وبسهولة أخلي لتيـن تحصل أختها!!
هتف عمـاد مصعوقًا: أنتِ بتقولي أيه؟ أنتِ .. أنتِ 
قاطعته بتأكيد: أيوه أنا اللي قتلت زهرة
عمـاد بشماته: شعـيب عمره ما هيبصلك
جلست نـورا على المقعد المقابل له ، تضع قدم فوق الأخرى ، تهتف بشر أرتجف جسد عمـاد له: زي ما قدرت أتخلص من زهرة أقدر وبسهولة أخلي لتيـن تحصل أختها!!
هتف عمـاد مصعوقًا: أنتِ بتقولي أيه؟ أنتِ .. أنتِ 
قاطعته بتأكيد: أيوه أنا اللي قتلت زهرة 
عمـاد بذهول: أنتِ أكيد بتخرفي مش معقول تكوني قتلتيها مش معقول!!!
صرخت بحقد تغلغل في وجدانها: لا معقول!! هي تستاهل الموت ألف مره لولا وجودها كان زمان شعـيب ليا , ليا أنا وبس.. ومكنتش أنا أتجوزت واحد أكبر مني ، كله بسببهم وبسبب جدي
عماد بـ أستنكار: محدش أجبرك على حاجة أنتِ اللي صممتي تتجوزي (محمد)  الله يرحمه رغم أعتراض الكل وأولهم جدي ، وبردو أنتِ عارفة أن شعـيب لـ زهرة وزهرة لـ شعـيب من وهما في اللفه
أجابته بسخرية: ما شاء الله شيفاك بتدافع عنهم أووي أيه حبيتهم فجأة
هدر بأنفعال: أنتِ عارفة أني بحبهم فعلًا عشان هما أهلي وعمري ما هفكر أأذيهم أنا لحد دلوقتي مش مستوعب أنك قدرتي تأذي زهرة!! دي كانت حامل وبناتها لسه صغيرين ، 
وأكمل بحقد وغل: أنا بحب عليتنا كلهم لكن شعـيب و لتيـن بكرهم بكرهم وأتمنى في يوم أقدر أأذيهم زي ما أذوني 
نـورا بلا مبالاه: خلاصة الكلام أنت لو عايز ثروة العيلة كلها تكون في جيبك وتنتقم من شعـيب ولتين ، تسمع كل كلمة أقولهالك (وأكملت بتحذير) وملكش دعوة بـ شعـيب .. شعـيب خط أحمر ولو لمست شعرة منه هدفنك حي يا عمـاد
صرخ بغضب: أنتِ لسه بتدافعي عنه؟!! رغم أنك عارفة ومتأكدة أنه نهش في عرضي وشرفي وأتعدى على حرمه بيتي!!! خاني مع الـ×××××× لتيـن!! خاني معاها وهي على ذمتي!! أزاي متمسكة بيه أوي كده وأنتِ بنفسك اللي كشفتيلي خيانتهم!!! فاكره ولا أفكرك؟ فااااكرة!!!
أبتلعت نـورا ريقها الجاف وهي تتذكر ما فعلته بالماضي 
كانت تعلم علم اليقين بغرام شعـيب بـ لتيـن كانت هي الوحيدة التي ترى حبه لها ، كيف لا تعرف وهي تراقبه كـ ظله!! تحفظه عن ظهر قلب ترى نظراته لها التي غفل عنها الجميع حتى لتيـن نفسها!!! إلا هي كانت تفهمه من عيونه كانت تتمناه وتتمنى أن يراها كـ زوجة كـ حبيبة لا أبنه العم فقط!!! 
ولكن زهرة كانت لـ شعـيب نظرًا لأنها الحفيدة الأكبر وهو كذلك!!
لو كانت هي الأكبر لكانت حصلت عليه الآن وقضت على حبه لـ لتين!! ولكنها أضعر من زهرة بعدة أشهر! عدة أشهر فقط قضت على حلمها الأكبر بـالحصول عليه!!
كرهت زهرة وكرهت الجميع ولكن من كرهتها أكثر كانت لتيـن!!
فقد أستطاعت أن تفعل مالم تقدر عليه هي!
تغلغلت داخل وجدانه ، وشمت قلبه وروحه بـ أسمها ، فحقدت عليها وأقسمت أن تحرق قلبها كما أحرقت قلبها دون وعي منها!!
أستغلت أخاها "عمـاد" تعلم كم يغار من شعـيب وهيبته .. يحقد على سلطته في ثروة العائلة ، أخبرته أذا أراد القضاء على شعـيب فعليه بـأحراق قلبه!! وقلب شعـيب هو لتيـن!!
وقد كان ، في فترة بسيطة أستطاع عمـاد الأستحواذ على عقل لتيـن وقلبها! بأسلوبه الجذاب وكلماته العذبه وأهتمامه الواضح بل وأستطاع أقناعها بالزواج منه وهي بعمر التاسع عشر!! 
ولكنها لم تكتفي بهذا قط!! بل سعت لتحويل حياتها إلى جحيم!! فبعد فتره من زواج عمـاد بـ لتيـن رأت أخاها يتمرد عليها في ما يخص لتيـن! لا يرغب في آذيتها ومنعها عن أزعاجها ولو بالكلام!!
زهرة كانت سعيدة مع شعـيب!
ولتين سعيدة مع عمـاد!
وبقت هي مع زوج يكبرها بسنوات عديدة!! كانت تكرهه رغم أنه لم يكن بـ سيء على الأطلاق ولكنها لم تحبه يومًا!! لم تتمناه ولكنها تزوجته رغبه في الأنتقام من الجميع تزوجته رغمًا عن أنف الجميع! 
حين علمت بحمل زهرة للمرة الثانية كادت تجن تراه يعيش مع غيرها ، يدللها ويرعاها!!
فحملت هي الأخرى وأتت بالمصيبة التي تدعى "مالك" أبنها .. كالشوكة في حلقها 
وبلا مقدمات توفى زوجها لم تشعر بذرة حزن ولكن رؤيتها للجميع يحيى بسعادة أشعلت نيران الغيرة والحقد تجاهه الجميع!!
أقسمت أن تؤلمهم كما تتألم 
و فعلت ما لم يخطر على بال أحد!!
بمنتهى الدناءة وأنعدام الضمير قامت بـ تزيف صور و مقاطع مصوره لـ شعـيب مع لتيـن في أوضاع مُنحله!!
مما جعل عماد يفقد عقله وهو يرى زوجته في أحضان أبن عمه وعدوه اللدود "شعـيب" ، أراد قتل لتيـن والتمثيل بجثتها وأحراق شعـيب حيًا ولكنها أقنعته بـسياسه الموت البطيء!!
وبدأت مرحله الموت البطيء تجاهه لتيـن!! أما شعـيب فكانت نـورا تحميه في الخفاء تمنع عنه الأذى وتتلذذ بعذاب .. لتيـن!!!!
فاقت من شرودها على صوت عمـاد الحانق فلم تجيبه تاركه أياه يشتعل في براكين من الحقد والغضب
×××××××××××××
ساد الصمت لدقائق طويلة بعد أنسحاب عائشة المنهارة
بكت لتيـن دون صوت فقط دموع تنهمر دون أرادتها لم تتخيل أن تعيش موقف كهذا مطلقًا تتفهم الصغيرة تعرف شعورها وتقدره
أما شعـيب فدفن وجهه بين كفيه يفكر ويفكر ماذا يفعل جرح طفلته يعلم ولكنه لم يسعى لحدوث هذا ربما تقبلت ملك زواجه من لتيـن لصغر سنها عكس عائشة!!
أستقام واقفًا قاصدًا غرفة أبنته تحت نظرات لتيـن الحزينة و ملك الخائفة فأقتربت منها لتيـن تغمرها بين ذراعيها في عناق حنون
×××××××
طرق الباب بخفوت ثم فتحه ودخل لغرفته ابنته ، رأها تنام على فراشها تتكور كـالجنين جسدها الصغير ينتفض دليل على بكائها
أبتلع غصه مسننه ثم صعد إلى فراشها جالسا عليه يجذبها داخل أحضانه يربت عليها بحنان جم ، فأزداد بكائها بشكل أوجع نياط قلبه
شعـيب بصوت متحشرج: حبيبه أبوها اللي واجعه قلبه بطلي عياط يا إيشـو ، على فكره أنا اللي مفرود أزعل مش أنتِ
رفعت رأسها الصغير تطالعه بذهول فـ تحدث بتأكيد: أه زعلان منك يا عائشة صوتك علي عليا وعلى خالتو ، ماما لو كانت موجودة كانت هتزعل منك جدًا
أردفت بحزن: بس مبقتش موجودة وحضرتك يا بابا نسيتها و (أرتعشت شفتيها وهي تعود للبكاء) وأتجوزت وبكره تنسانا أحنا كمان وهي هتسرقك مننا وهتعذبنا أنا وملك
طالعه شعـيب بذهول وهتف بأستنكار: مين اللي قالك الكلام ده؟ أنا لا يمكن أنساكِي أنتي وأختك ولا يمكن أسمح لحد يأذي شعره منكم أنتِ مش عارفة أنا بحبك أنتِ وملك قد أيه؟ (وأكمل بحنان وعاطفه جياشه) أنتوا أغلى من الدنيا واللي فيها ، أنتو حياتي يا عائشة ، روحي اللي عايش بيها ، أنا لا يمكن أحب حد أكتر منكم وخصوصًا أنتِ ، أنتِ أول فرحتي أول ما شيلتك بين أيديا عرفت أني عمري ما أحب حد قدك يمكن أنتِ صغيرة مش مستوعبة أنا بحبك قد أيه بس لما تكبري هتفهمي
عانقته بقوة قائلة: وأنا بحبك أوي أوي يا بابا ، أفضل قولي أنك بتحبني علطول
لمعت عيناه بتأثر: لحد أخر يوم في عمري ياقلب أبوكِ 
أحتضن وجهها بكفيه قائلًا بثقة: خالتو لتيـن بتحبك أنتِ وملك جدا فاكره كانت بتلعب معاكوا أزاي؟ فاكرة اللعب اللي كانت بتشتريها ليكوا؟
أومأت موافقة فأكمل: هي عمرها ما هتبقي مكان ماما هي مش عايزة تاخد مكانها لأن أصلًا محدش يقدر بس هي بتحبكم وتخاف عليكم زي ماما بالظبط مش أنتِ كمان بتحبيها يا عائشة؟
تطلعت فيه بحيره ثم أجابته بحيرة: بحبها بس
قاطعها بجدية: مفيش بس .. اللي بيحب حد بيحترمه ويخاف على زعله وأنتِي غلطتي لما رفعتي صوتك عليها ، أوعديني أنك مش هتغلطي الغلط ده تاني لا مع لتيـن ولا غيرها ، بنتي أحسن بنوته في العالم ولا يمكن تغلط مش كده؟
أومأت بخجل تهتف بتلعثم: أوعدك
طبع قبله بصوت عالي مرح على وجنتيها فضحكت من خشونه ذقنه الغير حليقه فأنهال عليها يدغدغها ويلاعبها وتخلى عن العمل اليوم سيجلس مع بناته يعوضهم غياب أمهم وزواجه من أخرى 
×××××××××××××
في طابق توفيق
كان توفيق يغلي من الغضب والقهر ، يشعر بالخزلان وخيبة الأمل لا يعلم أين السبيل!!
فـ أبنه الأكبر "عمـاد" حطم كل أماله وطموحاته لا يعلم ما حدث له؟ كيف وصل إلى هذا الشخص المتدني؟
كان دائما عاقلاً مراعي لعمله بطريقة مذهله يعامل الجميع بأحترام وتقدير .. ولكن تبخر كل شيء وبقى منه شخص لا يعرفه يجلب له الأهانة والعار!!
و نـورا واااه من نـورا يخشى عليها ومنها يعلما قاسية القلب حتى على فلذة كبدها على الصغير "مالك" ، يرتاب من نظراتها تجاهه وتجاه الجميع عيناها تحمل قسوة وحقد لا يعلم سببه؟!!
لم يُأذيها يومًا! لم يقسوا عليها!! فهي أبنته الوحيد!!
أبتسم بحنان وهو يتذكر أبنه الأصغر "مـازن" طبيب القلب كما يُطلق عليه ، طيب القلب والمعشر حنون وأبن بار به وبوالدته ولكنه حزين يشعر بحزن يحيط به لا يعلم سببه
أفاق من شروده على صوت زوجته فقال بشرود: بتقولي حاجة يا وفـاء؟
وفـاء: لا دا أنت مش معايا خالص! مالك ياتوفيق؟ فيك أيه ياحبيبي؟ 
أجابها بتعب: قلقان على عيالنا يا وفـاء مش عارفة حالهم متلغبط كده ليه؟ وهيفضلوا لحد أمتى كده مش راسين على بر 
أرتسم الحزن جليًا على ملامحها قائله: هنعمل أيه ياتوفيق أكتر من اللي عملناه ربناهم وعرفناهم الصح من الغلط علمناهم أحسن علام وجوزناهم وأديك شايف كل واحد بيعمل اللي على كيفه ومش بيسمعوا أي نصيحه مننا تقولش أعداهم
ثم بكت بحرقة فأسرع يجذبها إلى صدره هاتفه بصبر: بأذن الله حالهم هيتعدل بس أنتِ أدعلهم 
أردفت ببكاء: بدعلي ليهم والله في كل صلاة ربنا يهديكوا ياولادي
×××××××××××××
أخذت تشهق ببكاء مرير ، القاسي متحجر القلب
لعنته في سرها لا تعلم لما يصر على أنكار حبه لها؟ تراه في عينيه في خوفه عليها في كلماته وأهتمامه بها!
أيعقل أن تكون مخطئة؟ أن تكون أخطئت في الحكم على مشاعره أتجاهها
همست بذعر: مستحيل مستحيل يكون شايفني بنت عمه وبس! مستحيل!! أكيد مـازن بيحبني أكيد (وأكملت بقهر) بس لو بيحبك فعلًا يا تقى مقالش ليه؟ مطلبش أيدك ليه؟ هو أتخرج وأشتغل وقادر يفتح بيت يبقى لو بيحبك ساكت ليه؟ معقول بيحب واحدة تانية!!
أنهارت في موجه جديدة من البكاء تبكي حب لا تعلم مصيره ، تبكي شوقها إليه ، تبكي وتبكي وتبكي حتى شعرت بجفاف دموعها
وقفت بعنف تمحي دموعها رافضة ضعفها وأنكسارها بهذا الشكل المهين
هي تقى سـالم مهران لم يولد من يكسرها
دخلت المرحاض الملحق بغرفتها تضرب وجهها بالماء البارد تخفي أثار دموعها
ثم توجهت إلى غرفة والدها تبلغه موافقتها على من تقدم لخطبتها!!
×××××××××××××
بعد مرور أسبوعين
عاد من عمله مبكرًا على غير عادته يصعد إلى شقته وهو شارد الذهن
هل يبالغ أن قال بأنهم أقسى أسبوعين يمروا عليه في حياته؟
بعد تلك السنوات تعود إليه عشقه المستحيل.  تسكن بيته! تنام على فراشه!
لماذا بعد أن دفن شعوره نحوها في قاع قلبه تأتي هي وفي سويعات قليلة تسترد مكانتها وتتولى عرش قلبه من جديد؟!!
يضنيه الشوق يحترق بنيرانه يكاد يجن وهو يسيطر على ذاته في وجودها ، مالكه القلب والوجدان 
ليته لم يصر على بقائها معه في نفس الغرفة بل على نفس الفراش!!
فبعد أنهيار عائشة وقضاء الوقت معها ومع ملك
أصدر فرمان ببقائهم في نفس الغرفة بالطبع ليس جناح زهرة بل تلك الغرفة التي داوت بها جرح معدته وأصر أن تنام معه على نفس الفراش لا نوم لها أو له على الأرض أو الأريكه
تنهد بعذاب وهو يتذكر ملامسه أطراف أصابعها على جرحه كـ لمسات وردة ناعمة ذات عطر ساحر يخطف الأنفاس 
همس وهو على وشك البكاء: كان لازم أصر أوي يعني أنها تعيش معايا في نفس الأوضة؟!! أشرب يا شعـيب باشا أشـــرب من أسبوعين بس لا عارف تنام ولا حتى تشتغل بعد كده هتعمل أيه!!
دلف إلى غرفته متهدج المشاعر
شهق دون صوت غير قادر على التنفس وتبعته شهقتها المصدومة تنظر له بذهول
كانت لتيـن قد خرجت للتو من المرحاض الملحق بالغرفة تحيط جسدها بمنشفه صغيرة تظهر أكثر مما تخفي وقد تركت ملابسها على الفراش ولكنها لم تهتم فـ الصغار عند جدتهم وشعيب لا يأتي في هذا الوقت
ولكنه تمسمرت في مكانها وهي تراه أمامها ينظر لها بنظرات كادت أن تجعلها تذوب خجلًا وأشمئزازًا!!
أقترب منها بقلبه قبل جسده وفقد أخر ذره من ذرات التحكم بالنفس 
أقترب منها ويده تحيط بخصرها يلصق جسده بها أما أصابعه فكانت تكتشف حناياها بجرأة لم يعتادها
أرتجفت كورقة في مهب الريح وأنتفض قلبها برعب ، رعب ليس له مثيل
ولكنه لم يشعر بأرتجافها و دموعها التي أغرقت وجنتيها
شهقت دون صوت وهو يدفن رأسه بين عنقها وكتفها 
أنفاسه تحرقها فـ تزيد من رعبها وشعور بالغثيان يسيطر عليها وبشدة!!
دفعته بعنف جعله يفيق من سحر قربها ليتطلع إليها بعينين متألمتين وهو يراها تركض بجنون تجاه المرحاض وتفرغ ما بجوفها!!!
أغمض عينيه وأشتدت يداه حتى أبيضت مفاصلها 
أيقن أنها تنفر منه بل تتقزز منه لدرجة أن تفرغ ما بجوفها لمجرد أقترابه منها!! 
تهجم وجهه بقسوة وغيرة مجنونه ، هل لازالت تعشق عمـاد بعد ما فعله بها!!
أندفع خارج الغرفة بعنف وكأن شياطين الأنس والجن تلاحقه ثم توجهه إلى جناح زهرة ودخل يندفع تجاهه المرحاض يقف تحت الماء البارد لعلى وعسى تنطفئ نيران الغيرة بداخله ونيران أخرى سيقتلها قبل أن تلد!!
أما تلك المسكينة .. لتيـن 
كانت تتأوه بألم وهو تفرغ ما بجوفها ، تشعر ببروده قارصة وألم حاد في معدتها
أرتفعت شهقاتها وهي تتذكر لمساته ونظرة عيناه تلك النظرة في عيناه صدمتها .. لم ترها قط من قبل .. لا منه ولا من عمـاد
بكت متأملة مقهورة!! أرادت أن تهرب .. أن تختفي لن تتحمل لمساته مره أخرى ولا ترغب بنظراته 
زواجهم من البداية مجرد حبر على ورق وسيظل هكذا شاء ام آبى
×××××××××××××
جلسا يأكالان حول الطاولة بهدوء وصمت مخيم
لتيـن تغرق وجهها في طبقها وشعيب يراقبها بتركيز دون كلل أو ملل
والصغيرتان تتحدثان دون توقف
هل تفكر به الآن؟ هل تتذكر أوقاتها معه؟ هل تشتاق إليه؟ هل تتمنى عودته أليها؟ أو رؤيته!! 
تساؤلات تهاجمه دون رحمه تجلده بنار غيرته يريد أن يدخل داخل عقلها يريد أن يعرف بما تفكر؟
أن يستمع لدقات قلبها ويسألها هل مازالت دقاته لـ عمـاد؟ أم تجردت من حبها له
أستقام واقفًا قائلًا بهدوء خارجي: الحمدلله لو سمحتِ يا لتيـن هاتيلي قهوتي في أوضة مكتبي وأه بحبها سادة
أرادت أن ترفض ولكنه لم يسمح لها ، تركها وأتجه ألى غرفة مكتبه تنظر له بخوف منه ومن القادم
بخطوات متعثرة وقلب مضطرب اقتربت من غرفة مكتبه بعد إعدادها فنجاناً من القهوة
طرقت الباب بارتباك فـأتاها صوته القوي يأمرها بالدخول
ابتلعت ريقها الجاف ثم دلفت إلى المكتب ولم تستطع منع نفسها من مطالعته بفضول كان مكتب ذكوري بحت ، يغرق بـاللون الأسود يخالطه الرصاصي
رأت شعـيب يجلس خلف مكتبه تحيط به هالة من الهيبة .. والعظمة تشع من حوله
ورأت أمامه ما جعل قلبها يخفق بجنون رأت شغفها الذي تخلت عنه وحُرمت منه في نفس الوقت ، "دفتر رسم كبير" يخّط عليه بموهبته الفذة التي تميز بها عن أولاد عمومتها، لمحت تلك الرسمة وأتسعت عينيها بأنبهار
كان أحد تصاميمه المميزه كالعادة لـعقد من الألماس إضافة إلى ملحقاته ، مرسوم بطريقة مبهرة فيخطف الأنظار فـماذا سيحدث إذا أصبح قطعة حُلي ملموسة!!
أصطدمت بعيناه التي تتفحصها بنظرات أربكتها وجعلت يديها ترتجف فسقطت قطرات صغيرة من القهوة على يديها جعلتها تجفل
تقدم شعيب بخوف يشع من وجدانه يقبض على يديها الصغيرة الناعمة بين يديه العملاقة يتفحصها بقلق
شعـيب بخوف ظاهر: حاسه بوجع؟
أبتسمت بسخرية مميته . لو يعلم بما عانته خلال أربع سنوات لأدرك أن تلك القطرات الساخنة لا تساوي شيئًا في محيط ما قاساته من آلام!!
همست بصدق: مش حاسه بيها أصلًا وكأن جسمي نحس!!
تشنج جسده بغضب أسود ، ياااا الله هل ما وصله صحيح؟ هل تعذبت لدرجة إلا تشعر بتلك القطرات الحارقة!!
تمعن في كفها الأبيض والأحمرار الظاهر أثر قطرات القهوة ، أراد وبشدة أن يمحي أحمرارهم المؤلم أراد طبع قبلات رقيقة لعل الألم يستحي من إيلامها ، أراد أن يزرعها داخل ضلوعه أراد استنشاق عبيرها الأخاذ ، أراد وأراد و أراد ولكنه لم يستطع ببساطة لم يستطع..
بعدما حدث بينهم قبل قليل وبعد رؤيته لإشمئزازها الواضح منه ومن لمساته لدرجة أن تشعر بالغثيان وتفرغ ما بجوفها!!
جُرٍح كبرياؤه.. شعر بالإهانة.. لم تخلق من ترفضه.. وهو شعـيب مهران.. ولا حتى هي .. مالكة القلب والوجدان!!
جذبت لتيـن يديها بعنف وهي ترى نظراته التي تربكها و تشتتها 
ابتعد عنها بهدوء يجلس على مكتبه ثم هتف آمرًا: حطي القهوة وأقعدي (مشيرًا إلى الكرسي المقابل له)
وضعت فنجان القهوة بأرتعاش ملحوظ ثم جلست كطفلة صغيرة خائفة
هتف شعـيب بعد صمت دام لثواني: بالنسبة للي حصل بينا أنهاردة فـده كان
أندفعت تقاطعه بأنفعال: كان غلط أنا عارفة. وملهوش داعي تعتذر أكيد كانت غلطة مش مقصودة منك وأكيد مش هتتكرر
توقعت أن يغضب أن يعنفها .. يصرخ بها ولكن أندهشت حين أرتفعت ضحكاته بشكل بدى لها هستيري
توقفت ضحكاته فجأة كما بدأت ثم هتف بتحدٍ شرس أرعبها: أنتِ مراتي. 
همست بأرتجاف: بس بسس على الورق وبس!!
هدر بجنون ولم يرتفع صوته: عندي أستعداد أخليه على الواقع وحالًا .. أما الورق ده تبليه وتشربي مايته أنتِ مراتي على سنة الله ورسوله مراتي قدام رب العالمين وقدام الناس
أجابته بشحوب: أحنا أتفقنا .. أتفقنا أننا هنبقى ولاد عم وبس أنا أخت مراتك .. زهرة
تشكلت غصة مسننه مع ذكرها لـ زهرة ولكنه أجابها بهدوء يحسد عليه: بس زهرة ماتت وأنتِ مراتي ودي حقيقة لا يمكن تتغير ومن النهارده هنعيش حياة طبيعية زي أي أتنين متجوزين أنا عمري ما هأذيكي يا لتيـن ولازم تثقي فيا أنا جوزك
دارت عينيها في محجريهما بيأس تثق به؟ كيف! لقد فقدت ثقتها بالرجال جميعا فقدتها ولن تعد يومًا!! 
سنوات من العذاب ، من الأهانة 
عذاب شرخ روحها بجرح لن يلتئم أبداً!!
تطلعت إليه بقوته وهيبته بـعيناه اللتان تلمعان بشراسة تخيفها .. أتتخلص من عمـاد لتقع بـفخ شعـيب!!
شعـيب الأقوى والأكثر قساوة! شعـيب من تهابه منذ نعومه أظافرها تهابه دون سبب معلوم! ولكنه منذ كانت طفلة يعاملها بطريقة ترهبها كان يتشاجر معها دائما يعنفها إذا أرتفعت ضحكاتها إذا لعبت مع أولاد عمومتها!
حتى إذا بكت! كان يجن ويصرخ بها أن تتوقف في الحال!! فتفر دموعها هربًا من بطشه وتختفي تحت رموشها السوداء 
ولكنها لم تعد طفلة! أصبحت امرأة .. امرأة عانت الويل في تجربة أستنزفت منها الكثير.. ولن تسمح بأن تعيش نفس التجربة مجدداً.. لقد سأمت من تلقي الأوامر وتنفيذها وكرهت ضعفها!!
لذا وبكل قوتها هتفت صارخة: لأ
أجفل شعـيب من صراخها المفاجئ يهتف بأستنكار: هو أيه اللي لأ؟!!
أجابته بقوة رغم شحوبها الواضح: أنا مش موافقة أننا نعيش زي أي زوجين أنا أتجوزتك عشان أخلص من عمـاد
قاطعها بغيرة مجنونة: ماتنطقيش أسمه نهائي
أبتلعت ريقها وهي تراه كتنين ينفث النيران: أنا أنا مش مستعدة أكون مراتك أنا عايزة أعيش حرة مش هنفذ أوامر حد مش هنفذ رغبات أي حد يطلبها مني أنا .. أنا تعبت أن أبقي تابع ليكوا .. بابا وبعدين عمـ
أرادت أن تقول "عمـاد" ولكن عيناه التي تطالعتها بتهديد جعلتها تصمت لثواني ثم أكملت: وبعدين هو ودلوقتي أنت!! بأي حق بتأمرني؟ أنت عارف أحنا أتجوزنا ليه! أنا جبرت نفسي أتجوزك وأنت جدي أجبرك تتجوزني
قاطعها بغضب: أنا محدش يقدر يجبرني على حاجة ولو مكنتش عايز أتجوزك مفيش حد في الدنيا كان هيقدر يجبرني على كده
هتفت بحيرة: أومال أتجوزتني ليه؟ لو مش عشان جدي
أردف بأنفعال: عشان بحـ
صمت بذهول من نفسه ومن أندفاعه الأحمق!! كان على وشك أن يبوح لها بسره!! أن يبوح بهيامه بها!! أي حماقه يرتكبها بحق ذاته!!
أفاق من شروده على همسها: عشان أيه؟
أجاب بأرتباك أخفاه جيدًا: عشان أحميكِ طبعًا!! أنا عارف أن الكلب التاني مش هيسيبك في حالك بس متخافيش قريب أوي هخلصك منه
أرتجف جسدها من شراسته ودعت بصمت أن تمر الأيام القادمة على خير
شعـيب: وبالنسبة للي حصل الصبح فده شيء عادي أنتِ مراتي وحلالي أنا مغلطتش
هتفت بحنق: بس أنا مش موافقة
شعـيب ببرود: والله ده اللي عندي يا زوجتي العزيزة
ضغط على حروف كلمته الأخيرة بأستفزاز
هتفت بقهر: أنت بتستغلني وبتجبرني
مزقته كلماتها ودموعها المتحجرة فهتف بأستسلام أستغربته: عايزة أيه يا لتيـن!
أجابته برجاء: عايزة أنام في أوضة لوحدي أرجوك يا شعـيب وافق أنا مش قادرة أستحمل أكتر من كده أنا وأنت علاقتنا لا يمكن تتغير
أدرك أنها على وشك الأنهيار من عينيها التي تدور داخل محجريهما بيأس من ارتجاف جسدها وأناملها التي تقبض على قماش ثوبها الأخضر الطويل بقسوة 
أجاب بهدوء عكس الألم الحارق الذي يشعر به: تـــمام
زفرت بأرتياح أشعل نيران قلبه أكثر وأكثر
فأكمل: وأنا هرجع لجناح زهرة تقدري تروحي أوضتك وتأكدي أني مش هخطيها من تاني
رأى جمودها الذي دام لثواني ثم أومأت موافقة وانسحبت من مقعدها تخرج من المكتب صافعة بابه بعنف جهل عن معرفة سببه!!
أغمض جفونه بأرهاق .. مازال الطريق لوصالها طويل. طويـــل جدًا.
××××××××××××××
أشرقت الشمس بنورها الزاهي تعلن بداية يوم جديد بأحداث جديدة لأشخاص عديدة
اليـوم سيأتي من تقدم لخطبتها "حاتـم" معيد بكلية الطب يكبرها بعدة سنوات ولكنه عريس ممتاز
وقفت أمام مرأتها تتطلع فيما ترتديه .. ذلك الثوب الطويل حتى كاحلها من اللون الأسود وحجابها الأحمر وكذلك حذائها
تنفست بعمق تمحي الخوف الذي يأكل قلبها
دلفت حنـان تهتف بأستعجال: يلا يا تقى العريس جيه
ألتفتت تنظر لوالدتها بأرتباك لا تثق بتلك الخطوة التي تتخذها .. تعشق مـازن ولكنها ستتزوج غيره!!
اقتربت منها حنـان تهتف بتأثر: بسم الله ما شاء الله قمر ياقلب أمك 
أبتسمت بشحوب ثم خرجت مع حنـان تقابل العريس المنتظر و والديه
اجتمع الجميع في صالون شقة الحاج مهران
جلس الجد مهران بوقاره المعروف وبجانبة أبناءه سـالم و توفيق ومعهم شعـيب يرحبون بأهل العريس
أقتربت لتيـن تهمس لـ تقى المتوتره: مالك خايفة كده ليه؟ أن شاء الله كل حاجة هتم على خير أطمني
أبتسم تقى بأمتنان وعينيها تلسعها الدموع تشعر الآن بأنها تسرعت وأعلنت موافقتها. تريد مـازن دون سواه. تطلعت في وجوه الجميع تبحث عنه ولكنه لم يكن موجود لم يأتي تخلى عنها تركها تكون لغيره تركها دون أن يلتفت لها دون أن يراها من الأساس
××××××××××××××
في ذات الوقت
دلف إلى شقته بأرهاق لم ينم منذ يومين.. يومان قضاهما في المستشفى يعمل دون راحة يهرب من البيت ومنها هي!!
_تقى
همس بصوت لم يغادر شفتاه تلك الصغيرة 
تنهد بألم يحبها ولكن!!
ولكن لا يريد الزواج بها الآن مازالت صغيرة لم تنهي جامعتها لم تحقق أولى أحلامها سينتظرها حتى تنتهي
_مـازن مـازن سرحان فيه يابني ؟
هتفت نـورا حانقه
مـازن: لا أبدا مفيش أومال فين ماما؟ هو محدش هنا ولا أيه؟
نـورا بلا مبالاه: لا مفيش حد كلهم في شقه جدك أصل عريس المحروسة تقى جه ومعاه أهله
صرخ بجنون أجفلها: بتقولي أيه؟
ولم ينتظر أجابتها بل أسرع لـشقة جده وأمارات الجنون تشّع منه
××××××××××××××
سارت الجلسة على أكمل ما يكون حتى صدح صوت مهران يهتف بسرور: على بركة الله نقرأ الفاتحة
_دا على جثتي
صدح صوت مـازن الغاضب: تقى بنت عمي وأنا أولى بيها
أمتغضت ملامح العريس ومن معه بينما تقدم شعـيب يزمجر بغضب: أنت بتعمل إيه يا غبي أنت
تجاهله مـازن ينظر لـجده قائلًا بعنف: أنا مش طلبت من حضرتك يا جدي أيد تقى وحضرتك وافقت؟ أيه بقا اللي بيحصل دلوقتي
أنتفضت والده العريس تصرخ بغضب وهي تسحب أبنها إلى الخارج تهتف بكلمات غاضبة غير مفهومة
بعد أنسحاب أهل العريس تفاجئ مـازن بقبضة شعـيب تهشم فكه يهتف بغضب: أزاي تتجرأ وتعمل اللي عملته ده ياغبي
صرخ مـازن بألم: بدافع عن حقي تقى هتكون ليا أنا وبس .. ملكي
أنفجر شعـيب غاضبا ينهال عليه بالكمات
هدر الجد بأنفعال: بــــس . شعـيب سيب أبن عمك حالًا
تركه شعـيب بقرف ثم خرج بغضب أسود وذكريات الماضي تهاجمه بشراسه
بعد خروج شعـيب العاصف هتف الجد بغضب: مـازن يابن توفيق عايز تفسير للجنان اللي عملته حالًا
ثم تمتم بخفوت لم يسمعه غيره: يافرحة قلبك يامهران اللوح أخيرًا أتكلم
أما تقى كادت أن تفقد الوعي من فرط سعادتها
بينما علامات الراحة كانت على ملامح الجميع عدا لتيـن القلقة على شعـيب!!
ملك: تيـن (لتيـن) بابا راح فين؟
همست بخفوت: مش عارفة!!
××××××××××××××
كان يطوف بسيارته يقبض علي محركها بعنف جسده متشنج بطريقة مرعبة .. عروقة بارزة تكاد تنفجر وعاد بذاكرته للخلف قبل سبع سنوات قبل زواجه بـ زهرة! قبل أن ينكسر قلبه وبراءة عشقة!
flash back
قبل سبع سنوات جلس شعـيب البالغ من العمر ثلاث وعشرين عاماً أمام الجد مهران الذي هتف بأستفسار: خير ياشعيب طلبت تقابلني بالسرعة دي ليه؟ أنت كويس؟ في حاجة حصلت في الشغل؟
هتف شعـيب بحرج وضربات قلبه تنبض بجنون: أطمن ياجدي كل تمام بس أنا كنت
وصمت للحظات ثم هتف بأندفاع بعدما أستجمع شجاعته: أنا عايز أتجوز لتيـن
رآن الصمت للثواني حتى أستقام الجد واقفًا وتبعه شعـيب بقلق 
رفع مهران كفه ثم هبط به على وجهه شعـيب بقسوة .. كانت المرة الأول التي يضرب بها شعـيب طوال حياته لم يفعلها أحد لا والدته ولا والده
جحطت عيناه بذهول يتطلع لجدة بصدمة لا يصدق ما حدث
هدر مهران بغضب: أنت أكيد أتجننت! عايز تتجوز لتيـن؟ لتيـن اللي لسه عيله بضفاير بنت 16سنة؟ جاي عايز تتجوز أخت زهرة؟ اللي مكتوبة على أسمك من يوم ما اتولدت؟ اللي هتبقى مراتك؟ أنت شارب حاجة يابن سـالم أنت في وعيك؟
همس شعـيب بشحوب حاكى شحوب الموتى: أنا بحبها وعمري ما بصيت لزهرة غير إنها بنت عمي وبس زيها زي تقى
كمم مهران فمه بقسوة هادرًا بعنفوان: أخرس الكلام ده مش عايز أسمعه من تاني أنت فاهم؟ تنسى الكلام الأهبل ده ومتفتحهوش حتى بينك وبين نفسك أنت لـزهرة وزهرة ليك أما لتيـن أختك فهي لأبن عمك عماد أخوك هتبص لمرات أخوك يابن سـالم! لو سمعت كلام تاني في الموضوع ده لا أنت حفيدي ولا أعرفك سامع ولا لأ 
ثم أزاحه بقوة كادت أن تسقطه أرضًا لمعت عيناه بالدموع .. دموع رفض كبرياءه أن يذرفها يشعر بقلبه يحترق يكاد يتحول إلى رماد أحلامه تفتت كـبرج عالي من الرمال ومع أول موجه تفتت واختفى!!
أسرع شعـيب هاربًا يصعد إلى طابقهم ، أباح بسر أخفاه عن الجميع بين طيات وجدانه سر أباح به لجدة فـ لطمه بقسوة ورماه في بئر عميق ، يمحي أحلامه تاركًا قلبه ينزف حتى الموت!!
دلف إلى غرفته كأعصار ولحقته حنـان تهتف بقلق: شعـيب ياحبيبي مالك؟ وشك عامل كده ليه
وبدون مقدمات اندفع يحتضنها لينفجر ببكاء مرير بكاء رجل خسر امرأته رجل عشق فـقُتٍل عشقه في مهده
صرخت حنـان بفزع وعيناها تشاركه البكاء: مالك يا ضنايا فيك أيه؟ بتبكي ياشعيب!! أيه اللي حصل يا حبيبي؟ أحكيلي يمكن أقدر أساعدك يابني
طالعها بأمل بعينان بلون الدم ثم سرد لها ما حدث بألم مزق قلبها على فلذة كبدها
وعندما أنتهى قالت بهدوء: وأنت عارف هي بتحبك ولا لا يا شعـيب؟ مش يمكن تكون بتحب عمـاد ابن عمك وعشان كده جدك عمل اللي عمله؟
دارت عيناه داخل محجريهما بقهر لا يعلم فقط لا يعلم إذا كانت تحبه أم لا؟ فكر بألم هل تحب عماد حقا!! احترق قلبه بنار غيرته لتيـن له وهو لها بروحه قبل جسده
هتفت حنـان بجدية: بص بدل أنت متعرفش ومش متأكد من شعورها نحيتك فأنا هسألها وأذا كانت بتبادلك نفس الشعور أوعدك أني هقف قصاد الكل وأولهم جدك وهخليك تتجوزها
سطع بصيص أمل بداخله وأنتظر على أحر من الجمر جواب لتيـن الذي قد يحيه أو يميته!!!
مر يوم ثم لحقه الثاني وخلفهم الثالث وجائت والدته بـالبشاوة
حنـان بحزن: لتيـن بتحب عمـاد ياشعيب وشيفاك أخوها وهتبقى جوز أختها إنساها يابني إنساها
وحاول ينساها ويشهد الله كم حاول نسيانها كم انكوى قلبه بناره ، كم تعذب بعشق من طرف واحد ، عشق أصابه كإبتلاء .. كمرض خبيث لم يشفَ منه حتى الآن!!
أفاق من دوامة ذكرياته واسودت عيناه والتهب صدغة الأيمن بألم وكأنه تلقى صفعة جده للتو..!
×××××××××××××××
بعد عدة ساعات عاد شعـيب إلى شقته بإرهاق نابع من وجدانه وبخطوات متهالكة اتجه إلى جناح زهرة ولكن عند مروره بغرفة لتيـن أستمع لأصوات مكتومة وبدون تردد فتح الباب ووقف متسمرًا غير مستوعب لما يراه..!
عد خروج شعيب الغاضب دارت مناقشات طويلة بين الجد وحفيدة وسط ترقب من الجميع
إلا أن الجد لم يرفض طلب حفيدة فهذا ما كان يتمناه منذ البداية .. مقتنع أن الأبنة لـ أبن عمها فـ يحميها بروحة فهي أمانه في عنقه .. ولكنه لم يستطيع تكرار خطأ الماضي لا يستطيع أجبارهم على الزواج يكفي ذنب شعـيب يكفيه كسر قلب حفيدة الأقرب إلى قلبه
تنهد مهران بثقل وعاد بذاكرته ليوم مضى عليه أكثر من سبع سنوات يوم حطم قلب وقتل أحلام
ولكنه كان الحل الوحيد أما أن يؤلم شعـيب أو يؤلم عائلته بأكملها
كان هناك زهرة وهناك لتيـن وحتى عمـاد!!
ولو وافق لفرق بين أبناءه وأحفاده .. لتفككت عائلته..!
××××××××××××××
وقفت تحت رزاز الماء الدافئ بذهن شارد.. الوقت تخطى منتصف الليل وشعيب لم يأتي بعد ، زفرت بقلق وهي تجفف جسدها .. وقعت أنظارها لتلك الندبة بجانبها الأيسر شهقت بألم وأنهمرت دموعها وهي تتلمسها 
كان أول جرح جسدي تحصل عليه من عماد ..حاولت طرد الذكرة السيئة ولكنها طفرت وبقوه داخل ذهنها
كانت في المطبخ تحضر الطعام حتى عودة عمـاد
أنتفضت بذعر وهي تشعر بمن يقبض على شعرها بقوة يكاد يقتلعه .. لا تدري بما حدث بعدها حقا لا تتذكر فقد أنهارت الأرض تحت قدميها وسقطت فاقدة الوعي وعندما أستيقظ وجدت نفسها داخل المستشفى تعاني من رتوش وكدمات شنيعة مع جرح عميق في جانبها. جرح ألتئم في جسدها ولكن ما زال يئن بوجع في روحها 
تطلعت لعدة ندوب متفرقة في أنحاء جسدها.. ندوب ستظل تلازمها حتى أخر العمر..!
هزت رأسها بقوة لا تريد أن تتذكر فقط لا تريد
أرتدت ملابسها المكونه من رداء ناعم طويل من الحرير باللون الأسود الفاحم عكس بشرتها ناصعة البياض بفتحه صدر عميقة يلتف على قدها الرشيق وتركت شعرها حرًا طليق .. اليوم ستخلد للنوم وحدها فتستطيع الحصول على حريتها دون قيود 
أرتمت على فراشها بأرهاق وعقلها يدور فيما مضى ، أصبحت أنسانه غير طبيعية تعلم هذا جيدًا .. بعد ما عانته مع عمـاد أصبحت تنفر من كل رجل أي كان ، تكره لمسات شعـيب تكرهها ليس لشخصة ولكن بداخلها أشمئزاز ونفور تجاه أي رجل .. ولا تستطيع التغلب على هذا النفور لا تستطيع أن تحيا حياة طبيعية هناك عدة أسباب تمنعها هناك الكثير والكثير.
دفنت رأسها في وسادتها تهرب من أفكارها ولكن تلك الرائحة الرجولية تغلغلت إلى حواسها. رائحة قوية رغم هدوئها مثل صاحبها رائحة عطر رجولي ممزوج برائحته هو.. رائحة "شعـيب" .. حاولت أن تقاوم تأثيرها ولكن دوعي منها أستنشقت أكبر قدر منها تملئ به رأتيها ثم راحت في ثبات عميق 
××××××××××××××
بعد مرور عدة ساعات عاد شعـيب إلى شقته بإرهاق نابع من وجدانه وبخطوات متهالكة اتجه إلى جناح زهرة ولكن عند مروره بغرفة لتيـن أستمع لأصوات مكتومة وهمهمات غير مفهومه وكأنها تعاني!! وبدون تردد فتح باب الغرفة ووقف متسمرًا غير مستوعب لما يراه..!
كانت لتيـن تتقلب في فراشها كمن يصارع حيوان مفترس.. يتصبب العرق من جبينها بكثره وشعرها متناثر حولها بجنون .. أما ردائها الطويل فأنحصر بين ساقيها يظهر أكثر مما يخفى 
أقترب منها بفزع وهو يسمع صرخاتها التي جرحت سكون الليل
شعـيب برعب وهو يحتضنها يحاول أفاقتها: لتيـن .. لتيـن يا حبيبتي فوقي .. لتيـن فتحي عيونك أنا معاكِ 
أنتفض جسدها تلكمه بشراسه غير واعية
صرخ شعـيب بقلب يحترق لرؤيتها هكذا: لتيـــــــــن 
سكم جسدها فجأة ثم فتحت جفونها تنظر للفراغ بعيون جاحطه فتأكد أنها بعالم أخر يحاصرها 
أحاط وجهها بين كفيه قائلا بفزع: لتيـن بصيلي ياحبيبتي أنا جانبك فوقي أنا شعـيب .. أنتِ في أمان معايا
ألقت جسدها داخل صدره تتشبث به شاهقه ببكاء مرير: هيموتني يا شعـيب هيموتني هو هنا أنا شفته والله شفته كان هنا .. ومش هو لواحده كان معاه تعبان كبيير أوي شكله .. شكله مرعب
أحضتنها بقوة جعلتها تتأوه بآلم ولكنه لم يهتم يريد زرعها داخل ضلوعه قائلا. بصوت أجش متألمًا عايها: هحميكِ ومحدش هيقدر يأذيكِ طول ما أنتِ معايا .. في بيتي وجوه حضني
أنهمرت دموعها قائلة بأعتراض: أنت مش فاهم .. هما هيأذوك .. كنت غرقان دم ومهما أصرخ بأسمك عشان تنقذني مكنتش بتفوق .. مكنتش بتفوق يا شعـيب 
ثم أنهارت باكيه وشعيب يعتصرها داخل صدره قائلا بغصة: لحد أخر نفس فيا هحميكِ بعمري يا لتيـن صدقيني .. هـ أفديكِ بروحي (وأكمل بوعيد) وأي حد يفكر بس أن يلمس شعره منك همحيه من على وش الأرض ودا وعد من شعـيب سـالم مهران وأنا عمري ما بخلف بوعدي ولو على رقبتي أطمني يا حبيبتي أطمني طول ما أنا جانبك أمانك وحمايتك اللي لا يمكن يتخلى عنك 
تغلغل شعور الأمان بأوردتها .. تثق به؟!.. نعم تثق به أكثر من أي شخص على وجهه الأرض تثق به وكفى دون أسباب أو مبررات .. تعلم علم اليقين أن شعـيب سـالم مهران لا يخلف وعده أبدًا..!
ظلت متشبثه بصدرة المنيع ترتشف منه الأمان والحماية 
الأمان أقوى أنواع المشاعر إن شعرتِ مع شخص ما بالأمان لهو شيء نادر 
باستطاعتنا حب شخص ما .. أن نكره أن نثق .. ولكن أن تستكن روحكٍ وتتلذذ بالأمان دون شروط أو مقابل فتأكدي أن هذا الشخص لن يخذلكِ أبدًا...!
غفت لتيـن وهي تحتضن شعـيب بقوة أما الأخير فكان في جنته الخاصة يسبح في عالم أخر .. عالم تمنى أن يراه ولو من بعيد ولن اليوم وفي هذه اللحظة يقبع هذا الحلم بين ذراعيه...!
ربااااه كم تخيل شعوره عندما تكون بين أحضانه بـأرادتها ولكن كل ما تخيله لا يساوي ذرة من شعورة الأن .. كـ لاجئ عاد لوطنه بعد غياب دام لسنوات وأم رأت طفلها للمره الأولى
ألتمعت عيناه بدموع يحمد الله كثيرًا فـقد أستجاب المولى لدعواته بعد حرمان دام لسنوات
قربها لقلبه أكثر يدفن وجهه بعنقها الطري يستنشق عبيرها بعمق ثم طبع قبله عميقه في عنقها وراح في ثبات عميق براحه وسلاسه دون أزعاج من نيران أشواقه فـ مالكه القلب والوجدان تقبع جواره بل في أحضانه...!
××××××××××××××
في صباح اليوم التالي ~الجمعة~
تفاجئت حنـان بزيارة نـورا في الصباح الباكر ومعها مالك
نـورا بأبتسامة: صباح الخير يا مرات عمي وحشاني
حنان بترحيب: صباح النور يا حبيبتي تعالى يا نـورا أتفضلي
أشارت لها للدخول ثم جلسوا في الصالون
حنان : وأنتي كمان وحشتيني يا نـورا أنتِ ومالك حبيب قلبي ده ثم أحتضنت مالك بحنان تلعبه
نـورا ببرائة مصطنعة: عقبال ما تشيلي ولاد شعـيب بأذن الله طبعًا عائشة وملك ربنا يخليهم بس بردوا الولد فرحته مختلف
أرتسم الألم والحزن على ملامح حنان فقالت نـورا بأرتباك أجادت صنعة: حقك عليا يا مرات عمي أنا مقصدش حاجة والله أنا نسيت أن دي حاجة مستحيل تحصل 
حنان بحزن: ولا يهمك يا نـورا أكيد متقصديش
نـورا: والله شعـيب دبس نفسه في الجوازه بس كان هيعمل أيه ما بردو لتيـن لعبتها صح
صاحت حنان بستنكار: لتيـن!! هي كانت في أيه ولا في أيه بصراحه يانورا أخوكِ أفترى عليها دي مهما كان بنت عمه
أردفت نورا بأسف: أخويا!! يعيني عليه أصلك مش عارفة كانت بتعمل فيه أيه يلا ربنا أمر بالستر وأهو خسر كل حاجة بسببها شغله وعيلته حتى لحد دلوقتي معندهوش عيل يفرح بيه قلبه
هتفت حنان بفضول وتسرب القلق إلى قلبها: هي كانت بتعمل فيه أيه بالظبط؟
ألتمعت عين نـورا بالأنتصار: مهما يجيب ويعمل مبيرضهاش تتكلم على الرايح واللي جاي بالعاطل والقريب قبل الغريب ، أكيد لاحظتي قله وجود عمـاد معانا كل ده بسببها كانت عايزه تسيطر عليه وتخليه زي الخاتم في صباعها وكله كوم وغيريتها من زهرة الله يرحمها وشعيب كوم تاني خالص
حنـان بصدمة: معقوله!! تغير من أختها ومن أبني!! يا ساتر يارب ليه كده؟
أكملت نـورا بحقد: طبعًا كانت تغير من زهرة مع أنها أختها والمفروض تتمنى ليها الخير بس تقولي إيه الطمع ملى عينها وعمى عنيها عن أقرب الناس زهرة كانت الله أكبر عليها جمال وأدب ومكمله تعليمها ولكن لتيـن لا زهرة خلفت بدل المره ما شاء الله أتنين وهي لا .. أما شعـيب فكانت دايما تقارنة بأخويا وانتِ يامرات عمي عارفة عمـاد عصبي ومبيسكتش وهي أخر مره زودتها على الأخر فضربها العلقة التمام
حنـان بقلق: عملت أيه
هتفت نـورا بفرحه تكاد تقفز من عينيها وهي ترى نجاح خطتها: عملت اللي مفيش راجل يستحمه قالته بكل بجاحه أنت مش مكفيني يارتني كنت أتجوزت شعـيب .. هو اللي في أيده كل حاجة فلوسه وفلوس جدي وأنت يادوب شغال عنده أنما هو الكل في الكل بكلمة منه يشردك في الشارع وأنا لايمكن أعيش مع واحد زيك كنتوا مستنين أيه من أخويا يطاطي ويسكت ودلوقتي تقوليلي أنها مش مخططه لجوازها من شعـيب أقطع دراعي أن ما كانت عملت تمثليه أنتحارها دي عشان تستولى على شعـيب وأنتِ عارفة بيحبها قد أيه
طالعته حنـان بصدمة فأكملت نـورا: أيوه يا مرات عمي أنا عارفة قد أيه شعـيب بيحبها ومش من دلوقتي دا من زمان أووي ودا اللي قلقني على شعـيب لتيـن للأسف هتخليه زي الخاتم في صباعها هي شاطره في الموضوع ده
أنقبض قلب حنـان بقلق على فلزة كبدها .. يجب أن تحميه من طمع لتيـن يجب أن ينتهي هذا الزواج بأسرع ما يكون وتحافظ على أبنها الوحيد وأحفادها
أستمرت نـورا في بث سمومها على مسامع حنـان مستغله سذاجتها وأعتراضها منذ البداية على زواج شعـيب من تلك الـ لتيـن…!
نـورا بلؤم: بس بردو أنتِ غلطانه يا مرات عمي أنتِ سيبالها الحبل على الغارق حقها تركب وتدلدل رجليها كمان ..
حنـان بعدم فهم: قصدك أيه1
أجابتها الأولى بتوضيح: يعني من وقت ما شعـيب أتجوزها وأنتِ مطلعتيش عند أبنك ولا مره ولا حتى أطمنتي على عائشة وملك ودا يخليها تحس أنها ملكت كل حاجة وياخوفي تكون جلفت شعـيب بدلعها ومُكرها
أردفت حنـان بأنفعال: أنتِ عندك حق أنا غلطت لما سبتها براحتها لازم أطمن على أبني وبناته ولو اللي بتقوليه صح فيا ويلها وسواد ليلها بنت فوزية..!
أبتسمت نـورا أبتسامة أفعى على وشك غرز أنيابها بفريستها .. هامسه بخبث لم يصل لـ حنـان: وأدي أول مسمار يندق في نعشك يا لتيـن والأيام لسه ما بينا .. يا أنا يا أنتِ…!6
××××××××××××××
أخد يتطلع إليها بأفتتان يراقبها متأملًا ملامحه الفاتنة دون كلل أو ملل.. وهي نائمة بين ذراعيه رأسها يتوسد صدره براحه وكأنها أعتادت النوم هكذا
أقترب منها أكثر مزيحًا شعرها عن وجهها وعنقها الطري يتلمسهم برقه .. لتتململ بأنزعاج من لمساته ثم فتحت عينيها لتقع أنظارها على وجهه القريب منها يكاد يلامس وجهها
شهقت لتيـن بجزع قائلة: سلام قولًا من رب رحيم أنت طابق على نفسي كده لييه؟!!!…12
تجاهل قولها الجلف وبدون
مقدمات أقترب منها ليطبع قبلة ناعمة على جانب عنقها وهو يهمس: صباح الخير
أرتجفت من لمسته ومن عمق نظراته.. أرتجفت من دفئ يده التي التفت حولها تقربها له .. وهربت الكلمات من فمها .. حاولت الأعتراض عن قربه المُهلك.. حاولت القيام من جواره ولكن جسدها آبى الأنصياع لها
أبتسم شعـيب بسرور لتأثيره الواضح عليها .. ثم أقترب منها يطبع عده قُبلات شغوفه متطلبه على وجنتيها
شهقت لتيـن دون صوت تكاد أن تذوب من فرط الخجل ومشاعر أخرى جهلت عن تفسيرها
أنتفضى معًا جراء صوت جرس الباب الذي صدح في الأرجاء
تنهد شعـيب بأحباط دافنًا رأسه في عنقها يتنفس بصوت عالي يستنشق رائحتها الخلابة.. مزيجًا من رائحة النعناع والفانيلا…!
عاد صوت الجرس بشكل أكثر ألحاحًا.. نفخ بضيق ثم نظر لها بوله قبل أن يستقيم واقفًا يتجه نحو باب الشقة يفتحه ليتفاجئ بوجود كل من والدته حنـان و نـورا أبنه عمه وصغيرها مالك…!1
××××××××××××××
أخدت تقى تتطلع لـ هاتفها الذي يتصاعد رنينه بشكل لحوح.. كانت تعلم من يهاتفها جراء الرنه المميزه التي صدحت في ارجاء الغرفة
كان مـازن حبيب الطفولة والمراهقه.. تتلهف لسماع صوته للأطمئنان عليه ولكن كبريائها يقف رادعًا لهتاف قلبها المتيم به1
نفخت بضيق هامسه: ولو ولو … لو هيكرهني كده مش هرد عليه خليه يتعلم الأدب المز القمر ده!…3
توقف الهاتف عن الرنين وكأن صاحبها قد مل فـ أرتسم البؤس والأحباط على ملامحها الرقيقة وأرتعشت شفتاها تعلن عن نوبه بكاء حاده!…2
ولكن الصوت المنبعث من هاتفها بوصول رسالة على أحد مواقع التواصل الأجتماعي جعلها تقرأها بلهفه
كانت الرسالة من مـازن يهددها بـ (لو مردتيش على التليفون يا تقى هنزل أكسره على دماغك)1
ضحكت ببلاهه وكأنه يغازلها بأرق الكلمات .. ثواني وتلقت أتصال أخر منه2
ردت بتأفئف مصطنع: عايز أيه
أجابها مـازن بهيام: صدقينى انا عايز اعمل اى حاجه عشان ارضيكى
عايز ابقى حد يستاهل بجد يبقى ليكى
كنتى تايه واما شفتك
ابتدت احلامى بيكى واللى فات بقى ذكريات ده انا ابتديت عمرى بهواااااكى
انا كنت قبلك مين انا كنت قبلك فين
غلطان بأيديا اخترت التوهه مع التايهيين
غابت عنى الحقيقه وعرفت طريقها منيييين
اول ما قلبى حس هواكى يعنى مشفتش غيره وياكى2
صدقينى انا عايز اعمل اى حاجه عشان ارضيكى
عايز ابقى حد يستاهل بجد يبقى ليكى3
أردفت تقى ببرود رغم سعادتها التي لن تصفها الكلمات: صوتك وحش2
أنفجر مـازن ضاحكًا ثم قال: كنت متأكد أنك هتقولي كده1
تقى: عايز أيه يا مـازن أخلص!
مـازن ب أستياء: في واحدة تكلم خطيبها كده؟ فين الرومانسية؟ فين الـlove والدلع؟ فييين المأذون؟1
_فيـن أبوك اللي معرفش يربيك يالا1
صدح صوت سـالم بشكل مفاجئ فأرتعب مـازن ودون تفكير أغلق الهاتف ينهي المكالمة6
وعلى الطرف الأخر أنفجر سـالم ضاحكًا قائلا بخبث: الواد ده بيفكرني بنفسي أيام ما كنت لسه في الملاعب4
شهقت تقى بخجل فأنتبه سـالم لوجودها ثم هدر بتحذير: الواد ده مترديش عليه أنا مسمحتهوش على اللي عمله قدام العريس مفهوم1
أجابته دون أعتراض: حاضر يا بابا
طبع سـالم قُبلة حنونه على جبينها: قلب أبوكِ يا تقى ربنا يسعدك ياحبيبتي
××××××××××××××
لتيـن بسعادة: أزيك يا مرات عمي وحشتيني والله
أبتسمت حنـان بتكلف قائله: أن شالله ماتشوفيش وحش .. أومال فين مـلك وعائشة؟
شعـيب بهدوء: انهارده الجمعة الاجازة بتاعتنا فهما لسه نايمين
حنـان بحرج: شكلنا جينا في وقت مش مناسب1
أقترب شعـيب يقبل يدها قائلًا بعتاب: كده بردوا يا حناني! بيت أبنك هو بيتك يا ست الكل وقت ما تحبي تيجي وتنورينا في أي وقت
أرتسمت السعادة بجلل على قسمات وجهها: حبيبي ربنا يخليك ليا وميحرمنيش منك ياضي عيوني
نـورا ببرائة: وأنتِ يا لتيـن أخبارك أيه؟ وشك منور ما شاء الله ولا القميص اللي أنتِ لبساه هياكل منك حته .. عروسة وفي شهر العسل بقى..!2
رآن الصمت لثواني .. تجمد الدم بعروق لتيـن من فرط أحراجها ، حتى حنـان شعرت بالخجل من قول نـورا … أما شعـيب فـ أستقام واقفًا قائلا بجمود: عن أذنك يا أمي هدخل المكتب عندي مكالمة شغل ضرورية
بعد أنسحاب شعـيب هتفت نـورا بأستغراب: هو أنا قولت حاجة غلط لا سمح الله؟ أنا بتكلم على اللي شيفاه!! (وأكملت بخبث وصوت مرتفع وصل لشعيب) بس قوليلي يا لتيـن قميص النوم ده جديد ولا من أيام جوازك من عماد؟!…5
برزت عروق شعـيب حتى كادت أن تنفجر وتشنجت عضلات فكه وتمنى لو تحولت نـورا لـ رجل حتى يستطيع الفتك به وتحطيم ضلوعه و تقطيعه لقطع صغيرة ثم يرميها للكلاب ولكن تحكم بأعصابه بصوره يحسد عليها وتستحق الثناء ثم أندفع نحو مكتبه بخطوات غاضبه تكاد تخترق الأرض الرخامية صافقًا باب المكتب بعنف جعل النساء يرتجفن رعبًا …1
هتفت لتيـن بحده: ملكيش دعوة بـ لبسي يا نـورا وأسلوبك ده ما يناسبش حفيدة مهران1
نـورا بحقد: قصدك أيه يا لتيـن
أردفت الأولى بلا مبالاه: اللي فهمتيه .. عن أذنك يا مرات عمي هعملك حاجة تشربيها ثم توجهت بخطوات غاضبه تجاه المطبخ تلعن وتسب نـورا .. فبرغم كل شيء شعـيب زوجها ولا يستحق أن يستمع لكلمات نـورا المسمومه تعلم نواياها جيدًا .. ترى الحقد والغيرة في عيناها .. غيرة لا تعلم سببها..!
تنهدت بضيق ثم بدأت في أعداد مشروب بارد كضيافة لزوجة عمها ونورا
تفاجئت بمن يقبض على رسغها بقسوة تكاد أن يحطمه
فصاحت بألم: مرات عمي حضرتك بتوجعيني
همست حنـان بشراسه: وهكسر دماغك كمان.. أسمعيني كويس أوي أن كنتي فاكرة أنك كسبتِ تبقي غلطانة واللي فشلتي في زمان مش هسمحلك تحققيه دلوقتي.. عيني هتكون عليكِ دايما.. ف أحسنلك تمشي جنب الحيطة يا لتيـن وأفتكري أن شعـيب يبقى جوز أختك جوز أختك وبن عمك وبس وأنا مش هسمح لأبني يعيش مع واحدة متقدرش تجبله حته عيل يشيل أسمه1
ثم تركتها بعنف تفر خارج المطبخ تاركه لتيـن شاحبه وقد أستحال وجهها للون الأبيض وفقدت كل مظاهر الحياة
××××××××××××××
في نفس الوقت بـ غرفة المكتب
كان شعـيب يغلي من الغضب والغيرة تنهش قلبه دون رحمه تتلاعب بعقله وترسم له مئات المشاهد بين مالكة القلب وأبن عمه..! يتخيلها خلال فترة زواجهم..
هل رآها هكذا..! هل تمتع بالنظر إليها..! هل أرتدت له هذا الثوب المستفز لأعصابه وتحكمه بذاته..!
رباااااه سيفقد عقله .. بالتأكيد سيفقده .. كان يظن بأنه تخلى عن غيرته المجنونه نحوها أنه أصبح أكثر تعقلًا .. ولكن فليذهب العقل للجحيم .. تلك المرأة حبيبته .. تلك من خفق قلبه لها وحدها .. تلك ليست أي أمرأة تلك مالكة القلب والوجدان .. عشقه المستحيل .. تلك أمراته.. زوجته بحق الله..
تنهد بعذاب لو ترك العنان لغيرته لأحرق الأخضر باليابس
تفاجئ بدخول نـورا دون أستأذان فهتف بصلابه: أنتِ أزاي تدخلي من غير ما تستأذني
نـورا بحرج: أنا أسفه بس كنت
قاطعها بنفاذ صبر: أسفك مش مقبول وياريت متدخليش عليا بالطريقة دي مره تانيه ولا تدخلي في مكان أكون فيه لوحدي من غير ما يكون في محرم معانا يا أم مالك1
بهتت ملامح نـورا قائلة بصدمة: محرم!!! وأم مالك..!2
هدر شعـيب ببرود: مالك بيعيط أتفضلي روحيله1
أومأت بحرج ثم أندفعت خارج المكتب و أتجهت إلى طفلها الباكي تحمله بقوة آلمته ولكنها لم تهتم فقد كانت تحترق بغضب أسود سيحرقهم جميعًا دون أستثناء..!
أنتبهت لقول حنـان: بينا يا نـورا خلينا ننزل قصدنا يوم طويل
أومأت موافقه وعقلها يرسم ويخطط بشر قادر على أهلاك دوله بجيوشها..!
××××××××××××××
هدر مهران بعنف: أبنك مش هيعتب مكان بأسمي يا توفيق أنا سكتله كتير بس خلاص رصيده خلص عندي
توفيق برجاء: ياحج عشان خاطري أديله فرصة هو راجع
ندمان وقصدني أتوسط له عندك بالله عليك ياحج ماتكسفني خليه يرجع يعيش معانا من تاني ويرجع لشغله
مهران بأسف: طول ما أنت بتسامحه على عمايله السوده دي عمره ما هيتعدل أنا مش عارف أنت بتفكر أزاي؟!!! ياواد أبنك محتاج لقلم يفوقه قبل ما يضيع منك على الأخر طول ما أنت بتضلل عليه عمره ما هيبقى راجل يعتمد عليه ويشيل مسؤولية نفسه هيبقي أخره يتشطر على الحريم أنما لو وقف قصاد راجل زي شعـيب كده هيبقى زي الفار
توفيق بـ بؤس: عمـاد مش زي شعـيب عماد أبني
قاطعه مهران بقسوة: عمـاد أبنك لا شبه شعـيب ولا هيكون أبنك نمرود ماشي يتفشخر بأسمي ومالي فكرك أنا مش عارف بسهره كل ليله والتانيه في الكابريهات؟ أبنك بقى يتفنن في معصيه ربنا وأخر كلام عندي الـ×××× ده مش هيدخل بيتي بيت الحج مهران1
توفيق: طب ياحج يحضر حتى خطوبه أخوه
مهران بأستياء: ربنا يسهل لسه أسبوعين على الخطوبه وبطل زن الحريم ده يابن مهران دا مش توبك ولا مقامك
أنحنى ظهر توفيق بضعف وأنكسار .. يعلم بـأفعال عماد المشينة ويخجل منها ولكنه يخشى أن تركه بعيد عنه وعن العائلة فينغمث أكثر وأكثر في ملزاته..!
××××××××××××××
لم تكن طبيعية على الأطلاق هذا ما فكر به شعـيب وهو يرى لتيـن ترتب أواني الطهي أول ليكون محق تعذبها!!
هدر بخشونة: لتيـن
تجاهلت الرد عليه وأستمرت بأفراغ كافة غضبها على الأواني المسكينة1
عاد يناديها بصوت أكثر حده: لتيــــن
أطاحت بالطبق المعدني ثم نظرت إليه صارخة بعنف: نعـــــم!!!
لم ينفعل ولم يغضب بل تطلع إلى عينيها ليرى دموعها المتحجرة داخل محجريهما ثم تنفسها السريع وكأنها تركض في سباق عنيف أقترب منها ببطئ ثم جذبها بهدوء إلى صدره يعانقها
يعانقها بلا سبب و دون مقدمات عناق يعلم أنها تحتاجه عناق نابع من وجدانه .. عانقها بأخلاص وبقوة وكأنه يخبرها أنه هنا.. معها.. وبجوارها دائمًا وأبدًا..!1
أنفجرت لتيـن باكيه تبكي وتبكي وتبكي حتى شعرت بجفاف دموعها وعدم قدرتها على البكاء
أحتضن وجهها بين يديه قائلًا بحنان: أحسن دلوقتي؟ ولا فيه دموع كمان؟1
أومأت بالنفي ف أبتسم براحه: الحمدلله أنا خفت تغرقينا بدموعك1
نظرت له بحقد فضحك بمرح: لا حقيقي عندك دموع كتيره أوي زهرة مكنتش كده3
رآن الصمت لـدقائق بعد قوله العفوي قطعته لتيـن قائلة بأشتياق رغم تهجم ملامحها: زهرة كانت الأحلى في كل حاجة .. كانت بتكره الدموع مش بتطيق الحزن.. ضحكتها كانت بتنور أي مكان تروحه.. محدش عرفها إلا وحبها (أبتلعت غصة بكاء ثم هتفت) كانت بتحبك جدًا حب لا عمري شوفته ولا هشوف زيه .. كانت بتحلم باليوم اللي تكون فيه على اسمك.. كانت عندها أحلام كتير عنوانها أنت .. شعـيب
هيئ لها برؤيتها لدموع لمعت في عيناه ثم أنزلقت أحداهما تروي صدغة كـ أرض قاحلة ترتوي بقطرة ماء
فركت عينيها ثم عادت تنظر إليه فرأته كما أعتادت أن تراه.. جبلًا مهيب صامدًا
هدر شعـيب بصوت أجش: زهرة خدت كل حاجة من أسمها زهرة كانت أسم على مسمى ربنا يرحمها ويصبرنا على فراقها
همست بخفوت: أمين
صاح شعـيب فجأة: أيه رأيك نخرج أنهاردة
لتيـن بأستغراب: نخرج!!! هنروح فين؟ وبعدين مش النهاردة المفروض أن العيلة كلها هتتغدى مع بعض
هتف بلا مبالاه: مش مهم هنفلسع من وراهم
صاحت بصدمة: هن أيه؟ نفلسع..!
أومأ بتأكيد: أيوه نخرج في الخباثة يعني
ثم فرد ذراعه يصافحها: أتفقنا؟!..
صافحته بحماس: أتفقنا
شاركها الحماس قائلا: طب يلا جهزي البنات خلبنا نلحق اليوم من أوله
أسرعت إلى غرفه البنات لتنفيذ مهمتها أما شعـيب فـ أبتسم بحنان هامسًا: الدنيا اللي جت عليكِ وسرقت شبابك وفرحتك هعافر فيها وفيكِ علشان ترجعلك ضحكتك علشان تحبي نفسك من جديد ف تعرفي تحبيني3
××××××××××××××
لا تدري كيف طاوعته على أقتراحه المجنون بالهروب من التجمع العائلي ولكنها لم تكن مستعدة لمواجهه الجميع .. لم تكن مستعدة لنظراتهم وتسائلهم الا محدود
تنهدت بعمق وهي تتطلع إلى الفتاتين السعيدتين وأرتسمت أبتسامه حنونه على شفتيها ولكن تلك الأبتسامه أنمحت عند وقوفت السيارة أمام ملاهي حكومية تكاد تكون شعبية بها عدد من الناس ليس بقليل أبدًا
هتفت لتيـن بذعر: أنت وقفت هنا ليه؟!..
شعـيب بـأبتسامة رائعة: خلاص وصلنا
ردت بحذر: وصلنا فين بالظبط؟!..
نفخ بضيق: الملاهي يا لتيـن مالك؟ مش شايفه ولا أيه؟!..
لتيـن: أنا شايفه الحمدلله المهم أنت شايف؟؟ شعـيب أنت واعي أحنا فين؟
هدر بنفاذ صبر: ايوه واعي قصاد الملاهي هنركب المراجيح ونشتري بلالين
جحطت عيناها بصدمة: بلالين!!! أنت متأكد أنك شعـيب مهران ملك الصاغة في مصر والشرق الأوسط؟ ومن أشهر مصممين الحُلي في العالم1
قهقه شعـيب بمرح ثم قال: اااه أنتِ مفكراني بقى هخدك ××××× ولا ××××× .. حبيبتي هي نفس الالعاب بس في مكان أنضف شوية والعبد لله عارف الفلوس بتيجي بصعوبة أزاي فمش مجنون أنا عشان أصرف كم ألف في كم
ساعة!! هي 200جنية وقضيت7
هتفت لتيـن بذهول: يا الله أنت بخيل!!!!!
صدحت ضحكات شعـيب مره أخرى: مش بُخل بس محبش حد يستغلني .. ها هتيجي معانا ولا هتقضيها في العربية؟ علفكره أنا والبنات متعودين نيجي هنا؟ قولتي أيه؟
صمتت ثواني ثم هتفت بأستسلام: معاكوا وأمري لله
أبتسم بسعادة ثم خرجوا جميعا من السيارة ليبدأو نزهه سعيدة كعائله صغيرة
لم تتخيل يومًا أن تعيش تلك المغامرة المرحة ومع شعـيب دون غيره..! لسنوات كانت سجينة والآن هي حره طليقة وكأنها عادت مراهقة في التاسعة عشر من عمرها ..
ولم يكن شعـيب بالشخص البخيل كما وصفته بل كان كريمًا متواضعًا مع كل عامل يعمل بـ الحديقة .. كان يلهو معها ومع بناته بحنان وروعة.. كان فخور بها يقدمها للجميع معلنًا أياها زوجته .. كان مثال رائع للأب وزوجٍ تفخر به
تصنمت للحظات من أفكارها .. هل تمدح شعـيب حقًا..! من كانت تابه وتخشاه..! هل حقًا تقبلته كزوج لها؟! 
هزت رأسها بعنف تطرد تلك الأفكار فتلك بداية غير مبشرة .. عليها الحفاظ على مشاعرها ومنعها من الأنجراف نحوة.. أنتفضت وهي تشعر بمن يمسك رسغها برقة
شعـيب بهدوء: لتيـن مالك واقفه كده ليه تحبي نروح؟
أبتلعت ريقها بصعوبة ثم قالت: أنا جوعت وزمان البنات جعانين أيه رأيك نروح أي مكان ناكل فيه؟
أومأ موافقًا: عندك حق يلا بينا تحبوا تاكلوا أيه؟
صرخت الفتاتان بحماس: بيتـزا
شعـيب برفض: بيتزا أيه لا طبعًا .. (ثم أضاف بحماس) أحنا ناكل كشري
نظروا إلى لتيـن بأستعطاف ورجاء فقالت لـ
شعيب بتعاطف: عشان خاطري يا شعـيب خلينا ناكل بيتزا 
هدر شعـيب بوله: عشان خاطرك شعـيب مش ياكل بيتزا وبس دا أنا أطبخها كمان
ضحكت بخجل ثم قالت: لا خلينا نشتريها جاهزة ، مش عايزين نتعبك 
شعـيب بخشونه: تعبك راحة يا لتيـن .. وأكمل بهمس لم يصلها: تعبك راحة ياحبة القلب 
××××××××××××
في شقة مهران
أجتمعت العائلة على مائدة الطعام .. فـي طقس عائلي يقدسه مهران 
حنـان بضيق: هو أحنا هناكل وشعيب لسه مانزلش؟ دي أول مره يتأخر؟ (وأكملت بقلق)ليكون بعد الشر تعبان
هتف مهران بهدوء: شعـيب بيتفسح هو ومراته ومعاهم ملك و عائشة 
صرخت حنـان بغضب: أييييه
سـالم بتحذير: حنـان صوتك
حنـان بأرتباك: أسفه ياعمي مقصدتش أعلي صوتي بس أستغربت مش أكتر
تدخلت فوزيـة تقول بأستغراب: وأنتِ مستغربة ليه يا حنـان؟ راجل ومراته وفي شهر عسلهم من حقهم يخرجوا ويعيشوا حياتهم
نـورا بسخرية: راجل ومراته أيه يا عمتي أنتِ بتضحكِ على مين؟ ما أحنا دفنينوا سوا
هدرت فوزيـة بغضب: قصدك أيه يا أم مالك
قالت نـورا بحقد وقد نفذ صبرها: قصدي أن شعـيب متجوز بنتك عشان يستر عليها جدعنة منه يعني ولولا التمثلية الخيبة اللي بنتك عملتها وقال أيه هتموت نفسها شعـيب عمره ما كان هيبصلها دي لا جمال ولا تعليم ولا حتى خلفه
شهقت فوزيـة بآلم وكأن نـورا قد صفعتها للتو ، بينما صرخ توفيق بتحذير: نـورا أحترمي نفسك وأتكلمي على بنت عمتك عدل 
نـورا بسخط: وأنا قولت أيه يعني؟ هو اللي يقول الحقيقة في الزمن ده يبقى وحش
صرخت فجأة وهي تشعر بمن يمزق شعرها فـ هتف بوجع: ااااه شعري يا حاجة هيتقطع في أيدك
صباح بقرف: أنتِ يابت مش راضية تتعدلي ليه حذرتك مره واتنين وتلاته وأنتِ بني آدمه براس عجل مبتفهميش مش كفاية راميه أبنك ولا اليتامى ياجاحدة 
تعالت صرخاتها وسط شماته الجميع وعلى رأسهم مازن الذي هتف بتشفي: أتوصي بيها ياصبوحة مش خسارة في طيبة قلبها 
أجابته صباح بمرح: من عنيا ياقلب صبوحة والله أنت اللي في ولاد توفيق كلهم 
هتف مـازن بوجل: أخجلتم تواضعنا
مهران بهدوء: خلاص سبيها يا صباح المره الجاية قرصة الودن هتبقى مني أنا .. وأنتِ يا حنـان هدي اللعب شوية
أومأت حنان بحرج أما نـورا توعدت لهم بأغلظ الايمان
_السلام عليكم
تفاجئوا جميعا بالشخص الماثل أمامهم شخص نُبذ من الجميع ولكنه عاد.. ينوي فعل الكثير والكثير
أقتربت وفـاء بلهفة تحتضن عمـاد بشوق جارف تهتف ببكاء: وعليكم السلام ياحبيبي وحشتني يا عماد كده بردو تغيب عليا كل ده أخس عليك يا أبن بطني
ضمها عمـاد بحنان قائلًا بأعتذار: حقك عليا يا أمي بس أنتِ عارفة الظروف
وفـاء: ولا يهمك يا بني المهم انك قدام عنيا وفي حضني
قاطعهم مهران بغضب: أنت أيه اللي جابك هنا
خرج عمـاد حضن والدته ثم أقترب من الجد يهتف بندم: حقك عليا يا جدي أنا أسف على كل حاجة عملتها خليني أرجع وسطكم من تاني أنا من غيركم ضايع أنا ندمان على اللي عملته
أرتسم التعاطف على ملامح الجميع عدا الجد الذي قال بجمود: على رأي الست تفيد بأيه يا ندم .. مبقاش ليك مكان بينا يابن توفيق
عمـاد: كده يا جدي؟ بقى لو شعـيب مكاني كنت هتقوله نفس الرد؟!
مهران بأسف: شعـيب لا يمكن يعمل كده لانه راجل أنما أنت عيل وخذلتني لما وثقت فيك وسلمتك بنت عمك أمانة في رقبتك بس أنت عملت أيه؟ أهانتها وأذيتها .. دا غير بلاويك اللي عارفها وساكت عنها وبلاش تخليني أتكلم لحسن هـ تصغر أووي في عيون الكل وأولهم أخواتك الصغيرين يا كبير
عماد: جدي أنا
قاطعه بحدة: اللي عندي قولته. شوف أنت رايح فين ربنا يساهلك
هتفت وفـاء برجاء: عشان خاطري يا عمي سامحه وخليه يعيش معانا متوجعش قلبي على أبني مهما عمل أنا مقدرش أتخلى عنه
أيدها توفيق: سامحوا ياحج وأن كان على اللي عمله في لتيـن أنا مستعد أخليه يعتذرلها (ثم نظر لعماد قائلًا) مش كده ياعماد؟ مش أنت هتعتذر لبنت عمتك؟
قبض على يداه بشدة حتى أبيضت مفاصله ثم قال بثبات: أيوه يا بابا عندي أستعداد أعتذرلها ، لتيـن مهما كانت بنت عمتي والدم عمره ما يبقى مايه
هتف مـازن بهمس لـ تقى الجالسه بجواره: أخويا ده فنان أقسم بالله فنان أنا تكه كمان وهصدقه
تقى بتحذير: بس يا مـازن حرام عليك شكله فعلاً ندمان
مـازن بسخرية: عمـاد وندمان!!!! لا أله إلا الله أزاي ياجدع
تقى: مـازن أسكت خلينا نشوف أيه اللي هيحصل
مـازن بتفكير: دلوقتي شعـيب يجي والدنيا تولع
شهقت تقى بدون صوت قائلة بجزع: يانهار أبيض أنا نسيت خالص شعـيب ربنا يستر
أرتفع حاجبه الأيسر بمرح عابث: هَـ يستر يا جميل جمد قلبك أنت بس
صمتت تقى وأشتعل وجهها بحمره الخجل 
أما سالـم فضرب مـازن في قدمه بعنف فتأوه الأخير بوجع قبل أن يصمت بحرج
××××××××××××
في نفس الوقت في سيارة شعـيب 
كان يقود بـ أتجاه المنزل .. بعدما أنتهوا من تناول الغداء وشراء العديد من الألعاب والملابس والحلوى لفتياته الثلاث من ضمنهم لتيـن التي كان لها النصيب الأكبر .. اليوم أدرك لـ جزء كبير بداخلها طفولي جزء مراهق لم ينضج بعد .. كانت سعيدة تضحك بعفوية دون تحفظ دون مجامله.. كانت تمرح وتلهو كما كانت في الماضي .. 
رباااااه كم يتمنى عناقها و وصالها .. شوقه إليها يزداد رغم قربها الشديد ولكنها بعيدة المنال بعيدة بالكامل 
لم يدري بنفسه إلا وهو يقبض على يديها التي تضعها في حجرها
أجفلت لتيـن من لمسته المفاجئة وتنحنحت بحرج تحاول سحب يديها حتى لا يراها أحد الصغيرات ولكنه آبى تركها
كان يمسد على يدها بملمسات حانية رقيقة وبيده الأخرى يتحكم بـ مقود السيارة
همست لتيـن بحرج: شعـيب
همهم دون النظر إليها ومازالت يده تستكشف تفاصيل كفها: همممممم
أكملت بأرتباك: سيب أيدي عيب كده
رفع حاجبه الأيمن قائلًا بتعجب: عيب!!!! طب والله عيب في حقي أني أمسك أيدك وبس أنا المفروض أ
قاطعته بحده: شعـيب
هتف بعبث: أيه؟ فهمتي أيه؟ أنا المفروض أ
لتيـن بتوسل: شعـيب أرجوك أسكت حرام عليك كده أنا مش مراتك
أنفجر شعـيب ضاحكًا قائلًا بخفوت: أومال أنتِ أيه؟ أمي!
لتيـن بجمود: أنت عارف أن جوازنا
قاطعه بهدوء قاصد أستفزازها: ششششش لغبطيني .. أنتِ دلوقتي بتقولي أنك مش مراتي وفي ذات اللحظة بتقولي جوازنا!!! دي فزورة ولا أيه؟
هتفت الأخيرة بغيظ: لو سمحتي أتكلم جد أنا
وصمتت بجزع وهي تراه يرفع يدها تجاه شفتيه يقبلها بحنان دغدغ وجدانها وهربت الكلمات من جوفها.. قبل أن يشد يدها يضعها على ركبتيه وفوقها كفه الكبير الناعم الذي أبتلع كفها الأبيض الصغير
تمتم شعـيب بصوت ساحر: كنتِ بتقولي حاجة يا لوليتا؟ 
ابتلعت ريقها الجاف بصعوبة وألتوت معدتها بقسوة وبعكس المتوقع لم تشعر بالنفور والتقزز بل بمشاعر تختبرها للمره الأولى .. مشاعر أرعبتها وتجاهلت تفسيرها
بعد وقت ليس بقصير وصلت سيارة شعـيب أمام مبنى عائلة مهران .. خرجوا جميعًا من السيارة شعيب يحمل عائشة فوق كتفه وملك تحملها لتيـن بين ذراعيها
هتفت لتيـن بتسأول: هنطلع شقتنا على طول ولا هنروح عند جده؟
شعـيب بهدوء ويده مازالت تحتضن يديها: هنشوف جدي الأول ونسلم على الكل زمانهم متجمعين كلهم كالعادة
أومأت موافقة ثم أتجهوا لـ شقة مهران 
××××××××××××
في شقة مهران
هتف عمـاد بأصرار: قولت أيه ياجدي أنا مستعد أعتذر للتين ولشعيب لو تحب بس أنت أرضى عني وخليني أرجع أعيش معاكم
صمت الجد يفكر في حل لتلك المعضلة .. عمـاد حفيده ومهما فعل سيظل يقلق عليه يريد أن يبقى بجواره ولكن هذا مستحيل .. شعـيب لن يرضى أبدًا و لتيـن لن تتحمل وجوده .. عمـاد سـ يثير المشاكل وبقوة
هتفت نـورا برجاء: خلاص بقى ياجدو سامحوا واهو جاي وندمان ومستعد يصلح غلطه
_هو أيه اللي بيحصل هنا بالظبط؟ ومين اللي جاب الحرامي ده هنا؟
صدح صوت شعـيب على غفله أجفل الجميع وتوترت قسمات عمـاد ولكنه قال بثبات لا يملك منه ذره: جاي بيتي وبيت أهلي يا شعـيب ولا خلاص مبقاش ليا مكان
أخفى شعـيب لتيـن بغيرة وحمايه خلف ظهرة العريض فلم يظهر منها شيء لعين عمـاد
هدر شعـيب بعنف: أنا سألت سؤال مين اللي جاب الحرامي ده هنا
عمـاد بغضب: أنا مسمحلكش أنا
قاطعه بقوه: لما الكبار يتكلموا العيال اللي زيك يسكتوا ولو قاطعتني مره تاني مش هتلاقي بوقك عشان تتكلم بيه
صمت عمـاد برعب فـ أبتسم شعـيب بتهكم: ها ياجدي بيعمل ده هنا أيه
هتفت نـورا بغضب: في أيه يا شعـيب دا بيته ويجي في الوقت اللي هو عايزه
شعـيب بحده: حد وجهلك كلام؟
أنخرست نـورا بحرج بينما أتسعت أبتسامه مـازن بتشفي قائلًا لـ تقى: والله العظيم شعـيب ده أستاذ ورئيس قسم في قصف الجبهات لا حقيقي أنا مبهور بيه ربنا يحميه
أبتسمت تقى ثم قالت: الله أكبر هتحسده ولا أيه؟ بس مش غريبة فرحان في أخواتك يعني
مـازن بجدية: مش فرحان فيهم أكيد بس مش زعلان عليهم لان الاتنين للأسف يستاهلوا أكتر من كده بكتير كله من أعمالهم السوده
نظرت إليه بـ أفتتان ثم قالت بخوف: مـازن أنت ممكن في يوم تعمل فيا اللي عمله عمـاد في لتين؟
هدر بثقه: أطلاقًا .. هو أخويا أه من نفس الأب ونفس الأم وأنا وهو أتربينا نفس التربية بس أنا مش زيه لو عندي أحتمال واحد في المية أني ممكن أجرحك ولو بكلمة عمري ما كنت أرتبطت بيكِ أنا عمري ما هوجعك يا تقى أنتِ حاجات كتير حلوه بالنسبالي بس للأسف مش هقدر أقولهالك ألا لما تبقى حلالي يا بنت عمي
أبتسمت بخجل وقلبها يتراقص بسعاده ثم توجهت بأنظارها تجاه المعركة التي على وشك أن تحدث
××××× 
هدر مهران بأتزان: أبن عمك وجاي زيارة لأهله هتطرده وأنا موجود يا شعـيب ؟
تنفس شعـيب بعمق وهو يشعر بأرتعاش مالكة قلبه وبـ أناملها التي تقبض بقوة على قميصه تحتمي به ثم قال بهدوء: لا عشت ولا كنت يا جدي ومش عشان واحد زيه أكسر كلمه الحج مهران .. ودلوقتي عن أذنكم هطلع أرتاح أنا والمدام
نظر لعماد ليرى نظراته أتجاه زوجته .. لتيـن!! فهدر بشراسه وعنف: عينك في الأرض حالًا
و بدون تفكير نفذ عمـاد ما أمره به شعـيب فمنظر الأخير كان كفيل بـ بث الذعر بداخله
أحتضن شعـيب خصرها وكأنه يعلن أمام الجميع أنها ملكية خاصة له وحدة ومن يتجرأ على النظر إليها سيدفع الثمن
بعد أنسحاب شعـيب وزوجته قال مهران: وجودك هنا من بعد اللي عملته أخر مره محدش هيرضى بيه وجودك هيعمل مشاكل أنا في غنى عنها .. اطمن على أمك وأبوك وأخواتك وأرجع المكان اللي جيت منه
عمـاد بصدمة: بتطردني ياجدي؟ وعشان مين؟ عشان شعـيب و لتيـن؟
أومأ مهران بالنفي: لا مش عشانهم عشان أخطائك وأنت دلوقتي بتدفع التمن أدعي ربنا التمن ده ميكونش أكتر من كده
نظر له عمـاد بحقد وكره شديد تلك الأهانة التي تعرض لها اليوم لن تمر مرور الكرام
××××××××××××
بعد مرور بعض الوقت .. في غرفة لتيـن 
كان شعيب يحترق .. يغلي كـ بركان ثائر على وشك الأنفجار .. يشعر بالأختناق سيقتل ذلك الـ عمـاد .. تخشاه لتيـن تخشى هذا النكره شعر بأرتجافه جسدها!! سيسحقه تحت قدميه ولن يحاسبه احد
أما لتيـن فكانت ترتجف مرتعبة خائفة .. وأنتهى اليوم الجميل كالحلم على كابوس الواقع .. عماد عاد من جديد .. رأته وجهه لوجه ورأت نظراته الموجهه إليها .. نظرات شرسه حقوده كارهه
أحتضنت نفسها تشعر ببروده لا تعلم سببها وتمنت من كل قلبها أن يعانقها شعـيب أن يخبئها داخل حضنه المنيع .. الأمن..!
وكأنه سمع ندائها أقترب دون كلام يعانقها عناق ساحق متملك رقيق ومتطلب
وأستسلمت دون مقاومة تذكر دون أعتراض فقط أستسلمت وكم كان أستسلامها ذو أثر قوي على مشاعره فلو رفضته لكان قتل نفسه .. لن يتحمل أهدار كرامته من جديد .. لن يتحمل نبذها له
ولكن مالكة القلب والوجدان دائمًا تفاجئة .. تأملها بأفتتان وهو يقربها لها أكثر فـ أكثر .. يريد أنا يزرعها داخل ضلوعه .. بجوار قلبه 
هتف بخشونه: لتيـن
لم تجيبه بل أقتربت تدفن وجهها داخل عنقه ثم أحاطت خصره بقوه
لم يتحمل فقط أنجرف وراء مشاعره .. أنجرف وراء عشق سُرق منه منذ زمن واليوم عاد إليه وعادت لتيـن .. حبيبته وزوجته وعشقه المستحيل
أستسلم لـ لهفه وصالها وكم كان الوصال نابع من فؤاده من عشق أضناه الشوق واللوعه
وأخيرا وبعد غياب سنوات أصبحت لتيـن له قولًا وفعلًا .. لتيـن شعـيب سـالم مهران أمرأته .. 
××××××××××××
بعد مرور بعض الوقت
غفى شعـيب بين ذراعيها قرير العين مطمئن القلب ولكن تلك البروده بجواره على الفراش جعلته يستيقظ ولم يجد لتيـن جواره عقد حاجبيه بأستغراب وأتوجهه للمرحاض يبحث عنها يفتح بابه ورأى ما جعل الدماء تهرب من أوردته رأى ما لم يتوقعه البته
صُدِمَ شعـيب من مظهر لتيـن المرعب. كانت تقف أمام مرآة المرحاض جاحظة العينين ويقبع أسفل قدميها خصلات شعرها المبتورة بقسوة5
ابتلع ريقه بصعوبة ثم اقترب منها بحذر قائلًا بخفوت: لتيـن!
لم يرمش لها جفن وكأنها لم تسمعه من الأساس .. وضع كفه على ذراعيها فـأبعدته بعنف ثم صرخت بهسترية: متلمسنيش أبدًا.. ابعد عني .. أنت ازاي تعمل اللي عملته ازااااااي .. ازاي أنا وافقتك على كده؟!.. أنا أخت مراتك.. أخت زهرة!! أنت خاين خاين يا شعـيب وأنا كمان خاينة .. خاينة خاينة خاينة
أخذت تكررها بأنهيار وهي تلطم وجهها بوحشية حتى أدمته
اقترب منها يمنع جنونها. يكمم فاها بعنف هاتفًا بقسوة: أخرسي .. أخرسي يامجنونة أخرسي
صمتت برعب تلهث بعنف وهي تلاحظ تبدل ملامحه الهادئة إلى أخرى شرسه. عنيفة
أكمل شعـيب بشراسه: الجنان اللي بتعمليه ده توقفيه حالًا بناتي نايمين بره اتحملي مسؤولية اللي عملتيه أنا ما أجبرتكيش على حاجة اللي حصل كان برضاكي واللي حصل مش خيانة .. أنتِ مراتي على سنه الله ورسوله أنتِ أرتبطي بيا بموافقتك محدش أجبرك ولو نيجي للحقيقة فـأنا اللي أتجبرت عليكي
اتسعت عيناها بصدمة ودموعها تغرق وجنتيها فهدر بـانفعال يتجاهل شعوره بالشفقه نحوها: أيوه أتجبرت عليكِ.. بس تقبلتك ورضيت بالأمر الواقع صبرت عليكِ كتير وحاولت أفهمك بس أنتِ جبانة .. جبانة من زمان أوي من وقت ما صبرتي على واحد ×××× كان مطلع عينك ومعيشك في سواد وفضلتي على ذمته أربع سنين!!
جبانة عشان يوم ما قررتي تنهي علاقتك المسمومة بيه ما واجهتيش الكل للأخر .. جبانة عشان قررتي تنتحري .. وقنطي من رحمة ربنا .. جبانة عشان لحد دلوقتي مش قادرة تحاربي خوفك اللي عشش جوه قلبك .. بقيتي تخافي من مجرد ما تشوفي وشه!!! بتخافي لو أنا بس قربت منك! لمستك!!! وأنا جوزك! ودلوقتي لما بقيتي مراتي ومشينا خطوة كبيرة في علاقتنا برضاكي رجعتي لجبنك وخوفتي من تاني .. أنتِ مريضة ولازم تتعالجي..
غرزت أسنانها في كفه الموضوع على فاها فأبعده بألم يطالعها بغضب فـ هتفت بعصبية: أنا مش مجنونة
أردف شعـيب بـ تأكيد: لا معقدة ومحتاجة تتعالجي ومش عشاني .. إن كان عليا فمن النهاردة أنتِ بنت عمتي وبس.. أنا مش عايز واحدة ضعيفة زيك تكون مراتي واحدة من أقل شيء تنهار وتبقى رماد!! أنا عايز شريكة لحياتي وقت ما أتعب تسندني. تكون في ظهري. تكون أم لبناتي .. وأنتِ مش الشريكة دي للأسف
شهقت لتيـن بألم ودموعها تتدفق بأنهيار
تجاهل شعـيب صراخ قلبه ومطالبته باحتضانها في التو والحال ومحو دموعها التي تتساقط على قلبه كالجمر فيزيد من اشتعاله ولكن يجب أن يقسو عليها ، يجب أن تَستَعِد ثقتها بنفسها يجب أن تعود لتيـن كما كانت قبل زواجها من عماد!!
أدار وجهه عنها يستجمع شجاعته قبل أن يقول ببرود متعمد: ياريت تنضفي الحمام قبل ما تخرجي مش عايز البنات تشوف المنظر ده
ثم تركها تنهار باكيه وأسرع اتجاه جناح زهرة قاصداً المرحاض ووقف تحت رذاد الماء البارد..
لقد انهار كل شيء كان يعلم أن هذا ما سيحدث أخبره عقله مرارًا و تكرارًا أنها ستنهار ستنفر منه ومن ذاتها ولكن قلبه اللعين فقد السيطرة ولكنه لن يسمح له بعد الآن..
عقله سيتولى زمام علاقته معها لأجلها قبل أن يكون لأجله
زفر بعنف وإحباط .. منذ سويعات كان يحلق في الفضاء والأن سقط وبقوة على أرض قاحلة قاسية…
ارتدى ملابسه المكونه من بنطال جينز باللون الأسود و قميص باللون الأبيض على عجل.. قبل أن يطالع ساعه يده التي تشير إلى الثالثة صباحًا ..
ثم خرج من الجناح بل من المنزل بأكمله
×××××××××××××
عاد إلى شقته يترنح بخطوات متعثرة وذهن غير واعي .. رائحته مفعمة بالمحرمات
قبض على المفتاح يحاول جاهدًا فتح الباب مره تلو الأخرى حتى أستطاع فتحه. كان الظلام يعم المكان ولكن بعيونه الشبه مغلقة أستطاع رؤية شخص ما يقف بمنتصف الصالون .. لم يتبين ملامحه من الظلام ولكنه شخص عريض المنكبين تنبعث منه شرارات الغضب
هتف عمـاد بصوت ثقيل: أنت مين؟
سطع الضوء بكل مكان فـ أغلق عينيه بألم فأتاه أخر صوت كان يتوقع سماعه
_أنا عملك الرديء .. أنا تكفير ذنوبك3
فتح عمـاد عيناه بصدمة ليصتدم بنظرات شعـيب النارية فهتف الأول برعب وصوت هارب: جاي ليه يا شعـيب؟ مش كفاية اتطردت من بيتي بسببك!!
أقترب شعـيب منه حتى وقف أمامه مباشرة قائلًا بسخرية: تؤتؤتؤ .. بسببي!! يا راجل قول كلام غير ده
صمت لثواني قبل أن يقول بأعتذار: راجل إيه بس.. معلش حقك عليا أصل نسيت أنك ×××
جحظت عيني عمـاد بصدمة من اللفظ البذيء الذي أطلقه عليه شعـيب للتو ..
أكمل شعـيب بسخرية: مالك يابيضة؟ اتصدمتي ياقطة؟ لا لا صحصحي معايا كده عشان سهرتنا صباحي!!
ابتلع عمـاد ريقه الجاف بصعوبة هادرًا بفزع: أنت هتعمل فيا إيه؟ أنا مش هسكتلك وجدي لو عرف
قاطعه شعـيب ببرود: ششششش صوتك مزعج أهدي شوية خليني أمخمخلك صح
اصفر وجه عمـاد وقد جرحته مخاطبة شعـيب له بصيغه الأنثي فصاح بهياج: أنت تكلمني عدل مش هسمحلك تغلط فيا كفاية أووي اللي عملته معايا، كفايا غلطك فيا وخيانتك ليا1
أمسكه شعـيب بقسوة من تلابيبه صارخًا بـانفعال: أنا عملت فيك إيه؟ أنا عمري ما أذيتك! كنت ابن عمي وأخويا الصغير بس رديت حبي ليك بـإيه؟ بتقول أنا اللي خونتك؟ أومال اللي أنت عملته فيا يبقى اسمه أيه؟ أنت قتلتني بالحياة
أجابه عماد بجنون: ومش ندمان على أي حاجة عملتها فيك مش ندمان أني سرقتها من بين أيديك بقت مراتي أنا ملكي خدتها منك وأنت ياحرام بتموت في تراب رجليها خلتها عبدة ليا و××××
أظلمت عيون شعـيب وانقض على عمـاد يسدد له العديد من اللكمات والركلات . ولم يستطع عمـاد الدفاع عن نفسه فقط كان يضحك بجنون صارخًا بتشفي: كل يوم كانت بين أيديا هههههههه فاكر من 8سنين لما صارحتني بحبك ليها ههههههه .. كانت ضربة معلم وكسرتك بيها كسرت قلبك ودمرت حلمك وملكتها
صرخ شعـيب بجنون وهو يلكمه بقسوة: اسكت يا ××××× .. أنت واطي .. ندل ، طول عمرك بتضرب في الظهر يا×××××
أنبثقت الدماء من أنف عمـاد قبل أن يقول بحقد وقهر: وأنت×××× عرفت تنتقم مني كويس أووي أنت وبنت الـ××××× خنتني معاها شوفتك بعنيا يا××××× شوفتك وأنت معاها وهي على ذمتي كسرتني وذلتني بس مش هسيبك يا شعـيب لو آخر يوم في عمري مش هسيبك وهندمك على اليوم اللي جيت فيه على حرمة بيتي
تركه شعـيب بصدمة وهو ينظر له بذهول قبل أن يهتف بانفعال: أنت بتقول إيه يا مجنون أنت؟ هي الخمرة لحست عقلك خلاص أنت واعي للي بتقوله؟
أجابه عماد بصوت متعب مليء بالكره: عمري ما كنت واعي زي دلوقتي ازاي جالك قلب تقرب منها وهي مراتي؟ عارف أني سرقتها منك عشان بغير منك لكن أنت خنتني ليه؟ أنت عندك كل حاجة وأخدت مني كل حاجة الكل بيحبك أكتر وشايفينك الأحسن وأنا دايماً اللي أقل منك! كل حاجة كنت بحبها أنت أخدتها اهتمام جدي وعيلتنا حتى أبويا وأمي .. مـازن أخويا بيحبك أكتر مني! شغل العيلة كله بقى تحت تصرفك وأنا تابع ليك بنفذ أوامرك وبس!! .. (صمت قليلًا قبل أن يقول بألم) لكن خيانتك ليا هي اللي وجعتني بجد كنت سعيد بأني فوزت بيها كانت أحلى حاجة في حياتي بس زي العادة أخذتها مني1
قاطعه شعـيب بشراسه: مش عايزك تجيب سيرتها على لسانك الـ×××× أنت مجنون أزاي للحظة تفكر أني أخونك أو هي حتى تفكر التفكير القذر ده؟ أنت مش عارف أنا مين؟ أنا شعـيب سـالم مهران أنا واحد حاجج بيت الله أنا حافظ كتاب الله تفتكر هعمل اللي أنت بتقوله؟ أنا مشفق عليك وعلى غبائك اللي صورلك حاجة قذرة زي دي بس تقول أيه الزبالة بتشوف الناس كلها زبالة زيها .. من النهاردة لا أنت أبن عمي ولا أعرفك وصلة الرحم اللي كنت أنا دايماً عامل لها حساب وبسيبك بسببها بكلامك ده أنت قطعتها وياويلك مني ياعماد ياويلك أي غلطة هتعملها في حقي وفي حق اللي يخصوني ولو كانت بسيطة هتدفع تمنها أضعاف مضاعفة .. شعـيب سـالم مهران مبيهددتش وبس وأنت عارف ونصيحة أخيرة مني راجع نفسك في القرف اللي أنت قولته وبسببه خسرت كتير أووي .. إن بعض الظن أثم يابن توفيق3
ثم انسحب بخطوات غاضبة تكاد تكسر الأرض من تحته وشياطين الأنس والجن تتراقص أمامه
أما عمـاد فقد ولد بداخله شعور بالشك
شعـيب لا يخشى أحد يعرفه جيدًا فلو أذنب لأعترف بـ تبجح.. ولكن أيكذّب ما رآه بـعينيه!!2
××××××××××××
بعد مغادرة شعـيب
انتهت لتيـن من تنظيف المرحاض من خصلاتها المبتورة ثم ملأت الحوض بالمياه الدافئة وبعض العطور وجلست بداخله لتغمرها المياه وتسترخي عضلاتها المتشنجة
وحديث شعـيب يتكرر داخل عقلها دون توقف .. أغمضت عينيها بإرهاق، شعـيب محق هي ضعيفة جبانة كما قال .. فقدت القدرة على أن تثق بذاتها ..
تشعر بالذنب وذلك الشعور يمنعها من ترميم روحها من جديد.. من إعادة بناء لتيـن من جديد.. لا ترغب أن تحيا سعيدة تريد معاقبة نفسها!!1
انسابت دموعها بانهيار.. بداخلها الكثير ولكنها لا تستطيع أن تبوح به .. سيكرهها الجميع إن أخبرتهم ما بداخلها .. لو تكلمت لارتاحت وماتت في ذات الوقت
تنفست بعمق تمنع انفلات شهقاتها .. يجب أن تقاوم نفسها قبل الجميع ، هي بحاجة للراحة.. للحديث مع شخص ما.. شخص لن يطلق عليها الأحكام.. ستلجئ لإستشارة طبيب نفسي .. تريد الخلاص من أعباء أثقلت روحها
بعد وقت ليس بالقصير انتهت لتيـن ثم ارتدت ملابسها المكونة من بيجامة ببنطال يصل إلى كاحلها و تيشيرت طويل الأكمام
خرجت من المرحاض ثم جلست على فراشها تنتظر عودة شعـيب .. ولكنه لم يأتِ.. انتظرت طويلًا حتى أشرقت الشمس ولم يأتِ..!
××××××××××××
لم يغمض له جفن فبعد خروجه من عند عمـاد توجه مباشرةً إلى مكان عمله يفكر في مبرر يجعل عمـاد يعتقد أنه قد خانه مع لتيـن ولا يجد!
ربااااه كان يريد قتله ولكنه فكر في بناته و عائلته
فبعد رفض الجد زواجه من لتيـن وبعدما أخبرت والدته أنها لا تبادله نفس المشاعر انسحب .. وتعمد ألا يراها كان يشعر بالخجل منها فابتعد .. وتحت إصرار جده على زواجه من زهرة وافق ويشهد الله أنه كان نعم الزوج لها لم يجرحها بكلمة فكانت أبنة عمته بالأخير وكم كانت خفيفة المعشر طيبة القلب فأحبها .. ليس كما يحب لتيـن ولكن حبه لزهرة سلس لم يرهقه .. وصب جام تركيزة معها ولم يسمح لقلبه أو لعقله بالتفكير في لتيـن
ولكنه صُدِمَ عندما علم أن عمـاد طلب لتيـن للزواج .. كان عمـاد الوحيد الذي يعلم بمشاعره تجاه لتيـن بخلاف جده و والدته1
كانت طعنة في الصميم ولكنها لم تقتله بل على العكس فقد ازداد صلابة وقوة ومن وقتها وهو يتجاهل لتيـن تماما لا يراها ولا يقترب منها فكانت كالمحرمات إذا اقترب منها خسر كل ما يملك
تنهد بعمق ليخرج من أفكاره .. واحتاج وبشدة تفريغ طاقته المكبوته ولم يجد أفضل من رسم بعض التصاميم فمع العمل لا يفكر بشيء مطلقًا حتى مالكة القلب والوجدان
××××××××××××
هتفت نـورا بنفاذ صبر للطرف الآخر عبر الهاتف: أيوه ياغبي عايزاك تعمل نفس الصور والفيديوهات اللي طلبتهم منك من كام سنه فاتو .. لا مش لنفس الراجل هبعتلك الصور حالًا (وأكملت بتحذير) بس اسمعني عايزهم يبانوا حقيقين من غير ولا غلطة6
صمتت قليلًا تستمع للطرف الآخر قبل أن تقول بتأفف: أيوه كل اللي هتطلبه هتأخده أهم حاجة الشغل يكون سليم 100%..تمام هتخلصهم إمتى؟
الطرف الأخر: ……………
نـورا بأنتصار: تمام النهاردة هبعتلك الفلوس وبعد بكرة الصور تكون وصلت للرقم اللي هبعتهولك تبعتهم باسم فاعل خير سلام
أغلقت الهاتف بسعادة تكاد تخنقها ثم هتفت بتشفي: و زي ما حصل أول مرة وعماد صدق شعـيب كمان هيصدق .. وأخيراً هخلص منك2
يا نــــوراااااااا
انتفضت برعب وهي تستمع لصراخ والدتها فأسرعت تخرج من غرفتها تتجه لمصدر الصوت تهتف بقلق: فيه إيه يا ماما رعبتيني
وفـاء بـفزع: ابنك سخن مولع ومش بينطق
أجابتها بلا مبالاة: هتلاقيهم شوية برد ولا حاجة متقلقيش1
صرخت وفـاء بذهول: أنتِ أتجننتي ابنك تعبان ياجاحدة
خرج مـازن من غرفته يهتف بقلق: في إيه ياماما صوتك عالي كده ليه
وفـاء بخوف: إلحقني يا مـازن. مالك سخن مولع
اقترب مـازن بلهفة من الصغير مالك يتفحصه ثم قال: اهدي يا ماما متقلقيش عنده نزلة برد وإن شاء الله لما ياخد الدوا اللي كان بياخد منه قبل كده الحراره هتنزل من فضلك يا أمي روحي هاتيه هو موجود في اوضتي
أومأت موافقه ثم خرجت مسرعه تحضر الدواء .. بمجرد خروجها اقترب مـازن يقبض على شعر نـورا بقسوة قائلًا بشراسة: أنتِ هتفضلي كده لحد إيمتى؟ أنتِ إيه مفيش في قلبك رحمة؟ النهاردة هقول لجدي على عمايلك السودا أنا لحد دلوقتي عامل إعتبار إنك أختي الكبيرة بس للأسف أنتِ لا كبيرة ولا نيلة أنتِ واحدة تافهة باصة تحت رجليها لحد ما في يوم هتوقعي على جدور رقبتك مش هتقوملك قومة .. (ثم أزاحها بعنف قائلًا بقسوة) أطلعي برة ومن النهاردة ملكيش علاقة بمالك.. بـرة1
انتفضت نـورا ثم أسرعت باتجاه غرفتها تهمس بحقد: بتتشطر عليا يا دكتور! طب والله العظيم لحرق قلبك على السنيورة بتاعتك .. عالم (××××) مينفعش معاهم الطيبة12
××××××××××××
قررت لتيـن زيارة والدتها فقد اشتاقت لها. فأبقت ملك وعائشة مع حنـان ثم صعدت إلى طابق والدها
طرقت الباب بهدوء فأتاها صوت والدتها تطالب بالإنتظار قبل أن تفتح الباب
هتفت فوزيـة بمفاجأة: لتيـن وحشتيني ياحبيبتي
ثم اقتربت منها تغمرها بين ذراعيها بحنان قبل أن تسحبها إلى الداخل قائلة بسعادة: وحشتيني يا ضنايا عامله إيه يا لتيـن؟ شعـيب والبنات أخبارهم إيه؟
لتيـن بخفوت وهي تجلس على أحد المقاعد: الحمدلله يا ماما كلنا بخير
فوزيـة بحنان: إن شاء الله دايما يانور عيني .. أنا مش مصدقة أنك جاية على شان تشوفيني
ابتسمت لتيـن بهدوء: وهو أنا عندي أغلى منك أنا بس كنت تعبانة عشان خاطري متزعليش مني وادعيلي
أومأت فوزيـة بتأكيد: قلبي وربي راضين عليكِ ليوم الدين .. أنا ليل ونهار بدعيلك ربنا يريح قلبك ويسعدك يابنتي
أحتضنتها لتيـن بقوه: آمين يا ماما آمين
انتفضتا معًا على صراخ حسـان: البت دي إيه اللي جابها هنا؟1
اقتربت منه فوزيـة بلهفة: إيه اللي بتقولو ده يا حسـان بيت أبوها وتيجي وقت ما تحب
هدر حسـان بقسوة: أنا معنديش بنات .. بناتي ماتوا
شهقت لتيـن بألم: بابــا!!
قاطعها حسـان بعنف: أنا مش أبوكِ ولا أنتِ بنتي البنت اللي تكسر كلام أبوها يبقى بناقصها يلا شوفي أنتِ راحه فين .. روحي للي أتجوزتيه غصب عني ولا هو زهق منك ورماكي زي اللي قبله
ران الصمت لدقائق وسط ذهول وبكاء فوزيـة وصمت لتيـن المؤلم
هتفت لتيـن بقهر: من كل قلبي بقولك ياريتك ما كنت أبويا ، أنت خذلتني كتير أوي عيشتني اليتم وأنت حي!! جوايا قهر ووجع منك زاد عن قوة صبري وقدرة احتمالي .. جوايا كلام لو قولته هيوجعك بس لازم أراعي ربنا فيك.. رغم ألمي لازم أسكت وما اتكلمش وكل مرة تخذلني فيها وأبقى عايزة أرد على قسوة كلامك أفتكر كلامه سبحانه وتعالى “وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً” فبسكت وبحتسب عند ربنا أنا هطلب منك طلب واحد لو سمحت ، أرجوك كفاية توجعني ، بلاش تأذيني بكلامك أرجوك!!
هدر حسـان بغضب: دلوقتي أنا الظالم المفتري؟! وأنتِ أيه مخذلتنيش؟ مخذلتنيش لما أصريتي تتجوزي عمـاد وأنتِ عيله 19سنة؟ مخذلتنيش لما سبتي دراستك ومكملتيش تعليمك؟ مخذلتنيش لما لجأتي لجدك وتجاهلتي وجودي؟ مخذلتنيش لما اطلقتي من غير ما تاخدي رأيي؟ مخذلتنيش لما اتجوزتي من تاني من غير موافقتي
صرخت لتيـن بألم: بتحاسبني على إيه؟ على حاجة عملتها وأنا بنت صغيرة مش واعية أنت قولت كنت 19سنه. غلطت؟ أيوة غلطت بس كان دورك تحميني وتوقف جانبي لكن أنت كان أهم حاجة عندك أني مطلقش مسألتنيش أنا عايشة ازاي؟ بيحصل فيا إيه؟ رغم أنك بتكون شايف أثر اللي بعيشه على وشي وجسمي بس بتتجاهله وكل مره أطلب الطلاق كنت بتمنعني عشان مبخلفش!! زعلان أني فلت بجلدي من تحت أيده؟ زعلان عشان أتشعلقت في طوق النجاة الوحيد اللي كان قدامي؟ زعلان عشان رضيت بشعيب؟ ومش زعلان على عمري وشبابي اللي راحوا؟ بابا بصلي كويس. أنا لتيـن اللي أنت ربتها؟ شايف ملامحي عامله أزاي؟ شايف شخصيتي؟ أنا أشبه بنتك اللي أنت ربتها؟ أنا توهت ومش لاقية حد يوصلني لبر الأمان .. توهت بس المكان الوحيد اللي المفروض ميخذلنيش هو أنتوا. أنت يا بابا
أجابها حسـان بقوه: لو عايزاني أقف معاكي وترجعي بنتي من تاني سيبي شعـيب وأطلقي منه قولتي إيه؟
شهقت فوزيـة بصدمة تضرب صدرها بحركة شعبية
أما لتيـن فهتفت بصوت ميت خالي من الحياه: موافقـة13
أبتسم حسان بانتصار وكأنه ربح اليانصيب أما فوزيـة فصرخت بذهول: لتيـــن!!!
يتبع…..
حسـان: لو عايزاني أقف معاكي وترجعي بنتي من تاني سيبي شعـيب واطلقي منه اسمعي كلامي مرة واحدة في حياتك .. قولتي إيه؟ 
شهقت فوزيـة بصدمة تضرب صدرها بحركة شعبية .. أما لتيـن فهتفت بصوت ميت خالي من الحياة: موافقـة
ابتسم حسان بانتصار وكأنه ربح اليانصيب أما فوزيـة فصرخت بذهول: لتيـــن!!!
هدرت لتيـن ببرود: بس هتقدر تحميني زي ما هو بيعمل؟ هتقدر فعلًا تطمني؟ هتقف قصاد عمـاد وتحميني منه؟ هتلاقي حد غيره يرضى بيا؟!
بَهتت ملامح حسـان ولم ينطق فأكملت لتيـن: طبعًا معندكش إجابة .. عارف يا بابا أنت رافض شعـيب ليه؟ عشان جدي هو اللي جوزني ليه زي ما بردو جوزني عمـاد قبله وكله بناءً على رغبتي .. بس حضرتك في كل مرة مكنتش بتعترض .. كنت بتسكت ومبتتكلمش! مش بتقف قصاد حد فيهم وتقول لا دي بنتي وأنا حر فيها .. بس بتيجي قصادي واعتراضك كله بيظهر! بقيت أحس إنك كارهني وأنت مكنش في أحن منك عليا. أنا دلوقتي مش زعلانة منك حقيقي مش زعلانة يمكن أنا فعلًا خذلتك كتير وعشان كده فقدت ثقتك فيا أو حتى بطلت تحبني .. أنا أسفة إني هخذلك من تاني .. بس شعـيب ميستحقش إني أطلب الطلاق منه عشان خاطر أي حد .. مش شعـيب سـالم مهران اللي مراته تطلب الطلاق مش خوف منه بالعكس. ده كفاية أنه وقف معايا وقت ما الكل اتخلى عني وأولهم أنت .. يا بابا
ثم فرت هاربة إلى شقتها ملاذها الآمن المكان الوحيد الذي تشعر فيه بالإنتماء .. شقة زهرة وشعيب..!
أما حسان فانهارت أحلامه وسعادته المؤقتة.. كان يتوقع قبولها أن تنصفه. ولكنها كالعادة تخذله! نعم هي محقه يحقد على مهران المتحكم الأول والأخير في قرارات ابنته وكأنها يتيمة ليس لها أب. وهي محقة أيضا فهو لن يستطع حمايتها من عمـاد وكم يكرهه ..رغم إحباطه المتكرر من لتيـن ولكنها تظل ابنته يرفض أن تتعرض للإهانة يرفض كل ما يؤذيها .. يريد أن تعود إليه .. شعـيب لن يسعدها! وهو يرغب في تعويضها عما عانته سابقًا ولكنها خذلته تركت يده وارتمت في كنف غيره كما اعتادت دائماً
هتفت فوزيـة بصريخ أجفله: هتضيع مننا البت اللي حيلتنا يا حسـان؟ انا مش عارفة أنت بتفكر ازاي ؟عايزها تتطلق من شعـيب اللي مفيهوش عيب؟ عايزة تتخلى عن بنات أختها؟! يا أخي حرام عليك إتقي الله أنت بتفكر أزاي؟!!
أجابها حسـان بوهن: أنا خايف عليها إذا كان عمـاد الله يجحمه كان يضحك ويهزر معانا ويعاملها ولا الملكة وفي الاخر طلع ××××× ومبهدلها! ما بالك شعـيب اللي دايماً ساكت وشديد هيعمل فيها إيه؟!!!
فوزيـة باستهجان: وأنت هتجيب شعـيب لل××× التاني؟ ياراجل زهرة عاشت معاه سبع سنين وعمرها ما اشتكت منه؟ هيجي دلوقتي ويفتري على لتيـن!!!! حكم عقلك يا حسان أنا مش مستعدة أخسر البنت اللي فضلالي ولو فضلت تقسى عليها وقتها زي ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعرف
ثم شهقت باكيه تتجه لغرفتها تاركة حسـان في صمته .. أكانت تعني إنفصالها عنه؟!! بعد مرور تلك السنوات!
احتضن رأسه بين كفيه هاتفًا بـقهر: حسبتها غلط يا حسـان حسبتها غلط وبإيدك هتضيع مراتك وبنتك يا مرارك يا حسـان يا مرارك
×××××××××××
كانت تشعر بالقهر والخذلان ولكنها لم تبكِ وكأن ينابيع دموعها قد جفت 
لجئت إلى الله .. ووقفت بين يدي الرحمن تؤدي فرضها في خشوع ..تدعو في إبتهال:
"اللّهُمّ إلَيْك أَشْكُو ضَعْفَ قُوّتِي ، وَقِلّةَ حِيلَتِي ، وَهَوَانِي عَلَى النّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ ! أَنْتَ رَبّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأَنْتَ رَبّي ، إلَى مَنْ تَكِلُنِي ؟ إلَى بَعِيدٍ يَتَجَهّمُنِي ؟ أَمْ إلَى عَدُوّ مَلّكْتَهُ أَمْرِي ؟ إنْ لَمْ يَكُنْ بِك عَلَيّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي ، وَلَكِنّ عَافِيَتَك هِيَ أَوْسَعُ لِي ، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِك الّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظّلُمَاتُ وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَنْ تُنْزِلَ بِي غَضَبَك ، أَوْ يَحِلّ عَلَيّ سُخْطُكَ، لَك الْعُتْبَى حَتّى تَرْضَى ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوّةَ إلّا بِك"
انتهت لتيـن وهدأ وجيب قلبها وغمرتها السكينة والراحة .. توجهت للمطبخ تحضر الغداء لـ ملك وعائشة
وخلال نصف ساعة كانت قد انتهت ..قامت برص الأطباق على المائدة ثم صاحت: مـلك يا عيشة الغداء جاهز يلا يابنات
هرولت ملك بحماس و عائشة بفتور ثم جلسوا على المائدة 
هتفت لتيـن لعائشة التي لم تمس طعامها وهي تقرب منها الحساء الساخن: عائشة كلي يا حبيبتي قبل ما الأكل يبرد
أجابتها عائشة بعبوس: مش عايزة هستنى بابا لما يجي
لتيـن بهدوء: شعـيب مش هييجي دلوقتي وأنتِ لازم تاكلي عشان تعرفي تذاكري
صرخت عائشة بغضب وهي تضرب الطبق بيديها في تهور فسقطت محتوياته على كف لتيـن اليمنى مما جعلها تتأوه بألم وتتقافز الدموع داخل ملقتيها
شهقت عائشة بخوف وبكت ملك أما لتيـن فأسرعت تضع يديها تحت الماء الجاري من الصنبور لمدة لم تقل عن عشر دقائق .. قلَّ الألم كثيراً فـأغلقت الصنبور ونظرت لعائشة المرتعبه تبكي في صمت فهتفت بثبات: أنا كويسة يا عيشة متخافيش ياحبيبتي حاجة بسيطة وأنا عارفة أنه مكنش قصدك
شهقت عائشة ببكاء وهي ترى خالتها تبرر فعلتها ثم احتضنتها هاتفة بطفولية: أنا أسفة يا خالتو أنا مش عارفة عملت كده ازاي .. أنا أسفة
ربتت على كتفها بحنو قائلة بتعب: ولا يهمك يا إيشو ادخلي أنتِ وملك أوضتكم وأنا هدخل أستريح شوية 
أومأت عائشة موافقة بلهفة وهي تسحب ملك خلفها بـاتجاه غرفتهم .. أما لتين فاختبأت داخل غرفتها تعاني بصمت كما أعتادت 
×××××××××××
في المساء
كان شعـيب بطريقه إلى المنزل ولكن انتبه لتلك السيارة التي تتبعه .. في أول الأمر اعتقد بأنها لا تقصده ولكن مع مرور الوقت تأكد من الأمر 
حاول الفرار منها ولكنها تتبعته وكأنها على علم مسبق بـ وجهته .. لم يهتم لها وكأنه لم يرَها من الأساس وبعد مرور بعض الوقت كان قد وصل لبرج مهران .. استخدم الدرج يصعده في خطوات واسعة حتى وصل لطابق والده وتفاجئ بـ حنان تنتظره قائلة في عتاب: كده يا شعـيب نسيت أمك؟ بقالك قد أيه ما جيتش تقعد معايا؟
طبع قُبلة حانية على يديها قائلًا بـاعتدار: حقك عليا يا أمي بس حضرتك عارفة الظروف .. سامحيني
سحبته من يده للداخل فجلس على الأريكة وجلست حنان بجواره: مسمحاك يانور عيني ربنا يقويك ..
شعـيب بهدوء: اللهم آمين .. أومال الحج وتقى فين؟
أجابته حنـان: أبوك نايم وتقى مشغولة في تحضير حاجة الخطوبة أنت عارف أنها بعد يومين ومفيش وقت
تمتم بخفوت: ربنا يتمملها على خير
حنـان: آمين وعقبالك يا حبيبي
ضحك شعـيب بقوه قبل أن يقول: شكلك نسيتي يا حنون أني متجوز أصلًا..!
حنـان بجدية: متجوز نص ست يا عيون حنون
انمحت بسمته وتهجم وجهه: أمي لو سمحت بلاش
هتفت بعصبية: هو أيه اللي بلاش؟ أنت عجبك حالك ده؟ يا بني أنت مش عايز تجيب أخ لبناتك يحميهم ويحابي عليهم؟ يسندك لما تكبر زي ما أنت ساند أبوك
شعـيب بهدوء أغاظها: بناتي سندي يا أم شعـيب وهما عندي بالدنيا واللي فيها (أكمل وقد التمعت عيناه ببريق أحرقها) أما لتيـن فحضرتك عارفة هي بالنسبالي أيه .. لتيـن هي الروح اللي بتكملني .. هي قلبي اللي غاب عني سنين و ماصدقت أنه رجعلي ومش مستعد أخسرها عشان أي حاجة ومش هسيبها مهما كانت الأسباب
ابتلعت إعتراضها وغضبها المتأجج قائله: ومين قال إني عايزاك تطلقها بالعكس دي مهما كانت بنت سلفتي (أخت زوجها) ويهمني مصلحتها 
شعـيب بعدم فهم: أومال أيه لازمته الكلام ده من الأول؟ حضرتك عايزة توصلي لأيه بالظبط
أجابته بسرعة: تتجوز تاني .. اتجوز نـورا
ران الصمت لوقت طويل قبل أن يقطعه ضحكات شعـيب الشبه هستيريه قائلًا بعدم تصديق: مستحيل لا ههههههه بجد مستحيل اللي أنا سمعته ده..! حضرتك بتهزري يا أمي؟
حنـان بغضب: لا طبعًا مش بهزر..! هو أنا قولتلك نكتة عشان تضحك أوي كده
شعـيب بـقسوة: أيوة نكتة بس للأسف نكتة سخيفة
بَهتت ملامح حنـان من القسوة المنبعثة من لهجة شعـيب فتلك المرة الأولى التي يحدثها بتلك القسوة وكل هذا بسبب تلك اللتيـن..!!
لاحظ شعـيب شحوبها فقال بـهدوء: آسف مقصدتش أنفعل على حضرتك بس بعد إذنك أنا مش بحب أي تدخل في حياتي الشخصية وأنا الحمدلله بعيش أحلى أيام حياتي وأعتقد يا أمي أنك ميهمكيش إلا سعادتي ولا أيه؟
أومأت موافقة .. فاستقام شعـيب واقفًا يقبل جبينها قبل أن يودعها ويصعد إلى شقته تاركًا حنـان تتمتم بحسرة: كلت عقله بنت فوزيـة عليه العوض ومنه العوض .. منك لله يا لتيـن ضيعتي مني الواد اللي حيلتي ومش هشوفله واد يشيل أسمه
ثم أنهارت باكيه..!
×××××××××××
ما قاله شعـيب كان يتردد مرارًا و تكرارًا داخل عقله .. والشك كاد يقتله
أمن الممكن أن تكون لتيـن بريئة..! ولم تتخلى عن شرفها وصانته..! ولكن ماذا عن ما رآه بـأم عينيه..! 
إجابة كل ما يدور بـذهنه لدى شخص واحد لا غير .. نـورا..!
ولهذا طلب رؤيتها في التو والحال وهو في أنتظارها على أحر من الجمر
ثواني تتبعها دقائق حتى مرت ساعة وكانت وصلت الغرور والكبرياء يرتسم بوضوح على ملامحها والشر المطلق يطل من عينيها
هتفت نـورا بنفاذ صبر: أنت يابني أدم طالبني في الوقت ده عشان تقعد تبحلقلي؟ فيه أيه إخلص..!
هدر عمـاد دون مقدمات: ليه ركبتي صور للتيـن وشعيب مع بعض؟ ليه أوهمتيني إنها خانتني؟!..
شحبت ملامحها حتى حاكت شحوب الموتى وقد صدمها معرفته بالحقيقة! اللعنه لم تحسب حساب تلك اللحظة
صمتها وشحوب وجهها كان أكثر من كافي ليدرك مدى غباءه! كل تلك السنوات راحت هباءً! كانت تخطط وهو ينفذ .. تسرد وهو يسمع .. كانت تسوقه كما يساق البعير..!
رباااااه لقد حطم حياته بيداه .. لقد أذى الفتاه الوحيدة التي أحبها .. لتيـن..!
لا ينكر أن ارتباطه بها في البداية كان ليحطم قلب شعـيب ولكن بعد زواجه منها تغير كل شيء! كان يعاملها كزوجته وابنة عمته .. كان يدللها فتخجل فيطير عقله .. يفاجئها بهدية فترتمي داخل صدره تمطره بالشكر والعرفان .. كانت كنسمة رقيقة في حياته فأتت نـورا وانتشلتها بقسوة لترميها بجحود أعمى قلبه وأنهى حياة لتيـن..!
اقترب كالمجنون يسدد لها ضربات لم تنلها طوال حياتها .. كان يضربها بغل وقسوة أدمت جسدها وكان على وشك أزهاق روحها..!
لم ينجدها أحد فقد كانوا وحدهم .. تعالت صرحاتها تناشده الرحمة والرأفة ولكنه كان كالوحش الجارح لا يسمع ولا يرى سوى لتيـن وما فعله معها.. فيزيد من قوة ضرباته لتلك الأفعى التي سممت حياته وحياة الجميع
بعد وقت ليس بقصير أزاحها عنه بعنف ووقف يلهث بعنفوان قبل أن يصيح بشراسة: دوقي من اللي كنت بعمله فيها .. والله العظيم يا نـورا لـ هعيشك سواد هخليكي تتمنى الموت يا ×××× وهفضحك قصادهم كلهم و لتيـن اللي بسبب حقدك وغلك خلتيني أكسرها هعوضها يا نـورا هعوضها عن كل الأذى اللي اتعرضت ليه بسببك حتى لو كان العوض ده نهايتك .. موتك يا نـورا
كانت نـورا مرتعبة ترتجف من الخوف .. فلم ترَ عماد يومًا هكذا كان عنيف بحق وقد سحق جسدها أسفل حذائه
همست برجاء غير قادرة على البكاء: الرحمة
اقترب يقبض على شعرها صارخًا: وكانت فين الرحمة لما افتريتي على واحدة عمرها ما فكرت تأذيكي؟ كان فين الرحمة لما استغليتي غيرتي من شعـيب وحولتيها لكره دمر حياتي مش حياته؟ .. أنا مصعبتش عليكي؟ محستيش بالذنب اتجاهي؟ بالله عليكي دا أنا أخوكِ؟! اطلعي بره .. بررره يا زبالة وقريب أوي هتشوفي أنا هعمل أيه
فرت نـورا هاربة ولم تفكر بشيء سوى الخلاص من بين يديه فلم يكُ هذا عمـاد أخاها من كانت تأمره فيطيع .. تسرد مخططاتها فينفذ .. كان شخصاً آخر إرتعبت من مجرد التواجد معه في نفس المكان..!
×××××××××××
دلف شعـيب إلى شقته فقابله الصمت المريب .. عقد حاجبيه بـاستغراب قبل أن يقول: هما ناموا ولا أيه؟ (وأكمل بإحباط) حتى لتيـن! يعني مش هشوفها..!
تنهد بصوت عالٍ قبل أن يتجه لغرفة فتياته للإطمئنان عليهم .. فتح الباب بهدوء فتفاجئ بـ ملك تتوسط فراشها تبكي دون صوت .. اقترب منها بلهفة قائلاً: لوكا بتعيطي ليه يا قلب بابا
ارتمت داخل صدره تلف ذراعيها حول رقبة والدها وردت بحزن طفولي : 
_ أنا زعلانة أووي يا بابا تيـن (لتيـن) وقع عليها الأكل وعيطت كتييير أوي
تجمد الدم بعروقه قبل أن يقول بثبات مفتعل وهو يمحي دموعها: متخافيش يا حبيبتي لتيـن هتكون كويسه وأنا دلوقتي هروح أطمن عليها بس أنتِ لازم تنامي دلوقتي أتفقنا
أومأت موافقة فدثرها جيدًا قبل أن ينسحب بلهفة تجاه غرفه لتيـن يدلف إليها دون استئذان
بَهتت ملامحه وهو يراها تقبض على يدها اليمنى متألمة
صاح بألم: لتيـن
ثم اقترب منها يزرعها داخل صدره يربت عليها بحنان قائلاً: أيه اللي حصل؟ وأيدك اتحرقت إزاي
أجابته بـ أرتباك: وأنا بحط الأكل للبنات مخدتش بالي والشوربة وقعت عليا
أجلسها على الفراش بحنو ثم خرج خارج الغرفة وعاد وهو يحمل أنبوب دهان ملطف كانت زهرة تحتفظ به دومًا للطوارئ .. انتشل يديها يضعها بين يديه ثم بدأ بفرد الدهان على باطن كفها بتمهل 
انتهى من وضع الدهان على كفها ثم لفها بغطاء طبي خاص بالحروق
تنهد شعـيب براحة قائلًا بابتسامة حانية وهو ينظر إليها: الحمدلله كله تمام أن شاء الله على بكرا الصبح الوجع يكون اختفى خالص ربنا لطف بينا والحرق كان درجة أولى .. خدي بالك من نفسك يا لتيـن ولو شغل البيت تقيل عليكي ممكن نجيب واحدة تساعدنا
أجابته لتيـن بأجهاد: مفيش داعي الحمدلله ربنا ستر .. الحرق وجعه وحش أوي يا شعـيب (ثم أملت بتضرع) اللهم قِنا عذاب النار 
شعـيب: اللهم آمين .. ثم أستقام موافقاً ينوي الخروج فأسرعت لتيـن تقول: شعـيب
نظر إليها بأستفهام قبل أن يقول: نعم
لتيـن بإحراج: أنا .. أنا عايزة أروح لدكتور نفسي .. عايزة أرجع زي ما كنت .. تعبت من حالي
ابتسم بتشجيع قائلًا: من بكره هحجزلك عند أحسن دكتـورة في البلد .. كونك اعترفتي بالمرض فدي أول خطوة في العلاج يا لتيـن وأنا دايماً هكون معاكي
أومأت موافقة قبل أن تقول بتسرع: وأنا بثق فيك يا شعـيب وعارفة أنك مستحيل تخذلني
ثم صمتت تغلق عينيها بخجل وقد أدركت ما تفوهت به غافلة عن الأخير الذي ابتسم بـانتشاء والتمعت عينيه ببريق ساحر وعقله يهتف بحماس (لقد تمت بنجاح أولى خطوات الوصول لقلب .. مالكة القلب والوجدان)
في صباح اليوم التالي في شقة الجد مهران
هتف شعيب بجدية: جدي أنا قررت أفتح فرع لينا في الصعيد في سوهاج تحديدًا
مهران بـاستغراب: الصعيد!! مش بعيد أوي يا شعـيب وأحنا هنا في قلب القاهرة؟
أجابه الأخير بثبات: هو بعيد فعلًا بس مش مشكلة أنا هباشر الشغل بنفسي في الأول أكيد هتعب وخصوصًا من المسافة والسفر من هنا لهناك بس هنكسب كويس بأذن الله في الصعيد بيحبوا الذهب جدًا وأحنا بأسعارنا وتصاميمنا هنقدر نجذب ناس كتير لينا وبعدين أنا اخترت البداية في سوهاج بالذات لأنها بلدك يا جدي أصلنا
ابتسم الجد بـحنين واشتياق لـمسقط رأسه قائلًا: قد أيه وحشتني البلد وناسها .. من زمااان أوي مرحتش البلد من عمر أبوك كده
شعـيب: ياااه كل دا يا جدي محنتش في يوم لبلدك؟
هتف مهران بتأكيد: حنيت طبعًا بس كنت هرجع لمين؟ أبويا الله يرحمه كان وحيد لا ليه أخ ولا أخت حتى أنا معنديش أخوات وبعد موت أمي و أبويا ملقتش اللي يربطني بالبلد .. هنا في القاهرة خلفت أبوك وعيالي كلهم .. نجحت وكبر إسمي في البلد دي فبقى رجوعي لبلدي أصعب .. رغم إن ده حلم بتمنى أحققه بس معنديش استعداد أخلعكم من أرضكم اللي أنتوا وعيتوا عليها وأزرعكم في مكان تاني متعودتوش على عاداته وتقاليده .. بالك أنت أنا موصي أبوك لما أجلي يحين يدفني في بلدي جنب جدتك الله يرحمها
طبع شعـيب قُبلة حانية على كف الجد قائلًا بتأثر: ربنا يديك الصحة وطول العمر ياجدي إحنا من غيرك ولا حاجة
ربّت الجد على كتفه بمحبة قائلاً بـابتسامة: ويخليك سند للكل يا شعـيب أعمل الصالح يا ابني أنا عارف أن عقلك يوزن بلد ومبتعملش حاجة إلا لما تدرس كل جوانبها .. أومال أحنا وصلنا للي أحنا فيه ده أزاي كله بأفكارك وأيدك اللي تتلف في حرير
هتف شعـيب بمحبه: كله بفضل توجهاتك بعد توفيق ربنا ياجدي 
صمت الجد يمعن النظر في حفيده الأكبر بمحبه .. لطالما كان شعـيب مصدر فخر له .. شعـيب له مكانة خاصة بقلب مهران
هتف الجد بعد صمت دام لثواني: سامحني لو ظلمتك في يوم يا شعـيب ، كسرة قلبك وجعتني زي ما وجعتك.. سامح جدك يا بن سـالم 
شعـيب بعتاب: متقولش كده ياحج مهران .. أنت عمرك ما ظلمتني ولو حضرتك بتتكلم على حاجة حصلت زمان فأنا دلوقتي فاهم و واعي لوجهة نظرك اللي عملته كان في صالح الكل 
الجد مهران براحة: ربنا يرضى عنك ويراضيك باللي تتمناه ويحفظلك كل عزيز وغالي
ابتسم شعـيب قائلًا: ويخليك ليا يا غالي
×××××××××××
اقتربت بخجل من لتيـن الجالسة قبال التلفاز قائلة بـامتنان: شكرًا أنك مقولتيش لبابا على اللي أنا عملته أنا عارفة أن حضرتك أكيد دلوقتي بتكرهيني 
شهقت لتيـن بعتاب قبل أن تقول بهدوء وهي تجذب عائشة لتجلس جوارها: أنا عمري ما أكرهك عمري .. مهما تعملي مستحيل أكرهك أو حتى أزعل منك .. أنا عارفة أنك زعلانة مني ويمكن لو أنا كنت مكانك كنت هاخد نفس موقفك بس اللي عايزاكي تتأكدي منه يا إيشـو أن أنا عمري ما هاخد مكان زهرة حتى لو أنا عايزة مش هقدر عارفة ليه؟
طالعتها عائشة بأهتمام فأكملت لتيـن: عشان هي مامتك هي سبب أنك تكوني هنا معانا .. عشان أنتِ بتحبيها أكتر من أي حد .. عشان هي ماما .. مامتك! وهتفضل عايشة جواكي مهما تمر السنين هتفضلي فاكرة ليها ذكريات خاصة بينكم أنتوا الأتنين .. عشان أنا مينفعش أخد مكانها ولا حتى أكون بديلة ليها .. زهرة كانت جميلة في كل حاجة وأنتِ طالعة زيها
عائشة بسعاده: بجد أنا شبهها؟
أومأت لتيـن بتأكيد: أيوة شبهها جداً يمكن مش في الشكل بس في الطبع. واخدة كتير منها .. (وأكملت بحزن) أنتِ عارفة أني معنديش أولاد مش كده؟
هزت رأسها موافقه فأكملت لتيـن: لو كان عندي بنت كنت أتمنى تكون زيك كده .. طيبة وحنينة وشطورة وجميلة ما شاء الله .. أنا بحبك أنتِ وملك أوي بحبكم وكأنكم ولادي .. بحبكم عشان أول مرة أبقى خالتو معاكوا عشان حسيت أنكم كنتوا بتحبوني من غير مقابل أو شروط .. بحبكم عشان اتحرمت من الولاد بس ربنا عوضني بيكوا يمكن أنتِ دلوقتي متقدريش تفهمي كل كلامي بس لما تكبري هتفهمي وأتمنى وقتها تحبيني ربع ما أنا بحبك
أنزلقت دموعها بدون أرادتها فأسرعت عائشة تقول: بس أنا بحبك أوي يا خالتو والله بحبك أوي عشان خاطري متعيطيش أنا بس كنت خايفة تعملي معانا زي ما عمتو نـورا قالت
محت لتيـن دموعها ثم نظرت لـ عائشة بأهتمام قبل أن تهتف بتساؤل حذر: عمتو نـورا؟ هي قالتلك أيه يا عيشة؟
أجابتها عائشة بحزن: أنك ياخالتو هتضربينا بالخرطوم وهتحرمينا من الأكل واللعب وحتى المدرسة وأنك هتشغلينا خدامين عند صحابنا 
جحطت عين لتيـن بصدمة وهربت الكلمات من جوفها .. تلك الـ نـورا ستقتلها لا محالة كيف طاوعها قلبها بإرهاب طفلة كعائشة!.. ابتلعت ريقها بصعوبة ثم قالت بهدوء زائف: بعيدًا عن أني مستحيل أعمل حاجة بالبشاعة دي بس تفتكري يا إيشـو شعـيب باباكي هيسمحلي أزعلك ولو بكلمة؟ شعـيب بيحبك أنتِ و ملك أكتر من أي حد في الدنيا كلها
عائشة بتساؤل: حتى أكتر منك؟
ضحكت لتيـن بسخرية مريرة فشعـيب لم ولن يحبها أبدًا! ولكنها أجابت بثبات: حتى أكتر مني خليكي واثقة من كدة .. ينفع بقى نبقى أنا وأنتِ صحاب ونرجع زي زمان؟
تسائلت لتيـن وقلبها ينبض بجنون .. أجابتها عائشة برفض: لا مش ممكن
شحب وجهه لتيـن حتى حاكى شحوب الموتى من رفض عائشة القاسي
أما عائشة فأكملت بحماس: أنا عندي حل أحسن مش أنتِ مش عندك ولاد؟ وأنا وملك معندناش أم فممكن تكونِ مامتنا يا ماما؟!..
ران الصمت لثواني قبل أن تفرد لتيـن ذراعيها وتضمها إلى أحضانها ، تبكي بسعادة لم تتخيلها يومًا ، قائلة ببكاء فرح: ممكن جدًا .. ممكن ياقلب ماما .. أوعدك عمري ما هخذلكم هتفضلوا أهم حاجة عندي عمري أبدًا أبدًا ما هخلي حد يأذيكم حتى لو كان أبوكوا ..
الأمومة هو ذالك الشعور التي تتمناه كل أنثى .. شعور خُلقنا به نحن الإناث منبع الحب والعطاء والتضحية بلا مقابل لـطفل قد ينبت في رحمنا أو داخل قلوبنا
حُرمت لتيـن من الأمومة لسنوات ولكن عوض الله فاق كل شيء ..
××××××××××
هدر مـازن بتلك الكلمات وهو يلحق بـ شعيب قبل أن يغادر المنزل .. وأخيرا أستطاع أن يلحق به قبل أن يغادر بالسيارة
جلس مـازن في المقعد المجاور لـ شعـيب قائلًا بلهاث: يجدع أتقي الله فرهدتني على الصبح
تجاهله شعـيب ولم يرد فهتف الأخير بغيظ: لا وحياة أبوك برود على الصبح أنا مش ناقص كفاية إني هطبق النهاردة في المستشفى
هدر شعـيب ببرود: عايز أيه يالاه
شهق مـازن بصدمة مصطنعة: يالاه!! دي أخرة سبع سنين في كلية طب عجزتني بدري بدري؟ يالاه!! دي أخرة العيش والملح اللي ما بنا؟ يا أخي حسبي الله ونعم الوكيل
أخفى شعـيب أبتسامته بمهارة قبل أن يقول: أيوة عايز أيه دلوقتي؟ أنت هتشحت على الصبح!!
مـازن: طب والله أنا عايز أشحت فعلًا .. أنا واحد داخل على جواز ومسؤوليات وبعيد عنك راتب الحكومة يدوب مكفيني حتى العيادة مبلقيش وقت أفتحها أصلا .. أختك هتتبهدل معايا يا سطا
شعـيب بقرف: يا سطا؟ أنت دكتور نص كم على فكرة .. وبعدين أختي رضيت بيك وهي عارفة ظروفك كويس وعارفة أنك رافض أي قرش من جدك رغم أن حقك يبقى تستحملك على أي وضع أنت فيه سواء معاك ولا لا 
هز مـازن رأسه رافضًا بقوة: حقي لما أكون شقيان فيه غير كدة شكليات وبعدين بأمر الله هقسم وقت الشغل بين المستشفى والعيادة وربنا يسهل بقى وطبعًا شعـيب ابن عمي وحبيب قلبي مش هينساني برضو
ابتسم شعـيب بهدوء: أخلص عايز أيه
أجابه مـازن ببراءة: أبدًا كل الحكاية أنك يابن عمي يا أخو مراتي المستقبلية وعم عيالي إن شاء الله هتاخد شوية الكروت الخاصة بالعيادة حقي وتوزعها على عملائك وأنا بعون الله وخلال شهر هكون أشهر دكتور في جمهورية مصر العربية
شعـيب: نموذج إستغلالي حقير
مـازن بفخر: تربيتك
نظر له شعـيب بغضب وبادله مـازن النظرات قبل أن ينفجروا في الضحك 
×××××××××××
لتيـن بهدوء: صباح الخير يا مرات عمي
وفـاء بسعادة: صباح النور على عيونك يا غالية يا بنت الغالية .. عاملة أيه يالتين؟ وحشتيني ياحبيبتي
أجابتها لتيـن بأدب: الحمدلله أنا كويسة وحضرتك وحشتيني كمان.. (صمتت ثواني ثم قالت) هي فين نـورا كنت عايزاها تساعدني في حاجة كدة
وفـاء بحزن: نـورا في أوضتها امبارح وهي بره عربية خبطتها بس جت سليمة الحمدلله أدخلي ياحبيبتي أطمني عليها بيتك ومطرحك وأنا هحضرلكم حاجة تشربوها
هتفت لتيـن وهي تتوجه لغرفة نـورا: دايماً عامر يامرات عمي
×××××
كانت نـورا نائمة على فراشها تأن بوجع .. كل جسدها يؤلمها حد الموت .. اللعنة على عمـاد واللعنة على عائلة مهران بأكملها .. لن ترحمهم جميعهم
تفاجئت بمن يقتحم غرفتها ويغلق الباب خلفه .. ولم تكن سوا لتيـن التي قالت بتهكم: تؤتؤتؤ ألف سلامة عليكِ يابنت عمي مين ابن الحلال اللي عمل فيكي كدة؟
صاحت نـورا بغضب: بت أنتِ أحترمي نفسك بدل ما
قاطعته لتيـن بحده وهي تشرف عليها بجسدها: أخرسي خالص واسمعيني كويس يا حرباية أنتِ أوعي عقلك يصورلك إني مش فاهمة أنتِ بتلفي وتدوري على أيه؟ تبقي غلطانة دا أنا أكتر واحدة فهماكي في البيت ده وشغل الشياطين اللي بتعمليه ده ميخوفنيش وأوعي في لحظة تفتكري إني لتيـن بتاعت زمان الرقيقة والكيوت والدلع ده لا أنسي أنا واحدة جواها نار لو طلعت عليكِ هتقتلك .. صدقيني اللي أنا شوفته مع العرة أخوكي خلاني واحدة تانية خالص ممكن أضرب. أعور أو حتى أقتل!!
ارتعبت ملامح نـورا فأكملت لتيـن بانتصار: صدقيني مش بقول كلام وبس من عاشر القوم يابنت عمي
هتفت نـورا بجزع: أنتِ عايزة أيه؟
أجابتها لتيـن بشراسة: بناتي وجوزي ابعدي عنهم وإلا والله العظيم يا نـورا لـ نهايتك تكون على أيدي .. أنا جوزي راجل بصباع رجله الصغير ينهيكِ مش زي اخوكي الـنطع .. فـأحسنلك يابنت الناس الطيبين تراعي ربنا فينا وإلا هقلب الكل عليكِ وأنتِ عارفة لتيـن حسـان نورالدين مكانتها أيه عند عيلة مهران كلهم وأولهم مهران الكبير فاعقلي ياحلوة
هتفت نـورا بصوت هارب: أنتِ بتهدديني
أبتعدت لتيـن عنها قائلة بلا مبالاة: أيوة بهددك واللي عندك أعمليه
ثم اندفعت خارج الغرفة متجاهلة نداء زوجة عمها المتكرر
كانت سعيدة بل سعيدة جدًا .. سعيدة بتلك القوة الوليدة وتلك الثقة المشعة من وجدانها .. والسبب في تلك القوة هو شعـيب دون غيره
رباااه كم هو هين لين معها درع وسند لها. هي ممتنة له لحمايته لها ورقته معها ممتنه ولن تخذله أبدًا كما سيفعل هو ولن يخذلها!!..
×××××××××××
دلف شعـيب إلى مقر عمله _الفرع الأساسي لسلسلة محلات مهران للمجوهرات_
يخطو خطواته باتجاه غرفة مكتبه قبل أن يقابل سعد الساعي يقول باحترام: شعـيب باشا الظرف ده وصل لحضرتك
قبض شعـيب على الظرف بـاستغراب قبل أن يقول: شكرًا يا عم سعد وبعد إذنك عايز الشاي بتاعي
أومأ سعد موافقًا: من عنيا يا باشا 
انسحب سعد يقوم بإعداد طلب شعـيب أما الأخير فدلف إلى مكتبه ثم جلس على مقعده يفتح الظرف بتمهل .. 
ثواني فقط ثواني وتصلبت كل عضلة في أنحاء جسده .. ثواني وفقد القدر على التنفس .. ثواني توقفت الأصوات من حوله وانعزل عن العالم بما فيه .. ثواني وانهار كل شيء وهو يرى صور زوجته لتيـن تعانق عمـاد بحميميه واضحة .. صور كثير في أوضاع عجز عن شرحها. للوهله الأولى لم يصدق أنها هي أو على الأقل ليس الأن قد تكون صور لها خلال فتره زواجها بعماد
هتف بأمل ولكن ماذا عن خصلاتها القصيرة .. خصلاتها التي بترتهم بقسوة بعد وصالهم الأول!!! ربااااه سيفقد عقله ..
اندفع شعـيب كالليث الجريح خارج المكتب بل خارج الفرع.. يقود سيارته بجنون .. سيقتلها لا محالة! 
كان يقود بسرعه تجاوزت الحد المسموح به ولكنه لم يهتم يريد أن يراها في التو والحال
تلك الخائنة! صاح بجنون وهو يضرب المقود عدة مرات
بعد وقت ليس بقصير وصل لبيته ومنه إلى شقته يصيح بجنون: لتيـــــــــن 
خرجت لتيـن من غرفتها وبجوارها عائشة و ملك قائلة بخوف من منظره: نعم يا شعـيب في حاجة؟ أنتَ كويس
شعـيب بثبات زائف: عائشة خدي أختك وروحوا عند تيتة حنـان
اعترضت عائشة قائلة: بس يابابا أحنا بنلعب مع ماما لتيـن
صرخ بغضب: دي مش أمكم وحالًا تاخدي أختك وتنزلوا يلااااا
فرت الفتاتان بخوف ظاهر خارج الشقة فـاقترب شعـيب يقبض على رسغ لتيـن بعنف: إزاي جالك الجرأة تعملي القذارة دي؟ إزاي بعد ما نجدتك من الموت؟ إزاي وأنتِ مراتي وعلى ذمتي إزاااي تخونيني يازبالة
صرخت لتيـن بذعر: أنت بتقول أيه شعـيب أنت أكيد فاهم غلط أنا والله ما
وهربت كلماتها مع أول صفعة تتلقاها من شعـيب ولم تكن الأخيرة .. فقد انهال عليها بالضرب يفرغ غضبه وغيرته .. ينفث عن خسارته .. يقتص لذاته منها..!!
كان يضربها بقسوة تدميها لم يكُ واعياً فالغيرة تذهب العقل وتعمي العين ولكن شعوره بشيء لزج دافئ يغطي يداه جعله يدرك ما يفعله
_شعـيب باشا أنت كويس؟ والله يابيه مكنتش أقصد أوقع الشاي عليك بس حضرتك أتحركت مرة واحدة وكأنك كنت نايم وصحيت من كابوس!!
أفاق شعـيب من دوامته ينظر حوله بتيه قائلاً بعدم استيعاب: في أيه؟
أجابه العم سعد بشفقة: شكلك تعبان يا باشا من بعد ما أخذت مني الظرف ودخلت المكتب رحت حضرت لك الشاي وجيت أقدمهولك لقيتك بتضرب الصينية بطول دراعك فوقعت على أيد حضرتك
دقت أجراس الخطر داخل عقله .. الجواب!! نظر حوله حتى وجده واقع أسفل قدميه .. دنى منه حتى قبض عليه بأصابعه قائلاً بـصوت متحشرج: أتفضل يا عم سعد شوف شغلك أنا كويس 
أومأ الأخير بحرج قبل أن يندفع خارج المكتب يغلق الباب خلفه 
دفن شعـيب رأسه بين كفيه هامسًا بصعوبة: أستغفر الله العظيم وأتوب إليه .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. الحمدلله أن ده كان كابوس أو حتى تخاريف المهم إنني مأذيتهاش .. لتيـن لا يمكن تعمل كده .. دي مش مراتي حتى لو الوش نفس الوش .. لكن الباقي لا ليها ولا يخصها وأنا لا يمكن أغلط فيها أبدًا .. لتيـن حسـان نورالدين لا يمكن تخون .. أصدق أن أنا أعمل كده لكن هي لا مستحيل.. مستحيل 
صمت قليلًا ثم أكمل بقسوة: وحياة اللي خلق الكون لهندمك على اليوم اللي اتولدت في يا اللي عملت العملة السودة دي .. وهجيبك ماهو أنا مش الأهبل عماد عشان تخيل عليا نفس اللعبة بنفس الأسلوب القذر 
صرخ بجنون: حمدااااااي
أتى مسؤول الأمن على الفور فـأمره شعـيب قائلًا: سجل الكاميرات بتاعة النهارده يكون عندي حالًا ابعتهولي على الواتس فاهم 
أومأ حمدي بذعر: ثواني يا باشا ويكون عند سعادتك 
اندفع شعـيب خارج المكتب بل خارج الفرع بأكمله .. يشعر بالإختناق .. هناك وحوش قاتلة تمزق قلبه غيرة وخوف عليها .. وجيوش لا تعرف الرحمة تطالب عقله بـأيجاد من فعل تلك الجريمة في حق مالكة القلب والوجدان
تنفس بعمق مرة بعد مرة يحاول السيطرة على نفسه .. مَنْ عديم الشرف والضمير الذي يسعى للقضاء عليها؟ ولماذا يفعل؟ 
فـ لتيـن لم ولن تؤذي مخلوق قط! يعرفها جيداً.. نقية ذات قلب سليم .. قلب لم يعرف الكره يومًا رغم ما عاشته رغم الوجيعة والألم .. رغم كل شيء تبقى لتيـن كما هي زرعة صالحة تستحق الرعاية والأهتمام وهو الوحيد القادر على رعايتها بإخلاص نابع من وجدانه.. 
انتبه للصوت المنبعث من هاتفه بوصول رسالة على تطبيق _الواتس اب_ تفقدها باهتمام .. كان عبارة عن مقطع فيديو تفريع كاميرات المحل لليوم .. شاهده بدقة حتى رأى ما كان ينتظره
شاب يقود دراجة هوائية لا يظهر من وجهه سوى عينيه أما البقية فمتخفي خلف كمامته الطبية .. يعطي العم سعد المظروف الملعون ثم يفر هاربًا كاللصوص ولكن
صرخ شعـيب بأنتصار قائلًا: الغبي هو اللي مفكر نفسه ذكي وأن كنت خبيت وشك في الكمامه سبت نمرة الموتوسكل ليه يا حمااااار!!..
ثم أسرع بأجراء أتصال تليفوني لـرقم معين قائلا للطرف الأخر: حاتم باشا قصدك في خدمة!..
×××××××××××
ستجن حتمًا لا محاله .. ضرحت بجنون تطيح بكل شيء حولها ، كيف تجرأت الملعونه لتيـن على تهديدها بتلك الطريقة!!! من أين لها تلك القوة والثقة التي كانت تتحدث بها؟!.. 
ألم تفعل المستحيل لكسر شوكتها ومحو كرامتها وتدمير هيبتها! كيف عادت أذن كما كانت في الماضي؟!..
قوية واثقة تدرك قيمتها وسط الجميع!!..
هدرت نـورا بحقد: وديني لقتلك يا لتيـن هخليكِ تحصلي أختك دا لو فضلتي عايشة بعد ما شعـيب يشوف صورك مش هسيبك إلا لما تقولي حقي برقبتي.. (ثم صرخت بغل) اااه يا ناري أزاي سكتلها وهي بتهددني بكل بجاحة أزاي مكسرتش رقبتها أزااااي!!..
×××××××××××
صرخت لتيـن بغضب: ملك .. عائشة أيه اللي أنتوا بتعملوه ده؟!!
عائشة بخوف: مش أنا يا ماما دي ملك هي اللي لعبت في الحاجة بتاعتك
نبض قلب لتيـن بتأثر وألتمعت عيناها من اللقب الغالي التي نعتتها به عائشة للتو ثم نظراتها لملك الغارقة في أدوات التجميل الخاصة بها ثم لـ عائشة وأبتلعت ضحكاتها بصعوبة وهي تراه وجوههم ملونه بالعديد من الألوان كالمهرجين
هتفت ملك ببرائة: تيـن حبيبتي (لتيـن)
أنتشلتها لتيـن تضمها: قلب تيـن وعقلها أيه اللي أنتِ عملاه ده بس؟
أجابتها ملك وهي تبعث بخصلاتها القصيرة: بلعب
هدرت لتيـن بمرح: بتلعبي طب والله لنلعب كلنا بدل الملل اللي أحنا فيه ده
صرخت الفتاتان بحماس وبدأو المرح واللهو على أكمل وجه
×××××××××××
كان الصمت يعم المكان وهو يدلف داخل شقته .. عقد حاجبيه بتعجب فـالساعة لم تصل للسابعه مساءًا بعد .. ومستحيل أن يكونوا ذهبوا للنوم!!.. 
تقد بثبات تجاه غرفة لتيـن يجب أن يخبرها بطريقة غير مباشرة عن تلك الصور ، لربما تعلم من يريد أذيتها بتلك الطريقة!!.. 
فتح الباب بهدوء وفرغ فاه بصدمة مما رأه وتيبست قدماه  .. 
فقد كانت الفتاتان يحتلوا فراشها وحولهم العديد والعديد من أدوات التجميل .. وصغيرته ملك تضع رأس لتيـن فوق ساقيها وعائشة تجلس على يمينها .. يتنافسون في رسم وجهها بأحد أقلام الكحل السوداء والعديد من أقلام طلاء الشفايف .. أما شعرها فـ حرج ولا حرص مشعث في كل أتجهاه وكأنها تعرضت لصدمة كهربائية للتو!.. 
بصعوبة بالغه أبتلع ضحكاته التي تكاد تخنقه .. ثم أخرج هاتفه وألتقط عده لقطات سريعة لهم قبل أن تنتبه لتيـن له فشهقت بذعر وحرج شديد
أستقامت لتيـن واقفة تحاول أن تعدل ملابسها
وشعرها الأشعث ولكن بلا جدوى .. أقتربت من شعـيب قائلة برجاء: شعـيب لو سمحت أمسح الصور
أجابها بعبث وهو يدنو منها: تدفعي كام؟
أنتشر اللون بكامل وجهها من مغزى كلامه أما هو فـ أبتسم بـأنتشاء من خجلها الواضح ويكاد يجزم بأنتشار اللون الأحمر على محياها البهي ولكن تلك الألوان البغيضة تمنعه من رؤيتها
هتفت ملك بسعادة تخرجهم من شرودهم: بابا شفت عملت أيه لـ تيـن؟ حلوه مش كده
أجابها ضاحكًا: حلو أووي ياروحي وخصوصًا الشعر يهوس
ثم أنفجر ضاحكًا وشاركته بناته دون أن يفهموا شيئًا
هتفت لتيـن بغيط: عيشه خدي ملك وأغسلوا أيديكم وأستنوا عشان هنتعشى
أومأت عائشة بطاعه: حاضر يا ماما
ثم أنسحبت خارج الغرفة ومعها ملك .. أما شعـيب فألتمعت عيناه بسعادة وبريق لم تفهمه لتين فقالت بحرج: أنا عارفة أني مش والدتهم بس أنا 
قاطعها شعـيب بحنان: هتبقي أحسن وأحن أم يا لتيـن .. لو أنتِ مبقتيش ماما مين يستاهل يكون؟ ربنا يرزقك الذرية الصالحه وبدل ما عندك بنتين نجيب التالته بأذن الله..
أبتسمت بأمتنان بسعاده قائله: يارب يا شعـيب يارب
طالعها بعدم هل أمنت على دعائه؟ هل تمنت للتو أن تكون أم لـ أبناءه هو!! 
همس شعـيب بتأثر: قولي ورايا يا لتيـن
عقدت حاجبيها بـأستغراب ولكنها أومأت موافقة دون سؤال
هتف شعيب بأبتهال: ربي لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين .. أنه عليك هين ياالله .. أنه عليك هين ياالله .. أنه عليك هين ياالله .. بسم الله خير الأسماء بسم الله الذي لا يضر مع أسمه شيء في الأرض ولا في السماء والسميع العليم كما أعطيت لذكريا يحيى ولمريم عيسى أعطيني ولا تحرمني وصلى الله وسلم على سيدنا محمد اللهم آمين يارب العالمين
كانت تردد خلفه بتضرع ودموعها تنزلق على وجنتيها دون أرادتها .. كانت لحظة لن تنساها مهما حيت .. لحظة تدفق فيها شعـيب داخل أوردتها .. لحظة أدركت أنها لن تترك هذا الرجل مهما حدث ولن تسمح له بالأبتعاد عنها .. وجوده في حياتها سيكون أجباري له لو قرر عكس ذالك!.. 
دون كلام أرتمت داخل صدره تتشبث به بقوة .. لم يجفل ولم يبتعد بل مسد على ظهرها بحنو ورقة .. دعائه كان من أعماق قلبه .. 
هتف بخشونه دون أرادته: لتيـن
همهمت دون رد وتعلقت به أكثر .. تركت نفسها داخل صدره بكامل أرادتها .. تشبثت به كالغريق لـ ينقذها وكان هو سريع الأستجابة 
كان يستنشق عطرها بانتشاء .. تلك الرائحة المميزة رائحة الفانيليا و النعناع مزيج غريب يجذبه لها كالمغناطيس .. كان يريد أن يغرق فيها ومعها ولكن ليس الأن .. ليس وهي مشتتة مصابة لم تُشفَ بعد!..
ابتعد عنها برقة يتطلع إليها بافتتان ، ينظر إلى وجهها البهي .. يراها جميلة بل الأكثر جمالًا .. ربما يوجد من هن أكثرًا جمالًا ، ذلك الجمال الخارجي ولكنها مختلفة ليس لملامحها ولا أنوثتها الطاغية .. بل روحها .. تجذبه إليها .. نظرة عينيها تفعل به الأفاعيل .. تغرقه وتنجيه ، تقتله وتحييه .. ربما لهذا المزيج فيهم براءة مشبعة بالحزن وسهم شجاعة وقوة مع لمحة من الضعف بخلاف لونهما الساحر
تنفس بعمق قبل أن يقول بخشونة: لتيـن في موضوع مهم لازم نتكلم فيه
نظرت إليه باهتمام تحثه على المواصلة فأكمل شعـيب وهو يضغط على أسنانه بقوة حتى كادت أن تتحطم: عمـاد 
اسم من أربع حروف قادر على تحويلها من أنثى رقيقة سعيدة بأهتمام شعـيب إلى أخرى واجمة .. مرتعبة 
انتبهت لكف شعـيب الذي قبض على أصابعها يبثها القوة فهتفت بخفوت وقد تملكها شعور مفاجئ بالغثيان: ماله؟!!
أجابها بهدوء عكس القسوة التي التمعت في عينيه: هيحضر خطوبة تقى ومازن بعد كام يوم ودا بأمر من جدي .. هطلب منك طلب واحد يا لتيـن طلب هيتنفذ و معندكيش رفاهية إنك ترفضي
شحبت ملامحها وقد توقعت طلبه أو بمعنى أدق أمره .. بالتأكيد سيمنعها عن حضور الحفل
شعـيب بأمر: نظرة الخوف اللي في عنيكِ منه تنمحي فوراً سواء في وجوده أو عدمه ، أنتِ مغلطتيش علشان تخافي .. هو اللي المفروض يخاف (وأكمل بحمائية)وبعيد عن أني مستحيل أسمحله يأذيكِ سواء هو أو غيره بس أنتِ مش ضعيفة يالتين أنتِ قوية صدقيني قوية أنك استحملتي كل اللي عشتيه ولحد الآن صامدة عندك رغبة أنك تكملي .. أنك تصلحي اللي اتكسر جواكِ وهتقدري بأذن الله وأنا معاكِ مهما حصل
تسارعت دقات قلبها بصورة غير طبيعية .. لطالما تمنت من يقف بجوارها سنداً وحماية لها ، ربما قد خُذلت من والدها و عمـاد ولكن شعـيب يختلف ، يختلف عن أي شخص قد رأته أو سمعت عنه .. رجلًا وليس ذكرًا
هتفت بـانبهار: هتكون جانبي علطول؟ حتى لو غلطت؟
دون تردد أومأ بتأكيد وعينيه تشع ثقة وشيء أخر جهلت تفسيره فـاتسعت إبتسامتها 
ودت لو تصرخ بابتهاج ولكنها ستبدو طفلة لا محالة... وشعيب يستحق امرأة سوية متزنة وستفعل المستحيل حتى تليق به!...
×××××××××××
توالت الأيام مابين بحث شعـيب المستمر عن صاحب الدراجة الهوائية والبحث عن طبيبة نفسية للتيـن
حتى أتى اليوم الموعود .. كان الجميع يعمل على قدم و ساق فاليوم هو حفل خطوبة مـازن و تقى ..
كانت تقى تحلّق في السماء .. تكاد تجن من فرط سعادتها فأخيراً وبعد طول إنتظار ستكون له و سترتدي خاتمه المختوم بإسم الحبيب 
مـازن .. همست اسمه بخجل ووجنتيها تشتعلان بحمرة الخجل والبراءة .. انتبهت لـصوت فتاة "الميكب أرتست" وهي تطلب منها إغلاق جفونها فعلت المطلوب وانتظرت حتى انتهت 
تطلعت في المرآة تقيّم شكلها النهائي .. كانت متألقة في ثوب ذهبي يخالطه اللون الأسود الذي يماثل سواد حذائها وحجابها كذلك 
كانت تشعر بالسعادة والإرتباك والحماس والتوتر مزيج عجيب من مشاعر مختلطة تبعثرت داخلها ولكنها في المجمل سعيدة بل شديدة السعادة ..
×××××××××××
_بسم الله الله أكبر زي القمر ياقلب أمك
ابتسم مـازن بعد كلمات وفـاء المادحة له
هتف بغرور مصطنع: دي أقل حاجة عندي (ثم غمز بإحدى عينيه قائلًا) وبعدين أنا جايب الحلاوة دي؟ ماهو منك ياست الكل يا عسل أنتِ .. 
ثم قبل جبهتها بوحشية فانفجرت وفـاء ضاحكة تدعو له براحه البال ودوام السعادة 
×××××××××××
كانت متوترة استطاع معرفة هذا وهو يراها تلف وتدور كالنحلة داخل الشقة ولكنه لم يتدخل فقط جلس بصمت يراقبها .. تركها تتعامل مع مشاعرها وتنفس عنها بالطريقة التي تهواها حتى لو مزقت نصف ملابسها! صارخة بعدم وجود ملابس لديها!!!! 
اقترب من غرفتها بهدوء ثم دلف إليها دون استئذان وكما توقع كانت تجلس داخل كومة من الملابس الممزقة والرائعة .. ابتلع ضحكته بصعوبة قائلا بتساؤل: لتيـن؟ أنتِ كويسة؟ 
نظرت له بعينين ملأتهما الدموع حتى كادوا أن يتساقطوا ولكنها حاربتهم باستماتة .. كانت تشعر بالضيق والتوتر وخوف رهيب من القادم .. كانت تريد أن تبدُ جميلة ولكن تلك الملابس البغيضة لم تساعدها البتة!
هتفت بصوت باكٍ: أنا مش هنزل الحفلة روح أنت والبنات مفيش حاجة ألبسها
شعـيب ببساطة: وماله متنزليش
ارتسمت الصدمة على ملامحها فأكمل بهدوء: بس أنتِ بصيتي على العلبة اللي هناك دي؟!! 
تطلعت حيث أشار بإبهامه فرأت صندوق من اللون الأبيض مزين كالهدية .. اقتربت منه بسعادة طفلة بثياب العيد ، تتفحصه بلهفة وتستكشف محتواه .. شهقت بأنبهار وهي ترى ثوب من اللون البيچ ضيق من الصدر ويتسع من بداية الخصر بأكمام طويلة رائعة .. كان ثوب محتشم بسيط وجميل
نظرت إلى شعـيب بامتنان قائلة بسعادة: شكراً ياشعيب حقيقي الفستان جميل جداً تسلم إيدك بجد أنا مبسوطة أووي
إبتسم بإنتشاء لسعادتها قائلاً بحنان :إن شاء الله دايما مبسوطة يا لوليتا
تسارعت دقات قلبها من تدليله لها .. هذا الرجل لم ترَ مثله من قبل ولن ترَ .. كيف كانت تخشاه سابقًا؟ أي غباء هذا!
قطع شرودها شعـيب قائلًا: يلا أدخلي ألبسي وأنا هشوف البنات وهلبس وأرجعلك
أومأت موافقة فخرج شعـيب من غرفتها قاصداً غرفة بناته ..
×××××××××××
سيراها اليوم لا محالة سيطلب منها السماح. سيرجوها أن تعود إليه وسيفعل المستحيل حتى تغفر له 
وقف عماد أمام شقة والديه .. يشعر بـالخوف من أن يُنبذ .. ولكنه سيتحمل سيسعى لمغفرة الجميع له وعلى رأسهم لتيـن!..
طرق عدة طرقات على باب الشقة حتى فتحت له نـورا .. تجهمت ملامحه وأرتسم الإجرام جليًا على ملامحه قائلًا بقسوة: أنتِ!!
تراجعت نـورا برعب وكأنها ترى شيطانًا وليس أخاها .. رغم مرور بضعة أيام ليست بقليلة ولكن جسدها مازال يأن من ضرباته .. كيف استحملت لتيـن العيش معه لأربع سنوات؟ كيف لاتزال حية من الأساس
قاطع شرودها عمـاد قائلًا بشراسة: وشك الـ××× ده مش عايز أشوفه طول ما أنا هنا سامعة؟!
أومأت بالموافقة دون تفكير وفرت هاربة إلى حجرتها تحتمي بها منه
أما الأخير فزفر بغضب .. رؤيته لنورا تشعل دمائه بهمجية أن ترك العنان لها لقتلها في التو والحال زفر بحنق ثم اتجه لغرفة مـازن أخيه الصغير
طرق على الباب بخفوت ودلف مسرعًا وجد والدته و والده بجوار مـازن و ران الصمت بعد دخوله
قطعته شهقة بكاء وفـاء التي ألقت نفسها داخل صدره تتشبث به وتردد إسمه بلوعة
أحتضنها عمـاد بحنان لكم اشتاقها واشتاق حنانها
وفـاء ببكاء: وحشتني يا عمـاد وحشتني أوي ياحبيبي ليه عملت في نفسك كدة
هتف عماد بتأثر: وأنتِ كمان وحشتيني يا أمي حقك عليا يا غالية (ثم نظر إلى والده بثقة قائلًا)إن شاء الله كل حاجة هتتصلح وكل اللي غلط عملته مستعد أدفع تمنه أهم حاجة أنتوا تسامحوني
إبتعدت وفـاء عنه قائلة: إحنا مسامحينك ربنا يهديك ياحبيبي يلا ياتوفيق نسيب العيال لوحدهم وتعال ننزل نشوف الحاج والحاجة
أومأ توفيق بموافقة وخرج معها وهو يشعر بالسعادة فيبدوا أن الله عز وجل إستجاب لدعواته وعاد عمـاد لرشده
بعد خروج وفـاء و توفيق هتف عمـاد يقطع الصمت المحيط: مش هتقولي حمدلله على سلامتك؟ أو حتى ترحب بيا؟ ولا أنا مش وحشتك
أجابه مـازن بثبات: وحشتني فعلًا يا عماد بس وحشني عمـاد بتاع زمان مش عماد اللي بيأذي أقرب ما ليه
تشنج صدغ الأخير قبل أن يقول: كلنا بنغلط يا مازن ولا أيه؟
هتف مازن بثقة: أكيد كلنا بنغلط بس المهم منستمرش في الغلط ولا أنت إيه رأيك
أبتسم عمـاد بهدوء: عندك حق المهم إننا منستمرش في الغلط وأنا الحمدلله فوقت لنفسي فيا ترى هترحب بيا؟ ولا هتاخد صف شعـيب كالعادة؟ ما أنت بتحبه أكتر مني!
عقد مـازن حاجبيه بإستياء قبل أن يقول بتوضيح: شعـيب ابن عمي ومثلي الأعلى في حاجات كتير بس أكيد مش هحبه قدك أنت أخويا ياعماد أخويا اللي نفسي أشوفه أحسن الناس أنت بتسرعك بتخسر أقرب ما ليك! أنت بس لو تهدى! لو تفكر قبل ماتنفذ هتلاقي مشاكلك كلها إتحلت .. أنا عارف إنك بتغير من شعـيب يمكن ده شعور أنت ملكش دخل فيه بس على الأقل كان ممكن تتحكم فيه ومتخليهوش يتملك منك كان ممكن تستفيد منه بإنك تكون الأحسن ومتبصش تحت رجليك مكنش لازم تقلده في حاجة كنت أعمل كيان لنفسك بعيد عنه .. بس مهما تعمل هتفضل أخويا الكبير اللي بحبه
إبتسم عمـاد بشحوب فـ مـازن محق في كل شيء قائلًا: عندك حق يا مـازن لازم أبني كيان لنفسي المهم مبروك ياعريس
إحتضنه مـازن بفرحة: الله يبارك فيك ياحبيبي وعقبالك
إنفجر عمـاد ضاحكًا: وماله اللهم آمين
×××××××××××
هتفت الجدة صباح بتساؤل: مالك يامهران؟ قلقان ليه ياحج؟
زفر مهران بتوتر قائلًا: النهاردة عمـاد جاي وخايف يشد مع شعـيب .. أصلا أنا قلقان من شعـيب نفسه ربنا يستر بقى
ضحكت صباح ببشاشة قائلة: لا متقلقش شعـيب ناصح وبيقدر يسيطر على أعصابه .. أي نعم هو بيغير بطريقة وحشة بس مش هيدي لعماد أي إهتمام على الأقل قدامنا
هتف مهران بإعتراض: شوفتي آخر مرة قال لعماد أيه؟ لمجرد أنه بص بس للتيـن!! ده غير إنه راح لعماد ضربه في قلب شقته .. هو فاكرني مش عارف بس أنا الأخبار بتوصلني أول بأول
صباح: متقلقش ياحج إن شاء الله اليوم هيعدي على خير وشعيب أكيد مش هيبوظ ليلة أخته ولا هيسمح لحد يبوظها
أومأ مهران بصمت وعقله يفكر بلا إنقطاع
×××××××××××
إنتهى شعـيب من إرتداء ملابسه وأرسل الفتاتين إلى شقة والديه التي ستقام بها الحفل ثم توجه لغرفة لتيـن
كانت لتيـن قد انتهت من إرتداء ثوبها كانت تبدو رائعة ولكن سعادتها كانت ناقصة تطلعت لخصلاتها القصيرة بإمتعاض لطالما تمنت إرتداء الحجاب أن تتقرب إلى الله أكثر فأكثر ولكن عمـاد كان يمنعها يخبرها بأنها أجمل من دونه! .. وتخشى أن يكن لشعـيب نفس الرأي .. وتخشى أيضا أن يعتقد أنها أتخذت تلك الخطوة لأنها تبغض شعرها القصير ولكنها لا تهتم إن كان طويلاً أم قصيراً .. لم تكُ مهووسة بشعرها من قبل لتحزن عليه الآن!!
لا تريد لأحد أن يرَ منها شيئا لا تريد أن تظهره وخاصة عماد!!! 
أفاقت من شرودها على صوت شعـيب يطلب إذنها للدخول إليها .. تنفست بعمق قبل أن تسمح له
دلف شعـيب وهو متأنق ببدلة رجالية سوداء مزدوجة الصدر .. 
كان يبدو كأحد نجوم هوليوود .. هذا ما فكرت به لتيـن وهي تراه مقبل عليها احمرت وجنتيها وهي تدرك إشتعال نظراته المصوبة عليها 
دون مقدمات أقترب شعـيب منها يعانقها.. عناق رقيق كلمسات فراشة ناعمة
ذابت وانصهرت بين ذراعيه .. شعـيب يشعرها بمشاعر لم تحيَها قبله .. لمساته بها شيء مختلف ليست شهوانية ولكن رقيقة مراعية حنونة ، شغوفة
أبتعد عنها قائلًا بخشونة: فإذا وقفت أمام حسنك صامتاً فالصمت في حرم الجمال جمال.. (ثم أكمل بهمس لم تسمعه)كلماتنا في الحب تقتل حبنا إن الحروف تموت حين تقال.. لم أحبك كشخص فقط بل أحببتك كوطن لا أريد الإنتماء لغيره _نزار قباني_
إبتسمت لتيـن بسعادة رغم الخجل هو وهو فقط يعزز ثقتها بنفسها بل يبنيها من جديد فقد خسرتها منذ سنوات .. يشبع ذلك النقص النابض بقلبها .. يمحي كلمات قاسية دمرت روحها .. يزرع بساتين من ورد في أرض جافة قاحلة.. يحيها بعد أن ماتت طويلاً
هتفت لتيـن بـإبتهاج: وأنت كمان شكلك حلو أوي يا شعـيب وكأنك أنت العريس
ضحك شعـيب بسرور قائلًا: ما أنا فعلًا عريس ومعايا أحلى عروسة وهتبقى أحلى لو 
صمت قليلًا فقالت: لو أيه؟
أبتسم بحلاوة قائلًا: لو أتحجبتي يا لتيـن أنا أكيد مش هجبرك على حاجة أنتِ مش عايزاها دي علاقتك الخاصة مع ربنا أنا حبيت أعرفك بـأمنيتي أنتِ ما شاء الله قريبة من ربنا جدًا مش بتفوتي فرض وكل يوم بسمعك بتقرأي الورد اليومي من القرآن الكريم .. أتمنى أن ملك وعائشة يكونوا زيك لما يكبروا
(وأكمل وهو يخرج من جيب سترته علبه مخملية) وبما أني مصمم حُلي قد الدنيا فمكنش ينفع مصممش حاجة مخصوص لزوجتي العزيزة وعلى فكرة بقبل النقد بكل صدر رحب .. مع أن شغلي لا يعلى عليه (قالها في غرور مصطنع)
مدت أناملها تستكشف محتواها وأتسعت عيناها بإنبهار .. كان سلسال به دلاية مخطوط عليها أسمها ومزينة بأنواع كثيرة من الحلوى!! سلسال رقيق رائع التصميم لم ترَ له مثيل 
هتفت بأنبهار: أيه ده؟
أجابها ببساطة: إسمك ومعناه
طالعته بذهول فقال بشجن: لتيـن يعني كثرة الجمال أو الحلو بشكل زائد
لتيـن بتأثر: شعـيب أنا .. أنا
شعـيب: أنتِ أيه
هدرت بصوت ساحر: أنا عايزة أتحجب
بعدما أدلت بموافقتها على إرتداء الحجاب أسرع شعـيب يأتي بأحد الأوشحة الذي يتطابق مع لون ثوبها وكأنه كان يثق بموافقتها الفورية!!
وقفت أمام المرآة ترتديه كيفما اتفق وشعيب يراقبها بعينين لامعتين كنجومٍ مضيئة وسط سماء معتمة
وأخيراً انتهت ولم يزيدها الحجاب سوى جمال فوق جمالها كانت تشّع بهاءً
اقترب منها كالمسحور يحيط خصرها بتملّك قائلاً بخشونة: سبحان من خلقك .. إزاي قادرة تكوني دايما جميلة وكأنك محتكرة الجمال وبقى ملكية خاصة ليكِ .. ليكِ وبس يا لوليتا!!
إنتفض قلبها بين ضلوعها كأرنب مذعور .. ولكن ذعر محبب يسري في أوردتها .. هذا الرجل الرائع زوجها!! هذا الرجل يحييها من جديد .. تمنّت وبشدة أن تغلغل أناملها بين طيات شعره الناعم الكثيف .. ولكن هناك ما يمنعها .. هناك حاجز غير مرئي تخشى أن تتخطاه 
أفاقت من شرودها عندما دنى منها بوجهه وعانقها برقة كادت أن تذيب عظامها
كان يعانقها بنهم وشوق أوجعه .. يريد أن يتغلغل داخل أوردتها .. أن تعشقه أكثر مما يفعل .. كانت لمساته تزداد جرأة فترتجف كورقة في مهب الريح
همست لتيـن بخجل: شعـيب كفاية اتأخرنا على الحفلة 
إبتعد عنها أخيراً يرمقها بهدوء قبل أن يقول بصوت عميق أوضح مشاعرة الجياشة: لازم ننزل حالًا بس بعد الحفلة لينا كلام تاني
ارتجفت من نظراته العميقة التي تثير مشاعر عدة بداخلها.. نظراته المفعمة بالحنان والثقة وثوران مشاعره
أسبلت جفونها بخجل ورهبة من القادم .. ترى ما ستكون النهاية 
××××××××××× 
_في شقة سـالم مهران_
كانت حفلة بأجواء عائلية رائعة .. ورغم السعادة الطاغية إلا أن هناك شحنة كبيرة من التحفز والتوتر 
شهقت فوزيـة بسعادة مما لفت إنتباه الجميع قبل أن تندفع نحو لتيـن تحتضنها بحنان قائلة: ألف مبروك الحجاب ياحبيبتي طالعة زي القمر ربنا يزيدك ويثبتك يا قلب أمك
ابتسمت لتيـن بخجل قائلة: الله يبارك فيكِ يا ماما
هنئها الجميع بسعادة والبعض بإستنكار .. كانت لتيـن تشعر بالسعادة وهي تتعلق بذراع شعـيب كالطفلة الصغيرة حتى رأت من دمر حياتها سابقًا ، بهتت ملامحها وارتجفت بإشمئزاز ونفور .. تقابلت عيناهم بنظرات نادمة مستعطفة منه وكارهة نافرة منها 
انتبه لها شعـيب وقد خمن سبب تبدل حالها فرمقها بدفء يبث الطمأنينة في طيّات قلبها المذعور قائلاً بثقه: تجاهليه ولا كأنه موجود وأنا جانبك ، ركزي معايا وبس أنا وبس يا لتيـن
نبرته ونظراته ..وآه من نظراته تلك النظرات التي تشع دفء وينبثق منها الأمان 
ابتسمت باهتزاز فبادلها الإبتسام بتشجيع
××××××
مر الوقت بسعادة ومرح حتى هتف مـازن بغضب مصطنع: أيه يا جماعة هو إحنا مش هنلبس الدبل ولا أيه؟ ولا أنتوا جايين تاكلوا؟
انفجروا الجميع ضاحكين قبل أن يقول شعـيب بخبث: وماله نلبس الدبل يلا يا ماما لبسي تقى دبلتها وأنتِ يا مرات عمي لبسي مـازن دبلته
شهق مـازن بإستنكار قائلًا بحنق: أيه ده دا مين اللي قال كده؟ هو حد قالك إني ما عنديش أيد ومش هعرف ألبسهالها
إبتسمت تقى بخجل قبل أن يقترب شعـيب من مـازن يهمس بغرور : شوف يا مـازن يا ابني بعون الله مش هتلمس ظافر أيديها إلا بعد كتب الكتاب والفرح كمان
أجابه مـازن بهمس مماثل: بس دا ظلم
شعـيب ببرود: ظلم دا يبقى خالك ها موافق ولا نلغي الليلة دي؟
رمقه مـازن بغيظ قبل أن يصيح بقهر: ما يلا يا مرات عمي مستنية أيه لبسيها الدبلة 
انفجرت تقى ضاحكة بتشفي فهتف مـازن بتوعد: مسيرك يا ملوخية تيجي تحت المخرطة وساعتها مش هرحمك
في نفس الوقت اقتربت ملك من لتيـن قائلة: تين عاوزة أدخل الحمام
لتيـن: طب تعالي جوه عند تيتة حنان
هزت رأسها برفض قائلة بعند: لا يلا نطلع فوق عندنا
لتيـن: بس يا لوكا مفيش حد فوق خلينا هنا أحسن
زمت ملك شفتيها قائلة بنبرة أوشكت على البكاء: تيـن!! يلا نطلع
لتيـن: طب خلاص تعالي نطلع وأمري لله بس خلينا نشوف بابا الأول
أدارت رأسها تبحث عن شعـيب رأته يقف بالقرب من مـازن يشاكسه فابتسمت برقة وقررت ألا تزعجه وانسحبت بهدوء غافلة عن من كان يتابعها كظلها .. 
×××××××××××
في شقة شعـيب
خرجت ملك من المرحاض فـ سألتها لتيـن بحنان: خلصتي يا لوكا؟ ننزل بقا؟
أومأت ملك موافقة فحملتها لتيـن بين ذراعيها واتجهت إلى الأسفل قاصدة شقة سـالم مهران ولكن تسمرت قدميها وهي ترى عمـاد يقف أمامها بجسده الضخم يمنعها من النزول
هتفت لتيـن بثبات زائف: لو سمحت خليني أنزل
هز رأسه رافضًا قائلًا برجاء: لتيـن إسمعيني من فضلك أنا والله مش هأذيئكِ
رغم شعورها بالإستنكار من رجاءه الصادق إلا أنها أجابته بحدة: أنت أصلًا متعرفش تأذيني جوزي مش هيسمحلك لا أنت ولا غيرك ودلوقتي أبعد من وشي وإلا إستحمل اللي هيجرالك
إقترب منها عمـاد صارخاً بيأس: أنتِ لازم تسمعيني في حاجات كتير أوي لازم تفهميها
إرتجفت لتيـن برعب من صراخه المفاجئ وهمست لملك بخفوت لم يصل لعماد: أنزلي بسرعة عند جده سالم وقولي لبابا ألحق ماما
أومأت الصغيرة موافقة برعب وفرت هاربة تنادي والدها
أما عمـاد فتابع حديثه بندم: لتيـن أرجوكِ سامحيني أنا كنت مخدوع ظلمتك من غير ما أتأكد بس والله غصب عني أي حد شاف اللي أنا شوفته كان عمل اللي أنا عملته وأزيد شوية
صرخت لتيـن بكره: مخدوع!! أنا اللي أتخدعت فيك يوم ما سلمتلك روحي و وافقت أتجوزك مهما كانت مبرراتك فهي متلزمنيش ولا هتفرق معايا وإن كان على السماح فأنا لا يمكن أسامحك لو لقيتك بتموت قدامي گدة مش هسامحك وحقي اللي عندك مش هتنازل عنه ولا هغفر فيه وكل اللي عملته فيا قادر ربنا يرده ليك في أعز ما تملك ودلوقتي غور في ستين داهية مش عايزة أشوف وشك الـ××× ده تاني
ثم بصقت على وجهه وتركته غارق في الندم
أما لتيـن فكانت سعيدة بل شديدة السعادة
‏سعيدة بتلك القوة التي اكتسبتها مؤخراً... سعيدة بشجاعتها وعدم فرارها منه ..
شهقت بعنف وهي تصتدم بحائط بشري ولم يكُ سوى شعـيب الذي هتف بقسوة: عملك أيه؟  
لم ترتعب ولم تجفل بل اتسعت إبتسامتها وألقت نفسها داخل صدره تحتضنه بقوة  أجفل الأخير للحظات قبل أن يبادلها العناق قائلًا بخشونه: أذاكِ؟  
هزت رأسها بالنفي داخل عنقه هامسه بسعادة: ميقدرش طول ما أنت موجود
ابتسم بإنتشاء وسعادة استوطنت قلبه قائلًا: وحتى ولو مش موجود أنتِ قوية و قادرة تواجهيه لوحدك ولا أيه؟   
أجابته دون تفكير: قوية بيك يا شعـيب أول ما شوفته وأنا لوحدي أترعبت أفتكرت كل مرة كان يمد أيده عليا فيها بس بعديها أفتكرت كلامك أفتكرتك يا شعـيب فقويت وقدرت أواجهه من غير خوف من غير قلق كنت حساك معايا وشايفة عينيك بـتبتسم لي بتشجيع وصوتك وأنت بتقولي هو اللي المفروض يخاف مش أنا .. أنا قوية بيك يا شعـيب متسبنيش  
الأن أدرك معني أن يتضخم قلبه وهو يرتشف كلماتها العذبة الصادقة ويوشمها داخل صدره فوق قلبه مباشرة كوسام شرف يفتخر به .. كلماتها لن يَنسَها مهما حيا .. شدد من إحتضانها حتى كادت أن تتحطم ضلوعها ولكنها لم تهتم .. لم تهتم بأي شيء غيره  هتف شعـيب بنبرة أوضحت قوة مشاعرة: عمري ما هسيبك يا لتيـن حتى لما أموت روحي هتفضل مرافقة روحك  
أنتفضا معًا على صوت حنان  
_يلا يا شعـيب هنلبس الدبل  
شعـيب بحنق: أبو الدبل على اللي عاملها هو ده وقته الناس دي بتيجي في وقت غير مناسب  
ضحكت لتيـن قائلة: معلش زي عيلتك بردو  شعـيب: يلا كله بثوابه   
×××××××××××  
كان يتابعهم من بعيد كيف ارتمت داخل صدر شعـيب .. أستمع لحديثها وفي الحقيقة لم يحزن كما توقع على العكس فقد شعر بالسعادة لمعاملة شعـيب للتين!!‏
‏إنتبه لوجود نـورا فهتف بغضب: أنتِ بتعملي أيه هنا؟ أنا مش قولتلك مش عايز أشوف وشك طول ما أنا موجود؟  أقتربت نـورا تقول برجاء رغم إرتعاش صوتها: أنا كنت بغير لمالك وسمعت كلامكم بالصدفة .. عمـاد عشان خاطري سامحني أنا عارفة أني غلطت بس مهما يحصل أنا أختك من لحمك ودمك .. ميهنش عليك قصادهم كلهم دول مش بعيد يقتلوني يرضيك أبني يتيتم   قاطعها عماد صارخًا بحقد: أنتِ تستاهلي الموت ألف مرة .. وهفضحك ، هفضحك عشان أنتِ تستاهلي الفضيحة ، هفضحك عشان من قتل يُقتل وأنت قاتلة  
صرخت نـورا بجنون وأخذت تسدد له عدة لكمات عنيفة على صدره: مش هسمح لك تكشفني قدامهم حتى لو هقتلك مش هسمح لك تفضحني  
أزاحها بعنف فسقطت بقوة على الأرض ولكنها لم تستسلم فقد استقامت تندفع نحوه قبل أن تدفعه بغل بكلتا يداها .. وحدث ما لم تتوقعه فقد أختل توازن عمـاد أثر هجومها المفاجئ مما تسبب في سقوطه من أعلى الدرج!! 
تمسمرت نورا مكانها وجحظت عينيها بشدة، لم تكُ تريد إصابته ولم تتخيل للحظة أن تقتل شقيقها!!..‏
كانت نـورا تشعر بالتيه ولم تجد ما تفعله! كيف تتخلص من تلك المصيبة التي داهمتها دون أنذار!!
أسرعت تخطو على الدرج حتى وقفت أمام جسد عمـاد ولم تمر ثواني وكانت تصرخ بعلو صوتها تطلب من ينجدها في التو والحال
ساد الهرج والمرج بعد صراخ نورا العنيف .. صراخها الذي طغى على صوت الموسيقى العالية .. هرع الجميع نحو مصدر الصوت وارتسم الهلع والفزع على قسمات وجوههم بوضوح وهم يروا عماد ملقى كالجثة الهامدة!!
أنتفضت وفـاء تصرخ بجنون وهستريا أما توفيق فـشحبت ملامحه حتى حاكت شحوب الموتى وأقترب من عمـاد يحاول حمله أو تعديل جسده فقد كانت رقبته ملتويه ببشاعه متاخده وضعية غريبة.. ألا أن صرخه مـازن منعته والأخير يقول بصعوبة يقاوم رغبة شديدة في البكاء: محدش يلمسه .. وأطلبوا الأسعاف بسرعة بس محدش يحركه
أمثل الجميع لأمره وأسرعت تقى تطلب الأسعاف
أقترب شعـيب من لتيـن الواجمة يحيطها بين ذراعيه يحاول بث الأمان بداخلها فأخذت ترتجف بعنف فزاد من ضمها إلى صدره
بعد مرور دقائق مرت بطيئة كالساعات وصلت سيارة الأسعاف ونقلت عمـاد إلى مستشفى حكومية كانت الأقرب إليهم.. كان الجميع يشعر بالقلق الأقرب للرعب فـ مظهر عمـاد لم يكُ مبشرًا على الأطلاق .. الجده تبكِ بأنهيار على حفيدها والجد يتظاهر بالصلابة .. أما وفـاء فحدث ولا حرج كانت تولول وتبكي بكاء يمزق نياط القلب وتوفيق يدعي ويتضّرع بلا توقف .. وسالم وحنان يطمئنونهم بالكلمات التي لم تعنِ لهم شيئاً في وقت كهذا .. 
أقترب شعـيب من مـازن المنهار حرفياً قائلًا بثبات: أجمد يا مـازن أنت دلوقتي سند أبوك وأمك أجمد وكون سندهم بدل ما تشيلهم حملك وهما مش ناقصين .. بأذن الله هيكون كويس
أبتلع مازن غصة مسننه تخنقه قائلًا بخفوت: مش هيطلع منها سليم يا شعـيب. عمـاد وقع ومش هيقوم تاني
شعـيب: أستغفر ربك يا مـازن هو قادر على كل شيء بس أنت قول يارب
هتف مـازن بتضرع: يااااارب 
××××××
تضاربت مشاعرها في تلك اللحظة .. تشفق على عمها وزوجته وحتى مـازن الذي إنتهى يومه السعيد بكارثه قد يعانوا منها طويلاً .. 
ولكنها أبدًا لم تشعر بالأسف على عمـاد ولا حتى ذرة من الشفقة .. ولو مات لن تحزن عليه ولا ثانية كفاها حزن بسببه فلم ترَ منه القليل ، لقد عاشت ما لم يتخيله أحد ضرب وأهانه وتعذيب بالقول والفعل .. كان يحرمها كل شيء وسلبها الكثير .. معه حُرمت من الأمان والإستقرار من السكينة والإطمئنان .. حُرمت من ذاتها ومن الجميع
أجفلت وهي تشعر بمن يضع ذراعه حول عنقها بحنو ولم يكُ سوى
شعـيب: أنتِ كويسه يا لتيـن؟
اجابته بشرود اقلقه: كويسه انا بس قلقانه على البنات سبناهم لوحدهم في البيت
اجابها بهدوء: أطمني نـورا معاهم واكيد هتخلي بالها عليهم
سخرت بداخلها قائله: انا قلقانه من الحيه دي اصلا 
هتف شعـيب دون تعبير: قلقانه عليه؟
رمقته باستنكار قائله: هو مين ده؟
رد بقسوة أجفلتها: عمـاد 
رمقته بإمعان تحاول الغوص داخل عينيه لعلَّ وعسى تستطيع فهم نظراته ولكنها لم تستطع فقالت: ربنا معاه ..وشردت من جديد .. 
أما الأخير فكان يغلي على صفيح ساخن والنار تشتعل به .. نار أطلقوا عليها وحش الغيرة تلك التي تزعزع أعتى الرجال وتقلب موازينهم رأساً على عقب 
×××××××××××
بعد مرور وقت ليس بالقصير خرج الطبيب من غرفة العمليات فـأسرع الجميع نحوه
هتفت وفـاء ببكاء ابني يادكتور طمني عليه الله يخليك
أجابها الطبيب بعملية: للأسف الوقعة كانت سيئة جداً ومش هنعرف نحدد الإصابة إلا لما المريض يفوق بس لازم تتوقعوا أي شيء .. عن إذنكم
انسحب الطبيب يباشر عمله.. ران صمت كئيب بعد رحيله 
هتفت وفـاء بعدم فهم: يعني إيه نتوقع أي شيء؟ ابني هيجراله إيه؟ ثم رمقت مـازن بعينين غرقتا بالدموع: يعني إيه الكلام ده يا مـازن؟
إحتضنها مـازن بقوة فأجهشت بالبكاء وتماسك الأول بصعوبة حتى لا يشاركها النواح
×××××××××××
كانت مرتعبة وتمنت من أعماقها موت عمـاد ففي نجاته هلاكها
أخذت تتحرك في الصالون وقد بدأت تفقد صبرها ولم يطمئنها أحد للآن
نفخت بضيق قبل أن تقول بهسيس: أكيد عماد لسه ما فاقش الوقعة كانت جامدة ودماغه اتخبطت جامد .. في فرصة أخلص من البلوة دي أكيد في حل
×××××××××××
هتف مـازن بقلق: طمني يا دكتور أخويا حالته أيه بالظبط؟
أجابه الطبيب بأسف: للأسف يا مـازن أخوك حالته مطمنش .. أخوك أصيب بنزيف في الدماغ و كمان الحبل الشوكي تضرر وأنت دكتور وعارف إيه نتيجة إصابة زي دي
شحبت ملامح مازن وهو يستمع لكلمات الطبيب القاتلة ابتلع ريقه الجاف قائلاً: تقصد إيه يا دكتور؟ عماد أخويا جراله إيه!!! 
الطبيب بتعاطف: مش هنقدر نعرف إلا لما يفوق وقتها هنعرف كل حاجة لكن من الأشعة المقطعية والفحوصات اللي عملناها شاكك في حدوث شلل 
شهق مـازن بألم دون صوت وترقرقت دموع عاصية بعينيه أرادت وبشدة أن تتحرر ولكنّه أبى ذلك
تنفس بعمق عدة مرات قبل أن يستقيم بفزع وهو يستمع لصراخ عائلته تطالب بحضور طبيب في التو والحال 
×××××××××××
قبل دقائق فتح جفونه بصعوبة شديدة شاعراً بصداع يكاد يحطم رأسه
بوهن شديد إنتشل قناع الأكسجين من على وجهه يحاول أن يتنفس بصورة طبيعية ولكنه فشل حاول ان يستقيم جالسا ولكن ذلك الألم اللاذع الذي يشعر به جعله يصرخ كأسد جريح ولكن ما أوقف الدماء بعروقه قدميه اللتان لم يشعر بهما من الأساس!!!
أخذ يصرخ بصورة هستيرية تجمع على أثرها الجميع يرمقونه بذهول وعدم تصديق
إقتربت وفـاء تقول ببكاء ورعب: إهدى يا عماد إهدى يا ابني أنت كويس مفيش فيك حاجة
صرخ بهياج: رجلي .. رجلي مش حاسس بيها ااااااه
صرخ بعنف وهو يضغط على رأسه بقوة يهدأ الوجع النابض بداخلها ولكن دون جدوى
إقترب الطبيب قائلًا بصرامة: لو سمحتوا ياجماعة كله يطلع برة بعد أذنكم عايز أكشف على المريض
أومأ الجميع بالموافقة قبل أن ينسحبوا خارج الغرفة 
لم يمكث الطبيب بالداخل لفترة طويلة وخلالها قد أمر الممرضة بإعطاء عمـاد إبرة مهدئة فقد كان فاقد السيطرة بشكل مروع .. قد صرّح للجميع بشكل عملي حاله عماد وعدم إستطاعته إستخدام قدميه لمدة قد تطول لتكون أبدية وأنه سيستيقظ في صباح اليوم التالي
همس توفيق بألم: لله الأمر من قبل ومن بعد .. قدر الله وما شاء فعل 
صرخت وفـاء بقهر: عيني عليك يابني .. بقى عاجز بدري وقبل أوانه ده لسة في عز شبابه .. آاااه ياحسرة قلبي عليك يا نور عيني
اقترب منها مـازن قائلاً بتأثّر: وحدّي الله يا أمي إن شاء الله عمـاد هيبقى كويس وفي علاج لحالته وإن شاء الله بكرة يقف على رجليه من تاني
بكت بحسرة: أخوك بقى مشلول يا مـازن! عماد اللي مكنش بيقعد في مكان ساعة على بعض هيقعد بالشهور ويمكن سنين .. ثمّ انهارت باكية 
هتفت صباح بصرامة: ما توحدي الله يا وفاء ابنك عايش وفي حضنك إحمدي ربنا ومازن قالك بعضمة لسانه في علاج يعني ممكن يتعالج أدعيله أنتِ بس وتوكلي على الحي الذي لا يغفل ولا ينام وهو قادر يشفيه ويعافيه
همست وفـاء بوهن وقد استنزفت كامل قوتها: اللهم اشفِ ابني شفاء لا يغادر بأساً ولا سقماً وقرّ عيني به يارب العالمين 
أمّن الجميع خلفها بابتهال
×××××××××××
أسدل الليل سُدُوله معلناً نهاية يوم حدث به الكثير
عاد الجميع إلى المنزل ما عدا مـازن الذي أصرّ على بقاءه وحده ومغادرة الجميع وبعد شد وجذب استمر طويلاً بين مؤيد ومعارض أعلنوا قبولهم تحت إصرار مـازن العقيم
كانت تقى تشعر بالحزن عليه كم تمنّت لو كانت زوجته لضمته بين ذراعيها تبثه القوة التي يحتاجها تعلم كم يحب عمـاد رغم مساوءه ولكنه نهايةً يبقى أخوه
ارتمت على فراشها بوجوم قبل أن تقبض على هاتفها تطلب رقماً تحفظه عن ظهر قلب
هتفت تقى بعطف: مـازن
ران صمت طويل حتى قطعه الأخير قائلًا بصوت متحشرج: تقى
انفرجت شفتاها عن آه متألمة دون صوت قبل أن تقول بتأثر: مـازن أنت بتبكِ
لم يجبها ولكن صوت شهقاته أكدت لها ظنونها فانسكبت دموعها دون إرادتها تشاركه وجيعته قبل أن تقول بحنان: متتكسفش تسمعني صوت بكائك دة لا ضعف منك ولا عيب تخجل منه أنا مرايتك ونصك التاني أنا أنتَ يا مـازن ومحدش بيخجل من نفسه
قضم شفتاه بقسوة في محاولة بائسة لإيقاف دموعه ثم تنفس بعمق قائلًا: محتاج أبقى لوحدي مش عايز أوجعك معايا
أسرعت تقول بلهفة: مهما كان حجم الوجع كبير لما يتقسم على إتنين بيكون أقل وأخف .. اتكلم وأنا هسمعك وكأنك بتحكي لنفسك بس متكتمش جواك 
هز رأسه موافقاً وكأنها تراه قبل أن يترك العنان لكلمات ظلت حبيسة بداخله حتى كادت أن تقتله
×××××××××××
كان واجم الملامح بعكس عادته .. اقتربت تسأله بخفوت: شعـيب أنت كويس؟
أومأ موافقاً ولم يجبها فعقدت حاجبيها بغيظ قائلة: أومال مالك؟ زعلان من حاجة؟ زعلان مني؟
هدر بغضب: و أنتِ عملتي حاجة ممكن تزعلني؟
كان سؤالاً أكثر منه أجابة فهتفت بعدم فهم: أنا مش فاهمة حاجة!
استقام واقفًا ثم اتجه إلى جناح زهرة قائلًا بيأس: ولا عمرك هتفهمي
همست لتيـن بتعجب: ماله ده؟ هو أنا عملت إيه بس يا ربي!! يعني لازم ينكد عليا؟!
أما شعـيب فكان يحارب هواجسه .. يعلم أن القلب ليس عليه سلطان .. فمن الممكن أن تعشقه دون إرادتها رغم كرهها لـعنفه معها ورغبتها بالموت كي تتخلص منه ولكنه حبها الأول بالتأكيد له مكانة خاصة بين طيات قلبها مهما فعل .. ربااااه ما هذا العذاب الذي يحياه شرودها يجعله يغلي وخيالاته لم ترحمه
هل تشعر بالخوف على عمـاد؟ هل تريد الإطمئنان عليه؟ هل كُسر قلبها بسبب ماحدث له؟
هل تريد أن تعود له من جديد؟!!!
كفى .. صرخ بعنف قبل أن يندفع خارج جناحه يخطو باتجاه غرفتها .. بحق الله إنها زوجته!!
شهقت لتيـن بعنف من دخول شعـيب المفاجئ ولكنه ابتلع شهقتها في عناق قاسٍ غيور متملك
وكانت تلك البداية لعتاب صامت طويل على طريقة شعـيب سـالم مهران .. 
×××××××××××
في صباح اليوم التالي .. في قسم الشرطة
تسائلت تلك السيدة عن الظابط المسؤول فدلها أمين الشرطة على مكتبه
جلست بتوتر أمام الظابط الذي هتف بصوت غليظ: خير ياست؟ بلغني إنك عايزاني
أجابته بأرتباك: أنا جاية أعمل محضر في واحدة زقت واحد وكانت قاصدة تقتله
في صباح اليوم التالي .. في قسم الشرطة
تسائلت تلك السيدة عن الظابط المسؤول فدلها أمين الشرطة على مكتبه
جلست بتوتر أمام الظابط الذي هتف بصوت غليظ: خير ياست؟ بَلَغني إنك عايزاني
أجابته بإرتباك: أنا جاية أعمل محضر في حد زق عمـاد توفيق مهران من على السلم وكان قاصد يقتله
أنصت إليها الأول بإهتمام ثم تم إعداد بلاغ ضد الجاني .. وتم إرساله إلى النيابة العامة ومن هنا بدأت الإجراءات والبحث النيابي في قضية قتل مع سبق الإصرار والترصد!..
×××××××××××
كانت نائمة بين ذراعيه بوداعة وإطمئنان .. ملامحها مسترخية وشعرها منسدل بدلال 
رمقها بوله وعشق أضناه .. متى تحن تلك القاسية وتبادله نفس المشاعر؟ متى تدرك عذابه ولوعته في فراقها وحتى وصالها! وكأنها خُلقت ليحترق بنيرانها!..
تنفس بعمق مؤلم .. آثار جروحها رآها ليلة أمس وليته لم يفعل .. قبضة ثلجية أعتصرت قلبه وهو يراها .. كانت جروح قديمة عفى عليها الزمن.. لكن من إجفالها وبكاءها ليلة أمس بعدما أدركت أنه رآهم جعلته يدرك مقدار ألمهم داخل روحها .. شروخ تركها الحقير عمـاد .. شروخ شوهت روحها وقلبها الجميل.. ليته إعترض على زواجها من عمـاد منذ البداية .. ليته منعها ولو بالإجبار ولكن مهما حدث فهو قدر ومكتوب 
رمشت بأهدابها عدة مرات قبل أن تفتح جفونها بنعاس. إنتبهت لوجود شعـيب الذي يحيطها بذراعيه إبتسمت بخجل وإحراج قائلة: صباح الخير
بادلها الإبتسامة: صباح النور على أحلى عيون
ضحكت لتيـن بخجل وحاولت الإبتعاد ولكنه منعها بإصرار قائلاً بخشونة: خليكِ جنبي عايز أحس بوجودك معايا
اتسعت إبتسامتها ورمقته بإنبهار وكأنه كائن لم ترَ له مثيل من قبل .. ليلة أمس شعرت بمشاعر لم تختبرها من قبل. كان يعاملها برقة وكأنها مصنوعة من زجاج .. رأى ندوبها وتعامل معها بطريقة جعلتها تتشبث به ترفض إبتعاده فزاد من وصلة غرامه وازدادت تعلقاً به
أفاقت من شرودها على لمساته التي زادت جرأة فهتفت بإعتراض واهن: شعـيب
عانقها بقوة قبل أن يقول بخشونة: عيون شعـيب
ضاع إعتراضها وسط دوامة مشاعره فانسجمت بها معه ..
×××××××××××
في المستشفى
صرخ عمـاد بهياج: قولت مش عايز أشوف حد سيبوني لوحدي 
هتفت وفـاء ببكاء: يا ابني الله يهديك إهدى هنسيبك إزاي بس؟ أنتَ مش شايف الحالة اللي أنتَ فيها! هتعمل أيه وأنتَ لوحدك؟ 
إزداد غضبه أضعاف مضاعفة من تلميح والدته بعجزه فصرخ بقوة أجفلتها: أنا مش محتاج مساعدة من حد مش محتاج أي حد إرحموني بقى وسيبوني لوحدي
هتف توفيق بغضب رغم تلك الغصة التي تخنقه:إحترم نفسك وأنتَ بتكلم أمك يا عمـاد ده جزاءنا إننا جايين نطمن عليك؟ نقف جانبك في محنتك
هدر بيأس: أنتوا ليه مش فاهمني أنا مش عايز حد مش عايز أشوف حد فيكم أنا .. أنا
صمت بعجز يبتلع غصة بكاء تخنقه .. كيف يشرح لهم شعوره! يخجل من كرمهم معه يخجل أن يروه بهذا الضعف هو لا يستحق تلك المعاملة الطبية! هو يستحق ما حدث له يستحق أكثر من هذا بكثير ، يستحق هذا الإبتلاء فوالله ذنوبه كثيرة كثيرة لدرجة تؤلمه
أفاق من شروده على صوت مـازن الذي قال لوالديه بهدوء: لو سمحت يا حاج خد أمي و روح وأنا هنا معاه مش هسيبه لحظة اتطمنوا
رمقه توفيق بقلق فأكد مـازن بثقة: أطمن والله عيني عليه دايما وهبلغك كل حاجة أول بأول
أومأ توفيق بالموافقة وهو يشعر بالثقل قبل أن ينسحب مع وفـاء التي رمقت عمـاد بنظرات جائعة ملأها الخوف والقلق وعينيها لم تتوقف عن ذرف الدموع قط 
××××××××××
مرت الأيام وعماد مازال يرفض رؤية الجميع ماعدا مـازن الذي كان يرافقه كظله وكم كان ممتناً له ولكنه بالطبع لم يظهر ذلك! ولكن مـازن كان يعلم من نظرات أخيه وعدم معارضته البقاء معه
كان مـازن يقيم أغلب الوقت داخل المستشفى حتى عمله تركه وكم كان يشتاق لـتقى ورؤيتها ولكنها كانت دائماً على تواصل معه عبر الهاتف تتحدث معه ليلاً حتى يغط في سبات عميق
وكم كان حديثها يبث فيه القوة والتفاؤل والقدرة على المتابعة .. لم تتذمر ولم تشكُ غيابه كانت متفهمة داعمة بشكل يستحق الثناء 
×××××××××××
مر أكثر من ثلاث أسابيع تبدلت خلالهم علاقة لتيـن بشعـيب أصبحا أكثر قربًا يقيمان في نفس الغرفة كأي زوجين طبيعيين 
كعادتها كل صباح كانت لتيـن تساعد شعـيب بارتداء ملابسه .تهتم بكل صغيرة وكبيرة تخصه وكم أسعده هذا
هتف شعـيب بغرور مصطنع بعد إنتهاءه من إرتداء الملابس: ها أيه رأيك؟ زي القمر مش كده؟
إبتسمت لتيـن برقة قبل أن تقول: مش بطال .. حلو
رمقها بنظرات ذات مغزى قبل أن يحيطها بذراعيه قائلًا بخشونة: مش بطال؟ أنتِ متأكدة من الكلام ده؟
لفت ذراعيها حول عنقه بدلال داعب مشاعره: عايزني أقولك إنك أحلى من القمر يعني؟ للأسف مقدرش أخدعك
إرتفع حاجبه الأيسر قائلًا بشّر: لا والله؟!!!
اقتربت بوجهها تقبّل ذقنه الغير حليقة قائلة بمُهَاوَدَة: أنتَ حقيقي أحلى من القمر يا شعـيب .. أنت أحلى حاجة في حياتي
طالعها بإفتتان وذراعيه تعتصرها بخشونة أصبحت محببة لها قائلاً: بركاتك يا ست الدكتورة واضح إن سرها باتع
إبتسمت بحبور وهي تتذكر طبيبتها النفسية "غادة" التي تتابع حالتها من بعد حادثة عمـاد صحيح أنها لم تشفَ بالكامل ولكنها تحسّنت كثيراً تشعر بروحها حرة طليقة
أفاقت من شرودها على تذمر شعـيب فهتفت بهدوء: يلا ياشعيب يا ابني اتأخرت على الشغل بقيت كسول أوي الناس تقول إيه بس 
لم يبتعد بل اقترب منها أكثر قائلًا بشغف: هيقولوا مراته سرقت قلبه والمسكين مش قادر يبعد عنها
همست بحبور ذاهل: شعـيب أنا فعلًا ملكت قلبك
تأوه بعذاب عشق أضناه قائلًا: أنتِ مالكة القلب والوجدان أنتِ ضلع من ضلوعي .. أنتِ روحي اللي ما صدقت رجعتلي
لتيـن بإنبهار: شعـيب
وتاهت حروف اسمه بين شفتيه ينهال منها ترياق الحياة
×××××××××××
كانت تعيش على أعصابها حتى أُهلكت .. كان الخوف ينهشها دون رحمة .. وكأنه يقتلها ببطئ 
تنفست نـورا بإضطراب وهي تقضم أظافرها بتوتر متى ينتهي هذا العذاب الذي تحياه .. كل دقيقة تمر يزداد رعبها .. فعمـاد صامت حتى الآن لم يتكلم ولم يخبر أحداً عنها وهذا ما يقلقها!
أَمن الممكن أن يتعمد تركها تتراقص على مخاوفها! أم يخطط لشئ ما!!
مر شهر وهو صامت يرفض رؤيتهم جميعا هل ينوي أذيتها! فبعد إصابته بـعجز بِكلا قدميه لن يصعب عليه كشفها أمام الجميع .. فقد خسر كل شيء وبالتأكيد سيسعى حتى تفقد هي كل شيء!!
اللعنة صرخت بغضب جم ، كل شيء خرج عن مساره الصحيح .. كل مخططاتها انهدمت فوق رأسها
همست نورا بشراسة: عمـاد لازم يسكت لازم يسكت ولو غصب عنه دا عارف عني بلاوي ولو بس قال إني قتلت زهرة هروح في ستين داهية .. عمـاد لازم يسكت للأبد حتى لو اضطريت أقتله .. مستحيل أخليه يفضحني مستحيل
أسرعت ترتدي ملابسها تنوي زيارة عمـاد في التو والحال 
×××××××××××
انتفضا معًا على صوت طرق قوي على الباب أفزعهم فأسرع شعـيب نحو الباب وهو يفتحه قائلاً بغضب: في إيه؟
اتسعت عيناه بـمفاجأة وهو يجد ظابط شرطة ومعه عدد لا بأس به من العساكر يقول له: أنتَ شعـيب سـالم مهران؟
أجابه شعـيب: أيوه أنا!
ارتدت لتيـن حجابها كيفما اتفق وأسرعت تقف جوار شعـيب وقد سقط قلبها بين قدميها وهي ترى رجال الشرطة
قال الظابط بمهنية: معانا أمر بالقبض عليك بتهمة الشروع في قتل عمـاد توفيق
صرخت لتيـن بوجل صرخة وصلت للجميع
رمقها شعـيب قائلاً بصرامة: أدخلي جوه حالا
هزت رأسها نافية ودموعها تتساقط على وجنتيها.. بصعوبة بالغة أبعد نظراته عنها
وانسحب بهدوء مع رجال الشرطة وسط إنهيار والدته وزوجته وذهول الجميع!!
انتبه لرنين هاتفه المتواصل ولم يكُ المتصل سوى "تقى " فأجاب بقلق قائلاً: ألو .. في إيه يا تقى أنتِ كويسة؟
أجابتهُ بإنهيار: أنا مش كويسة خالص يا مازن .. شعـيب البوليس قبض عليه متهمينه في اللي حصل لعماد وإنه كان عايز يقتله
هدر مـازن بصدمة: بتقولي إيه؟ إيمتى حصل الكلام ده؟
تقى ببكاء: من نص ساعة تقريباً أنا مش عارفة أعمل إيه؟ ماما ولتين هيموتوا من العياط .. وجدو وبابا راحوا مع شعـيب وأنا مش عارفة أعمل إيه؟ مش عارفة!!!
قال مـازن بهدوء يحاول بث الطمأنينة بين طيات قلبها: إهدي يا حبيبتي أكيد في سوء تفاهم وإن شاء الله هيتحل إهدي وخليكِ قوية زي ما أنا عارفك وأنا دلوقتي هتصل بـجدي وأعرف هما فين بالظبط وهروحلهم وأطمنك بإذن الله
أومأت موافقة وكأنه يراها ثم أغلقت الهاتف وانضمت لـوالدتها التي لم تتوقف عن البكاء
أما مـازن فـسأله عمـاد بقلق: خير يا مـازن؟ في حاجة حصلت؟ طمني!
رمقه مازن بشّك قبل أن يقول: شعـيب البوليس قبض عليه
صاح عمـاد بذهول: إيه؟ اتقبض عليه؟ ليه؟ عمل إيه شعيب؟
أجابه مـازن: متهم بإنه حاول يقتلك
اتسعت عين الأخير بـدهشة حقيقية قبل أن يقول بنفي قاطع: محصلش .. شعـيب مش هو اللي وقعني من على السلم مش هو
اقترب منه مـازن قائلاً: لو مش هو يبقى مين ياعماد؟ كلامك بيأكد إن في حد زقك فعلاً من على السلم مين اللي عمل فيك كده؟ مين اللي كان عايز يقتلك؟!
ابتلع عمـاد ريقه الجاف قائلاً: مش مهم الكلام ده دلوقتي أنتَ تروح للقسم اللي فيه شعـيب وتبلغ وكيل النيابة بإني عايز أقول أقوالي خلي الليلة اللي مش باينلها ملامح دي تنتهي أنا تعبت
أومأ مـازن موافقاً وخرج من المستشفى مسرعاً قاصداً مركز الشرطة
××××××××××××
هتف وكيل النيابة بنبرة عملية بعدما أشار له بالجلوس: إسمك وسنك وعنوانك
أجابه شعـيب بثبات: شعـيب سـالم مهران ، 30سنة ، ساكن في××××
وكيل النيابة: أيه أقوالك في التهمة المنسوبة إليك؟
هتف شعـيب بهدوء شديد: أنا لحد دلوقتي مش عارف أنا هنا ليه؟ وعشان مين؟
أجابه وكيل النيابة: أنت متهم بدفعك للمجني عليه عمـاد توفيق من على السلم بغرض القتل
هتف شعـيب بنفي قاطع: محصلش واليوم اللي حصلت فيه الحادثة كان يوم خطوبة أختي في بيت العيلة وكلنا كنا معاها وأتفاجئنا باللي حصل لأبن عمي
بعد عدة أسئلة طرحها وكيل النيابة أمر بحجز المتهم "شعـيب سـالم مهران" أربعه أيام على ذمة التحقيق
خرج شعـيب من غرفة وكيل النيابة وبجواره عسكري الشرطة
اقترب منه سالم بلهفة: خير ياشعيب؟ إيه اللي حصل جوة يا ابني
أجابه شعـيب بثبات: خير بإذن الله ياحاج أطمن في سوء تفاهم وهيتحل إن شاء الله المهم إبعتلي أستاذ رشوان المحامي وخد جدي وعمي وروّحوا وجودكم هنا غلط مش من قيمة عيلة مهران
قال الجد مهران: أطمن يا شعـيب رشوان جاي في الطريق وطمني .. متقلقش
شعـيب: خليها على الله ياجدي
قاطعهم العسكري: يلا يامتهم
أومأ شعـيب موافقاً بهدوء .. هدوء تشبث به بقوة حتى لا يفقده
هتف سـالم بوجل: أبني هيتحبس!!!
في نفس الوقت وصل مـازن لمركز الشرطة وتفاجئ بمظهر سـالم المزري إقترب قائلاً بلهفة: عمي حضرتك كويس
مهران: أسند عمك يا مازن لحد العربية شكل الضغط عِلي عليه
أومأ مـازن موافقاً وبالفعل ساعد سالم حتى وصل للسيارة وأجلسه في المقعد الخلفي قبل أن يقول لـوالده: أنا لازم أقابل وكيل النيابة عمـاد عايز يقول على اللي حصل وأن شعـيب ملهوش علاقة باللي حصله
هتف توفيق بلهفة: بجد يامازن؟
أومأ مـازن موافقاً: بجد يا بابا ودلوقتي لو سمحت روّح أنتَ وعمي وجدي وأنا هحل الموضوع ده بإذن الله
××××××××××××××
تجمعت نساء العائلة في شقة الجد مهران
كانت لتيـن تدور حول نفسها بـِتِيه .. تبدل حالها إلى النقيض في بضعة دقائق .. كانت بين ذراعيه تنعم بحنانه ورقته ولكنهم كالعادة يسلبونها كل ما يحييها!!
صرخت بقهر ودموعها تنهمر بإنهيار ، إقتربت منها فوزيـة قائلة بتأثر: وحدي الله يابنتي بإذن الله يكون سوء تفاهم مش أكتر وكلها ساعة ولا اتنين وشعيب يرجع مع أبوكِ وجدك كلهم معاه وإن شاء الله خير
هتفت لتيـن ببكاء: شعـيب معملش حاجة يا ماما صدقيني هو طول الوقت كان معايا .. إزاي بس يتهموه إنه عايز يقتل عمـاد؟ ويقتله ليه أصلًا؟
صرخت حنان بكره وهي تبكي: كله من تحت راسك كانت جوازة الشؤم والندامة حسبي الله ونعم الوكيل فيكِ لولا الجوازة المنيلة دي كان ابني زمانه في حضني كله بسببك منك لله منك لله
هتفت تقى برجاء: ماما إهدي لو سمحتِ مينفعش كده
أزاحتها حنـان بإنفعال واقتربت من لتيـن تصيح بـتوعد: وعزة وجلالة الله ابني لو بات ليلة واحدة في الحبس لكون مطينة عيشتك كفاية بقي أنتِ عايزة منه إيه؟ مش كفاية اللي شافه بسببك زمان؟ مش كفاية دبستيه فيكِ وأتجوزك واتحرم يجيب ابن يشيل اسمه؟ مش كفاية معاشرتك السودة يا أرض بور لا بتطرح ولا
قاطعتها لتيـن وهي تصرخ بشراسة: بــس كفاية لحد كدة يا مرات عمي ومش هـاسمحلك لا أنتِ ولا غيرك تغلطوا فيا .. وشعيب ابنك أتجوزني وهو عارف إني مبخلفش لا غشيته ولا خدعته .. وكون إني بخلف أو لا ده شيء لا يخصك ولا يخص غيرك دي حاجة تخصني أنا وجوزي وبس وأظن ابنك مش صغير عشان أدبسه
كانت حنـان على وشك الإعتراض ولكن لتيـن هتفت بنفي قاطع: لو سمحتِ مش عايزة أسمع ولا كلمة أنا لحد دلوقتي ماسكة نفسي عشان حضرتك مرات عمي أولاً وأم شعـيب ثانياً غير كدة كان هيبقى ليا كلام تاني كلام يوجع يا مرات عمي زي ما بتوجعيني
فوزيـة: لتيـن مرات عمك أكيد
صاحت لتيـن بجنون: أنا مش عايزة أسمع حاجة مش عايزة ، حسوا بيا بقى أنا واحدة جوزي اتقبض عليه من وسط بيته خدوه من حضني ، أنا لا مهتمة بكلامكوا ولا باللي بتقولوه أنا عايزة جوزي وبس عايـزة شعـيب .. عايزة شعـيب
ثم انهارت باكية في أحضان فوزيـة التي احتضنتها بحنان جارف وقد شاركتها البكاء
أما حنـان فابتلعت ريقها بصعوبة وجلست تتنفس ببطئ وهي تلاحظ نظرات صباح العنيفة الموجهة إليها
××××××××××××
رغم إرتجاف قدميها رعباً ولكنها ادعت الثبات وبخطوات متعثرة اتجهت للغرفة المخصصة لـ شقيقها عمـاد .. وكعادتها دلفت دون إستئذان
انتبه الأخير لصوت حذائها ذو الكعب العالي فتح عيناه يتطلع حوله حتى وقعت أنظاره عليها وارتسمت كل معالم الإجرام على ملامحه .. كانت كعادتها متأنقة بل شديدة التأنق ورغم ذلك لم يرَها سوى مشعوذة بشعة الملامح وكأن أعمالها السيئة طُبعت علي ملامحها
اقتربت تجلس بثقة لم تمتلك منها ذرة على المقعد المجاور لفراشه تضع ساق فوق الأخرى قائلة: حمدلله على سلامتك ياعماد
أصدر صوت من حنجرته وكأنه يسخر منها فأكملت دون تعبير: أنت أكيد عارف إني مكنتش أقصد أوقعك
رمقها بذهول مصطنع قبل أن يقول: طبعاً أومال
هتفت نـورا بصدق: صدقني أنا مكنتش قصدي أوقعك أنت مهما كان أخويا وأكيد متهنش عليا
وضع كفه على قلبه بتأثر مسرحي ولم يُجِبها
اهتزت يديها بإرتباك فأسرعت تضمها بقسوة وأظافرها تجرح باطن يديها ولكنها لم تهتم
قال عمـاد: بلاش لف ودوران يانورا أنا عارف ومتأكد إنك مندمتيش ولا لحظة واحدة إنك رميتيني من على السلّم بالعكس ده أنتِ اتمنيتي لو مت وريحتك وسبتلك الساحة عشان تعملي ما بدالك مش كده يابنت أمي وأبويا؟ وعامةً اللي تقتل مرة تقتل مرتين وتلاتة وأربعة مش كده؟
أجابته بقسوة وذلك البريق الشيطاني يلتمع بعينيها فأصبحت أشد قسوة: كده ونص يا عماد فـخاف على نفسك أنا لو عايزة أقتلك صدقني مش هتاخد في إيدي غلوة فأحسن ليك وليا نرجع إيد واحدة زي زمان
رمقها بنظرات لم تستطع تفسيرها ثم باغتها بسؤال لم تتوقعه: بلغتي عن شعـيب ليه يانورا
رمقته بذهول قبل أن تنفجر ضاحكة: أنتَ مش معقول عرفت أزاي 
أجابها بثبات: من أول ما مـازن بلغني إن شعـيب اتقبض عليه بس بصراحة كنت متوقع إنك تلبسيها لـلتيـن مش لشعـيب حبيب القلب
نـورا بمكر: ماهو عشان حبيب القلب لازم يدوق ناري قبل ما يدخل جنتي وزي ما أنت عارف لتيـن ضعيفة ومن غير شعـيب أضعف وهقدر أضرب ضربتي من خلالها
عمـاد: ناوية على إيه يا نـورا
أجابته ببساطة: ناوية على كل خير يا قلب أختك .. لتيـن هترجعلك وشعيب هيبقى ليا ويا دار ما دخلك شر 
التمعت عيناه ببريق شيطاني أخبرها بأنها قد وصلت لمبتغاها وعماد عاد كما كان ، جندي في لعبة الشطرنج خاصتها...
هتف عمـاد بتساؤل: هتعمليها إزاي؟
أجابته بمكر: قصدك هتعمل إيه.. الكورة دلوقتي في ملعبك.. إسمع ياسيدي
أخذت تشرح له خطتها تحت نظراته المذهولة
وبعدما أنتهت من سرد مخططاتها أستقامت واقفة قائلة بثبات: ودلوقتي لازم أمشي عندي مشوار مهم لحد القسم سلام يا عمدة
××××××××××××××
في غرفة وكيل النيابة هتف المحامي "رشوان" محامي عائلة مهران: متقلقش يا شعـيب باشا مفيش أي دليل ضد سعادتك وبمجرد ما عمـاد بيه يقول أقواله اللي أكيد في صالحك زي ما مازن بيه بلغني هتخرج بالسلامة
تسائل شعـيب بوجوم: ولو عماد بلغ إني أنا اللي زقيته أيه اللي هيحصل؟ 
أجابه رشوان بأرتباك: وقتا للأسف هتفضل في الحجز لغاية جلسه المحكمة 
شرد شعـيب في أفكاره وقد بدأت الخيوط تتشابك ليستنتج أشياء لم تكن في الحسبان 
قال شعـيب بنبره أمره: مش عايز حد يعرف مين اللي بلغ عني مفهوم يا متر؟
أومأ رشوان موافقًا قبل أن يستقيم واقفًا قائلًا بعملية: بكره الصبح النيابة هتكون أخدت أقوال عماد بيه وأن شاء الله بكره تخرج بالسلامة وبردوا هعمل شغلي والاجراءات الازمة عشان لو حصل أي جديد وبالمناسبة نـورا بنت عم سيادتك طلبت تشوفك لوحدها في زيارة وأنا بلغتها أني هسألك ولو حضرتك وافقت نص ساعة أو أكتر وتكون موجوده لمقابلتك يا باشا
عقد شعـيب حاجبيه بأستغراب قبل أن يقول: تمام يا متر بلغها أني عايز أشوفها وياريت لو تبلغ مـازن بكل جديد وتخليه يروح مفيش داعي لوجوده
××××××××××××××
بعد عده ساعات .. في بيت آل مهران
_يعني أيه ياجدي؟ شعـيب هيبات في القسم مع المجرمين؟ وأنه مش هيطلع إلا لما عمـاد يشهد في صالحه؟ 
صاحت لتيـن بذهول فأجابها الجد بهدوء: لله الأمر من قبل ومن بعد ، مفيش في أيدينا حاجة نعملها بكره يحلها حلال لينا رب أسمه الكريم
صرخت لتيـن بقهر: بس أنا مش هسكت شعـيب مظلوم كله من الحيوان عمـاد دا مش بعيد يتهم شعـيب ظلم 
هتفت وفـاء بشراسة رغم بكائها: أبني أنا حيوان؟ مش كفاية اللي هو فيه؟ دا بدل ما تدعيله ربنا ينجيه من اللي هو فيه؟ دا في الاول وفي الأخر أبن خالك يا بنت الأصول 
لتيـن بكره: أبن خالي ولا أبن خالتظ فهو في الحالتين حيوان أنتِ مش عارفة أنا شوفت معاه أيه ولا أيه الحياة اللي كنت عيشاها ودلوقتي بعد ما ربنا عوض صبري خير جاي من تاني يدمر حياتي!! .. الحيوان أرحم وأحن عليا من أبنك وحقيقي مش زعلانه على اللي حصل له وكنت أتمنى أنه يموت ويريحنا منه
شهقت وفـاء بذهول وهمست بوجل: حسبي الله ونعمه الوكيل فيكِ ربنا يوجع قلبك زي ما وجعتي قلبي على ضنايا
بُهتت ملامح لتيـن ثم أندفعت خارج الشقة وأثناء خروجها أصتدمت بـ مـازن الواجم فلم تعتذر بل أبتعدت راكضة خارج البرج
صعدت أحدى سيارات شعـيب الخاصة ثم أخبرت سائقها عنوانها المنشود
×××××××××××××
بعد مرور بعض الوقت
أستنشق عبيرها بأنتشاء ، لا يعلم أن كانت تلك الرائحة من وحي خياله أم واقع يحدث بالفعل .. ولكن صوت تلك الخطوات الرقيقة جعلت جميع حواسه تتأهب بحماس لم يكن من طبعه يومًا .. فاق من غفلته القصيرة و وقعت أنظاره عليها وأخيرا
كانت تقف بأبعد مكان في الغرفة هتف عمـاد بهمس: لتيـن
وكم كرهت أسمها في تلك اللحظة وكرهت من قاله أضعاف مضعفه
همست بوجوم: أنتَ عايز مني أيه؟
رمقها بعدم فهم فأكملت لتيـن بهجوم: عايز مني أيه يا عماد؟ عايز تدمر حياتي؟ مُصر تنهيني؟ ليه سعادتي بتضايقك فـ بتقضي عليها وعليا؟ ليه كاره شعـيب؟ ليه عايز تحرم أب من بناته وتحرمهم منه؟ ليه عايز تحرم أم من أبنها؟ ليه عايز تنهيه وهو عمود عيليتنا؟ ليه بتكرهه أوي كده؟ 
أجابها بصوت متألم: وليه بتحبيه أوي كده؟ ليه بتحبيه يا لتيـن؟ ليييه؟ فكراني مش عارف؟ تبقي غلطانة أنا عارف أنك بتحبيه ومش من يوم ما أتجوزتم لا دا من زمان أووي من سنين طويلة يا بنت عمي من قبل حتى ما يتجوز زهرة
أتسعت عينيها بذهول و أرتدت للخلف عده خطوات حتى أصدمت بـ باب الغرفة
أكمل عمـاد بـأبتسامة ميته: أنا عارف أنتِ أتجوزتيني ليه .. عارف وافقتي تسيبي دراستك وتبعدي عن أهلك ليه مش حباً فيا أطلاقًا بل بالعكس من كتر حبك ليه خوفتي لمشاعرك تنفضح قصاد زهرة فقلبها ينكسر ماهي بردو كانت بتحب شعـيب .. محظوظ هو أميرات عيلة مهران وقعوا في غرامه
هتفت لتيـن بوجل: أسكت ، أسكت يا عماد
هز رأسه رافضاً قائلًا: من خوفك على أختك ضحيتي بنفسك وقبلتي تتجوزيني وأنا وافقت عشان بكره وافقت أكسبك وأنتِ مكسب كبيير بغبائي ضيعته ، كنت كارهه حبك ليه اللي عيونك فضحاه عشان كده أقنعتك نسكن بره برج العيله وأنتِ الصراحة ما صدقتي .. منكرش أن في بداية جوازنا كنتِ بتعملي كل اللي تقدري عليه عشان تنسيه وتحسسيني بأهتمامك كنت مقدر دا جدًا .. أصغر حاجة بتعملهالي كانت بالنسبالي كبيرة جدًا لحد ما في يوم أسود وصلني صور وأنت في حضنه
شهقت لتيـن بذهول ودارت عينيها داخل محجريهما قائلة بفزع: محصلش كدب .. كدب
أبتسم بألم: ويارتني صدقت أنه كدب .. بس من غيرتي وغبائي صدقت الصور دي .. مش عارف أنا صدقتها فعلاً؟ ولا حبيت أعمل نفسي مصدقها؟!.. بس صدقيني أنا ندمان والله العظيم ندمان وعايز أعوضك عن كل مُر شوفتيه معايا
رآن الصمت لدقائق مرت طويلة كالأربع سنوات التي عاشتهم معه قبل أن تقول بصوت مبحوح من كثرة البكاء: طلع شعـيب من القضية يا عمـاد بالله عليك طلعه أشهد بالحق ولو مره واحده في حياتك ولو ندمان بصحيح رجع شعـيب لبيته وبناته ومراته أبعد عن حياتي بخيرك وشرك
ثم أندفعت خارج الغرفة تشهق ببكاء مرير وقد أدركت أنكشاف سرها التي دفنته داخل أسوار قلبها وفي سبيل أن يكون طي الكتمان ضحت بسنوات من عمرها والكثير من أحلامها!!..
وصلت لقسم الشرطة منذ أكثر من عشر دقائق وها هي تجلس قُبَالَته يرمقها بنظرات متفحصة أقلقتها وكأنه على وشك الفتك بها ولا تعلم السبب! 
باغتها شعـيب بسؤال قطع الصمت المحيط بِهما: جاية ليه يا نـورا؟ إيه الشيء الضروري اللي يخليكِ تجيلي في وقت زي دة وفي مكان زي اللي إحنا فيه؟ فيه إيه بالظبط؟
تفرّسته بنظراتها قبل أن تقول بثبات: جيالك في الخير .. أنا جاية ومعايا اللي هيطلعك من هنا زي الشعرة من العجين
عقد حاجبيه قائلاً بسخرية: إيه معاكِ العصاية السحرية؟
اتسعت إبتسامتها قبل أن تضحك برقة مصطنعة: بعيداً عن خفة دمك بس معايا إتفاق لو وافقت عليه بكرة الصبح هتخرج من سرايا النيابة وتوصل لبيتك بالسلامة
هتف شعـيب دون تعبير: وياترى إيه العرض المميز دة؟ على حد علمي أنا معملتش حاجة أتحبس عشانها دة سوء تفاهم مش أكتر
أجابته بمكر التمع بعينيها وهي تقترب منه بجرأة: سوء التفاهم في ثانية ممكن يبقى أمر واقع لو عمـاد نفذ اللي في دماغه
إستقام واقفاً يدير لها ظهره: بلاش لف ودوران يا نـورا و قولي اللي عندك 
وقفت خلفه مباشرة وأمالت وجهها نحوه تهتف داخل أذنه بصوت ناعم كالأفعى: طلق لتيـن ، طلاق بيّن مالهوش رجوع 
إلتفت لها بسرعة البرق وقد نفرت عروقه بطريقة مقلقة وكأنه على وشك الإنفجار قبل أن يهدر بوحشية: الكلام ده عند أمك .. لتيـن مين اللي أطلقها؟ أنتِ اتهبلتي على المسى؟
ارتدت عدة خطوات للخلف وأسرعت تقول بإرتباك: أنا مجبتش الكلام ده من عندي أنا يدوبك مرسال ولولا خوفي عليك يا ابن عمي أنا مكنتش تدخلت في الموضوع ده من الأول صدقني أنا خايفة عليك
هتف بقسوة: مين اللي بعتك؟
همست بخوف أجادت صنعه: عمـاد و لتين
قبض على رسغها بعنف جعلها تتأوه بألم حقيقي قائلاً بقسوة: متجمعيش اسم مراتي مع الـ××× دة ، هي أطهر من إن اسمها يجي وراء اسم واحد بالوسـاخة دي .. مراتي ملهاش أي علاقة بالحيوان أخوكِ وإن كانت دي خطته عشان أبعد عنها فـلما يشوف قفاه 
إلتمع الغل داخل ملقتيها وانتشلت رسغها من يديه بعنف فتركها بإشمئزاز واضح وكأنه ينفر من ملامستها!!
أخرجت هاتفها من حقيبتها وأسرعت تعرض له بعض الصور التي جعلت الدماء تتجمد داخل أوردته وتشتعل نيران لم تخمد يوماً
كانت لتيـن .. زوجته تقف مقابل عماد بأحد الغرف الخاصة بالمستشفيات 
انتبه لصوت نـورا وهي تقول بتشّفي: تقدر تتأكد من الوقت والتاريخ موجود على الصورة مراتك يا شعـيب كانت مع عمـاد أخويا في المستشفى وهما الإتنين طلبوا مساعدتي وجيتلك هنا بناءً على طلبهم صدقني أنا مليش أي مصلحة بالحوار دة
ران الصمت لثواني مرت كالساعات وشعيب يقف أمامها وكأنه تنين على وشك بخ نيرانه! .. هتف أخيراً بتجلد: لتيـن طلبت إيه
تنفست بعمق قبل أن تقول بصوت جعلته صادق على قدر الإمكان: طالبة الطلاق لأنها لسة بتحب عمـاد وعايزة ترجعله
شهقت بذهول أثر الصفعة التي سقطت على وجهها .. كانت صفعة سريعة مؤلمة ألم حارق وعلى أثرها كادت تصاب بالإغماء ولكنها تماسكت بصورة تحسد عليها وهو يقترب منها قائلًا بقسوة جلدتها: لتيـن شعيب مهران مش و××× زيك عشان تقول حاجة زي دي وقولي للنطع أخوكِ بكرة أخرج بالسلامة وأرجع لمكاني الطبيعي حضن مراتي .. وساعتها يقول على نفسه يا رحمن يارحيم وأنتِ معاه
ثم ابتعد عنها بعنف قائلًا بإختصار: المقابلة أنتهت .. بــرة..!
وكأنه يملك المكان ليطردها ذلك الـ .. ابتلعت السبة القذرة التي كادت تنفلت من بين شفتيها وأسرعت تخرج من الغرفة وشياطين الإنس والجن تلاحقها..!
×××××××××××
كانت تركض بسرعة مهولة وصوت لهاثها يصم أذنيها .. وصلت لسيارته فـجلست في المقعد الخلفي ثم أمرت السائق بالإنطلاق والعودة إلى المنزل
جسدها بالكامل كان يرتجف برعشة خفيفة فاحتضنت نفسها بحماية .. كيف انكشف سرّها بتلك الطريقة؟ ومن كشفه! عمـاد زوجها الأول!!! 
أرادت وبشدة التنفيس عما يعتمل بصدرها .. إبتلعت غصة مسننة تكاد تخنقها وبصعوبة بالغة منعت نفسها من الإنهيار والبكاء فـأكيد لا تريد أن تبدو كالمجانين أمام السائق الذي يرمقها بقلق وإرتباك 
تنفست لتيـن بعمق وأخرجت هاتفها تطلب طبيبتها النفسية "غادة" قائلة: إزيك يادكتورة غادة؟ أنا أسفة أني بكلمك في وقت متأخر زي دة
أجابتها الأخيرة بصوت ودود: أهلاً بيكِ في أي وقت يا لتيـن .. أنا موجودة في أي وقت تحتاجيني فيه 
هتفت لتيـن بصوت خرج مرتعشاً رغماً عنها: أنا عارفة إن الجلسة بتاعتي فاضل عليها كام يوم بس أنا محتجاكِي ضروري ينفع تحدديلي ميعاد قريب؟ 
أجابتها بتأييدّ: تمام يا حبيبتي هشوف مواعيدي و أبلغك بأقرب وقت
هتفت لتيـن بإمتنان: متشكرة جداً يا دكتورة 
أغلقت هاتفها وزفرت بإرتياح وإنتبهت لصوت السائق: وصلنا يا هانم
همست تشكره وترجلّت خارج السيارة ودلفت داخل البناء كان الصمت يحيط المكان فـتنفست بخوف ثم توجهت لـشقة حِمويها لتأخذ الفتاتين
دقّت على الباب بهدوء فأتاها صوت تقى تطالبها بالإنتظار قبل أن تفتح الباب على مصرعيه قائلة بترحيب صادق: أهلاً يا لتيـن اتفضلي
شكرتها لتيـن بإبتسامة باهتة: شكراً يا تقى بس الوقت اتأخر ومحتاجة أنام ممكن تندهيلي الباب؟ معلش هتعبك معايا
أجابتها تقى بإبتسامة مشفقة: تعبك راحه يا حبيبتي ثواني وأجبلك البنات
أومأت لتيـن موافقة فـانسحبت تقى للداخل تأتي بـملك و عائشة إلا أن حنـان منعتها بإصرار قائلة بصوت عالي وصل لمسامع لتيـن: حفيداتي هيباتوا معايا إطلعي قولي لمرات أبوهم الكلام دة
عقدت لتيـن حاجبيها بألم وكأن حنـان قد صفعتها للتو ولكنها لم تستطع الرد فقط من أجل شعـيب ثم خالها سـالم
وبالداخل .. 
هدر سـالم بغضب: حنـان ميصحش الكلام دة خلّي البنات تطلع مع لتيـن وبلاش تعملي مشاكل
ناطحته بعند: لا البنات هتفضل معايا الله أعلم هي ممكن تعمل فيهم إيه
هتف سـالم بحنق: يا الله يا ولي الصابرين تقى خدي ولاد أخوكِ وطلعيهم لبنت عمتك وإعتذري ليها بالنيابة عني
أومأت تقى موافقة وأسرعت بإخراج الفتاتين اللتين أسرعتا بإتجاه لتيـن التي إحتضنتهم بحنان قبل أن تشكر تقى التي رمقتها بنظرات مليئة بالإعتذار
××××××××××××
كان يدور بغرفة الحجز كأسد حبيس ، نظراته تنذر بالخطر وخصلاته مبعثرة بعشوائية .. كيف أتتها الجرأة وذهبت إليه؟ كيف تذهب إلى عمـاد بكامل إرادتها؟!!!
زمجر بغضب عاصف وكلام نـورا يتردد بذهنه دون توقف ، لم ولن يصدق تلك الأفعى!
ولكن الصور بتاريخ اليوم وزوجته كانت ترتدي نفس الملابس التي تركها بها صباح اليوم
أغمض جفونه بعنفوان وهو يتخيل نظرات عمـاد إليها .. كلامه معها .. شعوره بوجودها 
اللعنة يريد رؤية زوجته في التو والحال لن يسامحها على ذهابها لهذا الحقير لن يسامحها أبداً
همس بقسوة تشعلها نار غيرته: مش هسامحك يا لتيـن .. مش هسامحك أبداً على مرواحك لحد عنده ، على خروجك من دون إذني ، على ثقتي اللي كسرتيها ، أبداً مش هسامحك 
××××××××××××
عودة لشقة سـالم مهران
صرخ سـالم بتعنيف: حنـان لمي الدور أنتِ زودتيها أوي وأنا ساكتلك من بدري فـإتقي الله عشان كما تدين تدان وأنا مش عايز بنتي تدفع تمن أغلاطك 
همست حنـان بشحوب: أنا عملت إيه أنا بس خايفة على البنات دة جزائي؟
هدر بسخط: أنتِ مش خايفة عليهم أنتِ عايزة تحرقي دم مرات ابنك مش أكتر أنتِ معملتيش إحترام ليا؟ معملتيش حساب إنها بنت أختي وهزعل على زعلها؟ معملتيش حساب لغيبة ابنك وحرمة بيته اللي المفروض تصونيها مش تهينيها! شغل الحموات اللي بتعمليه ده مش من مقامك يا حنـان ، عيب .. فين عقلك اللي كان يوزن بلد؟ غيرتك على ابنك نستك كل حاجة ولا إيه
هتفت بإعتراض : أنا مش غيرانة عليه ماهو كان متجوز قبل كدة وزهرة كانت أكتر من بنتي كل الحكاية إن لتيـن 
قاطعها بكمد: لا غيرانة يا حنـان عشان عارفة ومتأكدة إن شعـيب بيعشق لتيـن ودة اللي قالقك خايفة تخطفه منك وتبعده عننا بس دة لا يمكن يحصل لأن ابنك عاقل يا حنان عاقل وعارف ربنا ولو فضلتي بتعاملي لتيـن بالطريقة دي قلبه هيشيل منك حتى لو ما اتكلمش بس تلقائي هتلاقيه بيبعد عنك فـيا حنـان خليكِ زي اسمك وحني على البت الغلبانة اللي الدنيا مبهدلاها وبدل ما تبقي معاها أنتِ كمان ضدها .. من لا يرحم لا يُرحم
ثم اندفع خارج الغرفة تاركًا حنـان وحدها تفكر فيما قاله شاعرة ببعض الندم!!! 
××××××××××××
في شقة شعـيب
هتفت عائشة بتساؤل حزين: ماما هو بابا مش هييجي؟ هو خلاص هيفضل مع البوليس؟ ويدخل السجن
شهقت لتيـن بألم قائلة: بعيد الشر عنه بابا بإذن الله هيطلع بالسلامة في سوء تفاهم بسيط هيتحل ويجي علطول
هتفت ملك بيأس: بس عمو الظابط قال إن بابا كان عايز يقتل عمو عماد وفي الـ TV لما حد بيقتل حد بيعلقوه من رقباته (رقبته)
همست لتيـن بوجل: دة لما يكون الشخص دة فعلاً قتل حد لكن بابا بريء ومستحيل يعمل كدة صح ولا إيه؟
أومأت الفتاتان بتأكيد فقالت لتيـن بهدوء تحاول بث الطمأنينة بقلوبهم: وبما إن بابا معملش حاجة فإن شاء الله هيخرج قريب جداً .. (صمتت قليلاً ثم أكملت بحماس) إيه رأيكم نقوم نتوضى ونصلي وندعي لـبابا يخرج بالسلامة في أقرب وقت
هتفت عائشة دون ممانعة: خلينا نصلي يا ماما وربنا هيستجيب لدعانا عشان إحنا بنحبه أوي
خلال دقائق كانوا قد انتهوا من الوضوء ويقفون بخشوع يؤدون (صلاة الحاجة) ولتين تدعي بتضرع للمولى عز وجل
(اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ وأتوجَّهُ إليكَ بنبيِّكَ محمدٍ صَلَّى اللَّهُ عليْهِ وعلى آلهِ وسلَّمَ نبيِّ الرحمةِ، يا محمدُ إنِّي أتوجَّهُ بكَ إلى ربِّي في حاجَتي هذه فتَقضى، وتُشفعُني فيه وتشفعُهُ فيَ اللهم إني أسألك أن تفرّج كرب زوجي، وتيسر لي أموره، وتوسع له رزقه يا كريم فإنك قادر على كل شيء .. اللهم سخر لزوجي رزقه، واعصمه من الحرص والتعب في طلبه، ومن شغل الهم ومن الذل للخلق، اللهم يسّر له وفرّج همّه وعجّل له به يا نعم المجيب)
وكان الله عز وجل سميع الدعاء ، سريع الإستجابة 
فـفي صباح اليوم التالي بعد سماع النيابة لأقوال المجني عليه (عمـاد توفيق مهران) بعدما اعترف بإنزلاق قدميه بسبب عدم إنتباهه وعدم تدخل ابن عمه (شعـيب سالم مهران) في إصابته سواء من قريب أو من بعيد أصدرت النيابة العامة خروج المتهم (شعـيب سـالم مهران) من سرايا النيابة بضمان محل إقامته
ورغم إستغراب الأخير من أقوال عماد فقد كان على يقين بأنه سيتهمه لا محالة ولكنه لم يهتم.. فقط أسرع بالعودة إلى منزله ولكن عاد بمشاعر متضاربة .. وغضب مكبوت وغيرة حارقة!..
أول من رآه كانت والدته التي صرخت بإبتهاج وارتمت بين ذراعيه تبكي لوعتها وقلقها الذي نهشها دون رحمة 
تجمهر الجميع حوله بحبور وسعادة جمّة عدا زوجته وبناته وبين مباركات وأسئلة كثيرة لم تنتهِ هتف الجد مهران: بس كفاية شعـيب أكيد تعبان وحابب يرتاح وكمان يطمن على مراته وبناته 
أومأ الجميع موافقاً فقال الجد: إطلع إرتاح يا ابني وطمّن أهل بيتك
إستقام واقفاً مودعاً الجميع وبخطوات واثقة إتجه إلى شقته وزفر بضيق وهو لا يجد مفتاح شقته
قرع الباب بقوة فأجفلت تلك النائمة تتوسط ملك وعائشة ثم انسحبت بقلق تجاه الباب وقلبها ينبض بإضطراب قائلة بهمس: مين؟
هذا الضعف الذي تسلل إلى قلبه كمرض خبيث وهو يسمع صوتها بعد غياب يوم مرّ عليه كالدهر جعل غضبه يزداد أضعافاً فأجابها بصوت خشن قاسي: شعـيب
ومن لهفتها لم تنتبه لـقسوة صوته.. فقط فتحت الباب على مصراعيه وألقت جسدها على صدره تحتضنه بجنون تهمس اسمه بٍوَله
ولكن على غير العادة لم يبادلها العناق! لم يشدّ ذراعيه حول خصرها يكاد يكسرها! وكأنه يريد زرعها بين ضلوعه!!
فقط أبعدها عنه بجمود ودلف للداخل فاستقبلته ملك وعائشة بسعادة بالغة .. تاركًا لتيـن تشعر بالبرودة وكأنها تقف بين سيول ثلجية!!!
أغلقت الباب و وقفت خلفه تراقب إحتضانه لبناته بدفء افتقدته ولوهلة شعرت بالغيرة من الصغيرتين ولكنها نفضت هذا الشعور واقتربت منه تضع يديها على كتفه قائلة برّقة: أحضرلك الحمام؟
نفض يديها بقسوة فرمقته بذهول قائلة: شعـيب!!!!
ولكنه ببساطه تجاهلها معتذراً من الفتاتين وانسحب بهدوء بإتجاه جناح زهرة!.. 
أغمضت جفونها بألم وابتلعت دموعها ثم رمقت البنات قائلة: عائشة خدي ملك وادخلوا كملوا نوم لسة بدري
هزت عائشة رأسها وانسحبت بملك لداخل غرفتهم أما لتيـن فاتجهت بغضب تجاه غرفة زهرة ثم دلفت دون إستئذان
إلتفت إليها شعـيب هادراً بغضب: أنتِ إزاي تدخلي من غير إستئذان؟ إزاي أصلاً تدخلي أوضة زهرة
أجابته ببرود: والله حضرتك بتتجاهلني من غير سبب وجاية أعرف إيه السبب
هتف شعـيب بسخرية: مش عارفة السبب؟ غريبة!!
صاحت لتين بغيظ: شعـيب لو سمحت جاوبني من غير تريقة أنا عملت حاجة تزعلك؟
إقترب منها ثم قبض على رسغها بقوة آلمتها: إيه اللي وداكي عند عماد
إبتلعت ريقها بصعوبة قائلة بإرتباك: أنا كنت .. كنت 
هدر بوحشية: كنتي إيه؟ إزاي تخرجي من غير إذني؟ إزاي تروحيله برجليكي؟ إزاااي تخوني ثقتي فيكي؟ إيه وحشك فـحبيتي تطمني عليه
التمعت عيناها بالدموع قائلة: شعـيب أنت فاهم غلط أنا والله رحت عشان أطلب منه يخرجك من المصيبة اللي كنت واقع فيها .. عمـاد أنا بكر
قاطعها بعيون تلتمع بشراسة قاسية وغيرة مجنونة: اسمه ميجيش على لسانك قولتلك 100 مرة ماتجيبيش سيرته
رفعت عيناها إليه قائلة بشجاعة: هجيب اسمه بدل المرة ألف مرة دة كان جوزي زي ما زهرة كانت مراتك ومن حقي أقول اسمه زي ما أنت بتقول اسمها وموجود في أوضتها وبتنام على سريرها فـمش من حقك تمنعني من حاجة أنت بتعملها
إزداد ضغط أصابعه حول رسغها حتى كاد ينكسر فـصرخت بألم ودموعها تنهمر على وجنتيها: شعـيب أنت بتوجعني
تلقائياً ترك رسغها وزفر بضيق لا يريدها أن تتألم ولكنه يتألم يحترق ، يشتعل بنيران كلما حاول إخمادها تزداد وبقوة
إرتفع صوت بكائها فأغمض جفونه بعنف صوت بكائها يكويه .. قبض على يديه بقوة حتى ابيضّت مفاصله كي لا يضعف ويعانقها حتى تتكسر عظامها فصرخ بغضب من ذاته: بطلي عياط
انتفضت برعب تطالعه بعيون متسعة فارتبكت نظراته من مظهرها وارتعش قلبه تعاطفاً معها ودون إرادة منه إندفع يحتضنها بتملك وحماية يهمس في أذنيها: بغير ونار بتكويني لما شفايفك تنطق اسمه .. بموت لما عينه تقع عليكِ .. بتعذب لما بحس إنه شاغل بالك .. وجعتيني يا لتيـن وجعتيني وخذلتيني لما روحتيله طول الليل والنوم مخاصمني وعقلي مش بيبطّل تفكير .. ياترى قالّك إيه؟ جرحك بكلامه؟ طب بصلك؟ شاف عيونك اللي بيحيوني؟ إزاي يشوفهم وأنا اتحرمت منهم يوم بحاله!! دة عدل؟ إزاي يسمع صوتك وأنا بين أربع حيطان عايز أهدهم وأجيلك وأشبع من صوتك اللي بيشفيني! إزاي تكوني قصاده وأنا بعيد عنك إزاي تسيبيني هنا وتروحيله هو؟ إزاي توجعيني كدة! إزاي يا مالكة القلب والوجدان
إنفجرت باكية واحتضنته بشدّة قائلة بإعتذار: أنا آسفة ..آسفة والله أنا كنت خايفة عليك أنا بكرهه يا شعـيب بكرهه أكتر من أي حاجة في الدنيا.... إني أشوفه دة عذاب بالنسبالي بس عشانك أي عذاب يهون
تأوه بإنتشاء ودفن وجهه في عنقها الطري يستنشق رائحتها المميزة بإفتتان
انتفضت برعب تطالعه بعيون متسعة فارتبكت نظراته من مظهرها وارتعش قلبه تعاطفاً معها ودون إرادة منه إندفع يحتضنها بتملك وحماية يهمس في أذنيها: بغير ونار بتكويني لما شفايفك تنطق اسمه .. بموت لما عينه تقع عليكِ .. بتعذب لما بحس إنه شاغل بالك .. وجعتيني يا لتيـن وجعتيني وخذلتيني لما روحتيله طول الليل والنوم مخاصمني وعقلي مش بيبطّل تفكير .. ياترى قالّك إيه؟ جرحك بكلامه؟ طب بصلك؟ شاف عيونك اللي بيحيوني؟ إزاي يشوفهم وأنا اتحرمت منهم يوم بحاله!! دة عدل؟ إزاي يسمع صوتك وأنا بين أربع حيطان عايز أهدهم وأجيلك وأشبع من صوتك اللي بيشفيني! إزاي تكوني قصاده وأنا بعيد عنك إزاي تسيبيني هنا وتروحيله هو؟ إزاي توجعيني كدة! إزاي يا مالكة القلب والوجدان
إنفجرت باكية واحتضنته بشدّة قائلة بإعتذار: أنا آسفة ..آسفة والله أنا كنت خايفة عليك أنا بكرهه يا شعـيب بكرهه أكتر من أي حاجة في الدنيا.... إني أشوفه دة عذاب بالنسبالي بس عشانك أي عذاب يهون
تأوه بإنتشاء ودفن وجهه في عنقها الطري يستنشق رائحتها المميزة بإفتتان قائلاً: إزاي ريحتك حلوة وغريبة أوي كدة؟ .. خليط بين النعناع والفانيليا وريحة كمان مش عارف أحددها بس حقيقي أنا بعشقها
ضحكت بخجل قائلة: عادي يعني إسبراي بالنعناع لشعري ومخمرية بالفانيليا وبس كدة
أجابها بإعتراض محبب: لا في حاجة تالتة وهي اللي مميزاهم تقريبا عشان عليكِ أنتِ مش على حد تاني
همست بخجل: شعـيب
أجابها على الفور: عيونه
هتفت لتيـن بوجنتين تشتعلان خجلاً: أنت قاصد تكسفني
أبعد وجهه عن عنقها ونظر في وجهها البهي وتلك الحمرة التي اكتست وجنتيها لتزيدها جمالاً فوق جمالها قائلًا بهيام: أنا بحبك يا لتيـن بحبك من قبل ما أعرف يعني إيه حب
إنتفضت تبتعد عنه ترمقه بعدم تصديق تهز رأسها بإعتراض وكأنها تكذب أذنيها لما سمعته أما الأخير فقال بثبات وعينيه تحاصرها: أيوة بحبك ومن زمان أوي من وقت ما كنت بشدك من ضفايرك 
همست بتلجلج: مش حقيقي أنتَ .. أنتَ بتحب زهرة
أومأ موافقاً واقترب منها فإبتعدت عدة خطوات للخلف فقال مؤيداً: ولسة بحبها وعمري ما هنساها لأنها بنت عمتي وكانت مراتي وأم بناتي كانت هدية ربنا ليا وأنا حافظت عليها لحد ما استرد أمانته (وأكمل بنبرة تقطر ألمًا وعشقاً) لكن أنتِ إحساسي بيكِ مختلف .. إحساس أتولد جوايا من غير إرادة مني ، لقيتك بتحتليني من غير مجهود، بتسكني قلبي قبل عقلي ، أنا .. أنا كنت عايز أتجوزك أنتِ متخيلتش واحدة تكون مراتي وحبيبتي غيرك بس محدش وقف جانبي وأولهم جدي (صمت قليلًا ثم وضع كفه على وجهه قائلاً بشرود) أول لما قولتله عايز أتجوز لتيـن رده ليا كان عبارة عن قلم .. قلم نزل على قلبي وكبريائي قبل ما ينزل على وشي .. قلم نهى أي حلم حلمته يجمعني بيكي
شهقت لتيـن ببكاء تضع يديها على قلبها مصدر آلامها قائلة بعذاب: أنا آسفة .. أنا مش مصدقـ
قاطعها بـإبتسامة حنونة ليس لها نظير: مفيش داعي تتأسفي أنا عارف إنك ما حبيتينيش ودة شيء في الحقيقة مش بلومك عليه لأن الحب مش بإيدينا أنا صحيح ما اخترتش أحبك بس اختارت أعيش وأكمل حياتي معاكي ، إختارتك يا لتيـن والحقيقة أن جدي ما أجبرنيش أني أتجوزك لأني ببساطة مش صغير لا سنناً ولا مكانة ، عشان إنسان مهما كانت مكانته بالنسبالي يجبرني على حاجة ، أنا كنت أناني فكرت في نفسي حبيت أحقق حلم حلمت بيه زمان هو إنك تكوني مكتوبة على اسمي ، آه حبيت أحميكِ وآه كنت خايف عليكِ بس اخترت لأول مرة أكون أناني .. أناني عشان نفسي .. أناني عشان بحبك يا لتيـن
انهارت لتيـن باكية ، تبكي لوعته ومرارة صوته ، تبكي عمرها الضائع ، تبكي عشقه وحبها ، تبكي بكاء مزّق نياط قلبه قبل قلبها
ولكن كالعادة كان حضنه موجوداً .. حصناً وأمانًا وسنداً لها مهما كان .. 
عانقها بحماية وعشق أضناه قائلًا بهمس: أنا بحكيلك علشان تعرفي مكانتك عندي علشان تراعي إحساسي بيكي .. علشان متأذنيش فـآذي نفسي فيكي
ربااااه شعيب لم ولن يتوقف عن إبهارها وسلب أنفاسها بكلماته .. هل من الممكن أن يكون عاشقاً لها منذ البداية؟!! كيف!! عقلها غير قادر على إستيعاب إعترافه الذي حطم كل حصونها وسلب أغوارها
ترى أيقول الصدق؟!! إذاً فلماذا فعلت تلك السيدة المسماة....
قاطع شرودها صوت شعيب الرخيم: اللي واخد عقلك
أجابته بـإبتسامة: يتهنى بيه (صمتت لعدة ثواني قبل أن تقول برجاء) شعـيب ممكن أبات الليلة دي مع البنات
على الفور تجهمت ملامحه برفض قاطع ولكنه تنفس بعمق مفكراً بها ، يجب أن يترك لها مساحة تتنفس بها .. تستوعب كلماته جيداً وتتيقن من عشقه لها .. فأجابها بهدوء: اللي تحبيه أعمليه
وكم تمنت لو فعلت ما تحب .. تمنت لو تنعمت بصدره المنيع مصدر أمانها ولكنها تحتاج للبعد والتفكير ، تحتاج أن تنفس عن مشاعرها المكبوتة المتضاربة وترتبها ، يجب أن تتزن أولاً قبل أن تبوح له بمشاعرها اتجاهه..!
××××××××××××
هتف مازن بضيق: ممكن أعرف أنتِ مش بتردي عليا ليه؟
وصله صوتها عبر الهاتف تقول ببرود:مسمعتش
هدر مازن بعضب: كدابـــة
هتفت تقى بصدمة: مـازن!!!!
نفخ بضيق قائلاً: أنتِ قاصدة مترديش ياتقى ممكن أعرف السبب بدون لف ودوران؟
هتفت بكمد: لأني مش عايزة أرد يا مـازن ، مش عايزة أتخانق معاك
عقد حاجبيه بإستهجان قائلًا: تتخانقي معايا ليه؟ هو أنا عملتلك حاجة يابنتي؟!
انفجرت به قائلة بإتهام: المشكلة أنك معملتش، تقدر تقولي كنت فين اليومين اللي فاتوا؟ أوك عارفة أن عمـاد تعبان وأنت معاه بس أنا كنت محتاجاك يا مـازن محتاجة أحس بدعمك محتاجاك جانبي تطمني ولو بمجرد وجودك مش أكتر
هتف مبرراً: لا اله إلا الله مش أول ما قولتيلي أن شعـيب في مشكلة سبت كل حاجة ورحت اطمنت عليه؟ ولما أتاكدت إنه كله تمام رجعت على المستشفى من تاني! وأنتِ عارفة أن عماد مش عايز أي حد يكون معاه غيري (ثم أكمل بتعب) أنا كل حاجة متلغبطة معايا الفترة دي نومي مش متظبط شغلي ومشاكله اللي سايبها المفروض تكوني مقدرة اللي بمر بيه!!!
همست مذهولة: وأنا مش مقدرة اللي بتمر بيه يا مـازن؟!! أنا طول الفترة اللي فاتت وأنا فاهمة ومقدرة اللي أنت فيه وعلى قد ما أقدر كنت واقفة معاك ، بدعمك حتى لو بمكالمة تليفون بس أنا لما أحتاجتك حتى المكالمة أستخسرتها فيا!!
هدر مـازن غاضباً: أنتِ عايزة إيه دلوقتي؟ عايزة مقابل لدعمك ليا؟!!!!
هتفت تقى بالمقابل بعصبية أشد: أنا مش عايزة منك أي حاجة حتى دبلتك اللي عندي مش عايزاها أبقى تعالى خدها ولا أقولك هبقى أبعتهالك ما أنت يا حرام مش فاضي
ثم أنهت المكالمة وأزاحت هاتفها بعيدا عنها قبل أن تشهق ببكاء عنيف
أما على الطرف الأخر رمق مـازن الهاتف بصدمة قبل أن ينظر لعماد المتابع للمكالمة منذ البداية
هتف عماد بسخرية: دبش بيتكلم؟ أنا أول مرة أشوف دبش بيتكلم!!!
أجابة مـازن بغيظ: بالله عليك أسكت مش ناقصة خفة دمك
ثم دفن رأسه بين كفيه يتنهد بتعب ، هو مرهق للغاية وغالباً لم يستوعب معظم حديثها فهو لم ينم منذ ليلتين انتبه لعماد الذي قال: هشوف هتصالحها أزاي! ما تسيبهاش زعلانة منك
أجابه مـازن بحنق: شوف مين بيتكلم؟!!
هتف عمـاد بمرارة: ماهو عشان كدة بنصحك روحلها وأتكلم معاها وإسمعها .. إسمعها بجد مش تقضية واجب ، اسمع وافهم وقدّر .. ما تبقاش غبي زي أخوك
هتف مـازن بإشفاق وهو يرى ملامح شقيقه تتلون بالألم والندم: عمـاد أنا مقصدش حاجة
قاطعه عماد بهدوء: عارف يا مـازن وإن شاء الله من بكرة هنرجع للبيت كفاية قاعدة في المستشفى (وأكمل بهمس لم يصل للأخير): كفاية هروب من المواجهة
×××××××××××
بعد مرور عدة ساعات
هتفت صباح بتساؤل: ناوي على إيه يا مهران؟
أجابها بتخبّط: مش عارف يا صباح أديكي شوفتي مـازن لسة مبلغني قبل ما يطلع لعمه سالم إن عمـاد هيطلع بكرة من المستشفى وحقيقي أنا مش عارف أعمل إيه؟!! أقعدّه فين؟ خايف يحصل مشاكل بينه وبين شعـيب وبرضو مقدرش أتخلى عن عمـاد وأبعده عننا خصوصاً في الظروف اللي هو فيها
هتفت صباح بتفكير: ماهو برضو هيكون لوحده ، هو أنا صحيح مش عارفة ليه صمم يقعد في آخر شقة في البرج مش في شقة أبوه تحس وكأنه بيبعد عننا
هز رأسه موافقاً: هو فعلاً بيبعد عن الكل ودة مطمنّي عليه وشكل الوقعة اللي وقعها فوّقته
هتفت صباح: يبقى كدة المشكلة اتحلّت عماد هيبقى بعيد عن شعـيب وأكيد شعـيب مش هيطلعله يعني
مهران: عارف ، بس الوضع كله مش مريح وخصوصاً لـلتيـن 
صباح: خليها على الله يا مهران إن شاء الله كل حاجة هتتعدل 
همس بتضرّع: يااا رب
××××××××××××
كان سـالم يقبض على تلابيبه وكأنه أحد اللصوص فهتف مـازن بإعتراض: ياعمي والله ما ينفع كدة إيه المسكة اللي تقلّ القيمة دي؟!!!
هدر سـالم بغضب: وأنتَ لسة شوفت حاجة يا ابن توفيق؟ وحياة أبوك لأعرفك إن الله حق، بقى يادكتور نص كم أنت بنتي تعيط بسببك؟ أنتَ مين أنتَ يالا؟ أنطق يا بني آدم براس عجل
قال مـازن برجاء: يا عمي يا حاجّ الله يخليك سيبني تقى دلوقتي تطلع وشكلي هيبقى وحش قدامها!!
هدر سالم بسخرية: تقى مين اللي تطلع؟ تقى بنتي!! وحياة ربنا ما أنتَ شايف ظافرها يلا ياض من هنا
ثم أزاحه بعنف فكاد مـازن أن يسقط ولكنّه تماسك في اللحظة الأخيرة قائلاً بنبرة أوشكت على البكاء: ياعمي عيب كدة دة أنا زي ابن أخوك حتى
تفاجئ مـازن بمن يضربه خلف عنقه قائلاً بسخرية: يا أخي دة أنا أبوك وزهقت منك
هتف مـازن بتذمّر: بابا!
تجاهله توفيق وصافح سـالم بمحبة قائلاً بهمس: الواد دة عمل إيه؟ زعل خطيبته طب ومالو هو يزعلها مرة هي تزعله 100والمركب تمشي خليه يقعد مع تقى ويحلوا مشاكلهم مع بعض يا سـالم
هتف مـازن بنفس الهمس: بيني وبينك أنا عايز الجوازة دي تبوظ .. معلش ماهو مش أنا أكبّر وأربّي وأدلّع ويجي البغل دة ياخد على الجاهز وأنت عارف إن تقى قلب أبوها
قهقه توفيق بمرح قبل أن يقول: معلش خلّي قلبك أبيض ونادي بنتك
قال سـالم بتذمر: أمري لله بس ابنك لو زعلّ بنتي تاني هزعله طب والله أعلقه من قفاه
بعد مرور عدة دقائق جلست تقى متذمرة على المقعد المقابل لـمـازن وعلى مسافة ليست بـبعيدة كان سـالم وتوفيق يتحدثون بعدة مواضيع إلا أن سـالم كان يراقب مـازن كظلّه فإن اقترب مـازن من ابنته ستكون نهايته! 
هتف مـازن بهدوء: أنا آسف
أشاحت بوجهها بعيداً عنه فأكمل بندم: أنا عارف إني أتنرفزت عليكِ بس صدقيني أعصابي فلتت مني ومنمتش بقالي يومين وحالي متشقلب
هتفت ببرود أغاظه: والله دة مش مبرر وعلى فكرة أنا طلعت بس عشان خاطر بابا
همس بتودد: وأنا ماليش خاطر عندك؟!
رمقته بسخرية: خاطر الله يرحمه ولو سمحت قول اللي عندك عشان عندي حاجات كتير عايزة أعملها
همس بغضب: تقى
أجابته بشجاعة: نعم
هتف بنعومة: أنعم الله عليكِ يا حبيبتي
شهقت بعنف قائلة: بقولك أيه قلة أدب ومسخرة هجبلك بابا وشعيب وجدي وساعتها شوف هيعملوا فيك إيه؟
هتف بغيظ: على فكرة قولت آسف
قالت تقى بعند: وعلى فكرة أنا مقبلتهوش
صمت ثواني ثم قال بعد تفكير: طب أجبلك شاورما؟
رمقته بإشمئزاز قائلة: شاورما!! هو حد قالك إني محرومة!!!
أسرع مـازن قائلًا بنفي: لا لا مقصدش بس أسمع أن البنات بتحب الشاورما وبتتصالح بيها
تنفسّت بعمق عدة مرات قبل أن تقول: مـازن أنا مهما كنت متضايقة مخنوقة تعبانة عمري ما هتعصب عليك فمن حقي أتعامل بنفس المعاملة أنا لا يمكن أسمحلك تيجي على كرامتي ..
هتف مـازن بصدق: والله العظيم أنا فعلا آسف أني إتعصبت عليكِ دة مش طبعي أبداً يا تقى وحتى لو طبعي فلا يمكن أمارسه عليكِ أنا .. أنا عايز أقولك كلمة من أربع حروف جايز تختصر شعوري تجاهك بس للأسف مش من حقي أغازلك ولا أعبرلك عن شعوري فأنا آسف .. آسف يا مازن
رغم خجلها الواضح قالت بإعتراض: أنا تقى على فكرة
مـازن بمرح: ماهو أنتِ أنا مفيش فرق يعني
كشرت على أنيابها فهمس بإحراج:إفيه مش حلو؟ تمام
ثم صرخ بعلو صوته قائلاً: عمي سـالم عايز أكتب الكتاب لو سمحت
××××××××××××
كانت تهذي كالمجانين تهمس بهستيريا: يابن الكلـ×ـب يا عمـاد دمرت كل حاجة خططت ليها؟!!! خليتني أكشف نفسي قدام شعـيب وفي الآخر تطلعه من القضية صاغ سليم؟!! أعمل إيه؟ شعـيب .. شعـيب مش هيسيبني في حالي هيفضل يدوّر ورايا لحد ما يجيب اللي ورايا واللي ورايا فيه نهايتي!! نهايتي أنا! نـورا توفيق مهران!! 
صمتت لثواني ودارت حول نفسها قبل أن تهدر بوحشية: بس لأ دة أنا أنهيكم كلكم ولا تيجي نهايتي .. أنا اللي أستاهل الحياة وهما لأ أنا أحسن منهم أستاهل أتحب وأعيش أنا أحسن من لتيـن وزهرة وحتى تقى ، أنا نـورا .. أنا وبس اللي أستاهل ، أنا وبس 
ثم قامت بإخراج أحد الأظرف الصغيرة الممتلئة بهذا المسحوق الأبيض تستنشق منه بإنتشاء كميى لا بأس بها 
فكما قالت صديقة لها هذا المسحوق رغم خطورته ولكنه يساعد على الإسترخاء!!! وهي في أمس الحاجة لهذا الشعور!!
××××××××××××
في غرفة لتيـن 
انتهى شعـيب من الإستحمام وارتدى إحدى بيجاماته البيتية وتهيأ للنوم فلم يغمض له جفن طوال بقائه في قسم الشرطة ولكن النوم كان كالحلم المستحيل فرائحتها التي يعشقها كانت عالقة بالفراش وكأنها تقصد تعذيبه زفر بعنف قبل أن يستقيم بعنفوان .. لن يستطع النوم دونها فلتذهب المسافات للجحيم
أسرع الخطى باتجاه غرفة الفتاتين قبل أن يفتح الباب بقوّة صائحاً بعصبية: لتيـن حاجتي فين مش لاقيها
أجابته بإرتباك: حاجة إيه؟ كل حاجة موجودة زي ما سيبتها
هتف بعند: لا في حاجات كتييير ناقصة اتفضلي قدامي شوفي الحاجة فين؟
أومأت بموافقة وأسرعت تجاه غرفتهم دلف ورائها وأغلق الباب بالمفتاح
رمقته لتيـن بإستغراب قائلة: قفلت الباب ليه؟ وإيه الحاجة اللي نقصاك؟
إحتضنها بقوّة قائلًا بعشق: أنتِ
ابتسمت بخجل وبادلته العناق تتنفس رائحته بعمق
همس شعـيب داخل أذنها: أنا عارف إني سمحتلك تنامي النهاردة مع البنات بس حقيقي مش عارف أنام وبقالي يومين ما نمتش
ابتعدت عنه ببطء قبل أن تسحبه معها برقة باتجاه الفراش .. جلست عليه وأشارت له بأن ينام بجانبها ففعل مسلوب الإرادة ولكن وضع بعض التعديلات فقد ألقى رأسه المتعب على قدميها وسحب يديها يضعها على خصلات شعره في دعوة صريحة منه لمداعبتهم وكانت أناملها سريعة الإستجابة فأخذت تمسح على خصلاته بنعومة ورقّة وكان للمستها مفعول السحر فقد ثقلت جفونه وراح في سبات عميق
××××××××××××
في صباح اليوم التالي تم نقل عماد من إحدى المستشفيات إلى بيت آل مهران
إستقبله الجميع ماعدا شعـيب وزوجته كانت وفاء هي الأكثر سعادة على الإطلاق بعودة عماد رغم إعتراضها الشديد على مكوثه بآخر شقة بالبناية ولكنه كان أكثر عناداً وإصراراً
هتفت وفاء بتذمر وهي تساعده هي و مـازن في الجلوس على الفراش: مش كنت نوّرت بيت أبوك يا عماد وتريّح قلبي؟ لازمتها إيه قعدتك في آخر دور كدة؟
أجابها بهدوء: معلش يا ماما بس أنا هكون مرتاح كدة
وفـاء: ربنا يريح قلبك يا ابني ويشفيك شفاءً لا يغادره سقماً
هتف مازن وعماد في آن واحد: آمين 
دلف توفيق للغرفة قائلًا بمحبّة: متجمعين عند النبي
الجميع: عليه أفضل الصلاة والسلام
أكمل توفيق: جدك وجدتك كانوا عايزين يطلعوا بس قولتلهم أنا حابب ترتاح
عماد: خير ما عملت ياحاج أنا فعلاً تعبان وعايز أنام
هتف مـازن بمرح: آاااه كدة بتطرد رسمي يا رجالة بس ولا يهمنا سنظل صامدون وقاعد على قلبك ومربع
قهقه الجميع بمرح فقال عماد: لا أنتَ كفاية تقعد معايا لحد كدة أنا عايز أشوف ناس تفتح النفس والحاج والحاجة هيسدوا وزيادة إنما أنتَ خلاص جزعت منك يا ابني دة أنا بشوفك أكتر من خطيبتك إتقي الله
شهق مـازن بصدمة مصطنعة قائلاً بطريقة درامية: أخس عليك يا واطي تاخدني لحم وترميني عضم؟ آه ياني ياما ياني ياما ياني ياما
إرتفعت ضحكات الجميع في صورة شبه هستيرية ولكن عمَّ الصمت مع دخول نورا المفاجئ
تجهمّت ملامح عمـاد بطريقة ملحوظة أما وفـاء فقالت بحيرة: أنتِ طلعتي وسبتي ابنك لوحده؟
أجابتها بلا مبالاة وأنظارها مسلّطة على عمـاد: قاعد تحت مع جدي وأنا طلعت أطمّن على عمـاد أخويا أصله واحشني
مـازن بسخرية: إن شاء الله ماتشوفيش وحش مع أنك شايفة نفسك
صرخت بغضب: مـازن
هتف ببرود: بس يا ماما أحبالك الصوتية هتتشرخ وانتي عضمة كبيرة مش حمل الحاجات دي
رمقته بحقد فتجاهلها ببرود أغاظها قبل أن يقول لعماد: طب يا عمدة أسيبك أنا بقى شوف لمدة سنة قدام مش عايز أشوفك أنا فعلاً بشوفك أكتر من خطيبتي ودة مش صحّي سلام يا عمدة
ثم اندفع خارج الشقة
بعد خروج مـازن
هتفت وفـاء قائلة: تعال ياتوفيق حط معايا الحاجات في المطبخ
أومأ موافقاً وخَرجا من الغرفة تاركين عمـاد ونورا التي إقتربت منه قائلة بحقد: لعبتها صح يا عمـاد بس تبقى غبي لو فكرّت إني هسيبك بعد عملتك السودة دي، غدرك ليا هتدفع تمنه روحك
عمـاد ببرود: وأنتِ فاكراني هخاف؟ بل بالعكس الموت راحة للي زيي على الأقل أنا توبت بس أنتِ بقا يانورا عندك إستعداد تقابلي ربنا 
تجاهلت تلك الرعشة العنيفة التي أصابتها عند ذكر المولى عز وجل وأجابت بعنفوان: هتعملي فيها الشيخ الشعراوي؟ الكلام دة مش هياكل معايا دة إحنا دافنينو سوى
هز رأسه مؤكداً: إحنا فعلاً دفناه ودفنّا معاه عماد القديم وقفّي شرك يا نـورا كفاية لحد كدة وقفي وتوبي وأنا معاكي صدقيني أي حاجة عملتيها زمان هنساها
هدرت بشراسة: أبداً لازم أوصل لهدفي شعـيب دة حقي أنا ، أنا اللي أستحقه أنا أول واحدة حبيته
هتف عمـاد بإعتراض: مش صحيح أنتِ عمرك ما حبيتيه أنتِ عايزة تملكيه ودة مش هيحصل
أجابته بعند: لا هيحصل وبكرة تقول نـورا قالت
ثم اندفعت خارج الغرفة تاركه عمـاد يتآكله القلق
××××××××××××
في شقة شعـيب
لقد انقلبت حياته رأساً على عقب بعد تلك المكالمة الهاتفية التي تلقاها صباح اليوم .. كان وجهه شديد التجهم بحاجبين معقودين بشدة .. أما عروق عنقه فكانت نافرة بشدة
همست لتيـن اسمه بإضطراب: شعـيب!!
إلتفت إليها قائلاً بجمود: مهما حصل ومهما سمعتي متخرجيش برة باب الشقة لا أنتِ ولا البنات .. سامعة؟
أومأت موافقة دون تفكير فأسرع خارج الشقة بخطوات سريعة شبه راكضة .. وصل لوجهته أخيراً ، أخذ يطرق الباب بقوّة حتى كاد أن ينكسر  قبل أن يفتح الباب على مصراعيه ويطل مـازن صارخًا بفزع: شعـيب!!! في إيه؟ بتخبط على الباب كدة ليه؟
هدر شعيب بصوت جهوري: أختك الـ×××× تطلعلي حالا وإلا هدخل أجيبها من شعرها عايزها قدامي حالًا .. يا نـــــورا 
صرخ بإسمها بصوت هزّ إرجاء البيت وأرعب مَنْ في الداخل
لقد انقلبت حياته رأساً على عقب بعد تلك المكالمة الهاتفية التي تلقاها في صباح اليوم .. فبعد محاولات كثيرة للبحث عن صاحب الدراجة الهوائية ذلك الشاب الذي ترك له مظروف به صور مفبركة تخص زوجته "لتيـن" إستطاع أحد رجالة العثور عليه .. وها هو في طريقه لأحد المخازن التابعة له
بعد وصول شعـيب وترحيب رجاله به دلف داخل المخزن بملامح واجمة قاسية وعينين مرعبتين لمن يراهما ، حدّق بـفتى الدرّاجة البخارية المُقيد بإحدى المقاعد الرثّة بملامح مرتعبة وعينين جاحظتين
إقترب شعـيب منه بخطوات فولاذية 
وجلس بثقة على مقعد مخصص له رامقاً الأخير بنظرات جعلت العرق يتصبب منه وينسحب لون الحياة من وجهه ، هتف الشاب بعد مرور عدة دقائق قائلًا بإرتجاف: أنتَ .. أنتَ مين؟ وجايبني هنا ليه؟ 
هدر شعـيب بصوت مرعب يذيب العظام من قسوته: أنا نهايتك
انتفض الشاب برعب فصاح شعـيب بقسوة: مين اللي باعتك يالاه؟! ونصيحة مني بلاش لف ودوران وإلا صدّقني هندمك على الساعة اللي جيت فيها الدنيا
أخفض الشاب رأسه بإرتجاف وابتلع ريقه بصعوبة قائلاً: معرفش حاجة ، أنا أصلاً معرفش أنتَ مين يا باشا
إستقام شعـيب بسرعة ليسقط مقعده بعنف مسبباً صوتاً مزعجاً قبل أن يقترب منه يجذبه من فروة رأسه بعنف قائلاً بحدّة وسط صرخات الشاب المتألمة: لف ودوران أنا مش عايز جاوبني أحسنلك ، أنت مش خارج من هنا إلا لمّا أعرف كل حاجة أنت فاهم؟ 
_خلاص يا باشا هقول .. هقول
ابتسم شعـيب بإنتصار قائلاً: سامعك
_من كام سنة في واحدة ست معرفهاش طلبت مني أعمل كام صورة لحضرتك يا باشا ومعاك واحدة في أوضاع لامؤاخدة يعني
وصمت بخوف فهدر شعـيب بحدة أفزعته: إخلص
أكمل بإرتجاف: عرضت عليا فلوس كتير عشان الموضوع يفضل في الخفى وفعلاً عملتلها الصور زي ما طلبت بالظبط ومن بعدها وهي فص ملح وداب ، لكن من كام شهر ظهرت من تاني وطلبت مني نفس الطلب ولنفس الست ولكن لراجل غير سعادتك وأنا نفذت المطلوب و وديت الصور للمكان اللي هي طلبته مني
_اه يا ولاد الكلـ×ـب 
صرخ شعـيب بهياج وانهال على الشاب بالضرب .. كان غاضب وبشدة وتلك الصور يراها أمام عينيه فيزيد غضبه أضعافاً مضاعفة وتزداد ضرباته قوة وعنف
بعد مرور عدة دقائق ابتعد شعـيب عن الشاب وهو يلهث بإنفعال قبل أن يهدر بفحيح مرعب: مين الست دي؟ إنطق هي مين؟!
همس الأخير بتعب بصوت بالكاد يسمع: معرفش .. معرفش 
أقترب شعـيب منه بتهديد فصاح الأخير برعب: والله ما أعرف هي مين بس أنا مصورها على تليفوني تقدر تشوفها
_فين تليفونك؟
_هما خدوه مني
هدر شعـيب بصوت عالي: حســن
دلف حسن للمخزن قائلاً: أوامرك يا باشا
_تليفون الـ××× ده فين
أخرج حسن الهاتف من جيب بنطاله قائلاً: أتفضل يا باشا
أشار له شعـيب بالإنصراف فاندفع خارج المخزن أما شعـيب فهتف بتساؤل: كلمة السر إيه؟
أجابه الشاب بصعوبة بكلمة السر والألبوم الخاص بصورة تلك السيدة فـفتح شعـيب الهاتف يبحث عن صورة تلك الحقيرة بلهفة فقد اقترب من معرفتها ورّد كرامة زوجته وكرامته ولكن ما إن رأى تلك الصورة حتى تشوّشت الرؤية أمامه فلم تكُ تلك الصورة سوى لـنـورا أبنة عمه توفيق!!! ما الذي يحدث بحق الله!!!
هتف شعـيب بقسوة وهو يضع الهاتف أمام عين الشاب: أنت متأكد إن هي دي الست اللي طلبت منك الصور؟
أومأ الشاب قائلًا: أيوة هي يا باشا ، أنا صورتها من غير ما تاخد بالها عشان أبقى مأمّن نفسي 
تجهمت ملامح الأخير بشكل مخيف ، واسودت نظراته بصورة مرعبة ، ودمار نـورا قد أصبح هدفه ، لن يتخلى عنه سوى بخروج روحه أو روحها..!
×××××××××××××
استيقظت صباح اليوم لتجد نفسها وحيدة في الفراش. بحثت عن شعـيب ولم تجده فأسرعت تحضّر وجبة الأفطار للصغيرتين وعقلها مشغول بشعيب لا تعلم أين ذهب ولما لم يخبرها بذهابه
أفاقت من شرودها على صوت عائشة التي قالت بإستياء: ماما 
_نعم يا حبيبتي
_البتاعة البني اللي في إيدي دي وحشة والبنات اللي معايا في المدرسة بيتريقوا عليا بسببها أنا بكرهها
اقتربت لتيـن منها قبل أن تنخفض لمستواها وهي ترمق أعلى ذراعها ذو الشامة المميزة قائلة بحنان: أولاً أنتِ حلوة بكل حاجة فيكي ربنا مش بيخلق حد مش حلو فإحنا نقول الحمدلله على النعم التي لا تعد ولا تحصى اللي ربنا كرمنا بيها ، ثانياً بقى البنات دول المفروض كلامهم ميفرقش معاكي ولا يأثر فيكي لازم تبقي واثقة في نفسك وحابة نفسك بأي شكل وأي وضع أنتِ حلوة زي ما أنتِ
_يعني أنا حلوة يا ماما
إحتضنتها بدفء قائلة: أنتِ أحلى بنت أنا شوفتها دة كفاية عيونك الحلوين دول اللي شبه السماء ولا شعرك الطويل اللي زي روبانزل ولا بقى الشامة الجميلة اللي على دراعك أنا بحبها أوي وبحس إنها شبه الفراشة! شوفي كدة؟
رمقت عائشة ذراعها بتدقيق قبل أن تتسع إبتسامتها قائلة بحماس: أيوة فعلاً شبه الفراشة أنا أول مرة أشوفها كدة!!
_دة عشان ركزتي مع كلام البنات السلبي وتجاهلتي جمال الشامة الموجودة ، إتعلمي إنك دايماً تشوفي الحلو اللي فيكي ومتخليش أي حد يأثر فيكي أهم حاجة أنتِ شايفة نفسك إزاي ، وبعدين هو رأيك أنتِ و رأيي أنا وبابا أهم ولا رأي البنات؟
_رأيكم أنتم طبعاً
_خلاص تجاهليهم بس أي حد يحاول يقلل منك وقفيه عند حده أنتِ جميلة أوي يا عائشة جميلة وقلبك أجمل
إحتضنتها عائشة بسعادة قائلة: أنا بحبك أوووي يا ماما
ترقرقت الدموع بعينيها وأجابتها بحب: وأنا بحبك أوي يا قلب ماما
إنتبهت لتيـن لدلوف شعـيب من باب الشقة فأسرعت بإتجاهه قائلة بإضطراب من ملامحه المرعبة: شعـيب!!
إلتفت إليها قائلاً بجمود: مهما حصل ومهما سمعتي متخرجيش برة باب الشقة لا أنتِ ولا البنات .. سامعة؟
أومأت موافقة دون تفكير فأسرع خارج الشقة بخطوات سريعة شبه راكضة .. وصل لوجهته أخيراً ، أخذ يطرق الباب بقوّة حتى كاد أن ينكسر قبل أن يفتح الباب على مصراعيه ويطل مـازن صارخًا بفزع: شعـيب!!! في إيه؟ بتخبط على الباب كدة ليه؟
هدر شعيب بصوت جهوري: أختك الـ×××× تطلعلي حالا وإلا هدخل أجيبها من شعرها عايزها قدامي حالًا .. يا نـــــورا 
صرخ بإسمها بصوت هزّ أرجاء البيت وأرعب مَنْ في الداخل
أما نـورا فانتفضت برعب وبَهتت ملامحها وهي تسمع صراخ شعـيب بإسمها!! ما الذي يحدث ليناديها بهذا الصوت الجهوري؟ خرجت من غرفتها بخطوات بطيئة مرتجفة
ما إن رآها شعـيب حتى تخطّى مـازن وانقضّ عليها يقبض على خصلاتها بعنف جعلها تصرخ بألم ولكنه لم يهتم بل هدر بقسوة: وحياة أمي لهندمك على عمايلك السودة يا ××××
همست برعب: شعـيب أنا معملتش حاجة .. أنا
لطمها على وجهها بقسوة فسقطت على الأرض الرخامية تتأوه بوجع حقيقي
إقترب مـازن بغضب من شعـيب يدفعه بعنف بعيداً عنها: أبعد عنها أنت أتجننت؟
أزاحه شعـيب بحدّة: متدخلش يا مازن أنا حسابي مع الكلـ×ـبـة دي
حاول شعـيب الإقتراب منها ولكن اعترض طريقه مـازن وقد وصل إلى أقصى مراحل غضبه: بقولك إبعد عنها متخلنيش أمدّ إيدي عليك 
تنفس شعـيب بعمق وفاجئ مـازن بلكمة عنيفة في منتصف وجهه ، فصرخ الأخير بألم وهو يتحسس أنفه الذي بدأ ينزف .. استغل شعـيب إبتعاد مـازن وانقضّ على نـورا يضربها بعنف وقسوة ، بغلّ وإنتقام وهو يتخيل معاناة لتيـن مع عمـاد بسبب تلك الصور ، يكفي عدد الندبات المتفرقة على أكمل جسد لتيـن ليعلم كم المعاناة التي رأتها ، لحجم الألم والإهانة ، لكسرة النفس وقتل الروح مراراً و تكراراً خلال أربع سنوات!!
صرخ بعنف وهو يسدد لها عدة صفعات قاسية متتالية: عملتلك إيه عشان تعملي فيها كل دة؟ عملتلك إيه يازبالة ، هقتلك يا نـورا والله العظيم لقتلك 
تفاجئ بمن يخنقه من الخلف ولم يكُ سوى سـالم الذي هتف بأمر: شعـيب إبعد
رفض الأخير بشراسة وحاول صفعها من جديد ولكن ذراع سـالم ضغط بقوة أكبر على عنقه فأستسلم لوالده وابتعد عنها بإشمئزاز واضح
صاح توفيق بصدمة: إيه اللي أنت عملته ده أنت أتجننت؟
أجابه شعـيب بحقد تعجّب له الجميع: دة نقطة في بحر اللي هي تستاهله وفي بحر اللي هعمله فيها
هجم عليه مـازن يلكمه بمعدته صارخاً: لا دة أنت زودتها أوووي 
شهقت حنان وتقى بخوف واقترب كل من توفيق و سـالم يحاولان فض الإشتباك بينهم ولكنهم كانوا يتصارعان كالدببة!!!
×××××××××××××
في شقة شعـيب
كانت لتيـن تسمع الصرخات المنبعثة من الخارج وقلبها يرتجف بخوف ، من صراخ شعـيب علمت كم هو غاضب .. غاضب بحق!
همست بتضرع: يا ساتر الطف بيا يارب ، (وأكملت بحيرة)أعمل إيه أطلع أشوف إيه اللي بيحصل ولا أسمع كلامه ومخرجش؟ .. أستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم
×××××××××××××
في شقة توفيق
أخذت وفـاء تصرخ وتولول وهي تحتضن جسد نـورا المشوّه بضربات عنيفة، كانت تسب شعـيب وتدعو عليه من كل قلبها وهي ترى فلذة كبدها مضرّجة بدمائها لم يكُ المشهد هيّن عليها على الأطلاق ، فبعد حادثة عمـاد تضاعف رعبها على أولادها أكثر من ذي قبل والآن يأتي شعـيب ويعتدي على نـورا ومازن؟ ألم يكتفِ بما سببه لعماد؟ ألم يكتفِ بحرقة قلبها على بكرها فيأتي ليدمر باقي أبنائها؟
انتفضت من جوار نـورا واقتربت من شعـيب تضرب صدره بقوّة كي يبتعد عن مـازن وهتفت بنواح: أبعد عن عيالي تك كسر إيدك أنت أيه؟ جبروت مش عامل حساب لحد؟ ولا لأبوك ولا عمك ولا حتى لحرمة البيت؟ بقولك أبعد عن ابني
ترك شعـيب مـازن ورمقها بفروغ صبر قائلاً: والله بدل ما حضرتك يا مرات عمي جاية تديني محاضرة في الأخلاق كان أولى تربي عيالك بما يرضي الله
رفعت وفـاء كفها وكادت أن تصفعه ولكن قبضت على رسغها حنـان التي هتفت بشراسة: كسر إيدك أنتِ هتضربي ابني؟
هتفت وفـاء بالمقابل: وهو أبنك مش طايح في ولادي ولا أكنّ ليهم أهل؟ ولا هو حلو ليه ووحش لينا؟ 
وكالعادة ظهور الجد مهران يخرس الألسنة ويفضّ النزاعات
هتف مهران بصلابة: يا خيبة أملي فيكوا لا كناين عاقلين ولا أحفاد عاملين إحترام للكبير
شعـيب بهدوء مصطنع: ياجدي أنا 
قاطعة الجد بغضب: بلا جدي بلا زفت أنت عملت حساب لجدك ولا حتى لعمك وحرمة بيته بتتهجم عليهم ولا البلطجي؟ ملكش كبير ترجعله؟
هتف شعـيب بفروغ صبر: ياجدي الله يخليك ياجدي أنت مش عارف الزبالة دي عملت إيه
صاح توفيق بحدة: لحد هنا وكفاية أووي يا ابن أخويا وأطلع برة بيتي من غير مطرود
رمقه شعـيب دون تعبير قبل أن ينظر لجده قائلاً: عن إذنك ياجدي هروح شقتي ووقت ما تحب تعرف أي حاجة مكالمة تليفون وهكون عندك
ثم انسحب بخيلاء وتبعته حنان وهي ترمق وفـاء بغيظ ، وتقى ونظراتها معلّقة بزوج المستقبل!!!
بعد خروج شعـيب هتف الجد بصلابة: عملتي إيه يابنت توفيق وصله لكدة؟
هتف توفيق بإنفعال: بقى يا حاج دة سؤال؟ أنت مش شايف حالتها عاملة إزاي؟ مهما عملت مين إداله الحق يعمل فيها كدة؟
أجابه مهران بحدة: أنا وجهتلك كلام؟ (هزّ توفيق رأسه بالنفي فهدر مهران بغضب) ولا هتطردني أنا كمان من بيتك ياتوفيق؟
_ياحاج أنا
_خلاصة الكلام أنت ومازن تبقوا في شقتي وأنت يا سـالم بلّغ ابنك وانزلولي تحت
أومأ سـالم موافقاً فانسحب الجد بخطوات غاضبة يتمتم بكلمات لم تكُ واضحة لهم
×××××××××××××
لم يتوجه شعـيب لشقته بل صعد للأعلى باتجاه شقة عمـاد ، كان يصعد كل درجتان معاً وهو يلهث بإنفعال ، عروقه بارزة وكأنها على وشك الإنفجار أما عضلات صدره فقد تضخمّت فبدى أكثر قوة وشراسة
وصل أخيراً للطابق المقصود وتفاجئ باب الشقة المفتوح على مصراعيه وكأنّه يرحب به وبخطوات غاضبة كصاحبها دلف شعـيب للشقة ومنها لغرفة عمـاد أما الأخير فلم يتفاجئ بوجود شعـيب بل رمقه بهدوء وهتف بهدوء أشد: عايز تسأل عن أيه؟
ابتسم شعـيب بقسوة قائلًا: عرفت أن الـ××× أختك هي سبب الصور المفبركة
أومأ عمـاد موافقاً: عرفت من قبل الحادثة اللي حصلت لي
_دي إذا كانت حادثة فعلاً مش نـورا اللي وقعتك
رمقه الأخير بصدمة فهتف شعـيب بسخرية لاذعة: ما تتصدمش أوي كدة أنا عارف إنها اللي وقعتك من على السلم زي ما أنا برضو عارف إنها اللي بلغت عني دة غير طبعاً عملتها الزبالة وعقلها القذر اللي خلاها تعمل صور زي دي لمراتي ، السؤال هنا بقى ليه هي عملت كل دة؟ ليه الحقد والسواد دة؟ أنت أكيد الوحيد اللي عارف هي بتعمل كدة ليه ماهو أنتوا من عينة واحدة عينة ××××
_عشان عوزاك
هكذا بكل بساطة قالها عمـاد بساطة كادت أن تصيب شعـيب برغبة في قتلهما معاً ولكنه تماسك وهدر بإنفعال: يعني إيه عايزاني؟ أفهم إيه من الكلمة دي
_أفهم أنها مستعدة تضحي بأي حد وتعمل أي حاجة عشان توصلك ، دي ضحت بأخوها عشان خافت بس لا أكشفها ليك! تخيّل ممكن تعمل أيه في لتيـن أو حتى
قاطعه شعـيب وهو يقبض على تلابيبه هادرا بغيرة حارقة: إسمها متقولوش ولا حتى بينك وبين نفسك سامع
هز عمـاد رأسه دون إعتراض ليس خوفاً إنما رغبة بالخلاص والتكفير ولو عن جزء بسيط من ذنوبه
_خاف على أهل بيتك يا شعـيب ، خاف ومتخليش غرورك يصورلك إنك مسيطر على كل حاجة ، خاف علشان نـورا إنسانة .. (صمت لثواني ثم أكمل) أسف هي مش إنسانة هي واحدة مُختلة مستعدة تعمل أي حاجة عشان توصل للي هي عايزاه
ورغم عنه شعر بالخوف ، لم يكُ خوفاً على نفسه بل على أسرته وعائلته الصغيرة ولكنّه لم يظهر أي شيء على ملامحه وسأله بوجوم: أختك عملت إيه تاني عشان توصلي؟
نظرة الألم الممزوجة بالذعر بعين عمـاد أصابت شعـيب بالقلق ترى ما فعلت تلك الحقيرة؟!!!..
×××××××××××
بعد إنسحاب الجميع عدا وفـاء من شقة والديها أسرعت نـورا بالإحتماء داخل غرفتها وتجاهلت تماما نداء والدتها المتكرر وأسرعت بإخراج حقيقة متوسطة الحجم تضع بها كل ما هو هام وغالي كمجوهراتها وجميع الحُلي الخاصة بها وبطاقتها الشخصية وجواز السفر وجميع البطاقات البنكية
وانتظرت اللحظة المناسبة للهروب ، نعم الهروب هو النجاة الوحيدة لها ، فبقائها توقيع رسمي لنهايتها.. ستهرب ولن تعود فالله وحده من يعلم ما الذي اكتشفه شعـيب حتى يثور وكاد أن يقتلها!!.. 
××××××××××××
تجمّع الجميع في شقة مهران عدا النساء والأطفال
هتف الجد بصرامة: إتعدّيت بالضرب على بنت عمك ليه ياشعيب
أجابه بصلابة: عشان تستاهل ياجدي عشان واحدة زبالة خسارة فيها اسمك واسم عمي
كاد مـازن أن ينفعل ولكن نظرات والده جعلته يتراجع مكبوتاً
_من غير مقدمات نـورا عملت إيه
تنفس شعـيب بعمق عدة مرات قبل أن يجيب الجد من بين أسنانه: فبركت صور لمراتي .. للتين مش مرة واحدة دول مرتين ، مرة لما كانت .. لما في جوازتها الأولى والمرة التانية وهي على ذمتي دة غير أنها زقت عمـاد وقعته من على السلم وشلّته وبلّغت عني الحكومة عشان تشيلّني الليلة
صرخ توفيق بإنفعال: كدب بنتي مستحيل تعمل كدة 
أجابه شعـيب بإنفعال أكبر: لا عملت وعملت أقذر من كدة كمان عندك ابنك عماد إسأله ، إسأله عن بلاويها يمكن يقولك اللي رفض يقولهولي وأنا مش بتهمها من غير دليل أنا عندي بدل الدليل أتنين وتلاتة 
أسرع شعـيب بعرض لقطات تم تصويرها يوم حادث عمـاد. وأمام نظرات الجميع المترقبة ظهرت نـورا وهي تتشاجر مع عمـاد شجار عنيف أدى للإشتباك بالأيدي ثم دفعه نـورا لعماد فسقط بقوّة من أعلى الدرج ، ولم يكتفِ بهذا بل عرض عليهم إعتراف فتى الدراجة الهوائية بأنها من طلبت منه عمل صور بأوضاع مخلّة بالآداب للمدعوة لتيـن حسان نورالدين
انتهى شعـيب من عرض الأدلّة التي تدين نـورا فـران صمت مقيت على الجميع كان الجميع في حالة ذهول أقرب للإستنكار!!...
أخفض توفيق رأسه بخجل.. خجل أب فشل في تربية ابنته فشل ضربة في صميم قلبه فأدماه ، تمنى أن تنشّق الأرض وتبتلعه ، أبداً لم يتخيّل أن يوضع في موقف كهذا!! لماذا يعيش لحظة كهذه وهو في هذا العمر؟ بالبداية انحنت رأسه بسبب عماد والآن ستدفن رأسه في التراب بسبب نـورا!!! أي حياة تلك التي يحياها؟ أي ابتلاء هذا؟
_يارب همسها بصوت لم يغادر شفتاه قبل أن يضع يده على موضع قلبه يضغط عليه في محاولة بائسة لتخفيف الألم ولكن كان الألم أقوى وأعنف على قلبه الضعيف فغامت الدنيا وثقلت جفونه وسقط فاقداً الوعي!!
اقترب مـازن بفزع من أبيه يهتف بعذاب: بابا يا حاج؟ ماية بسرعة
بعد محاولات بسيطة عاد توفيق من غيمته السوداء وتطلع حوله بتيه قبل أن يرمق شعـيب بعينين ألتمعت بهما الدموع قائلًا بتحشرج: أنا آسف يا ابني ، أنا اللي معرفتش أربي
لثم شعـيب يداه بأحترام قائلًا: أنا ومازن تربيتك ياعمي بس هتعمل أيه النفس أماره بالسوء
أومأ توفيق قائلاً: لله الأمر من قبل ومن بعد .. اللي تشوفه أعمله من النهاردة لا هي بنتي ولا أعرفها ، لا هي بنتي ولا أعرفها
××××××××××××
انتبهت وفـاء لبكاء مالك المستمر فأسرعت بإتجاهه غرفته وابتعدت عن غرفة نـورا التي استغلّت إبتعاد والدتها وخرجت من غرفتها تحمل حقيبتها واندفعت خارج الشقة بل خارج البرج بأكمله رحلت وتركت فلذة كبدها رحلت وتركت خطاياها ، ولكن هل تتركها ذنوبها؟ هل تستطيع الهرب منها؟ لا فـوالله كما تدين تدان!!
الخوف إذا تملّك من قلب شخص ، فهو قادر على قتله أو جعله قاتلاً!! وخاصةً إذا كان هذا الشخص يعاني من إضطربات عدة ، كـالكبر والجحود والحسد والغل ، فـتلك المشاعر وحدها قادرة على دمار عائلة بأكملها ، فما بالك إن امتزجت بالخوف؟ والرغبة في الإنتقام؟!!
كانت تقود سيارتها بسرعة جنونية ، تدفعها غريزة البقاء دفعاً للهرب ، للإبتعاد عن محيط "شعـيب سـالم مهران" فقد أصبح وجوده خطراً على حياتها وستفعل المستحيل لكي تلوذ بذاتها حتى لو ضحّت به وبالجميع!!
بعد مرور بعض الوقت وصلت "نـورا" لوجهتها ، ترجلت من سيارتها واندفعت بإتجاه قصرها الذي ورثته عن زوجها ، هذا القصر الذي يقبع على أطراف المدينة ، بعيداً كل البعد عن مسكن عائلتها فـبالتأكيد لن يخطر على بال أحد أنها تمكث هنا وخاصة أن المنطقة خالية من السكان إلى حد ما!!!...
دلفت للداخل قاصدة إحدى الغرف وهي تجر حقيبتها بخطوات بطيئة مرهقة ، فجسدها يؤلمها بالكامل بعد الضرب المبرح الذي نالته من شعـيب
نفخت بضيق وهي تتلمس وجهها فقد انتفخ ببشاعة وأصابع شعـيب مطبوعة على وجهها
_وحياة أمي ما أنا سيباك يا شعـيب وهندّمك على كل عزيز وغالي.. هذلّك وأكسرك وأموتك وأنت على وش الدنيا
همستها بغضب وجنون ، ومشاعرها الجياشة له تحولت فجأة إلى مشاعر أخرى مشبعة بالحقد والكراهية
_أنا تعمل فيها كدة؟ وعشان مين؟ عشان الزبالة لتيـن!! أنا نـورا يتعمل فيا كدة؟ أنا اللي حبيتك وعملت المستحيل علشان أوصلك علشان أبقى ليك دة يبقى جزائي؟
صرخت بـإنفعال وأخذت تحطّم كل ما تطاله يداها كانت غاضبة وحاقدة وكارهة للجميع ، لما لا يسير أي شيء كما تخطط له؟ لما لم يعشقها شعـيب وتظفر به؟ لما الجميع سعيد سواها!!! حتى عمـاد العاجز سعيد عنها!! رأت ملامحه كيف كانت منبسطة مرتاحة ولا كأنه فقد كلتا ساقيه؟ الجميع سعيد الجميع سواها!
ستشاركم عذابها وتستنفذ سعادتهم ستحطمهم كما حطموها!! 
××××××××××
_يعني إيه مفيش نزول؟ أنت مش سامع الصويت والضرب؟ أنا عايزة أطمّن على أهلي! 
صاحت فوزيـة بإستنكار من تعنت "حسـان" وإصراره على بقائها داخل شقتهم
أجابها الأخير ببرود: يعني ملناش دعوة يكش يولعوا في بعض وإحنا مالنا
صرخت بغضب: هو إيه اللي إحنا مالنا؟ لو هما مش مهمين ليك فهما أهم حاجة عندي وأهم منك كمان يا حسـان
_فوزيـة!! شوفي أنتِ بتقولي إيه وإعدلي كلامك
_بلا عدلة بلا عوجة أنا مش هسكتلك أكتر من كدة ياحسان سنين وأنا صابرة على معاملتك اللي مترضيش حد ، سنين وأنا دايما في طوعك تقول يمين أقولك حاضر تقول شمال أقول معاك بس خلاص لحد كدة وكفاية وصلت بيك الحالة إنك مانعني عن أهلي؟ عن بنتي وأحفادي؟ عن أبويا وأمي اللي إحنا عايشين في خيرهم
زمجر حسان بحقد: والله أنا ما شحتش منهم حاجة وإن كنت باخد فلوس من أبوكي فدة حقي ، حق شغلي وتعبي في المصنع مش بيديهولي زكاة عنه 
_أنا مقولتش كدة بس خلاص تعبت من عيشتك أنا ما حيلتيش إلا لتيـن ومش مستعدة أخسرها زي أختها ، مش عشان أنت فشلت تكون أب كويس وخسرت بنتك عايز تخسرني معاك
_إخرسي
فاجآها حسـان بصفعة مدوية سقطت على وجنتها فكانت القشة التي قسمت ظهر البعير ، لقد قطع حسـان كل ما ربطهم للأن بتلك الصفعة التي سقطت على قلبها فـحطمته لأشلاء 
صرخت فوزية بقهر ودموعها تغرق وجهها: طلقني
أجابها بعنفوان ودون تفكير: أنتِ طالق
ران الصمت لثواني معدودة قبل أن تنسحب فوزية من أمامه تفتح باب شقتها وخرجت منه وقد أقسمت داخلها بأغلظ الأيمان أنها لن تعود لتلك الشقة مره أخرى أو حتى لصاحبها "حسـان"
تطلّع "حسـان" في أثرها بذهول وعدم تصديق لقد خسر كل شيء ، ابنته و زوجته!!....
××××××××××
انتهت وفـاء من إطعام "مالك" ودثرتّه بالغطاء جيداً قبل أن تنسحب من الغرفة بهدوء وتندفع لغرفة "نـورا" طرقت على الباب عدة مرات ولكن الأخيرة لم تجبها فأكل القلق قلبها على ابنتها .. فتحت باب الغرفة وتفحّصتها بذهول فقد كانت الغرفة مقلوبة رأساً على عقب!!
أخذت تبحث عن "نـورا" ولكن لا أثر لها ، أما ما جعل الدماء تتجمد داخل عروقها هو إختفاء بعض ملابس نـورا وإختفاء مجوهراتها!!!
صرخت وفاء بهلع واتجهت لشقة حمويها تطلب من ينجدها تطلب البحث عن ابنتها 
فور إندفاعها لجلسة الرجال ، أقترب مـازن يسألها عن سبب حالتها بقلق ، أخبرته وفـاء بإختفاء نـورا وبعض أشيائها ، توقعّت قلق أبنها على شقيقته وفزع توفيق على ابنته ولكن الصمت العجيب الذي قابلها أرسل شعور بالبرودة داخل صدرها
تسائلت وفـاء بتيه: أنتوا ساكتين ليه؟ بقولكم بنتي هربت! خدت داهبها و اوراقها ومشيت! هربت بسبب أبن أخوك يا توفيق وأنت قاعد ساكت؟!
هتف توفيق بقلق: خدت "مالك"؟
أجابته بغباء ولم تستوعب علاقة حفيدها بالموضوع: لا "مالك" فوق نايم
ضحك توفيق بقوة ، ضحك وضحك وضحك حتى بكت عيناه ويالها من دموع عاصية فضحت ضعفة وقلّة حيلته ومدى كسرته
أشاح شعـيب بنظراته بعيداً عن عمه يشعر بالشفقة من أجله وكرهه اتجاه نـورا يزيد وكلّه في ميزان عقابها
أما مـازن فاقترب من والده يحتضنه بقوّة وقلبه يشاركه البكاء
صرخت وفـاء بإنقباض: هو فيه إيه؟ ما حد يفهمني؟ توفيق أنت .. أنت بتعيّط!!(همستها بإرتجاف وقد دارت بها الدنيا وكانت على وشك السقوط لولا شعـيب الذي اقترب منها وساعدها في الجلوس على إحدى المقاعد
رمقته وفـاء بتيه وعقلها يُنبؤها بأنَّ القادم أسوء بكثير مما مضى!!
××××××××××
رغم تفاجئها بزيارة والدتها إلا أن حالتها الغريبة هي ما شغلت عقلها
تسائلت فوزيـة بثبات وهي تجلس مقابل لتيـن في غرفة الصالون: أنتِ والبنات كويسين؟
أومأت لتيـن موافقة: الحمدلله يا ماما إحنا بخير (وأكملت بقلق) بس مش عارفة إيه اللي بيحصل برة؟ وشعيب منبه عليا ما اخرجش من باب الشقة بس هموت من القلق وصوت زعيقه رعبني شعـيب غضبان لدرجة خايفة عليه منها
إبتسمت فوزيـة ببطء حتى شملت الإبتسامة وجهها
لتيـن بـإستغراب: ماما!! حضرتك بتبتسمي على إيه؟
_لسة بتحبيه يا لتيـن؟ لسة بتخافي عليه من غضبه!! بعد كل السنين دي طلع شعـيب لسة ساكن جوة قلبك
اتسعت عيناها بذهول قبل أن تقول بإرتجاف: أنتِ بتتكلمي عن إيه؟ أنا مش فاهمة!!
_ولسة بردوا عنيكِ بتوسع لما تكدبي ، أوعي تفكري إني مكنتش عارفة اللي جواكي من كام سنة فاتوا من قبل ما نصيبه ييجي مع زهرة ويتجوزها ، أنا عارفة إنك بتحبي شعـيب من وأنتِ لسة عيّلة ، خوفك عليه نظراتك ليه وسمعانك كلامه في كل صغيرة وكبيرة كان كله مكشوف قصادي كنت عارفة باللي في قلبك وكله كوم وكلامك اللي في كرّاسة المرتبة كوم تاني .. أيوو ما تستغربيش شفت الكرّاسة وقريت اللي فيها وقعت تحت إيدي بالصدفة وأنا برتب سريرك .. كان حب طاهر ومشاعر صافية بس للأسف مكنش ينفع أدعمك ولا أشجعك تكملي في مشاعر مكتوب عليها الموت ، عشان زي ما كنت عارفة مشاعرك كنت عارفة مشاعر زهرة تجاه شعـيب (إبتلعت غصّة مسننة وأكملت) كان فارس كل أحلامها ما كانتش شايفة غيره ويمكن كلنا ساعدناها تحطّه في المكانة دي .. ماهي زهرة لشعيب كلمة جدك رددها من بعد ما زهرة أتولدت ورددناها من بعده رددناها لحد ما بقت أمر واقع وبقى من المستحيل نغيّر الفكرة دي عند زهرة لأن خلاص الأوان فات واتورطت مشاعرها في الموضوع وزهرة عكسك تماما أنتِ أقوى منها تقدري تسيطري على عواطفك لكن هيَّ كانت رقيقة ، هشة وقلبها مسيطر عليها
هتفت لتيـن ببكاء وخزي وكأنها قد أجرمت: ماما كفاية لو سمحتِ
أكملت فوزيـة وكأنها لم تستمع إليها: لما شعـيب ابتدى يبعد عنّها ويتجاهل وجودها بعد ما كان بيتعامل معاها عادي كـبنت عمته ، تعبت زهرة دبلت وكأنها حست بالخطر فإنعزلت عن الكل وبقت ساكنة أوضتها طول الأربعة وعشرين ساعة ما بقيتش عارفة أعمل إيه ولا أتصرف إزاي؟!! لحد ما في يوم جدك بلغني إن عمـاد إتقدملك وشعيب إتقدم لزهرة مش قادرة أوصفلك فرحتها كانت عاملة إزاي ، فرحت لفرحتها وأتقهرت عليكِ بس قولت يمكن مشاعرك تكون مشاعر بنت مراهقة ومسيرها هتروح واتمنيت يكون تفكيري صح ، رغم صدمتي لما وافقتي على عماد بس حمدت ربنا وقولت خلاص يا فوزية كسبتي بناتك الأتنين واطمنتي عليهم أيوة إنكسرت لما سبتي تعليمك و بعدك عني بس قولت دا آمن حل
نشجت لتيـن بصوت عالي فأحاطت فوزية بوجهها: كنتِ دايما كتومة اللي جواكي بتاعك وبس. حتى لما انضربتي أول مرة نار يا لتيـن قلبي ولع نار عليكِ يا بنتي بس سكت .. سكت وخوفت أتكلم لترجعيلي وقلبك يتشعلق بشعيب من تاني بس كل حاجة وقتها اتغيرت الكلام اللي كان هيتقال ليكِ لو حد شم خبر بمشاعرك ليه كان هيقتلك كنتي هتخسري عيلتك وأختك اللي معندكيش غيرها ، فبلعت ناري وسبتها في جوفي تحرقني بلوعتي عليكِ
همست لتيـن بصعوبة: ماما كفاية أنا مش عايزة أسمع حاجة ، أنا عارفة إني وحشة وإني بصيت للراجل اللي كان هيبقى زوج أختي بس صدقيني أنا والله ما كان قصدي أنا .. أنا
_شششششش متقوليش على نفسك كدة أنتِ ونعمَ البنات يا لتيـن ، أنتِ دة أنتِ بنت قلبي ، مشاعرنا مش بإيدينا بس أنتِ كنتِ واقفالها منعتيها تدمرك وتدمّر كل اللي حوليكِ ودي قوة أنا بحييكي عليها ، أنا فخورة إن أنتِ بنتي ، فخورة بيكِ يا لتيـن
إحتضنتها لتيـن وانهارت باكية وشعور خبيث بالخزي يتسلل إلى قلبها شعور عانت منه سنون ولم يتركها حتى الآن ، ترى هل ستتخلص منه أم سيجلدها دون رحمة!!!
×××××××××
كانت تغلي من الغيظ لقد أوشكت وفـاء على صفع ولدها "شعـيب" كيف تجرؤ على مجرد التفكير في أذيته؟!! وذلك الغر مـازن كيف تجرأ وتشابك مع ولدها! 
صرخت حنـان بغضب: تقى!! كفاية عياط هتجلطيني
هتفت تقى من بين شهقاتها: يعني يا ماما مش شايفة اللي إحنا فيه؟ البيت مولع نار وشعيب ومازن بيتخانقوا!! أنا مش عارفة إيه اللي حصل؟ أنا مش فاهمة حاجة؟ شعـيب إزاي يمد إيده على نـورا؟ أنا لحد دلوقتي مش مستوعبة اللي حصل! 
_ولا عمرك هتفهمي ، أكيد مقصوفة الرقبة نـورا عملت مصيبة سودا وخلت أخوكي اتعصب بالشكل دة، وبدل ما المحروس مـازن يربي أخته رايح يضرب أخوكي؟! (وأكملت بتحذير) إسمعي أما أقولك جواز من ابن توفيق مفيش "مـازن" ده تشيليه من دماغك تماما آه ما أنا مش مستغنية عنك!! كل واحد من عيال توفيق يبان موسى وبعد كدة يطلع فرعون .. أقولك قومي لمي شبكته وأي حاجة جبهالك خلينا نلحق نفسنا وإحنا لسة على البر
هتفت تقى بإستنكار: إيه اللي بتقوليه دة يا ماما؟ أنا مستحيل طبعاً أتخلى عن مـازن ، مـازن مش زي عماد ولا زي نـورا مازن في حتة لوحده وأنا لا يمكن أسيبه
_هتسبيه ورجلك فوق رقبتك يا تقى سامعة ولا لا؟ قال مش هسيبه قال؟ أومال لو كان عدل يابنتي دة شغال في مستشفى حكومي ومهمل لعيادته؟ دة مش بعيد يجوعك
أجابتها بحمائية: مـازن عنده كرامة يا ماما رافض ياخد فلوس ما تعبش فيها ودي حاجة رافعة قيمته عندي وأنا بحبه وواثقة فيه صدقيني هو عمره ما هيخذلني .. مـازن فيه من صفات شعـيب كتير إن مكنش أحسن
شهقت حنـان بذهول: مين دا اللي أحسن من ابني؟ مـازن ابن وفـاء
_أنتِ على طول شايفة شعـيب أحسن من الكل رغم إنه إنسان طبيعي ميكنش كامل وطبيعي يغلط
_بس بس بس قال أحسن من ابني قال!! أنا أصلاً ما خلفتش غير شعـيب وبعد الجملتين اللي أنتِ قولتيهم دول رأيي ما اتغيرش بالعكس أنا بقى مش هأهدى ولا يهدالي بال إلا لما الجوازة دي تبوظ ولما يجي أبوكي يابنت أبوكي أنا ليا كلام تاني معاه
××××××××××
أسدل الليل سدوله ولم ترَ شعـيب بعد ، فبعد محاولتها للسيطرة على ذاتها بعد إنهيارها أمام والدتها انسحبت فوزيـة تترك لها مساحة خاصة تلملم بها شتات ذاتها المبعثرة
تنفست لتيـن بعمق وهي تتطلع لإنعكاس صورتها على مرآة غرفتها همست بعذاب وهي تنكس رأسها خجلة: عشقه ذنب ، ذنب لا راضية تتوبي عنه ولا قادرة تتعايشي معاه .. عايزاه ورافضاه مش عشان مش حابة وجوده ، لا دة عشان خايفة يعرف إنك خاينة ، خنتي زهرة يا لتيـن خنتيها زمان ودلوقتي أخدتي مكانها ، أخدتي جوزها و بناتها ، سكنتي في شقتها إحتليتي مملكتها
نشجت ببكاء صامت مؤذي لروحها قبل أن تشهق بصدمة وهي تشعر بمن يحتضنها من الخلف
قبل دقائق
عاد شعيب لشقته مرهق وغاضب لدرجة لم يصلها من قبل فبعد بحث دام لساعات عن نـورا لم يجدها وكأنها فصٌ من ملح ذاب في كوب ماء
دلف لشقته ومنها لغرفة لتيـن كان يحتاجها وبشدة يحتاج عناقها ويشتاق لوصالها ولكن رؤيتها وهي بهذا الضعف كادت أن تصيبه بذبحة صدرية إقترب منها وإحضتنها من الخلف فأصبح ظهرها ملاصق لصدره ، لثم عنقها بحنان جارف قائلاً: بتبكي وأنا موجود؟!! هان عليكِ تفرطي في حبات اللؤلؤ حقي؟ طب والله ما ليكِ حق! أعوض الثروة اللي خسرتها دي إزاي؟
لم تبتسم بل زادت دموعها إنهماراً وسقطت كسوط مدبب على قلبه المدنف بحبها ، فتلوى بين ضلوعه يطلب الرحمة .. يكفي ، يكفي بكاءً يا مالكة قلبي ألم تشفقي على حالي؟ أتهوي لوعتي وإحتراق فؤادي؟ 
_لا لا هتدفعي تعويض يا لوليتا تعويض عن الثروة اللي خسرتها بسببك تعويض كبيييير عشان تحرمي تفرطي في حبات اللؤلؤ عشان تحرمي تبكي من تاني
وكم كان التعويض مرضي بالنسبة له ، وكان لها كطوق نجاة عثرت عليه وسط دوامات عنيفة كادت أن تبتلعها
×××××××××
صاحت صباح بذهول: يعني إيه إتطلقتي؟!!
أجابتها فوزيـة ببلادة: يعني إطلقت ياحاجة ، خلاص طرقنا مبقاش واحد
تسائل مهران بصبر: إيه اللي حصل يا فوزيـة
_محصلش حاجة أنا طلبت الطلاق وهو نفذ وعشان خاطري يا بابا بلاش مماطلة على الفاضي خلينا زي ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف أنا خلاص تعبت فـيا ترى ليا مكان هنا ولا إيه ياحاج
صوتها المرتجف وكأنها على وشك الإنهيار باكية خلع قلبه من مكانه أما سؤالها فأوجعه وبشدة
هتف مهران بصدق وحنان جارف: لو ما شالتكيش الأرض أشيلك جوة قلبي يا فوزية دة أنتِ بنتي الوحيدة ونور عينيا
كلمات والدها أصابتها في الصميم فانهمرت دموعها بسهولة وارتمت تحتضنه بقوة ترتشف أماناً وحنان حرمت منه كثيراً
همست صباح بتضرّع: هونها علينا يا كريم يارب
×××××××××
همست لتيـن بأسمه فهمهم دون رد
_شعـيب إيه اللي حصل النهاردة؟
لاحظت تشنجه المفاجئ فمسدت على صدره بحنو .. تنفس الأخير بعمق واعتدل جالساً ثم جذبها يحتضنها بقوة وأخذ يسرد لها كل ما حدث منذ البداية .. منذ مشاجرته مع عماد وكلامه الغير منطقي عنهما مروراً بالصور التي تركها فتى الدراجة حتى وصل لعثوره على هذا الفتى وإعترافه على من حرضته ألا وهي "نـورا"
إبتعدت لتيـن عنه بقوة رغم إعتراضه وأخذت تدور داخل الغرفة بعجز تحت نظراته القلقة همس شعـيب بترقب: لتيـن؟!
_لا لا ياشعيب لااا مش ممكن ، مش ممكن أبداً
_حبيبتي إهدي
_لا مش حاهدى متقوليش الكلمة دي 
صرخت بإنهيار فاقترب يحاول إحتضانها ولكنها رفضت قائلة: مستحيل كل العذاب اللي أنا شفته على إيده يكون بسبب شوية صور مالهمش لازمة!! صور مفبركة!! أنا اتهانت واتضربت عشان صور مفبركة!! أنا اتدبحت ميت مرة بسبب صور مفبركة يا شعـيب؟! أنا أنا اتضربت كتير أووي واتشتمت أكتر ، لساني مش قادر ينطق اللي مريت بيه مش قادرة ألاقي كلام يوصفلك بشاعة اللي حصلي ، أنا هموت والله هموت .. أنا مقهورة ، أنا عايزة حقي حقي منهم من عماد توفيق مهران ونورا توفيق مهران .. أنا عايزة حقي ، عايزة حق سنين عمري اللي عشتها في ضرب وإهانة وإغتصا
دفن وجهها داخل صدره يحتضنها بحمائية يمنع سيل كلماتها التي تعذبها وتقتله ، تحرقها فتحوله إلى رماد
هدر شعـيب بشراسة: حقك هجيبه وحياة لتيـن لهندمها على كل حاجة مريتي بيها.
إن سُلّط عليك ضميرك فأنت هالك لا محالة ولكن لو اتبعته واستجبت لندائه فإعلم أنك في طريقك إلى الخلاص وبنهاية الدرب ستكون الرابح بلا منازع
كان بين شطري رحى مشتت وحائر أيختار الخلاص من عذابه ويبوح بما يقلق مضجعه أم يستمر في سكوته ويعاني في صمت؟!!
_يا الله 
قالها "عمـاد" هو يناجي ربه ربّ سبع سموات ، هل يفضح شقيقته ويضع كلمة النهاية لها؟ فقد كان على وشك إخبار شعـيب بكل شيء ، كاد أن يخبرة أن "نـورا" من دبرت لمقتل "زهرة" ولكن في اللحظة الأخيرة تراجع وشعر بالخوف ، لم يكُ خوفاً على نفسه بل عليها فبمجرد أن يبوح بهذا السر ستحترق عائلته ويتحول كل شيء إلى دمار ..
همس لنفسه بعذاب: هتعمل إيه يا عمـاد؟ وكأن خسارتك لرجليك كانت البداية وجيه وراها ضميرك ، ضميرك اللي خرّسته كتير وجيه الوقت اللي ربنا يسلطه عليك فلا بقيت عارف تنام ولا تاكل ولا حابب تشوف حد وما عندكش القوة تعترف ، أصل هتعترف على مين؟ على أختك اللي من لحمك ودمك؟ طب لو أعترفت ما هي هتتسجن وتتعدم! بس "مالك" لما يكبر هيعيش إزاي؟ ومع مين؟ هيتوصم بعار أمه وهيتشاف دايماً على إنه ابن الست اللي قتلت!! الكل غصب عنه هيكرهه وهيفضل وحيد تايه مشتت ، أعمل إيه يارب؟ يارب أرشدني للطريق الصحيح زي ما هديتني ألهمني الصواب
صمت لثواني قبل أن يدعو بإبتهال: اللهم أخَتر لي ولا تخيرني فإني لا أحسن الأختيار ، اللهم إني أستخيرك في أموري كلها فـيارب إختر لي ما تراه خير لي... 
××××××××××
لم يغمض لها جفن وكذلك هو ، كان يراقب كل إنفعالتها ويشعر بكل إنتفاضة تصدر من جسدها ، والغصة المسننة تكبر وتخنقه الغضب في صدره يزداد قوة وشراسة حتى كاد أن يقتله 
انتبه لصوت لتيـن المرتجف: أنا عايزة أروح للدكتورة غادة .. أنا أنا محتجاها
_ بما أن الوقت أتأخر وأكيد العيادة أتقفلت ممكن تتكلمي معايا أنا ، أنا سامعك ومعاكي
هزت رأسها بعصبيّة: لا أنت بالذات لا ، ما تنفعش أبداً
رغم إستغرابه من رفضها ولكنّه أجاب بهدوء مرح: شكراً على ثقتك الغالية
لم تبتسم بل زادت حركت قدميها إنفعالاً إقترب منها وجلس خلفها ثم إحتضنها بتملّك قائلاً: مش حأحكم عليكِ هسمعك وكأنك بتحكي مع نفسك جربيني مش يمكن أنفع؟
_هتكرهني 
قالتها بإرتجاف فشددّ من إحتضانه لها قائلاً بنفي قاطع وعاطفة جياشة: مستحيل أقدر أكرهك مستحيل ، أنتِ أتولدتي عشان تتحبي وبس ، أتولدتي من ضلعي عشان تكوني حضن وسكن ليا وأكون ليكِ سند وإحتواء وأمان ودرع يحميكِ من أي حد يحاول يأذيكِ .. أنا بحبك يا لتيـن بحبك بعدد سنين عمري
_مش حقيقي أنت مش بتحبني
_ليه رافضة تصدقي حبي ليكِ؟
_عشان .. عشان حاجات كتير
_بلاش ألغاز وأتكلمي بصراحة يمكن في أخر كلامنا نلاقي الراحة ، الراحة اللي أنتِ محتجاها
إبتعدت عنه بإنفعال وأخذت تدور داخل الغرفة لعدة دقائق قبل أن ترمقه بعيون ضيقّة قائلة بإتهام وقد أوشكت على الأنهيار: أنت كداب لو أنت فعلا بتحبني ليه أتجوزت زهرة؟ ليه مرفضتش أمر جدي ووقفت ضده ليه بعتلي والدتك تطلب مني أبعد عنك وأبطل حركات البنات الـ××××
هتف بحاجبين معقودين بشدة: إيه اللي أنتِ بتقوليه ده؟ أنا مش فاهم حاجة
_بطل كذب لو سمحت ، بس بطل أكيد أنت عارف طنط حنـان قالتلي إيه من كام سنة من لما قررت تتقدم لزهرة ، لسة كلامها بيرن في وداني لسة فاكرة نبرة صوتها فاكرة إتهاماتها فاكرة كل كلمة قالتها ليّا بقى دلوقتي بتقول إنك بتحبني؟ ليه مصر تحسسني بالذنب والدونية؟ أنا عارفة إنك بتتعامل معايا كويس عشان أنت كشخص كويس جداً ياشعيب بتتقي ربنا في أي حد بس أرجوك بلاش تمثل الحب عليا بلاش
صرختها بإنهيار فاقترب منها قائلاً بأمر: دلوقتي حالًا يا لتيـن عايز أعرف أمي قالتلك إيه بالظبط؟ كل كلمة قالتهالك سمعيهالي 
×××فلاش باك×××
بعد رؤيتها لفلذة كبدها بهذا الإنهيار إحترقت أحشائها من أجله وتلوى قلبها بين ضلوعها شفقةً عليه وتعاطفاً معه ولكن ماذا تفعل؟ عشقه للتين لن يأتِ سوى بالهلاك لعائلتهم وبالتأكيد بعد رفض الجد لتلك الزيجة إذاً الموضوع منهي ولا سبيل آخر سوى وضع كلمة النهاية لقصة حب لن تكتمل أبداً
لذا وبكل تعقّل ذهبت لرؤية لتيـن تلك المراهقة المدللة حصرتها داخل غرفتها وظلت ترمقها بنظرات واجمة أرعبت الأخيرة قبل أن تقول بصرامة: أنتِ عايزة إيه من شعـيب؟
تلقائياً أحمرّت وجنتيها من مجرد ذكر اسمه أمامها ولكن أجابتها بإرتباك وعدم فهم: مش عايزة حاجة! أنا مطلبتش منه أي حاجة؟!
_بت يا لتيـن مرقعة مش عايزة اللي بتعمليه دة حرام وعيب ربنا هيحاسبك على اللي أنتِ بتحاولي تعمليه
_أنا مش فاهمة حاجة يا مرات عمي؟
همستها بإرتجاف فتنفست حنـان بعمق قبل أن تسحبها من رسغها وتجعلها تجلس مقابلاً لها قائلة: شعـيب إشتكى منك يا لتيـن عشان مراقبتك ليه طول الوقت وقربك منّه ودة ما ينفعش ياحبيبتي دة هيبقى جوز أختك يعني في مقام أخوكِ الكبير ما ينفعش خالص يكون غير كدة
هتفت لتين بتهور: بس أنا بحبه
إتسعت عيناها بذهول من أعتراف "لتين" الصادم لها فقد إعتقدت حنـان أنه مجرد إعجاب فتاة مراهقة لا أكثر ولكن "حب" كيف لطفلة صغيرة كـلتين أن تتفوّه بهذه الكلمة
قالت حنان بصرامة بثّت الرعب داخل قلبها الصغير: الحب دة يكون لجوزك لما تكبري إن شاء الله إنما شعـيب كبير و واعي وبيحب زهرة اللي هتكون مراته بعد كام شهر وهو أنتِ عايزة تخربي البيت كله بكلامك دة؟ عايزة زهرة تكرهك؟ طب هتقدري تستحملي ذنب مشاعرك؟ هتقدري تبوظي فرحة أختك وفرحة ابني؟ هتستحملي نظرات اللوم والعتاب من الكل؟ أنتِ عارفة لو حد شمّ خبر بالكلام اللي بتقوليه دة هيقولوا عنك إيه؟ هيوصفوكي بإيه؟
نشجت لتيـن ببكاء حار خائف فقالت حنـان بتعاطف: بكرة تكبري وتتجوزي عماد ابن عمك هو بيحبك عشان هتكوني مراته ومشاعرك المفروض تكون ليه وبس وإلا هتكوني خاينة والخيانة ذنب ربنا هيحاسبك عليه
كانت تقصد إرهابها وبثّ الخوف بين طيات قلبها حتى تخرج من عالمها الوردي وتسقط على أرض الواقع
وتحميها وتحمي الجميع ولكن لم تكُ تعلم حجم المعاناة التي عاشتها تلك الصغيرة المدللة فأضحت إنسانة محملّة بذنب الخيانة وعذاب الضمير على ذنب لم ترتكبه قط .. 
إنتهت لتيـن من سرد ما حدث تحت نظرات شعـيب الجاحظة الذاهلة
همس بصوت هارب: أنا مش فاهم حاجة
_إيه اللي أنت مش فاهمه؟ وكأنك مكنتش عارف كل الكلام دة من الأول
قالتها بعصبية نابعة من إضطراب مشاعرها وحيرتها من ذهوله الواضح فلم ترغب نهائيا في ذكر ما حدث بالماضي فذلك الحوار مع زوجة عمها ما زال يجلدها ويشعرها بأنها خائنة بل تكاد أن تكون ذات خطيئة تعدت على ممتلكات شقيقتها ، حاولت سرقة شعيب منها!!
أحاط شعـيب وجهه بين كفيه يرمقها بذهول لم يستطع التخلص منه هل ما سمعه صحيح؟ هل كانت تحبه؟ رباااااه ضربات قلبه تخطت الحد المعقول ولهاثه أصبح مسموع وكأنه كان في سباق لوقت طويل يجري في صحراء قاحلة فجاءت هي بإعترافها كبحيرة ماء عذبة غرق فيها وشرب حتى ارتوى
هتف شعـيب بصوت أجشّ إثر مشاعره الجياشة: لتيـن أنتِ بتحبيني
_شعيب لو سمحت
_ششششش أنتِ بتحبيني؟ بتحبيني أنا
أجابته بحدة تداري خجلها: شعـيب أنا بكلمك في إيه وأنت بتقول إيه ركز لو سمحت
_أنا مركز جداً خالص أوي بالصلاة على النبي عايزك أنتِ تركزي معايا ، أنتِ فعلاً كنتي بتحبيني؟
أجابته بتهور: أنا أصلاً لسه بحبك 
قضمت شفتاها بخجل على إعترافها المتهور 
ران صمت مهيب وكأنّ الكون خجل من مقاطعة تلك اللحظة الفارقة في حياتهما معاً قبل أن يقطعه شعـيب قائلًا:
متى ستعرف كم أهواك يا املاً 
أبيع من أجله الدنيا وما فيها 
لو تطلّب البحر فى عينيك أسكبه 
أو تطلّب الشمس فى كفيك أرميها 
أنا أحبك فوق الغيم أكتبها 
وللعصافير والأشجار أحكيها 
أنا أحبّك فوق الماء أنقشها 
وللعقاقير والأقداح أسقيها 
أنا أحبك حاول أن تساعدني 
فإن من بدأ المأساة ينهيها 
وإن من فتح الأبواب يغلقها 
وإن من أشعل النيران يطفيها
ختم كلماته وانقضّ عليها يشبعها عناقاً ودلالاً وبين الثانية والأخرى يعترف لها بمشاعره يبوح لها عما بداخله عن مكانتها لديه لعلها تصدقه لعلها تبادله الإعترفات ولكنها كانت خجلة مرتبكة ضعيفة مقابل طوفان مشاعره
غرقت لتيـن بين طيات عاطفته ، كلماته كانت كالدواء سريع المفعول على جراحها ، ورغم حالة التيه التي شملتها إلا أنها استوعبت معلومة غابت عنها لسنوات أو ربما قصدت عدم الإنتباه لها!
شعـيب يحبها ، شعـيب سـالم مهران عاشق لها كما ستظل عاشقة له شعـيب ، ذلك الحلم المستبعد حدوثه ، أصبح زوجها وحبيبها
إبتعد عنها وهو يلهث بإنفعال قائلًا: يا مجنونة إزاي مش عارفة إني بحبك إني بموت من نظرة من عيونك إني متيم بيك آه لو كنت شاعر كنت كتبت في حبك قصائد و أشعار ولعنيكي أغاني وموال آه ياحبة القلب آه يا وجعي ولوعتي ونصي التاني قولي إنك بتحبيني قوليها خليني أصدق إني صاحي مش بحلم قوليها ياحبيبتي
هتفت بإرادة مسلوبة: أنا بحبك يا شعـيب بحبك وحبك ذنب عذنبي طول حياتي ورغم عني مقدرتش أتوب عنه
طبع عدة قُبلات على وجهها ورقبتها قبل أن يقول بإفتتان: ذنب ، ذنب إيه يا مجنونة؟ مشاعرك مش بإيدك أنا مش عارف ليه حاسه إنه ذنب؟ إزاي يكون ذنب وهي مشاعر ربنا زرعها جواكي هبة من عند الرحمن مشاعر مقصدتيش تحسيها كان هيبقى ذنب لو تخطيتي حدود ربنا ، كان هيبقى ذنب لو عملتي أي شيء مشين يلوث طهارة المشاعر دي! لكن حبك كان نقي مشاعر حسيتي بيها جواكي فإحتفظتي بيها لنفسك وقفلتي عليها قلبك يبقى فين الذنب دة
_زهرة كانت بتحبك أنت كنت من نصيبها هي
قالتها بحشرجة وقد سقطت دمعتان على وجنتيها فمسحها الأخير بإبهامه قبل أن يقول بصرامة: كنت من نصيبها لحد ما ربنا إسترد أمانته والله العظيم إتقيت ربنا فيها ليه بقى أنتِ شايلة ذنبها؟ قوليلي أنتِ حاولتي بأي شكل من الأشكال تبعديني عنها؟ حاولتي تشديني ليكِ؟
هتفت مسرعة تنفي تلك الجريمة: لا والله أبداً أنا بعدت عنك على شانها ، بعدت عن أي مكان أنت تكون فيه خوفت أعمل حاجة تزعلها "زهرة" مش أختي وبس لا دي كانت صاحبتي الوحيدة وأمي التانية ، دة أنا حتى وافقت أتجوز عمـاد عشان أحميها من مشاعري 
همس بعذاب: وياريتك ما وافقتي! رميتي نفسك في النار ياريتنا ما أتربينا في عادات قديمة كتبت علينا الفراق .. شعـيب لزهرة و لتيـن لعماد بأي منطق وأي عقل الكلام دة فأي شرع الكلام دة؟ كل دة علشان جدي و 
قاطعته بهدوء: أنا مش ندمانة أنا أنقذت عيلتنا كلها تخيّل. ياشعيب لو كنت عرفت بمشاعرك ناحيتي وأنت كمان عرفت بمشاعري ، كان إيه اللي هيحصل؟ أبسط حاجة كنا هنواجه الكل ونرفض عماد وزهرة أو كنا هربنا وسبنا الجمل بما حمل ما إحنا كنا مراهقين متسرعين لما بفكر في كل حاجة وأشوف كل الزوايا بحمد ربنا الحمدلله يمكن اللي شوفته مع عماد كان إبتلاء من رب العالمين وفي آخر الإبتلاء دة لقيتك أنت! عوضي وسندي عوض مش مستعدة أخسره ولا هقبل تكون لي غير عوض لو جرحتني مش هستحمل ، الوجع بيكون على قد المحبة وأنا بحبك جداً جداً جداً 
_يالله
قالها وهو يحتضنها بقوة يريد زرعها بين ضلوعه بجوار قلبه
_النهاردة يوم لازم ينكتب في التاريخ ، النهاردة يوم انتصر فيه قلبنا النهاردة يومنا يا مالكة القلب والوجدان
_شعـيب
هتف بحرارة: واحدة كمان من شعـيب بتاعتك دي وشعيب مش هيكون مسؤول عن اللي هيحصل
شاكسته بدلال: شعـيب
ضيق عينيه ورُسمت إبتسامة خبيثة على وجهه جعلتها ترتبك قبل أن تشهق بذهول وشعيب يحملها بين ذراعيه قبل أن يلقيها على الفراش ويقفز بجوارها يحيطها بتملك ويغرقا معاً في حديث طال إنتظاره
×××××××××
في صباح اليوم التالي
وكأن رأسها على وشك الإنفجار وكأن بداخله مصانع للحدادة صداع كاد أن يفقدها بصرها من شدتّه
صرخت نـورا بألم وهي تقبض على رأسها بقوّة في محاولة بائسة لتقليل الألم ولكن دون جدوى ، تحتاج لذلك المسحوق الأبيض وبقوة فـأثناء لملمة أشيائها لم تنتبه له وتركته هناك في شقة والدها
تقدمت بخطوات مبعثرة بإتجاه هاتفها قبل أن تحمله وتطلب رقم معين تحفظه عن ظهر قلب ثواني وأجابها الطرف الآخر فقالت مسرعة: عايزة طلب كل مرة بس المرة دي بكمية أكبر عايزة تلات أضعاف
صمتت تستمع للطرف الآخر قبل أن تصرخ بغضب أعمى: أيوة معايا فلوسهم هات الحاجة أنت بس العنوان
قالت له العنوان بالتفصيل قبل أن تغلق الهاتف بإرتجاف وأخذت تحك جسدها كالمصابة بالجرب وعقلها يخطط ويدبر في شر لو أطلقته لأحرق الأخضر واليابس
××××××××××
عيناها منتفختان من كثرة البكاء وعقلها يسأل دون إنقطاع متى أخطأت ومتى سهت عن أولادها؟ فيما أخطأت؟ هل أذنبت ذنب كبير فإبتلاها الله في أولادها؟ لماذا؟ فقط لماذا أولادها دوناً عن أولاد الجميع؟ كانت تعرف علّة عمـاد تعلم أنه يغار من شعـيب ولكنّه لم يكُ مؤذياً كانت على يقين أنه لن يؤذي أحد لتتفاجئ بعد ذلك بأفعاله المشينة مع لتيـن دعت ربها بأن يهديه ويرشده الطريق الصحيح ، رغم إصابة قدميه ووجعها عليه ولكنها صبرت وإحتسبت ولكن تأتي الضربة الثانية من "نـورا"....!!! 
كيف ستتحمل؟ كيف سترفع رأسها أمام الجميع؟ كيف ستتخلص من العار الذي وصمت به و بزوجها؟ 
_يارب أنت العالم كل شيء .. يارب أنا مقصرتش أنا فنيت حياتي عليهم عملت كل حاجة عشان أربيهم صح كلهم اتربوا نفس التربية ليه نـورا وعماد يبقوا كده؟ يارب ألطف بينا يارب أنا مش هأقدر أستحمل لو حد فيهم حصل له حاجة مش هقدر يارب ، يارب إهديهم وأغفر لهم ، يارب عديّها بكرمك يا رب
شهقت ببكاء عنيف تشعر بالقهر بالألم بالخسارة هي أم على وشك خسارة أبنائها هي أم لم تبخل عليهم بشيء! هم أم كتب عليها أن تحيا خذلان الأبناء وتسقى من مرارة أفعالهم 
وضعت يديها على موضع قلبها تشعر بألم لاسع لم تكُ تتحمله حاولت الصراخ ولكن سحبتها تلك الغيمة السوداء فسقطت فاقدة الوعي في أرضية المطبخ
وبالخـــارج
إنتبه مـازن لصوت منبعث من المطبخ صوت لشيء يسقط وبقوّة فأسرع بإتجاهه يطمئن على والدته التي أصرّت على إعداد وجبة الأفطار 
إندفع داخل المطبخ بقلق قبل أن يتمسمر مكانه وهو يرى والدته تفترش الأرض و وجهها كصفحة بيضاء خالية من ألوان الحياة ، صرخ بفزع قائلًا: أمي!!
ثم جلس جوارها يتفحص نبضها ولكن لم يكُ موجوداً !! ضغط على صدرها عدّة مرات في محاولة لإعادة النبض ولكن لا شيء ولكنه لم ييأس بل إقترب منها يحاول إنعاشها بالتنفس الصناعي عدة مرات ولكن نفس النتيجة والدته فقدت النبض فقدته إلى الأبد والدته فارقت الحياة والدته... 
_ماتت؟!!
قالها بعدم وعي كما بكت عيناه دون وعي منه
همس مـازن بإرتجاف: ماما .. أمي يا فوفا ردي عليا .. أنا خايف .. ماما .. ماماااا .. يا أمـــــي
إنهار يصرخ ويصرخ حتى آلمته أحباله الصوتية ولكنه لم يصمت فكان الألم بقلبه أشد قسوة وأكثر وجعا
أتى توفيق على صراخ مازن فأصابه الذهول هو يرى ولده المنهار وزوجته الساكنة سكون الموتى!!
تساءَل توفيق بتيه: في إيه؟!!!
أجابه مـازن ببكاء: خليها ترد هي دايما بترد عليك أول ما تسمع صوتك ، أنا مش عارف هي ليه ساكتة ، أنا مش فاهم إيه اللي حصل هي .. هي كانت بتعمل الفطار أنا قولتلها تستريح بس هي رفضت قالت أبوك لازم يفطر عشان ياخد الدواء ، بس هي دلوقتي ساكتة ومش بترد عليا وهي عارفة ، عارفة أني مبحبش كدة فخليها ترد خليها ترد يا حاج
إستند توفيق بضعف على إطار الباب وقد خارت قواه وأخذ يتمتم برتابة: إن لله وإنَّ إليه راجعون ، إن لله وإن إليه راجعون
رمقه مـازن بعينين جاحظتين قبل أن يحتضن والدته بقوة ويشهق ببكاء عنيف كطفل رضيع تاه من والدته وقلب رجل كبير يستوعب معنى الموت ويدرك ألم الفراق
×××××
أنتشر خبر وفاة "وفـاء" بسرعة رهيبة داخل بيت آل مهران حتى وصل الخبر لعماد الذي أنهار بشكل أوجع الجميع فساد حزن كئيب على البيت وساكنيه 
وبنفس السرعة أخرجوا لها تصريح الدفن وتم الأتفاق على دفنها بعد صلاة المغرب وقد كان فبعد أقامة الصلاة وتأديه صلاة الجنازة تم تشيع جثمان المغفور لها وسط أنهيار ولديها "مـازن وعماد" وغياب وحيدتها "نـورا" التي لم تعلم من الأساس بوفاء والدتها!!...
××××××××××
بعد مرور أسبوعيين
أربعة عشر يوم حدث بهم الكثير فقد تحطمت بعض القلوب وقلوب أخرى وجدت السكينة والأمان
بعد وفاة "وفـاء" تحطم مـازن وعماد بشكل مآسوي ولكنهم مازالوا يعافرون صابرين راضيين بما كتبه الرحمن
و "نورا" ما زالت لاهيه غير واعية معظم الوقت بسبب تلك المواد المخدرة التي تتناولها بشكل جنوني وفقد أصبحت حبيسة القصر تخطط لخطواتها التالية لا تتواصل مع أحد سوى فتى توصيل "المدمرات" التي تتعطاها .. وللآن لم تدري بوفاة والدتها ولم تقلق على فلذة كبدها أي أم هذه بل أي أنسانه هي؟!!!
××××××××××
لقد أحتلت مطبخ جدتها صباح اليوم تأكل بلهفه من تلك الـ
_يابنتي كفاية أكل في "المورتة"
{المورتة هي عبارة عن البقايا التي تفضل في قاع الأناء بعد تسيح كمية كبيرة من السمن أو الزبدة الفلاحي وتتمع المورتة بطعم مالح ولذيذ}
أجابتها لتين وهي تغمس قطعه من الخبز الطازج في طبق "المورتة": طعمها يجنن يا تيته حلوة قوووي صدقيني صحيت من النوم وأنا شامه ريحيتها من على بعد فعرفت إن أكيد الريحة القمر دي من عندك
_ما النهاردة وصلت الحاجة من عند الحاجة "كاملة" أنتِ عارفة كل شهر بخليها تبعت لنا المش والمورتة والجبنة القديمة والعسل الأسود والسمن البلدي
_تسلم أيديهم حاجتهم تحفففة
هتفت صباح بصرامة وهي تنتشل "المورتة" من أمامها: طب كفاية كده بقا هيجيلك أملاح
رمقتها لتيـن ببؤس طفولي كاد أن يؤثر بالجدة ولكنه هتفت بحزم: الوش ده ياكل مع ننوس عين أمه "شعـيب" أنما أنا لا يالا يابت على بيت جوزك 
صمتت صباح فجأة قبل أن تتسع عينيها بأدراك صائحة: بت يا لتيـن لتكوني حامل وبتتوحمي؟!!
حذرْ من ذاتك ألف مرة فمن قال (النفس أمّارة بالسوء) لم يكُ يكذب بل كان يعلم أنّ بعض الناس فاسدو القلب وجِدوا لدمار نفسهم وتدمير من حولهم..!
_أنا عايز أشوفك .. محتاجلك
قرأت الرسالة أكثر من مرة بعينين حزينتين ذابلتين وكأنها زهرة لم تُسقَ منذ أيام .. كانت مرهقة النفس مهمومة القلب ، قلبها العليل بحب "مـازن" لم ترَه من بعد وفاة والدته "وفـاء" فبعد إنتهاء مراسم العزاء أصدرت والدتها فرمان بقطع علاقتها مع "مـازن" بشكل نهائي ، إعترضت وبكت وترجّت ولكن قلب والدتها لم يَلِن فقط رمقتها بصلابة وتركتها محطمّة القلب ، ومن يومها وهي لم تخرج من غرفتها تتجاهل رسائل "مـازن" التي تعد على أصابع اليد الواحدة ، تتجاهلها دون إرادتها تشعر بالخجل لعدم مساندتها له في محنته ولا تعلم كيف تفسر له إبتعادها؟ بما تخبره؟ أتخبره برغبة والدتها في إلغاء خطبتهما؟ ولكن هل سيتحمّل؟ تشفق عليه فـيكفيه مصابه في شقيقته و ألمه لفراق والدته!!
خرجت من شرودها بسبب إقتحام "حنـان" لغرفتها دون إستئذان ، لم تتحدث "تقى" ولم تنظر لها فصرخت الأخيرة بحنق: ست الحسن والجمال هتفضل قافلة على نفسها الأوضة لحد إيمتى؟ لو فاكرة إنك بالشكل دة بتلوي دراعي وهتخليني أرجع في كلامي فـتبقي موهومة موضوع مـازن إنتهى وأبوكِ هيبلّغه النهاردة إن كل شيء نصيب
رمقتها بذهول قبل أن تصرخ بقهر: بس أنا مش موافقة يا ماما أرجوكِ متعمليش كدة متكسريش قلبي وقلبه
_بلا قلب بلا زفت أنتِ ليه مش عايزة تفهمي؟ يا بنتي أنا خايفة عليكِ والله العظيم أنا بعمل كل دة عشانك بكرة الأيام تعدي وتقولي أمي كان عندها حق
هزت رأسها بنفي ودموعها تغرق وجنتيها قبل أن تهمس بيأس: لو مكنتش لمازن مش هبقى لغيره لا أنا هقدر أنساه ولا هقدر أحط حد تاني مكانه
صرخت حنـان بغيظ قائلة: هموت ناقصة عمر بسببك اللي أنتِ ماسكة فيه بإيدك وأسنانك دة أخوه وأخته شياطين تتخيلي هو هيكون إيه؟ ملاك بجناحين؟ أكيد لا مش بعيد يطلع أنيل منهم
_صوابعك مش زي بعض يا ماما
_بلا صوابع بلا قوانص هي كلمة ومفيش غيرها كل شيء بينك وبينه إنتهى وإحمدي ربنا إنك لسة على البر
إندفعت حنـان إلى الخارج تلهث بإنفعال قلبها يؤلمها لأجل ابنتها لا تريد الشقاء لها ولكنها لا تستطيع أن تدفعها لهلاكها فلم تعد تثق بأي من أولاد "توفيق"
إنتبهت لسالم الواجم فهتفت بحنق: سـالم وحياة ربنا أنا ما ناقصة هتطلع إيمتى لمازن تبلغه
أجابها ببرود: أبلغه بإيه؟
_إن الخطوبة إتلغت
_ومين إن شاء الله اللي هيوافقك على الهبل دة؟
صاحت بصدمة شاعرة بالإهانة: هبل!!! أنا هبلة يا سالم؟
_نهاية الموضوع مـازن لتقى وتقى لمازن أنا مش صغيّر عشان معرفش أميّز بين الناس ، مـازن مش زي إخواته وبعدين تعالي هنا أنتِ ضامنة منين لو تقى إتجوزت واحد تاني متطلعش أخلاقه أقذر من عمـاد و نـورا؟! "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا"
_ونعم بالله بس
_مابسش وقفلي على الموضوع دة يا حنـان عشان أنا تعبت منك وأصبحتِ لا تطاقي
رمقته بصدمة وهو يندفع خارج الشقة وهمست بصوت مسموع: أنا عملت إيه؟ كل دة عشان خايفة على عيالي؟!!
××××××××××
رمقت جدّتها بنظرات ذاهلة قبل أن تقول بعدم تصديق: حامل؟ لا طبعاً إيه اللي بتقوليه دة يا تيتة
أجابتها بـإستغراب: وليه لا طبعاً؟!! أنتِ مش متجوزة يابنتي؟ يبقي ليه لا؟ مش يمكن ربنا أذن ورحمك شال؟ ولا أنتِ مش عايزة تبقي أم؟
إتسعت عيني لتيـن بإنبهار وهي تتخيل نفسها وقد أصبحت أما لصبي أو فتاة لا يهم.. المهم فقط أن تكون أمّاً 
_يا الله .. همستها بتضرع ، برجاء للمولى عز وجل أن يهبها طفل يكون قرَّة عينها وروح فؤادها
خرجت من شرودها قائلة: عن إذنك بقى يا تيتة لازم أطلع عشان البنات ومالك زمانهم صحيوا
أومأت الجدة موافقة فإنسحبت لتيـن شاردة بإتجاه شقتها تلاحقها دعوات الجدّة بصلاح حالها وبالذريّة الصالحة
دلفت إلى شقتها ومازالت ساهمة قبل أن تشهق برعب وهي تشعر بمن يحتضنها من الخلف بتملّك ، وعلى الفور تخللت رائحته الرجولية خلاياها... رائحته التي تُسكِرها 
هتفت لتيـن بعتاب رقيق: كدة ياشعيب؟ وقّعت قلبي
أجابها بهمس محموم: سلامة قلبك يا قلبي
إبتعدت عنه بخجل وهي تشعر بلمساته الجريئة قائلة بحرج: شعـيب إحنا في الصالون ما ينفعش كدة
همس بصوت عابث: وماله ندخل أوضتنا
رنت ضحكاتها فتضخّم قلبه بإنتشاء لسعادتها ، لقد تغيّرت لتيـن كثيراً أصبحت كما كانت في الماضي ، شقيّة ، مدللة ، مُهلِكة .. أحيانا لا يصدق أنها اعترفت له بمشاعرها إتجاهه ، فيسألها ويصرّ على سماع إجابتها فتجيبه بخجل بحبها له فيشبعها عناقاً ويمطرها بالقُبلات ويلقي على مسامعها بكلمات الغزل النابعة من وجدانه ، يشرح ويحلل لها مشاعره إحساسه بها لعلّها تدرك قيمتها الفعلية عنده 
همس بصوت أوضح مشاعره الجياشة: تدوم ضحكتك وتدومِ ليا
_أنا بحبك 
قالتها بصدق وعينيها تُقبّل كل إنشٍ به
أجابها بغرور رغم ضربات قلبه التي تضرب بجنون متأثرة بإعترافها: عارف
_يا بارد
همستها بغيظ وهي تندفع لغرفة "مالك" تطمئن عليه فمنذ وفاة "زوجة عمها" وإختفاء "نـورا" وهي تراعي الصغير وتعتني به لم تحقد عليه بسبب أفعال نـورا المشينة بل أشفقت عليه فما ذنبه إن كانت والدته بقلب معطوب!!
صاحت لتيـن بإبتهاج عندما رأت الصغير مستيقظ: يا صباح الورد على مالك حبيب قلب لتين
إتسعت إبتسامة الصغير حتى شملت وجهه بأكمله ورفع يديه في الهواء يرغب بأن تحمله وبالفعل حملته لتيـن بين ذراعيها وأخذت تمطره بالقُبلات قائلة بحنان: حبيب قلبي يا ناس صحي أبو ريحة جنان
أخذت تستنشق رائحته الطفولية المحببة بإنتشاء غريب
_أبلة لتيـن لو مفيش إزعاج يعني عايز أفطر(هتف شعـيب بإمتعاض يشعر بالغيرة من إهتمامها بالصغير لما لا يكون هذا الإهتمام والدلال له هو وحده فهي ملكية خاصة لشعيب سالم مهران )
أجابته لتيـن بدلال: معلش يا "شوشو" أنا تعبانة النهاردة فأعمل أنت الفطار
جحظت عيناه وارتسمت ملامح الإجرام على وجهه قبل أن يقول بشرّ: شوشو!!! مين شوشو دة؟
_أنت يا حبيبي (قالتها ببراءة وهي ترمش بعينيها)
زمجر شعـيب غاضبا: لتيـن!!
_نعم
أجابها بقرف: أنا قولت كام مرّة بلاش اسم الدلع دة
_ماله؟ دة حتى حلو أووي شوشو ولا أقولك يا شعشع
رمقها بإشمئزاز وانسحب بهدوء بإتجاه المطبخ يعد وجبة الإفطار وهو يتمتم بغضب: قرف أقسم بالله قرف قال شوشو قال؟ هي مفكراني بنت أختها ولا إيه
إتسعت إبتسامتها وهي تسمع همسه وعينيها ترسم تفاصيله بعشق أضناها ، وللآن لا تصدق أن شعـيب يبادلها نفس المشاعر وإن لم تكُ أقوى .. أصبحت تدرك بمكانتها لديه فتزيد في دلالها ، وهو لم يعترض بل كان يزيد في دلالها حتى أفسدها!!
تركت مالك على فراشه ورغم عنها شعرت بالألم عليه فلقد أصبح عمره أكثر من ثلاث سنوات وللآن لم يتحدث ولا كلمة واحدة!!
لحقت بشعيب ووقفت تستند على إيطار الباب تتابعه بعينيها وهو يحضّر الطعام ، عيناها تحفظ كل حركة يقوم بها ولا تغفل عن أي شيء يفعله إبتسمت بعشق قبل أن تقترب منه وتحيط خصره من الخلف تريح رأسها على ظهره العريض تشتم رائحته بقوة قبل أن تطبع عدة قُبلات رقيقة كلمسات الفراشات 
تلك الحركة بالذات تفعل به ما لم يستطع وصفه بالكلمات ، عندما تريد أن تراضيه أو تستعطفه أو حتى تعتذر تقُبل ظهره برقة تذيب عظامه وتجعل ينابيع الحنان تتدفق داخل أوردته وتشعل دمائه فيغرقها في أنهار عشقه ولكنه غاضب .. غاضب وبشدة فلن يستسلم لمشاعره سيبقى صلباً كجبل شامخ لا يتزحزح
رغم شعورها بالإحباط لعدم إستجابته لها إلا أنها همست بدلال ألهب مشاعره: شعـيب .. حبيبي أنت زعلت عشان أن بدلعك
فك يديها التي تحيط خصره قبل أن يستدير يواجهها قائلاً دون تعبير: وهزعل ليه؟ عشان قولتلك أكتر من مرة إني مش بطيق الدلع دة ورغم كدة مصرّة إنك تقوليه حتى برة أوضتنا! 
احمرّت وجنتيها من الخجل وهمست وهي تفرك أصابعها بندم: أنا آسفة أنا كنت بهزر معاك مش قصدي أضايقك حقك عليا
_ وبرضو اللي عملتيه مع مالك كان هزار معايا
همست بـإستغراب: شعـيب مالك زي ابني وأنا بحبه و
قاطعها بعنف: بس مش ابنك وحتى لو ابنك مش معقول هتفضلي تحضني فيه طول الوقت
عقدت حاجبيها بصدمة قبل أن تنفجر ضاحكة فزمجر شعـيب غاضباً: الهانم بتضحك على إيه؟ أنا مش بقول نكتة
هتفت من بين ضحكاتها: شعـيب أنت غيران؟ ومن مين؟ من مالك اللي عنده 3سنين؟
هدر بإستنكار: أغير؟ لا طبعاً بس ميصحش اللي بتعمليه دة أحضان وشيل و 
_لا أنت غيران بجد مش ممكن
_لتيـن كفاية ضحك 
قالها غاضبا فتحكمّت بصعوبة بضحكاتها لا تصدق أنه يشعر بالغيرة من الصغير مالك!!
كممت فمها تخرس ضحكاتها ولكن عينيها كانت تضحك ورغم شعوره بالغيرة التي تحرقه مؤخراً فقد تخطت الحد المسموح ولكنه يلجمها كي لا يؤذيها فإذا زاد الشيء عن حده إنقلب ضده ، إلا أنه إبتسم دون إرادته لعينيها الضاحكتين فرؤيتهما بهذه السعادة بعد ذبولهما لسنوات عديدة يشعره بالإنتشاء وكأنه حقق معجزة يستحق عليها الثناء
أجفل من صراخ لتيـن التي هتفت بهلع: شعـيب الفطار بيولع!!
إستدار يغلق النار قبل أن يصيح بغيظ: الأكل اتحرق يا لتيـن وكله بسببك ، على فكرة أنا مش هغسل المواعين دي 
لملمت نظرة إنبهار كادت أن تفضح مشاعرها الممتنة والفخورة به فلم يكُ شعـيب ذلك الزوج الشرقي على الإطلاق لم يكُ ممن يشعرون بجرح رجولتهم وكبريائهم إن ساعدوا زوجاتهم في ترتيب البيت أو إعداد الطعام لم يكُ مثل عمـاد!! بل كان كما عرفته دائماً مميز يختلف عن الجميع حنون وقوي كجبل شامخ وقبل كل شيء كان يتقي الله فيها 
هتفت لتيـن بغيظ مصطنع: لا يا شيخ وأنا مالي أنا؟!!
_أنتِ اللي لخمتيني أنا أصلاً غلطان إني بساعدك وحضري ليا الفطار عندي شغـــل 
إندفع خارج المطبخ يهمس بكلمات لم تستطع فهمها
همست لتيـن بحب: عامل زي الأطفال بيغضب ويضحك ويزعل في نفس الوقت ومن كلمة حلوة وضحكة مني بينسى كل الزعل ولا كأن حاجة حصلت!! ربنا يخليك ليا ياحبيبي ويديمك سند ليا
رمقت الأواني بغيظ وقد طارت السحابة الوردية فصاحت بغضب: أكيد كان قاصد يحرق الأكل عشان يعاقبني وأغسل المواعين بس مااشي هتبات على الكنبة ياشعيب واحدة بواحدة
أتاها صوته من الخارج يصيح بإنفعال: لتيـن بتقولي حاجة؟
هتفت بذعر: ثواني يا حبيبي ثواني والفطار يكون جاهز 
×××××××××
لم تعد نـورا كما كانت فقد خسرت الكثير من وزنها وشحبت بشرتها كالموتى وارتسمت هالات سوداء بشعة تحت عينيها! 
لقد نفذت أموالها من أجل الحصول على تلك المواد التي أصبحت لا تقدر على العيش بدونها نفذت الأموال ولم تستطع بيع أي قطعة من مجوهراتها خوفاً من أن يستطع شعـيب العثور عليها فهو يمتلك سوق الصاغة بأكمله!!
هزت قدميها في توتر منتظرة وصول "الديلر" رجل توصيل الممنوعات!! صحيح أنها تهابه فبعد تعاملها المبدأي مع فتى مراهق لفترة لا بأس بها حتى تعرفت على "سيد" رجل ضخم البنية بملامح إجرامية يكفي نظراته التي تدرك وقاحتها ولكنها تتجاهلها من أجل الحصول على مواده شديدة التركيز!!!
فاقت من شرودها على صوته الجهوري الذي شق سكون المكان فأسرعت تفتح الباب تستقبله في لهفة واضحة فهي بحاجة ملّحة لإشباع وحوشها التي تنهشها مطالبة بسد جوعها من تلك المواد القاتلة!!!
همست بلهفة: أخيراً جيت إتأخرت أووي يا سيد فين الحاجة؟
رمقها بنظرات وقحة وكأنه يجردها من ملابسها قبل أن يقول بصوت غليظ: الحاجة مع إبراهيم صاحبي اللي هناك دة (ثم أشار لها بإتجاه "إبراهيم" الذي تراه للمرة الأولى كان رجل في العقد الرابع بجسد ممتلئ ووجهه مليئ بالجروح) رمقته بإشمئزاز قبل أن تصيح بنفاذ صبر و وحوشها تعذبها: إخلص يا سيد وهاتها مش قادرة أستحمل 
إقترب منها حتى كاد أن يلمسها قائلاً بكلمات ذات مغزى: ولا أنا قادر أستحمل إيمتى هتحن يا جميل
إبتعدت ترمقه بنفور: سيد هات الحاجة وغور
إقترب يقبض على رسغها بقوّة قائلاً: أغور!!! لاا أنا جاي النهاردة يا قاتل يامقتول أنا صبرت عليكِ كتير ودة مش طبعي
همست بخوف: أنت عايز إيه سيبني أنت اتجننت؟
أجابها بصوت محموم: عايزك
لطمته على وجهه بيدها الحرة فانقلبت ملامحه لملامح ذئب مفترس قائلاً بوعيد: ليه كدة دة أنا حتى كنت ناوي أدلّعك بس شكلك بتحبي العنف وبصراحة أنا كمان بحبه
ثم صفعها بقوة أدمت شفتيها وجعلتها تسقط على الأرض تصرخ بوجع ولأنها نـورا لم تستسلم بل استقامت واقفة تجرح وجهه بأظافرها فصرخ الأخير متألماً يحمي وجهه فاستغلت الفرصة وأسرعت بإتجاه الباب تنوي الهرب ولكن المدعو "إبراهيم" منعها بالقوة .. حاولت دفعه ولكن وهن جسدها الذي دمرته بإرادتها لم يساعدها ، صرخت ببكاء وقلبها ينبض برعب لم تشعر به من قبل ، رعب من القادم هي وحدها ضد إثنين بدوا لها في تلك اللحظة كوحوش مرعبة على وشك الإنقضاض عليها
حاولت الهرب داخل القصر ولكن منعها الإثنين وأزاحها الأول بعنف فسقطت على الأرض وارتطمت رأسها بقوة جعلتها تشهق بألم 
هتف سيد بلهاث وهو يشرف بجسده عليها يمنعها من الإبتعاد: أقفل الباب يا إبراهيم ليلتنا صبّاحي
أومأ الأخير بحماس وهو يشاهد صديقه يقبّلها بشهوة حيوانية
صرخت نـورا بهلع وعينين جاحظتين صرخت كما لم تصرخ من قبل ولكن لم يساعدها أحد فقد امتدت يدي سيد يجردها من ملابسها فقضمت أذنه بين أسنانها حتى سالت منها الدماء
صرخ الأخير متألما قبل أن يصفعها صفعات كثيرة بوحشيّة فدارت بها الدنيا حتى كادت أن تفقد الوعي ولكن جسدها تمرّد عليها وكأنه رغب في أن تظلّ واعية لكل ما سيحدث لها ، أن تشعر بكل لمسة قذرة ستنالها ، لقد رأت الجحيم بعينيها وهي تتعرض لإعتداء وحشي حيواني وهي بلا حول ولا قوة ، إذا صرحت ضُربت من قِبل إبراهيم وإذا حاولت الفرار يخنقها سيد
إنها تتعرض للإغتصا.ب!! جحظت عيناها وكأنها قد أدركت للتو ما يحدث لها فتشنج جسدها وقد دبت بها قوة مفاجئة فأصبحت تدافع عن شرفها بإستماتة ولكن الكثرة تفوز دائماً وهي أنثى .. أنثى مدمنة وحيدة ضعيفة مقابل إثنين تجردوا من الرحمة مثلها فتحولوا إلى حيوانات ينهشونها لينالوا ما يبتغون
وقد كان فبعد وقت طويل جداً تركوها بعد إشباع رغباتهما الحيوانية! تركوها جثة هامدة وقد فقدت آدميتها ، فقدت ما تبقى من روحها فقدت كل شيء ولكنهم لم يكتفوا فأسرعوا بسرقة كل ما كانت تمتلكه من مجوهرات ثمينة ستجعلم من أصحاب الملايين!!
هتف إبراهيم بقلق: إحنا هنسيبها كدة؟ إفرض بلّغت عننا؟ ولا كان في كاميرات في المكان
أجابه الأخير بإجرام: ومين قالك إن إحنا هنسيبها إحنا هنكسب فيها ثواب ونريحها
_تقصد إيه؟
_جهز حقنة وصاية بس إيه أتوصى
أومأ إبراهيم بشّر وفعل ما طلبه سيد قبل أن يقول: خد جهزتهالك
إنتشلها سيد من بين أصابعه واقترب من نـورا قائلاً: شوفي أنا قلبي طيب إزاي؟ وهريحك بس إيه الراحة الأبديّة
ثم حقنها بتلك الإبرة في ذراعها وتركها وفرّ هو وصاحبه تاركين نـورا تلفظ أنفاسها الأخيرة!!
×××××××××
هتفت لتيـن برجاء: شعـيب خليك قاعد معانا النهاردة وبلاش تروح الشغل
أجابها بهدوء: للأسف لازم أنزل في عميل مهم جاي النهاردة ولازم أقابله بنفسي خليها بكرة وآخد أجازة ونخرج أنا وأنتِ
احتضنته بقوّة ترفض إقتراحه فضمّها لصدره أكثر قائلاً: مالك يا حبيبتي متوترة ليه؟ في حاجة حصلت أنا معرفهاش؟
زفرت بإرتجاف قائلة بعينين دامعتين: تيتة صباح قالت إني ممكن أكون .. أكون
صمتت وقد إختنقت بقوّة مشاعرها فسألها شعـيب بقلق: ممكن تكوني إيه؟ أنتِ تعبانة؟ حاسة بأي وجع
هزت رأسها نافية فأكمل: أومال فيه إيه ياحبيبتي
تنفست بعمق قبل أن تبتعد عنه وعينيها تراقب ملامح وجهه: قالت إني ممكن أكون حـا .. حامل
إتسعت عيناه وقد ران الصمت لعدة دقائق قبل أن يقول شعـيب بصوت مختنق: حامل!! أنتِ حامل يا لتيـن؟!
_شعـيب بقولك بتقول ممكن يعني مش أكيد وأنت عارف إني مش بخلف (قالتها بإرتعاش تمنع رغبة ملّحة في البكاء)
احتضن شعـيب وجهها قائلاً بعشق: ربك قادر على كل شيء إلبسي خلينا نروح لدكتورة تطمنا سواء ربنا منّ علينا بطفل فهو خير ولو برضو لسة مأذنش فهو خير
هتفت بدلال: بس أنت عندك شغل
أجابها بـإستغراب: شغل؟ يعني إيه شغل أصلاً
ضحكت بإبتهاج فاتسعت إبتسامته وأخذ يدعو بداخله بإبتهال أن يجبر المولى بخاطرها وألا يرد دعائهما 
××××××××××
بعد وقت ليس بقليل
هتفت الطبيبة بـإبتسامة عملية: مبروك يا مدام لتيـن حضرتك حامل في الشهر الثالث
شهق شعـيب دون صوت ورمق لتيـن بعاطفة جياشة 
أما لتيـن فـرمقت الطبيبة بعدم تصديق وهتفت بعدم فهم: يعني إيه؟
إتسعت إبتسامة الطبيبة قائلة: يعني بأمر الله كمان ست شهور هتكوني أم لبنت أو ولد زي القمر
_أم!!
قالتها بعدم تصديق وعينيها تبكي رغم إبتسامة شفتيها
إحتضنها شعـيب متخلّي عن تحفّظه إحتضنها بقوّة وقد دمعت عينيه بدموع السعادة دموع إمتنان وهمس داخل أذنيها: هتبقي أم يا أم قلبي
شهقت ببكاء عنيف وبادلته العناق قائلاً بهمس ذاهل: أنا حامل ياشعيب؟ أنا هبقى أم!! أم لابن منك!! حتة منك جوايا؟ أنا حامل أنا مش أرض بور أنا
صمتت غير قادرة على الحديث فقد كانت مشاعرها ثائرة متخبطة
حمحمت الطبيبة بحرج فابتعد شعـيب عن لتيـن ولكنه لم يترك يديها بل إحتضنها داخل كفه يشدّ عليها بمؤازرة
أخذت الطبيبة تتحدث بعمليّة عن وضع الجنين وما إلى ذلك وشعيب يستمع لها بإهتمام أما لتيـن فهي لم تخرج من ذهولها بعد كانت تتطلع حولها بذهول وعدم تصديق!! بعد تلك السنوات التي عاشتها كـ "أرض بور" لا تنجب حتى صدّقت تلك الكلمة واقتنعت بها ، اقتنعت أنها لن تنجب ولن تكون أماً لن تحمل طفلاً وكم كانت تتعذب لتلك الحقيقة المفجعة ولكن الآن هي تحمل داخل أحشائها .. طفل شعـيب!!
أمِن الممكن أن يرتبط الحمل بالحب؟ 
خرجت من شرودها على صوت شعـيب القلق
_لتيـن أنتِ كويسة
أومأت موافقة فقال بحنان: يلا نروح بيتنا
×××××××××
فور وصولهما للبيت رفض شعـيب المرور على شقة جده لأخذ الصغار بل توجه إلى شقته إلى غرفته تحديداً
احتضن لتيـن الذاهلة بقوة قائلا بهمس: الحمدلله الحمدلله ياحبيبتي ربنا إستجاب لدعواتنا الحمدلله
_شعـيب أنا حامل 
قالتها وإنفجرت باكية فشدد من إحتضانه لها: حامل يا حبيبتي في جزء مني ومنك بيكبر جواكي 
_أنا مش مصدقة تعالى نروح لدكتورة تانية ممكن يكون في غلط! انا خايفة أكون بحلم!! لو خرجت من الحلم دة قلبي هينكسر وروحي هتموت
_بعيد الشر عنك ياجنة شعـيب ، أنتِ مبتحلميش .. ربنا عوّض صبرك خير قولي الحمدلله وتعالي نصلّي ركعتين شكر لله
××××××××××
هتف مازن بإنفعال: هتفضل كدة لحد إيمتى؟ رافض العلاج رافض كل حاجة؟ رافض إنك تكمّل وتواجه؟ اللي ماتت كانت أمي زي ما هي أمك؟ شايفني عملت زيك؟ رغم إن وجعي ضعف وجعك بس دي سنّة الحياة
همس الأخير بضعف: حاسس إن ربنا بيعاقبني على ذنوبي في الأول خسرت رجليا وبعدين أمي وأنا ملحقتش أراضيها وأعوضها وأشبع منها 
_استغفر ربنا يا عماد لكل أجل كتاب وإحنا علينا الصبر والإحتساب وبدل ما أنت مستسلم بالشكل دة إدعيلها وأقف جانبي قبل ما نخسر الباقي أبوك تعبان ومالك شعيب متكفل بيه في بيته وأختك الله أعلم أراضيها فين وأنا أنا تعبت وأنا لوحدي ومش قادر أكمّل عايزك جانبي يا عماد خلينا نعدّي الأزمة اللي إحنا فيها خلينا نلم بعضينا أنا محتاجك يا أخويا
بكى عمـاد فإحتضنه مـازن بقوة يمنع نفسه من مشاركته البكاء فلا وقت للضعف
_إجمد ياعماد دة إبتلاء من ربنا إبتلاء لازم تصبر عليه .. لازم تقرّب من ربنا وأستغفره وتوب إليه .. توب من كل ذنب عملته توب وأرجعله ، ربك عمره ما قفل بابه في وش عبد من عباده ربك غفور رحيم
××××××××××
بعد ساعات مرّت غارقين في بحور عشقهم كانت لتيـن تحتضنه ترسم بأناملها دوائر وهميّة على صدره العاري وهي مازالت تشعر بالتيه وعدم التصديق
هتف شعـيب بمرح يخرجها من شرودها: على فكرة ذهولك اللي مالهوش آخر دة بيشكك في قدراتي ودة شيء أنا أرفضه تماما فإعقلي يابنت الناس وفوقي من الذهول اللي أنتِ فيه دة هو أنتِ متجوزة سوسن ولا إيه
نظرت له دامعة العينين فابتسم بعشق قائلاً: أنتِ حامل ومش بتحلمي وقريّب هيجي ولي حبنا يقرفنا في عيشتنا آه والله إسمعي مني ما أنا مجرب مرتين عياط وصريخ وتغير حفاضّات ونوم لساعة ولا أتنين عذاب عقبال عندك
همست بـإبتسامة: دة أحلى عذاب
_أتمنى يكون دة رأيك كمان كام شهر عشان لو لقيتك بتعيّطي على عياط بنتك مش هرحمك
هتفت بإنبهار: بنتي!!!
_أو ابنك الله أعلم
_شعـيب إحنا هنقول للكل إني .. حــامل 
_لاااا نقول لمين إحنا نداري على شمعتنا لغاية ماتنوّر حياتنا
هتفت بغيظ: أنا مش بهزّر على فكرة!
_ولا أنا على فكرة خلينا نصبر كام شهر كدة
هتفت بسعادة: بس بكرة بطني تكبر والكل هياخد باله
قال شعـيب يقصد إغاظتها: حبيبتي يا مسكينة هتبقى زي الكورة
وعلى العكس تماماً لم تغضب ولكن اتسعت إبتسامتها حتى شملت وجهها بالكامل قائلة وهي تتحسس معدتها: هبقى أحلى كورة
طبع قُبلة متوحشة على وجنتها قائلاً بإفتتان: بحبك
_وأنا بعشقك عارف يا شعـيب حاسة وكأني كنت مستنياك أنت عشان أبقى أم ، ربنا كان رحيم بيا وزي ما زرع حبك جوايا كتبلي أكون أم لولادك ، ولادك أنت وبس 
_حبيبتي يا أم العيال ، يا مالكة القلب والوجدان بحبك يا حليلتي 
أجهشت بالبكاء ودفنت رأسها بعنقه فـلثم رأسها برقّة وتركها تعبّر عن مشاعرها بالطريقة التي تجيدها .. بالبكاء!!!
إنتفضا معًا على صوت طرقات عالية على باب الشقة فاستقام شعـيب واقفاً يرتدي ثيابة ثم إندفع خارج الغرفة يفتح الباب على مصراعيه قائلًا بجمود: خير؟ في حاجة حصلت؟
رمقته حنـان بغضب فـشعـيب يتجاهلها وهي لا تعلم السبب؟ دلفت داخل الشقة دون إستئذان قائلة بإنفعال: ممكن أعرف البيه مش معبّرني ليه؟ نسيت أمك يا شعـيب
_ياريت أنسى
شهقت بذهول قائلة بألم: عايز تنسى أمك يا شعـيب؟ هي مراتك قسّتك عليّا؟ قلبتك عليّا بنت فوزيـة
بصعوبة بالغة تحكم بغضبة قائلاً: مراتي برة الموضوع يا أم تقى أما بالنسبالي فبتمنى أنسى اللي أنتِ عملتيه فيّا من كل قلبي نفسي أنسى
_أنا عملت إيه؟ أنت زعلان مني في حاجة؟
_لما أترجيتك تقفي جانبي من أكتر من تسع سنين وتسألي لتيـن إن كانت بتحبني ولا لا قالتلك إيه؟
بهتت ملامحها وأجابته بإرتباك: قالتلي إنها .. إنها بتحب عمـا
قاطعها بشراسة: بـــس كفاية كدب أنا عرفت كل حاجة
هتفت ببكاء: إسمعني يا ابني أنا كنت خايفة عليك والله عملت كدة لمصلحتك
تنفس بعمق ليتحكم بغضبة قائلاً بوجع: مصلحتي!! هي فين مصلحتي؟ مصلحتي إني أخسر الإنسانة الوحيدة اللي حبيتها إني أتحرم؟ مصلحتي إن قلبي ينكسر؟ فين مصلحتي؟ مش لاقيها أنا اللي أعرفه إني إتظلمت ولتين إتظلمت حتى زهرة الله يرحمها أنتوا ظلمتوها مش من حقكم تمشوا قلبنا على مزاجكم مش من حقكم أبداً توجعونا وتفرقونا مش من حقكم تمشونا على تقاليد عقيمة! شعـيب الحفيد الكبير يبقى لزهرة عشان الكبيرة مين أداكم الحق دة مين؟
_يا ابني أنا
قاطعها بهدوء مصطنع: أنا آسف بس مش قادر أسامح على الأقل دلوقتي، مش قادر أسامح على سنين عشتها أنا واللي بحبها بنتعذب عشان خاطر ناس تانين أنتِ عارفة أن لتيـن بقت معقدة نفسياً بسبب كلامك ليها؟ كلام قولتيه لمراهقة بغرض إنك تخوفيها فتبعد مقدرّتيش صغر سنها مقدرّتيش إنها تفضل شايفة نفسها مش كويسة عشان حبّت الراجل اللي هيبقى زوج أختها!! خليتيها لحد دلوقتي عايشة وشايلة ذنب ما ارتكبتهوش ذنب أنتم اللي صنعتوه فتحمّلت عذابه هي!! ذنب بسببه إتخلت عن دراستها إتخلت عن أحلامها وإتخلت عني أنا شخصياً وإتخلت عن نفسها وعاشت مع إنسان عَمته الغيرة والحقد فعيّشها في جحيم وهي استحملت .. استحملت عشان خايفة .. خايفة تتطلق فترجع بيت أهلها تقابل نظراتكم ليها .. خايفة من مشاعرها اللي هتخرب بيت أختها زي ما قولتوا ليها .. خايفة من ذنبها الكبير خايفة مني أنا (صمت يبتلع غصّة كادت أن تخنقه ثم أكمل) أنا آسف لو كنت انفعلت عليكِ مهما كان حضرتك أمي بس أعذريني أنتِ دبحتيني
شهقت حنـان ببكاء وحاولت الكلام أكثر من مرّة ولكنها لم تستطع ففرّت هاربة من نظرات ابنها التي جلدتها وعذّبتها بقوّة
بعد خروج حنـان المنهارة اقتربت لتيـ
إنَّ لَبَعدَ الظُلمِ عَدلٌ
عَدلٌ إلهيّ يَمحي آلامَك وكأنّها لمْ تَكُ... وكأنّكَ لم تَحيَاها ، ثم يكافِئكَ المَولى على صبرِك بـ "عوضٍ" يَجبرُ خاطركَ ويرمّم ندباتَ قَلبِك ، فَتحيا أحلاماً رأيتها مستحيلة... ولَكن أيَصعبُ شيء على الرّحمنِ الرّحيم؟!!
×××
وأمام عينيها الجاحظتين مرّت حياتها كفيلم سينمائي كما يقولون .. رأت أفعالها المشينة رأت جميع مساوئها رأت ذنوبها سواء تحريض عماد على زوجته "لتيـن" والصور المزيفة التي أمرت بصنعها ، مروراً بتحريض مجرم ما لقتل "زهرة" حتى وصلت لمحاولتها لقتل شقيقها .. شهقت تستنشق نفس متألم وكأن الهواء يجرح رئتيها وأخذ جسدها يرتعش من البرودة التي تشعر بها 
أغمضت "نـورا" عينيها برعب وهي تشعر وكأنها على وشك فقدان روحها على وشك الموت!! إرتجف جسدها بعنف إرتجافة نابعة من وجدانها .. إرتجافة خوف وخشية من الرحمن فـماذا فعلت لتلقاه به! سوى الأذى والقتل والخراب!! سقطت دموعها تكوي وجنتيها شديدة البرودة حاولت أن تقوم أن تهرب لعلها تستطيع النجاة ولكنها لم تستطع خانها جسدها ورفض أوامر عقلها .. وتذكرت "مالك" طفلها و ولدها الوحيد وإعترفت أنها لم تستحقه أبداً..! 
همست بلسان ثقيل: يارب 
قالتها بتذلل .. قالتها تلحظ ما تشعر به من خوف ورعب وكأنها كانت مغيبة بغيمة سوداء أضاعت بوصَلَتَها لتجد ذاتها في بئر عميق من الذنوب .. ذنوب جعلت الهلاك نصيبها .. ذنوب لم تعلم كم هي ثقيلة سوى وهي على شفيرة الموت!!
إزداد إرتجاف جسدها بصورة غير طبيعية وأصبحت أنفاسها ثقيلة وبطيئة حتى سكنت تماما واختفت أنفاسها وغادرت روحها جسدها الفاني تعلن نهاية "نـورا" 
نهاية قد تكون قاسية ولكنها عادلة لمن سوّلت له نفسه أذيّة الغير بدون وجه حق ، لمن استباح "حرمات النساء" وهي "فعلت" ، لمن قتل وحرّض على القتل "وهي فعلت" ، لمن لم يهذّب نفسه ويحاول جاهداً للسيطرة على شخصه المظلم وهي لم تسيطر على غيرتها وحقدها ، وسلّمت نفسها لشيطانها فكان مصيرها هو الهلاك!!... 
×××××××××
في شقة شعـيب
هرولت حنان إلى الخارج وهي تبكي بإنهيار .. فـاقتربت "لتيـن" من "شعـيب" تحتضنه بقوّة فهمس بغصّة: أنا آسف ليكِ نيابة عن الكل ، أنا آسف يا روح الفؤاد
ربتت على ظهره بحنان جارف قبل أن تهمس بعتاب رقيق: مكنش ليه داعي تقولها الكلام دة وخصوصاً وأنا موجودة أينعم مكنتش قاعدة معاكم بس كنت سمعاكم كنت خلّي اللي فات يموت بكل مرّه وقسوته وخلينا نبدأ من جديد .. نبدأ صفحة جديدة مع كل اللي حوالينا بلاش نشيل في قلبنا من الناس اللي بنحبهم ، لأننا هنتعب أكتر مما هما هيتعبوا هنتعب لتعبهم وهنتعب إن إحنا سبب تعبهم ، فعشان خاطري إنسى كل اللي فات وانزل صالح والدتك خليك حنين عليها زي ما أنت حنين على الكل 
أحاط وجهها بين كفيه ثم لثم جبينها بحب قبل أن يقول بجدية: يسلملي قلبك الطيب ، بس لازم تعرفي إني مش قصدي أقسى عليها أنا عارف إن أمي بتحبني أنا وتقى بتحبنا قوي كمان ، بس تصرفاتها بتأذينا يا لتيـن!! أنا عارف إن كل شيء نصيب بس كان ممكن تحاول تقربنا من بعض زمان تقف جانبنا وتأخد موقف من عادات متخلفة ، وهي بدل ما تتعظ من اللي جرالي لأنها شافت قد إيه إنكسرت في بعدك عني، جاية دلوقتي تكرر نفسي الشيء بس لأسباب مختلفة ومع أشخاص مختلفين ، أنا مش هقدر أقف أتفرج على أختي وهي قلبها بينكسر أنا واثق في مـازن وعارف إنه مختلف وإنه بيحبها بجد وهي كمان في جواها مشاعر خاصة ليه فأنا مضطر أقف وأقول لا .. لا للأذى اللي أختي هتعيشه ، لا لهواجس وخوف زايد عن حدّه لا لفراق ممكن يكسر قلبين
دفنت وجهها داخل عنقه قائلة بعشق: يابخت بناتنا بيك ويابختي أنا بيك ، محظوظة وأمي دعيالي في ليلة القدر عشان في الآخر بقيت ليا وبقيت ليك وهبقى أم لولادك هبقى أم ياشعيب 
قالتها بصوت مخنتق من شدة مشاعرها فشدد من إحتضانه لها قائلاً بعبث: يابنت الحلال صدقيني هتتمرمطي، العيال هتبهدلك ، واحدة طريّة زيك هتقدر على 12عيّل!!.. 
إبتعدت عنه في دلال وقد صدحت ضحكاتها بقوة قائلة: 12!! مين الـ12 دول؟ مفيش غير عائشة وملك ومالك (وتحسست معدتها بحنان) والطفل اللي جوة هنا يعني أربعة!
إقترب منها وهو يرمقها بنظرات عابثة: هو أنا مقولتلكيش؟ مش أنا ناوي أكملهم دستة!! أصل بصراحة لقيتك هتموتي على لقب "ماما" فقولت أكسب فيكِي ثواب وأحققلك أحلامك وأشبع تعطشّك للأمومة ، غلطت في حاجة أنا؟!! 
إبتعدت قدر الإمكان عن مجال يديه قائلة بدلال: لا الصراحة عداك العيب .. طيّب أنت قوي يا شعـيب
أجابها بمسكنة: طيب قوي قوي والله ومسكين وابن حلال ومحتاج اللي يعطف عليا
هتفت لتيـن بتأثر زائف: يا حرام صعبت عليا يا مسكين
إقترب منها على غفلة يحيطها بين ذراعيه قائلاً: أنا مسكين فعلاً فاعطفي وحني عليّا
×××××××××
دلفت "حنـان" إلى غرفتها تبكي بحرقة وكلمات شعـيب تتردد بداخلها فتزيد آلامها أضعافاً
هتف سـالم بإشفاق: بتعيطي ليه يا أم العيال؟
إزدادت دموعها إنهماراً فاحتضنها برفق وهو يربّت على ظهرها بخفّة قبل أن يقول بهدوء: الواد شعـيب زعلك ولا إيه؟ أطلع أقرصلك ودانه؟
رمقته بإستنكار فتابع بجديّة: أوعي تفكريه كبر عليا طب والله أطلع أعملها
ضحكت بخفوت قبل أن تقول ببؤس: شعـيب شايل مني أوي يا سالم دة قالي إني دبحته!! أنا والله كنت خايفة عليه وعلى العيلة كلها وعملت اللي شوفته وقتها صح
_أنتِ بنفسك قولتي "اللي أنتِ شوفتيه صح" بس هو مش شايفه كدة هو شايف إنك كنتِ سبب من الأسباب اللي حرمته من الإنسانة اللي هو حبها ، من حقه يزعل؟ آه من حقه! ، بس برضو ملهوش حق يزعلك مهما حصل إديله وقته ومش بعيد نلاقيه دلوقتي داخل علينا زي القدر المستعجل عشان يصالحك ابني وأنا عارفه قلبه قلب خساية 
_احمممم احممممم
نظرا لمصدر الصوت ليجدا شعـيب واقفاً يستند على إيطار الباب ويرمقهما بحاجب مرفوع قبل أن يقول: أبو قلب خساية وصل ياحج كلم جدي بقى محتاجك ضروري 
_أنت بتطردني يالا؟
أجابه شعـيب ببراءة: وهو أنا أقدر برضو!! أنا بس خايف تتأخر على جدي أصله كان شكله متعصب أوي وبلّغني أنه عايزك فوراً
رمقه سـالم بتفكير قبل أن يستقيم واقفاً يهندم ملابسه بغرور قبل أن يندفع للخارج باتجاه شقة "الجد مهران"
إقترب شعـيب من والدته وهو يكتم ضحكاته قبل أن تقول حنـان بهدوء: كل ما تكون عايز تتكلم معايا من غير وجود أبوك تقول له نفس الحجة وسبحان الله كل مرّة بيصدقها!!
إنفجر شعـيب ضاحكًا قائلًا من بين ضحكاته: أنا برضو بستغرب إنه بيصدقها! بس جدي الله يكرمه بيلقطها وهي طايرة فبيشغله بأي موضوع
إبتسمت على ضحكاته ووخزت الدموع عيناها فاقترب شعـيب منها يلثم يديها بإحترام قائلاً: دموعك غالية أوي وأنا ماستاهلش إنها تنزل بسببي حقك عليا إنفعلت عليكِ سامحيني
_مين اللي يسامح مين ياحبيبي؟ سامحني أنا يا بني سامح أمك ياشعيب أنت وأختك كل ما أملك بخاف عليكم أكتر من عيوني أنا كنت فاكرة نفسي بأحميكم طلعت بأذيكم!!! سامحني قبل ما أموت و 
ضمّها إلى صدره بقوّة قائلاً: طولة العمر ليكِ يا ست الكل إحنا من غيرك ولا نسوى حقك عليا أنا سامحيني لو قولت كلمة تزعلك حقك على راسي يا أمي حقك عليا يا غالية 
ربتت على صدره بمحبّة خالصة فابتعد عنها بهدوء وقبض على يديها برفق قائلاً: عندي خبر مهم أنتِ رابع واحدة في العالم كله تعرفه بس دة سر مفيش أي حد هيعرفه دلوقتي
رمقته بفضول وهزت رأسها موافقة تحثه على الحديث فقال بسعادة: لتيـن حامل .. هتبقي جدة للمرّة التالته الأحفاد هيكبروكي يا حنونة
شهقت حنـان بذهول وقد اتسعت عيناها بعدم تصديق فقال شعـيب بتأكيد: رحنا للدكتورة وأكدت لينا إن لتيـن حامل في الشهر التالت و
لم تتركه يكمل حديثه بل اندفعت تطلق عدّة زغاريد عالية تعبر بهم عن سعادتها 
هتف شعـيب بذهول: ششششش عندنا حالة وفاة يا أمي أنتِ نسيتي؟ بس الله يخليكي
كممت فمها بحرج قبل أن تقول: والله من فرحتي نسيت!! يا ما أنت كريم يارب ألف مبروك ياقلب أمك ومتقلقش سرك في بير أنا مش هقول لحد لغاية ما لتيـن تولد بالسلامة
أجابها بسخرية: سر؟ وبير!!! بعد الزعروطة اللي الحي كله سمعها؟ ما أفتكرش!!!!!!
وبالفعل انتشر خبر حمل لتيـن بين أفراد العائلة ورغم الحزن الذي سكن قلب توفيق ومازن بسبب وفاة "وفـاء" ولكنهم استقبلوا الخبر برحابة وباركوا لشعيب بمحبة
×××
وكما وصل خبر حمل لتيـن للجميع وصل لـعمـاد هو الآخر .. للحظات تجمّد كل شيء حوله للحظات انعزل عن العالم قبل أن تتساقط دمعة وحيدة من عينيه وهمس بتحشرج: الحمدلله ربنا عوّضها باللي أحسن مني وراضاها باللي تتمناه .. مش يمكن لما تعيش سعيدة تنسى مرارة أيامي وتقدر تسامحني؟ (صمت قليلًا قبل أن يقول بغصّة) يارب توبت إليك يا أرحم الراحمين فأقبل توبتي وأهديني وأغفر لي 
××××××
هتفت الجدة بإستنكار: أنتِ بتعيطي ليه دلوقتي يا فوزيّة؟
_لتيـن حامل (همستها من بين شهقاتها المرتفعة)
_آه الحمدلله ربنا عوّض صبرها خير ، أنا بقى مش فاهمة أنتِ بتعيطي ليه؟ دة بدل ما تقومي تصلّي ركعتين شكر لله قلبتيها عياط ونكد!
تحكمت في بكائها قائلة: أنا بس فرحانة .. فرحانة إن لتيـن أخيراً أخدت اللي تستحقه بنتي إتعذبت قووي وأنا كنت سبب عذابها لما ضحيت بيها عشان بقيّة العيلة تخلّيت عنها وسيبتها تعيش مع واحد كنت فاكراه هيصونها بس طلع كلـ ـب صعران نهش فيها
_لا حول ولا قوّة إلا بالله .. اللي فات مات يابنتي وبدل ما أنتِ قاعدة تندبي حظّك قرّبي من بنتك حنّي عليها ساعديها في حياتها (وأكملت بجدية) بس مش معنى كدة إنك تتدخلي في حياتها الخاصة مع جوزها أوعي خليكِ قريبة حسسيها إنك موجودة وإنها تقدر تتسند عليكِ ، فاهماني يا فوزيـة 
هزّت فوزيـة رأسها موافقة فقالت الجدة: حسّـان كلمك على التليفون؟
أجابتها بتجهم: إتصل بس ماردتش عليه أنا مش عايزة أسمع صوته ولا أشوف خلقته
_فوزيـة شغل العيال دة مش لايق عليكِ زي ما جوزك غلط أنتِ كمان غلطتي وزي ما هو قصّر في حقّ بناتك فأنتي كمان قصرتي بسكوتك لو كنتِ وقفتي له من البداية وناقشتيه كان ممكن كل حاجة تتحل كانت الحياة هتكون ابسط وماكنش هيحصل فجوة بين لتيـن وأبوها أو على الأقل ماكنتش هتكون بالحجم دة
_يا أمي دة قال لـلتيـن تطلب الطلاق من جوزها كان عايز يخرب بيتها دة غير قسوته عليها مشيلها ذنب إختياراتها ، بدل ما يقف جانبها بيقولها لا أنتِ السبب مش أنتِ اللي اخترتي عمـاد يبقى تستحملي تصرفاته وأنا تعبت ، تعبت وخايفة أخسر البنت اللي حيلتي العيشة مع حسـان بقت مستحيلة دة ماصدّق طلبت الطلاق فطلقني في ساعتها
ضحكت الجدة قائلة بخبث: قولي كدة بقى أنتِ زعلانة عشان طلقك أول ماطلبتي؟
هتفت فوزيـة بحرج: أيوة زعلت طبعاً الطلاق مش سهل وهو باع العمر اللي مابينا بالساهل ولا كأنه كان مستني إني أطلب الطلاق فقال بركة يا جامع!!!
ضحكت الجدة من جديد وهمست: ربنا يهدي سركم ياولادي
××××××
بعد مرور عدة أيام:_
إستيقظت اليوم بقلب مقبوض فبرغم سعادتها الأيام الماضية إلا أن اليوم مختلف فقد رأت منام عكّر صفو مشاعرها وبعثر سعادتها
_الهانم اللي سرحانة .. إيه هنفطر بيض مفحم؟
أفاقت على صوت شعـيب المازح ولكنها لم تكُ في مزاج جيد لتشاركه المزاح فقالت بحاجبين معقودين: 
قصدك إيه؟ أن أكلي محروق؟ طبخي وحش ياشعيب وخلاص مبقاش يعجبك
اممممممم
همهم بإدراك وهمس بصوت لم يصلها: شكل هرمونات الحمل إشتغلت ألبس يامعلم
هتفت لتيـن بغيظ من غمغمته: أنتً بتقول إيه؟
إتسعت إبتسامته قائلاً: بقول عندك حق ياحبيبتي أكلك فعلاً لا يعلى عليه تسلم إيدك
هدرت بتحفّز: دة أنت بتتريق بقى؟!!!
أجابها بهدوء: أنتِ عايزة تتخانقي؟ لو عايزة أنا ماعنديش مشكلة أتفضلي إبدأي
همست بعدم فهم: أبدأ إيه؟!!
_الخناقة ياروحي
قالها ببراءة كادت أن تسبب لها ذبحة صدريّة فصرخت بإنفعال: شعـيب إحترمني لو سمحت وبطل تعاملني زي عائشة ومالك وملك 
هدر بحدّة وصوت عالي: لتيـــــن
شهقت بإجفال من صوته العالي وارتعشت شفتيها وكأنها على وشك البكاء فهتف شعـيب بهدوء جاد: أنا كمان بعرف أعلّي صوتي على فكرة بس مش من الطبيعي إن في أي خلاف بيننا صوتنا يعلى وأنا مش هاسمحلك أبداً تعلي صوتك عليّا وأعتقد إني لما بكلّمك حتى وإحنا مختلفين بيكون صوتي واطي صح ولا إيه 
لم تجبه وأكتفت بإطلاق صراح دموعها لتتساقط على وجنتيها ببؤس
نفخ بضيق قائلاً: لا إله إلا الله الممنوعات ابتدت تظهر أهيه
رمقته بعتاب ولم تعلّق ليهتف بهدوء وهو يقترب منها: مالك يا لتيـن؟ أنتِ زعلانة؟ في حاجة قلقاكي ولا دي هرمونات وهتروح لحالها فهميني يا حبيبتي
_أنا حلمت حلم
عقد حاجبيه بـإستغراب: ها كملي
أكملت بقلب مقبوض: حلمت أن نـ نـورا جايّة تاخد مالك مننا هي ماسكة فيه من إيد وبتشدّه ناحيتها وأنا مسكاه من إيده التانية وبشدّه ليا لحد ما لقيته بيبكي من وجع دراعاته ... فـ فسبته!!! (همستها بحزن وقد تملّكها شعور بالذنب لتركها للصغير) 
إحتضن وجهها بين كفيه قائلاً: دة مجرد حلم مش واقع وإن كان على القذرة نـورا فهي سابت ابنها بمزاجها ومفكّرتش للحظة واحدة تيجي تشوفه أو تطمّن عليه هي جبانة وقت المواجهة هربت وأنا متأكد إنها مش هترجع هنا تاني بعد اللي سرقته من بيت أهلها والفلوس اللي سحبتها من البنك ماعتقدش إنها غبيّة لدرجة إنها ترجع لقضاها لأن صدّقيني لو وقعت في إيدي مش هرحمها
همست برجاء: يعني مالك هيفضل معانا مش كدة؟ مش هتتخلى عنه ياشعيب صح؟ دة يتيم وماحدّش هيقدر يراعيه مازن وعنده شغله وحياته ومش هيعرف يهتم بيه كويس وخالي توفيق كبر وصحته على قده .. أنا هاهتم بيه صدقني مش هقصر معاك في حاجة وهعامله زي ملك وعائشة هما هيبقوا كلهم ولادي زي ابني أو بنتي اللي أنا هخلفهـ ـا ليهم نفس المعاملة والله ماهفرّق بينهم فأرجوك أ 
عانقها بإفتتان ، منبهر بها وبحنانها المتدفق .. هي أم بالفطرة أم قبل أن تنجب أم لبناته من زوجته الأولى وأم لابن نـورا!! تلك التي تسببت لها بألم ستبقى ندبته موجودة إلى الأبد .. ولكنها لتين منبع الحنان والأمومة ، التسامح والرضى .. لتيـن حبيبته ومالكة قلبه .. لتيـن روح الفؤاد..!
××××××
كفى بُعاداً لقد سئم الإشتياق .. حان وقت المواجهة حان وقت المطالبة بها .. حان وقت رجوع "تقى" إليه لتنير عتمة أيّامه لتروي لوعة قلبه من شدّة إشتياقه لها
طرق باب عمّه سـالم بقوة ليُفاجئ بزوجة عمّه تفتح الباب وترمقه بعبوس فهتف بإندفاع: أومال تقى فين
أجابته بتجهم: أفندم؟!!!
_أقصد صباح الخير فين عمي محتاجه في موضوع حياة أو موت
_طب إستنى هنا
ثم أغلقت الباب بقوّة في وجهه
همس مـازن بصدمة: هي قفلت الباب في وشي؟!!! أكيد دة ماحصلش!!
وبالداخل هتفت حنـان بصرامة لسالم المتابع للموقف بتسلية: سـالم مهما الباب يخبّط ماتفتحش
رفع حاجبه بإعتراض فأكملت برجاء: لو سمحت يا سـالم ماتفتحش الباب
هز رأسه موافقاً برضا فاندفعت لغرفة ابنتها التي كانت تستعد للخروج قائلة بأمر: مـازن برة عارفة لو رجلك خطّت برة باب أوضتك إعتبري الجوازة ملغيّة يا تقى وجدعة عانديني ، أنا أصلاً بتلكك!! 
ختمت كلماتها وخرجت من الغرفة لتستقبل مـازن ، أما تقى فهمست بإرتجاف: هي تقصد إيه؟ معقول وافقت على جوازي أنا ومازن؟ ولا أنا فهمت غلط؟
ثم هتفت بتضرّع: اللهم إن كان خيراً فقدّره لي ويسرّه لي ثم بارك لي فيه ، وإن كان شراً فاصرفه عني واصرفني عنه ، وقدّر لي وله الخير حيث كان ، ثم راضيني به
~وبالخـــارج وتحديداً في غرفة الصالون~
جلس مـازن بالمقعد المقابل لمقعد زوجة عمّه التي ترمقه بنظرات غامضة لم يستطع تفسيرها
وعلى مسافة ليست بـبعيدة كان سالم جالساً يتابع بتسلية مـازن المرتبك وحنان المتجهمة، رمقه مـازن بإستعطاف يطلب منه العون ولكنه تجاهله وهو يحاول بصعوبة كتم ضحكاته حتى لا يثير غضب زوجته المتحفّزة!!
هتفت حنـان بصرامة: من غير لف ولا دوران جاي ليه يا مـازن؟
أجابها بتحدّي: جاي أشوف خطيبتي
(إبتسم سـالم فخوراً بثقته قبل أن تنمحي إبتسامته ومازن يكمل): أصلها وحشتني
همس سـالم بحنق: الواد دة غبي؟ أيوة فعلاً غبي ماهو لو كانت حنـان بس اللي معترضة على الجوازة دي فبعد بجاحته ابن توفيق أنا كمان هكون معاها 
ثم صاح بصوت عالي: ألفاظك يا حيوان إيه وحشتيني دي؟
تنحنح مازن بحرج قائلاً: لا مؤاخذة ياعمي أنا 
هتف سـالم وهو ينصرف من الصالون: عمى الدبب جيل بجح بصحيح
بعد خروج سـالم هتفت حنـان بتجهّم: قولتلي جاي ليه؟
وبعد مناقشات استمرت لأكثر من نصف ساعة هتفت حنـان بحنق: خلاص أنت هتشحت؟ إتفق مع عمك على معاد الفرح واللي فيه الخير يقدّمه ربنا (وأكملت بتحذير شرس) بس قسماً بالله العظيم لو أذيت شعرة من بنتي لآكلك باسناني وأنا مش بهدد
إقترب منها مـازن يلثم يديها بإمتنان وسعادة قائلاً: تقى جوة عيوني يامرات عمي ربنا يبارك لنا في عمرك ويخليكِ لينا حضرتك في مقام أمي الله يرحمها
حاولت حنـان إخفاء شفقتها بعد سماعها لرّنة الحزن والألم في صوته: ويهديك يا ابن توفيق .. بقولك إيه أنت فطرت؟ أجبلك تاكل؟ 
××××××
إن أخطأت فلا بأس ، فالأنسان بطبيعته خطّاء ولكن إن لم تدرك أخطائك وتعمّدت بكل سفه تكرارها فأنت تستحق العقاب ، تستحق ما سيحدث لك...!!
وما يناله حسـّان الآن يستحقّه وبجدارة .. لقد لفظته زوجته خارج حياتها وبأنانيته خسر ابنته الثانيه والوحيدة .. كان من الأولى بعد وفاة ابنته الكبرى أن يكون أكثر حرصاً على الصغرى أن يراعيها ويهتم بها أن يكون سنداً لها قبل أن تكون سنداً له فلقد عاش مرارة الفقد وكسرة القلب على فلذة كبده ولكنّه لم يتّعظ بل تجبّر على "لتيـن" حتى خسرها ويالها من خسارة كبيرة يعاني مرارتها الآن
ولكنّه لن يقف مكتوف الأيدي بل سيسعى حتى يستعيد مكانته عند ابنته وزوجته
×××××××
وفي تلك المنطقة الشبة خالية
كان أحد حارسي القصور يعبر من أمام قصر "نـورا" وتفاجئ بباب القصر مفتوح ودفعه فضوله للدخول وإستكشاف سبب ترك الباب الرئيسي مفتوح بهذا الشكل المثير للريبة فهو يعمل بتلك المنطقة منذ سنوات لحراسة قصر من قصور رجل أعمال شهير ولكنه لم يرَ أحداً من قاطنين هذا القصر
تقدم بخطوات حذرة حتى وصل للباب الداخلي للقصر وضع عبائته يغطي بها أنفه قائلاً بإشمئزاز: إيه الريحة النتنة دي؟ هو في حيوان ميت جوّة ولا إيه؟!
أزاح الباب بخفّة ففُتح بسهولة فصاح بصوت عالي: يا ساتر حد هنا؟
وما قابله هو الصمت ولكنه انتبه لوجود شيء ما فدلف للداخل يستكشف ما هو ويا لهول ما رأى لقد كانت جثّة بني آدم في حالة وجد صعوبة في شرحها فأخذ يصرخ بفزع: لا إله إلا الله جثة .. جثة لا إله إلا الله
ثم هرع خارج القصر بخطوات مسرعة وكاد أن يسقط أرضاً عدة مرات
بمجرد أن وصل للشارع الرئيسي أخرج هاتفه قديم الطراز يطلب رقم ما قائلاً: ألووو بوليس النجدة؟ إلحقوني يا بيه!!!

تعليقات